هل ستقف اللغة حائلاً ضد هويتي القومية الكلدانية


ضمن نشاطات مؤتمر النهضة الكلداني الذي عقد في كاليفورنيا للفترة  من 30 آذار ولغاية الأول من نيسان للعام المنصرم ، ذلك اللقاء الأخوي الرائع الذي جمع أبناء شعبنا الكلداني ، سيلتقي الكلدان مرة أخرى  في مملكة دولة السويد مع الوفد القادم من كاليفورنيا المؤلف من سيادة المطران مار سرهد يوسب جمو والأب نوئيل كوركيس مسؤول المركز الكلداني للإعلام في سان دييكو والأخت الراهبة تربيثا والأخت الراهبة  كبرئيلا والآنسة ساندرا زيتون أعضاء المركز الإعلامي الكلداني في سان دييكو  والدكتور نوري بركة رئيس المجلس الكلداني العالمي و الدكتور  مؤيد الكناني ،  وبحضور مشاركين من مختلف الدول الأوربية متمنين لهم النجاح في نواياهم الخيرة من أجل شعبنا الكلداني في أرض الوطن والمهجر والذي سيصب لخير العراق ككل ، فمهما كانت هويتنا إلا أننا نبقى أبناء العراق الواحد ونسعى جاهدين للوقوف بوجه كل من يعمل لتقسيمه وزعزعة وحدته . وكم كنت أتمنى أن أشارك إخوتي إجتماعاتهم هذه لولا ضروف الحياة ومتطلباتها الصعبة .
وبفترة التحضير إلى المؤتمر أو كما قال عنه السيد سيزار ميخا في مقاله الموسوم ”  السويـد تحتضن أيام النهضـة الكلدانيـة للفترة ( 15- 19 ) أكتوبر الجاري ” وأتفق معه بإختيار تعبير  بأيام النهضة الكلدانية حيث قال ” ويعد تواصلا واستمرارا لروح مؤتمر النهضة الكلدانية في أمريكا لذلك تم الإقرار بإقامة أيام النهضة الكلدانية في السويد للفترة ( 15- 19 ) أكتوبر الجاري ” ،  نشر الأستاذ ليون برخو مقالاً بعنوان ” الهوية الكلدانية بين الضياع والنهضة ”  وبه يقول … كنت من أشد المعارضين لمؤتمر النهضة الأول !! … وبالتاكيد فهو يملك من الحرية مايكفي لمعارضة مايشاء خصوصاً وإن لللأستاذ برخو طرحه كشخص أكادمي ، وفي المقابل هناك من له إعتراض على اعتراضه وإن كان المعترض مثلي ليس له تخصص ولا أكادمي ولاأملك سوى قناعاتي الشخصية أطرحها على الملء بكامل حريتي سواء رُفضت أو قُبلت .
في مقاله أعلاه يقول الأستاذ ليون ” نحن الكلدان إن أردنا النهوض لا يمكن أن تتم نهضتنا إن لم نحي لغتنا ” وفي المقابل أقول نحن الكلدان لنا لغة ومن لايعرفها فالخلل به وليس بالكل ، والكنيسة هي التي حافظت عليها ومازالت تفعل ، إنما ولعدة عوامل وتحديداً تعرض الكلدان الساكنين في المدن لما يهدد كيانهم إبتعدوا قسماً منهم عن لغتهم الأم وتحملنا نحن وزرها وهذا ماجناه غدر الزمان علينا ، فكنت أنا أحد ضحايا الجهل باللغة والذي أفقدني أيضاً عدم الإكتراث  لهويتي الحقيقية التي حوربت وماتزال مِن قبل أعداء التاريخ ومزوريه …
وكما يقول الكنديين  never too late   فقد بدأ الحس القومي ومنذ سنوات قليلة يتحرك في وجداني حتى وصلت إلى قناعة راسخة لايمكن زعزعنها بأنني إبن الكلدان مفتخراً بهذا الإنتماء كوني أنتسب لأعرق قومية وأهم حضارة عرفها التاريخ ، ومن جهة أخرى فأنا أعيش بنعمة أخرى وهي مسيحيتي التي عرفتها من خلال الكنيسة الرسولية الكلدانية العظيمة والتي لم تسمى بهذا الإسم القومي لولا وجود رجال دين وشعب عرفوا جيداً  قوميتهم وتفاخروا بهذا النسب ليطلقوه على كنيستهم التي إتحدت بالكنيسة الكاثوليكية الأم ، فمنها خرجنا ولها عدنا ..
إنما يبقى أسفي على جهلي بلغتي ، وحاولت مراراً تعلمها إلا أنني لم أوفق ، ليس لصعوبتها لكني مازلت تحت تأثير صدمة مدرس الإنكليزي الذي ضربني وشتمني بإسلوب قذر في أول يوم دراسي ، ولغاية اليوم لاأستطيع تعلّم أي لغة حتى الإنكليزية علماً بأنني أسكن كندا منذ 2003 ، هكذا بدأت مشكلتي مع اللغات لأن العراق العظيم خلا تقريباً من مدرسيين حقيقيين تربويين وتعليميين خصوصاً في عهد حزب البعث الدموي .
لكن هل جهلي للغتي الأم يلغي أصالتي كما ينوّه الأستاذ ليون برخو ؟ لاأعتقد ذلك ، وأنا أعرف نفسي أكثر من غيري ..  كلداني غيور على إسمي القومي وكنيستي وشعبي ولا أقبل المساس بهم .
في مؤتمر النهضة الكلداني كنت المدعو والمشارك الوحيد الذي لايتكلم اللغة الكلدانية ، وكل اللقاءات كانت بتلك اللغة  وهناك من كان  يجلس بجانبي ليترجم لي الكلام ، وكم كان ألمي كبير لذلك إلا أن فرحتي في المؤتمر طغت عليه ، وخرجت من المؤتمر وأقسمت باللغة العربية على أن أحافظ على هويتي ، فهل ستبطل اللغة قسمي ؟
نهض الكلدان في مؤتمرهم الأول وسينهضون هذه الأيام في السويد وستتعاقب النهضات ، لأن القليلين من شعبنا الكلداني لايعرفون اللغة مثلي ، ورغم ذلك  لم أتنكر لهويتي كما فعل البعض الذين يعرفون تلك اللغة العريقة ومع ذلك تاجروا في إسمهم القومي لمصالحهم الدنيئة وخصوصاً من يسعى لفصل الكلدان والمسيحيين عن العراق بحجة محافظة للأقليات .
وقبل أن أنشر هذا المقال قرأت في موقع بطنايا الجلسة الإفتتاحية لأيام النهضة الكلدانية ومحاضرة المطران سرهد جمو  ( الانتعاش الروحي من التراث الكلداني  ) حيث ركّز فيها على اهمية الاهتمام والمحافظة بالتراث الكلداني واللغة الكلدانية ، فإن كانت اللغة مهملة عزيزي ليون برخو فإن النهضة التي ترفضها ستعمل على إحيائها والأيام ستثبت ..
ختاماً وباللغة العربية أقول … من يتجرأ على فصلي من أصلي ؟

زيد ميشو
zaidmisho@gmail.com

You may also like...