هل كان على الكلدان التطوع في قوات الجتا لكي تمنحهم كوردستان حقوقهم ؟

الغريب العجيب ان تكون كوردستان سخية وكريمة مع كل المكونات العراقية ، وأن تمنح الحقوق والمكاسب لكل من قدم خدمة مهما كانت ضئيلة لكوردستان اثناء كفاحهم المسلح ، بل ان القيادة الكوردية قد منحت الحقوق والمكاسب حتى الى اللذين وقفوا ضد الثورة الكوردية واستلموا الأموال والأسلحة من الحكومة لمحاربة الثورة واليوم هؤلاء لهم حقوقهم الكاملة ومكاسبهم الواضحة ، ولا نريد ان ننتقد هذه الحالة فنسيان الماضي ووضع اسس جديدة للحاضر والمستقبل هو عين الحكمة للنهوض بكوردستان ، إذ ان عمليات الثأر والأنتقام ليست سبيلاً صائباً الى السلم وخلق الوئام والتعايش المجتمعي . لكن سؤالنا هو :

ماذا عن الذين كانوا اوفياء مع كوردستان وفي مقدمتهم ابناء شعبنا الكلداني ، ولم تغريهم الأموال وبقوا مع الشعب الكوردي طيلة فترة كفاحه ولم ينخرطوا في تلك القوات ?

سوف نتكلم بصراحة ووضوح الأرقام فمعادلة 2 + 2 = 4 هي حقيقة ثابتة ولا تقبل التأويل ، وبموجب هذه المعادلة الواضحة اقول :

بأن الأكراد قد انخرطوا في قوات الفرسان التي كانت تطلقه الحكومة عليهم وبعضهم اطلق عليهم لفظة الجحافل الخفيفة وأخرين قالوا عنهم انهم من المرتزقة وهو لفظ معروف لمن يحارب لقاء مال دون اي حوافز مبدأية ، والمرحوم البارزاني اطلق لفظة الجاش ، لكن اكثر لفظة رواجاً كانت لفظة ( الجتا ) وهي قوات لا يربطها الأنضباط العسكري وتقدم خدمات وقتية في صالح القوات الحكومية الرسمية وسنبقى في هذا التعبير الذي وضعته عنواناً لمقالي فأقول :

اعداد كبيرة من الأكراد انخرطوا في قوات الجتا .

والى جانبهم كان اعداد كبيرة من العرب في هذه القوات وأطلق عليهم فرسان صلاح الدين . وهم ايضاً جتا .

كان ايضاً اعداد كبيرة من الأيزيدية منخرطين في قوات الجتا .

كان ايضاً قوات آشورية منخرطة في صفوف الجتا .

الوحيدن الذين لم يسلكوا هذا السلوك ولم يتخذوا هذا الموقف ولم تغريهم الإغراءات الحكومة هم الكلدانيين .

ونتيجة موقفهم المبدأي الواضح تعرضوا لنقمة الحكومة فكانت الحكومة تستغل هذه الناحية لملاحقة هذا القوم وإذلالهم وملاحقتهم وتشريدهم ، ولم يكن بمقدورنا ان ندافع عن انفسنا لأن موقفنا كان واضح امام الحكومة ، ولهذا كنا في موقف ضعيف ، هذه هي الحقيقة التي ليس الى نكرانها سبيل .

لكن اكرر كلمة ولكن : ما جرى تعتبر من المفارقات الغريبة ، وهي ان القيادة الكوردية الموقرة قد منحت كل الذين كان لهم رجل في الثورة الكوردية والأخرى مع القوات الحكومية وبينهم العرب والأكراد والتركمان والأيزيدية والآثوريين قد منحت هؤلاء كامل حقوقهم وكانت سخية معهم ، واستثنت من هذه المعادلة الشعب الكلداني حيث لم تمنح له أي حقوق ولم يستلم أي مكاسب . وهذا يخالف مع تصريحات الرئيس مسعود البارزاني الذي قال بأن كوردستان ستكون وفية مع من وقف معها وقت الضيق ، فأين وفاء الكلدانيين الذين وقفوا هذا الموقف المشرف ؟ لايوجد ممثل كلداني في حكومة الأقليم لا مساعدات للكلدانيين إلا ما من خلال وصاية الأحزاب الآشورية التي تهيمن على مقاليد مصير المسيحيين في كوردستان وفي عموم العراق .

الغريب والعجيب ان أقرأ هذا السيل من المقالات للاخوة الكتاب بأن يدافعوا عن الأخوة الأيزيدية ، وهذا امر رائع ومقبول وأنا شخصياً كتبت عن تهميش الأيزيدية والكلدان ، لكن لا يوجد كاتب واحد أشار مرة الى حقوق الشعب الكلداني ، فهل ان كتابنا الأجلاء كل منهم (يحوش النار لخبزتا فقط ؟ ) اليس هذا كيل بمكيالين يا كتابنا لأجلاء ؟ واقصد الكتاب الذين يكتبون بالشأن العراقي والكوردي . الا يشكل الكلدان شريحة مهمة اصيلة من الشعب العراقي ؟ هل ان الكلدان غرباء في هذه الديار وقدموا اليها من كوكب المريخ ؟

اخواني الكتاب الأجلاء:

إن الحرية كالهواء فإن دخل الهواء الى البيت لا يخص غرفة معينة انه يدخل جميع الغرف ، فإن كنتم تدافعون عن الأيزيدية عليكم ان تدافعوا عن الكلدان ايضاً لأن حقوقهم مهضومة بالكامل والمسالة ليست متعلقة في تعيين وزير كلداني فحسب ، إنما هي مسالة الحقوق القومية والسياسية على العموم .

في اقليم كوردستان لا يوجد مقرات كلدانية ، لأن القيادة الكوردية لا تتعامل مع الكلدان بشكل مباشر ، لا يوجد وزارة كوردية فيها كلداني ، لا يوجد ممثل كلداني لدى القيادة الكوردية ، لا يوجد اي دعم كوردي للكلدان حتى ليعقدوا مؤتمراً كلدانياً ، لجأت القيادة الكوردية الى تغيير مسودة الدستور الكوردستاني لتزيل منه اسم القومية الكلدانية ، وكان ذلك استجابة لمطلب الأحزاب الآشورية المتزمتة ، بل ان ذلك التغيير على مسودة الدستور الكوردستاني يتعارض مع مواد الدستور العراقي .

ومن هنا يمكن ان نسأل القيادة الكوردية هل ان ماضينا غير ملائم لمنح الحقوق لأننا لم ننخرط في قوات الجتأ ؟

يا ترى هل يلزم لكسب الحقوق ان ان يكون لنا ماضي فيه مواقف معادية للثورة الكوردية ؟ لدينا اسماء شهداء كلدان ولدينا اسماء مقاتلين شجعان حاربوا الى جانب الشعب الكوردي في خندق واحد ، ولدينا اسماء مساهمين بشتى الوسائل لدعم الثورة الكوردية .

القيادة الكوردية لكي تكون منصفة وعادلة بحق الشعب الكلداني عليها ان تجازيهم خيراً وأن تمنحهم حقوقهم القومية والسياسية كاملة وأن تعيد اسمهم القومي الى مسودة الدستور الكوردستاني لكي يطابق مع ما هو مدون في الدستور العراقي .

إن اردات القيادة الكوردية الموقرة ان تمنح حقوق هذا الشعب الكريم عليها ان تمنحهم كوتا كلدانيــــــــــــــة وان تنهي وصاية الأحزاب الآشورية عليهم ، هذه هي العدالة والمساواة وهذه هي الديمقراطية والليبرالية التي تسعى كوردستان ان تطبقها على الجميع بدون استثناء وفي المقدمة الشعب الكلداني المناضل .

ومن المفارقات المؤسفة حقاً ان نسمع في خطاب الرئيس المناضل مسعود البارزاني في المؤتمر الذي انعقد مؤخراً في اربيل للتضامن مع الشعب الكوردستاني ، وان يتطرق في خطابه الذي قال فيه :

“أننا لن نخاف من طائرات F16 لأننا لم نخش من طائرات الميغ سابقا، لكننا نخشى أن تعود تلك الثقافة ولغة الطائرات والدبابات وإسالة الدم العراقي، لذا نحن نعمل بكل ما نملك لتعزيز الأخوة العربية والكردية والتركمانية والآشورية”،

فأين ذكر شعبنا الكلداني ، الا يستحق هذا الشعب حتى إدراج اسمه ؟ إن هذا الموقف يدفع الى الحيرة والتساؤل ، لماذا كل هذا التهميش بحق الشعب الكلداني الأصيل ؟

حبيب تومي / القوش في 10 / 5 / 12

You may also like...