وخسرت مواقعنا الألكترونية صوتاً إعلامياً أصيلاً

 

“خاهه عَمّا كَلْذايا”

 

لأنظار المؤرخ الأستاذ عامر حنا فتوحي المحترم

بألم بالغ وحسرة عميقة قرأتُ إعتذار الأخ الأستاذ والمؤرخ الكلداني الكبير عامر حنا فتوحي للقراء الأعزاء بوقف الكتابة، وفي نفس الوقت أسعدني جداً أن يبدأ أستاذنا الفاضل عامر (وحقاً أنه عامر، فإنه أسمٌ على مُسمّى) إعتذاره بجملة “خاهه عَمّا كلذايا”.

لقد كان إعتذاره عبارة عن جملة توضيحات وأفصح عن مواقف مبدئية ثابتة تخص علاقته بالدين والعمل القومي والعمل الإبداعي (الكتابة).

عرفتُ الأستاذ عامر حنا كاتباً فذاً ومؤرخاً قديراً ورجلاً لم تثنه الصعاب مهما قَسَت، فهو رجل بأعصاب حديدية، ثباته على المبادئ حالة نادرة جداً في مثل هذه الأيام التي أصبح فيها الرجال يتموجون كأوراق الأشجار، أما إيمانه بأصالة القضية الكلدانية فلا يجاريها أحد، فإن هوى الكلدان يجري دماءً في شرايينه، مخلص، وفي، مؤمن بعدالة القضية التي يناضل من أجلها (ولو أنه في كل مرة يعيد على مسامعي بأنه ليس سياسي) وهذا كله لم يأتِ من فراغ بل نتيجة بحث ودراسة ومتابعة وسهر ليالي.

 

عرفتُ الأستاذ عامر مصمماً للعلم الكلداني الذي أتخذه الكلدان جميعاً راية لهم فرفعوه فوق أسطح بنايات التنظيمات القومية والسياسية والحزبية الكلدانية، كما وضعوه في سياراتهم وعلى مكاتبهم وحتى أن مستشار السيد رئيس الوزراء لشؤون الكلدان الأستاذ ريان الكلداني يرفع العلم الكلداني في مكتبه الرسمي جنباً إلى جنب مع العلم العراقي أية أصالةٍ هذه!! وأي لإفتخارٍ هذا

http://www.kaldaya.net/2013/News/06/Jun05_A3_ChaldeanNews.html

الأستاذ عامر لا يعرفه الكثيرون ولكن يعرفه التاريخ والمؤرخون، وتعرفه الامة الكلدانية، إنه إنسان متواضع جداً، وبسيط جداً، حنون وعطوف وذو قلب كبير، ويحترم الآخرين بشكل خيالي، ولكن حذار ثم حذار من التقلب أمامه، أو أن تتجاوز على التأريخ ملاطفةً أو إحتراماً لمشاعر الآخرين، فإنه يرد بقوة وإقتدار، فالتأريخ صادق وأمين ولا مواربة فيه، فهو لا يجامل على حساب التأريخ والحقائق، نحن شعبٌ واحدٌ، جملة يرددها دائماً، لنا هوية واحدة وهي الكلدانية، وليس سواها، ما عداها باطل وخداع، السريانية ليست قومية بل هي كلمة يراد بها المسحية، الآشورية ليست قومية بل هي تسمية مناطقية جغرافية، ويستند في ذلك إلى عمق التأريخ، أصل الشعب الآشوري كلدان، من هذا المنطلق يحق لكل كلداني أن يفتخر بهذا الإنسان الروعة، له عائلة حفظها الله من كل سوء مثالية، فالسيدة زوجته إيمان عادل ألياس حاملة لقب بروفسور، وأولاده تنبع من أسمائهم كل أصالة الكلدان وعمق تاريخهم، فهم على التوالي أنليل وننار وسومر وأبنته أوروك، وأقل واحد فيهم يحمل شهادة ماجستير وهناك من يحمل إثنتان.

التقيت الأستاذ عامر لأول مرة في الولايات المتحدة الأمريكية/ مشيگن وأثناء حضوري للمؤتمر القومي الكلداني العام، رأيتُ في هذا الرجل الذي ينبض قلبه بحب العراق وحب الكلدان إنساناً ثابتاً على المبادئ التي آمن بها والتي نذر نفسه من أجلها، ألا وهي هويتنا الكلدانية وقوميتنا الكلدانية ولغتنا الكلدانية، منه نتعلم ونستفيد، وليس عيباً في ذلك بل إفتخاراً، فأمتنا والعراق بشكل عام بحاجة ماسة إلى هكذا فطحل يسبر غور التأريخ ويزيل الغبار عن جواهره، ويبحث في أصوله وصولاً إلى الحقيقة الأكيدة التي هي أننا شعبٌ واحدٌ ولنا هوية واحدة وهي الكلدانية.

بعدها كثرت لقاءاتنا، وأنا مدينٌ له بذلك، في اللقاءات كانت همومنا واحدة، كنتُ أصغي له بإنتباه وكنتُ أبحر في عمق التاريخ الذي ينساب من بين شفتيه كأنه طفل في الأول الإبتدائي يلقي محفوظة حفظها عن ظهر قلب، حقيقةً لم أر شخصاً بهذه الكفاءة وهذه المقدرة وهذه الإمكانية، فعلاً هي موهبة، لقد أحبنا الله فأهداناً عامراً يعمر ويصلح ما أفسده المفسدين، ويعيد للهوية القومية تاريخها الحقيقي ووجها الناصع بعد أن حاول المتنكرون لها أن يغيروا مسار الحقيقة، كلامه كأنه قصيدة تُلقى في حب الوطن.

نعم أستاذنا الفاضل عامر فهذا أقل ما يمكن أن نوصفك به، كنتُ أتمنى أن أكون إلى جانبك لحظة كتابتك هذا الإعتذار لأمنعك بأية وسيلة كانت ولأقوم بما يمليه عليَّ واجبي الوطني والقومي في مثل هذه الحالة، فما زالت أمتنا بحاجة إلى قلمك، وما زال المغرضون بحاجة إلى ردعك بالمنطق والتاريخ، وما زال المبتدئون بحاجة إلى تنويرك لهم، نعم ما زالت هناك حاجة ماسة جداً لقلمك الشريف الأصيل، فقد أعتزلت مبكراً.

في كل لقاء كان الأستاذ عامر يعيد عليَّ جملته الشهيرة (أنا لستُ سياسياً) وبالرغم من كونه ليس سياسياً فقد حكم عليه بالإعدام ثلاث مرّات، فماذا لو كان سياسياً؟ وكم مرة كان قد حُكِمَ عليه بالإعدام؟

 

أستاذنا المؤرخ الفنان عامر المحترم

ستخسر مواقعنا الألكترونية صوتاً هادراً يصدح بالحق، وقلماً كلدانياً أصيلاً، ومناضلاً قوميا ذو خبرة وحَنَكَة ودراية تامة بتاريخ أمتنا على إختلاف تسمياتها.

عرفتُ الأستاذ عامر عندما فاتحته في بداية تأسيس الإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان فرحب أجمل ترحيب وكان عضواً مؤسساً ضمن أعضاء الهيئة التأسيسية للإتحاد، وعرفته متفتحاً متواضعاً عندما فاتحته للإنتماء إلى إتحاد المهندسين الكلدان في بدايات التأسيس فوافق بكل رحابة صدر وكان عضو الهيئة التأسيسية لإتحاد المهندسين الكلدان وهو مهندس طيران، وعرفته شهماً شجاعاً عندما يلبي أي طلب ويسهر الليالي في سبيل الرد على معلومة أرسلناها له لتصحيحها أو الرد على إستفسار أو عمل تصميم أو غير ذلك بالرغم من وقته الثمين. وهو يقدم المساعدة لمن يطلبها بكل رحابة صدر، لقد أهدانا إحدى ثمرات جهوده وهي كتيب لتعلم اللغة الكلدانية بأسبوع من دون معلم مع قاموس صغير مصور ومكتوب بأربع لغات، أهدانا منها عدة نسخ تبرعاً منه لأبناء أمتنا الكلدانية في الدنمارك مع عدة أعلام كلدانية ومصورات بدون مقابل، لا بل قال أن أطبعوا منها ما تتمكنون وليعتبر ريعها لدعم الجمعيات الكلدانية في الدنمارك.

 

نعم أستاذنا الفاضل عامر، لقد أحزنتنا بقرارك هذا، ولكن علينا أن نحترم رغبتك وخاصةً عندما تكون بسبب تفرغك للبحث التأريخي، إنني أنحني إحتراماً وإجلالاً لأخلاقك العالية، ولصمودك الشجاع، ولوقفاتك البطولية ولكل كتاباتك وأعمالك وجهودك وبحوثك في وحول التاريخ الكلداني والأمة الكلدانية.

يحز في نفسي وقلبي أن نفتقد هكذا قلم شريف أصيل، ولكن من أجل ما تصبوا إليه، نقول وفقك الله في إختيارك وحقق لك رغباتك ، فستبقى ذلك الحارس الأمين لأمتك الكلدانية.

ملاحظة:ـ لمن يريد شراء الكتاب التاريخي للأستاذ عامر حنا فتوحي باللغة الإنگليزية

THE UNTOLD STORY OF

NATIVE IRAQIS

على هذا الرابط

www.nativeiraqis-story.com

It is also available www.amazon.com

www.barnesandnoble.com

نزار ملاخا

6/6/2013

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *