سر مقبرة الحيتان في تشيلي

Hundreds of fossils await unearthing and description at Cerro Ballena

مقبرة الحيتان الجديدة قدمت أدلة هامة حول أسباب الموت الجماعي للثدييات البحرية

قبل ملايين السنين

في أبرز كشف في مجال الحفريات خلال الأعوام القليلة الماضية، عثر على مقبرة حيتان وثدييات بحرية في صحراء تشيلي بأمريكا الجنوبية.

ويعتقد الباحثون الآن أن بإمكانهم تفسير كيف تجمع عدد هائل من تلك الثدييات في منطقة واحدة قبل خمسة ملايين عام.

وتشير الأدلة إلى أن جميع الحيتان التي عثر عليها في المقبرة ابتلعت طحالب سامة. ثم انجرفت الحيتان التي ماتت والتي كانت تحتضر في مصب أحد الأنهار، وعلقت في الرمال ودفنت تحتها.

وقال الباحثون لدورية “رويال سوسايتي” العلمية، إن الحيتان جنحت إلى تلك المنطقة على أربعة مرات.

The scientists brought in a number of digital techniques to record the discoveries

يسابق الفريق الزمن لتسجيل أكبر قدر من التفاصيل، وعمل نماذج رقمية ثلاثية الأبعاد لبقايا الحيتان

جحيم الحيتان

 The scientists brought in a number of digital techniques to record the discoveries

وتشتهر المنطقة التي عثر فيها على المقبرة في صحراء أتاكاما، بأنها تحتوي على حفريات الكثير من الثدييات والحيوانات البحرية.

ويمكن بوضوح رؤية عظام الحيتان بارزة من بين الصخور، لذلك أطلق على المنطقة اسم جحيم الحيتان أو (سيرو بالينا) باللغة التشيلية.

وحصل باحثون من الولايات المتحدة وتشيلي على تلك الفرصة لدراسة أحد أهم الحفريات في العالم، بعد أن كشفت الآلات عن تلك المقبرة، أثناء تطوير وتوسيع الطريق السريع في أمريكا الجنوبية.

ووافقت السلطات على منحهم أسبوعين لاتمام عملهم الميداني، قبل عودة الآلات لاستئناف عملها مرة أخرى.

ويسابق الفريق الزمن لتسجيل أكبر قدر من التفاصيل، وذلك من خلال عمل نماذج رقمية ثلاثية الأبعاد لبقايا الحيتان، وكذلك نقل بقايا العظام لدراستها في المعامل.

واستطاع العلماء تحديد 40 نوعا من الثدييات البحرية المختلفة، من نوعية الحيتان الكبيرة التي تشمل الحوت الأزرق، والأحدب، وحوت المنك.

وكان من بينها أيضا وحوش بحرية مفترسة، وكذلك أخرى لا تتناول اللحوم.

وقال نيكولاس باينسون عالم الأحياء القديمة في متحف سميثسونيان الوطني للتاريخ الطبيعي لـ بي بي سي :”عثرنا على مخلوقات انقرضت مثل حوت حصان البحر- دلافين بوجه يشبه حصان البحرـ بالإضافة إلى حيوان الكسلان المائي الغريب.”

وأضاف :”كان من الرائع أن نعثر على هذا في مساحة 240 من الطريق الذي يجري إنشاؤه، أخذنا عينات من جميع حفريات الثدييات البحرية في العالم من أمريكا الجنوبية من عصر الميوسين المتأخر.”

ولاحظ الفريق فور بدء العمل أن بقايا جماجم الحيتان مكتملة تقريبا، كما أن الوضع الذي ماتت فيه متشابه إلى حد بعيد، مما يشير إلى أن الحيتان توجهت إلى المكان في نفس الاتجاه ثم انقلبت رأسا على عقب.

وتشير تلك الأدلة إلى أن جميع المخلوقات واجهت الكارثة نفسها التي حلت عليها بصورة مفاجئة، وأدت لموتها.

وأهم الاستنتاجات التي توصل إليها الباحثون تمثلت في أن جميع الحيتان التي عثر عليها تسممت بسم تفرزه بعض الطحالب البحرية.

سر الطحالب السامة

وتعد الطحالب السامة أحد الأسباب الشائعة للنفوق الجماعي للكثير من الحيوانات البحرية حتى الآن.

ويمكن أن يموت الحيوان سريعا إذا التهم حيوان آخر مسمم، أو إذا دخلت إليه كمية كبيرة من تلك الطحالب أثناء التنفس.

ويشرح الدكتور باينسون :”جميع المخلوقات البحرية التي عثرنا عليها، ومنها الحيتان والفقمات والمرلين (سمكة السيف)، كانت تستهلك كميات كبيرة من الغذاء البحري، وهو ماجعلها عرضة للموت بسبب سم الطحالب.”

ويعتقد الباحثون أن منطقة جحيم الحيتان، التي تكونت في فترة الميوسين المتأخرة، تجمعت فيها الجثث فوق سطح الرمال بفعل موجات المد العالية، أو ربما بسبب العواصف التي تعاقبت عليها.

وربما كان هذا سببا في أن جثث الحيوانات النافقة لم تتعرض للافتراس من آكلات الجيف في البحر، وبما أن المنطقة التي خرجت إليها صحراوية فلم يكن هناك آكلات جيف على الأرض تفترسها أو تمزق عظامها أو تعبث بها.

لذلك فقد ظهرت الكثير من الحفريات في تلك المنطقة مكتملة، ما عدا بعض الأجزاء البسيطة التي التهمتها سرطانات البحر.

ورغم هذه النتائج، إلا أن الباحثين ليسوا في الوضع الذي يسمح لهم بالتأكيد على أن تكاثر الطحالب الضارة كان السبب وراء الجنوح الجماحي للحيتان ثم موتها، إذ لم يتم العثور على بقايا لخلايا الطحالب في الرواسب الموجودة بالمنطقة، والذي يعد بمثابة دليل دامغ.

لكن مع هذا فقد عثر الباحثون على حبيبات متعددة مشبعة بأوكسيد الحديد، وهو ما يشير إلى وجود نشاط سابق للطحالب في المنطقة.

وتعد منطقة جحيم الحيتان من أهم مناطق الحفريات في العالم، خاصة فيما يتعلق بالحيتان والعديد من الثدييات الأخرى.

ويعتقد العلماء أنه يوجد المئات من العينات في تلك المنطقة مازالت تنتظر الكشف عنها والبحث فيما ورائها. وتعمل جامعة تشيلي في سانتياغو على إنشاء محطة أبحاث للعمل على هذا المشروع.

 

جوناثان آموس المراسل العلمي – بي بي سي

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *