وكم في أدبيات الكلام من شتائم

سنتين تفصلني عن الخمسين ولغاية الآن لم أستوعب الفرق بين أن تقول لشخص (أنتَ لم تتكلم الحقيقة) وبين آخر تقول لهُ (أنتَ كذبت)! ومع ذلك ممكن أن يجيب الأول بـجملة تبدأ بكلمة طيبة ويشتم بأسلوب أدبي رفيع، والثاني ممكن أن يشتم ذات الشتيمة بتعبير أكثر وضوح، مثلاً (أعتقد بأنك كالعادة لم تستوعب ما كتبتهُ) أو (كعادتك لم تفهم)، والتعبيرين أشتقاق لكلمة (غبي)! إنما نقول عن من يتكلّم بالأسلوب الأول (مهذب) والثاني (غير مهذب) أي (ادبسز)!!

إلى هنا المثال سهل وليس فيهِ الكثير من الخشونة، بينما في أكثر الأحيان هناك شتائم حقيقية بكلمات نعتبرها مقبولة، كتبت في جمل تحمل تعابير أخلاقية يُخال لمن يقرأها بأن من يُطلقها بينهُ وبين القداسة موعد تسليم الروح فقط!

في مقال سابق تكلمت عن مصطلح الشفافية وكيف بات هذا التعبير يتسترّ على شبكات دعارة منها سياسية وأخرى دينية و سفلة من هنا وهناك، وقلت بأن الشفافية التي يطلقها (السرسرية) لها مدلول اللباس الشفاف الخليع الذي يتبيّن من خلالهِ العورات (الميعرف شأقصد بالعورات خللي يراسلني)، وإلا من غير المعقول أن يتكلم حرامي وكذاب وساقط ودوني عن العمل الشفاف في الوقت الذي يُمارس فيهِ نوع من أنواع الرذيلة أو جميعها وبمرأىّ من الناس، والغريب بأن الناس تُصفق لهذا النوع من البشر عندما يخطب بهم ويدعوهم للشفافية!! ويعوهم ايضاً ليحذونَّ حذوهُ…(حتى تتوسع هالنوع من الشبكات).

في هذه السطور (الفاضحة) أحببت أن أسلط الضوء على نوع آخر من التعابير، حيث نقرأ بين الفينة والأخرى مقالات وردود ورسائل وإيميلات فيها أختلاف في وجهات النظر، تبدأ بعزيزي وصديقي والأستاذ والسيد والمحترم …… وتنتهي من خالص محبتي! ويتخللها أستشهاد لأقوال رهّافة، دينية منها وإنسانية، وفيها من التعابير التي تهين الآخر وتحتقرهُ وتستفزه!! وعند الرد بما يليق وبأستخدام مرادفات لها وقعها المباشر، يخرج الأول مثل الشعرة من العجين وكأنهُ مؤدب وخلوق، والأخر إبن شوارع، والحقيقة بالعكس تمامًا، فمن يستعمل كلمات أخلاقية ويستشهد بأقوال جميلة مليئة بالطيبة والحب وخصوصًا لو أستلت من نصوص تُعتبر مُقدّسة، ومن خلالها ينفثَّ سمهُ، فهذا قدم من الشارع وتثقّف في أسوأ المقاهي وإن كان صاحب شهادة، والآخر أعتبرهُ شخصًا مُدافعًا أجبرَ على الردِّ.

بالحقيقة أنا من الأشخاص الذين تستهويهم التعابير المباشرة والصريحة في مقالاتي ومداخلاتي، والتي يعتبرها البعض سٌباب واضح وأنا أعتبرها توصيف أقرب للحقيقة، وهذا لا يشمل من يُخالفني الرأي، بل من يكذب ويُهينَّ بتعابير مُهذبة، ليس لأني عديم الأخلاق لا سامح الله، بل لأعطي أستحقاق البعض خصوصًا من الكتّاب الذين على أستعداد كامل لبيع (…..+18) قبل أقلامهم من أجل حفنة مال تجعلهم يسيئون وبشكل مقزز إلى أبناء جلدتهم، ويطعّمون سفالاتهم الأدبية (أقصد مقالاتهم) بكلمات الحبَّ والوحدة وبعض التعابير الرنانة والوهاجة، ولا يكتفون بتلك الـ (النذالة) بل يقومون باتهام الطيبين ببث روح التفرقة والتي هي منهم بالأساس ومن الذين سلموهم الأجندة التي يروّجون عنها.

هذه شريحة سيئة أجعلهم نموذجاً في كل حديث يتعلق بمفهوم المثل القائل (يدسّ السم بالعسل)، ويسعدني أن أكشف دناءتهم المُتكررة كونهم شفافين (أي مفضوحين) أكثر مما نتصور.

من هذا المنطلق أرى من الأفضل أن تكون حالة (الجر والعر) بين المُختلفين واضحة وصريحة أكثر وبتعابير مباشرة، لفصل السم عن العسل.

ما أريد أن أقولهُ ليس تهذيب الشتيمة أو التشجيع على القذف بكلمات نابية مع المُختلفين، بل عدم تسخير الأقوال المحترمة لنوايا غير محترمة، وكأنها صلاة أثناء ممارسة جنس مثلية، أو دعاء طيب في حفلة أغتصاب جماعية.

زيد غازي ميشو

zaidmisho@gmail.com

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *