نُواب .. أم نُهّاب ؟

في عراقنا الديمقراطي المفدرل والحديث والجديد الذي ما بعده جديد ! والسبّاق نحو التطور والسائر بسرعة نحو الوراء بكل المقاييس والموازين .. والذي باتت تحسده دول وشعوب المنطقة على ما وصل أليه في كل المجالات من أرهاب وتخلف وهجرة وفساد وتجاوزات على حقوق الأنسان وتوترات وخصومات سياسية وتفرقة طائفية ودمار وخراب ما بعده خراب .. بفضل سياسيين هم أبعد ما يكونون عن السياسة وأبعد من أن يقودون سفينة البلد الى بر الأمان .. ومنهم برلماننا العتيد والذين نذروا أنفسهم وضحوا بالغالي والنفيس وآثروا أن لا يستريحوا ألا وبلدهم في مصاف باقي دول العالم المتحضرة وشعوب الله المنكوبة كسويسرا واليابان .. أناس قمة في الأداء وروعة في الأخلاص في كل النواحي ! وضعوا نصب أعينهم الشعب والوطن جاعلين ليلهم نهار ونهارهم ليل ليقدموا أرقى الخدمات وليشرعوا أرقى الخطط الحديثة في البناء والأعمار .. متقين الله في كل صغيرة وكبيرة يقررونها .. حريصين على المال العام ومحافظين على ثروات البلد .. حامين حدوده مدافعين عنه ضد أي أطماع أو تدخلات خارجية .. وخير دليل على ذلك ما وصل أليه حال البلد .. وهم في واد والشعب في واد .. سائرين على نفس الطريق وكأن الأمر لا يعنيهم من قريب أو بعيد !!

برلمانيون .. من نوع جديد لا يخطر على بال بكفاءات معدومة وشهادات مزورة وضمير ميت وجشع لا محدود مع فائق التقدير والأحترام للبعض منهم , حاقدين وكارهين لبعضهم البعض مختلفين دائما ً ومتخاصمين .. همهم المكاسب والأمتيازات والأستحواذ على المزيد منها وبأقل مدة ممكنة ! وقد أثبتوا ذلك في الكثير من المواقف , أذ لم يعد خافيا ً على أحد بل بات حتى الغبي يعلم ويفهم أن برلماننا المنتخب وأعضاؤه ( الوطنيين جداُ ً ) المتفانين في خدمة بلدهم وشعبهم الى أقصى الحدود وما يبذلوه من جهود مضنية من أجل أسعاد العراقيين جميعا ً ودون تفرقة طبعا ً ! والنهوض بالبلد والسير بواقع الخدمات والأعمار الى أقصى الدرجات .. وأن تفانيهم وأخلاصهم للبلد والمواطن قد وصل الى أعلى الحدود بدليل أنهم يناقشون ويقررون كل ما يخدم ويفيد بأسرع ما يمكن ويعقدون أكثر من الجلسات المعتادة في سبيل أحقاق الحق ( لمصالحهم طبعا ً ) فتراهم يصوتون ويقررون دون نقاش أو أعتراض المهم أن ما سيقرر هو لصالحهم ويخدم طموحاتهم وجشعهم اللامنتهي .. معرقلين ومتناسين المئات من القرارات والتشريعات والقوانين ومؤجلين الكثير منها في أدراج البرلمان مع العلم أنها مهمة وحيوية وتمس حياة الملايين من أفراد الشعب , في هذا البلد المنكوب والمبتلي .. كالخدمات الصحية التي يرثى لها ومشاريع الكهرباء وعقوده التي بلغت المليارات دون أي تحسن .. وتوفير الماء الصالح للشرب وبناء المدارس والأهتمام بالتعليم الذي هو أساس التقدم والنهوض لكل بلدان العالم .. ومحاربة الفساد هذه الآفة التي باتت تنخر أقتصاد البلد وتهدده ومحاسبة الفاسدين وتقديمهم للعدالة بأسرع وقت والكثير الكثير من الأمور التي تخص المواطنين ..

برلمان لا يتابع أداء المسؤولين ومؤسسات الدولة .. برلمانيين لا يحضرون الجلسات المقررة ولا علم لهم بما يجري فيها .. برلمان حائر كيف يقرر الميزانية العامة للدولة .. برلمانيين كل همهم المكاسب والأمتيازات والعقود وجني الأموال بكل الطرق .. برلمان لا يحاسب الفاسدين والمفسدين في دوائر الدولة .. برلمان لا يهمه المواطن من قريب أو بعيد ! نواب لا يقدمون أو يؤخرون .. نواب بأمتيازات خيالية ورواتب مجزية دون أن يقدموا أي شيء لا بل لا يؤدون المطلوب ومقصرين في واجباتهم الى أبعد الحدود .. نثريات وصرفيات لاحدود لها ولأغراض شخصية بحتة .. أموال مفقودة ومليارات مختفية .. من المسؤول عنها ؟؟  وفي آخر المطاف يصوتون لشراء سيارات مصفحة لتحميهم !! وتحميهم من مَن ؟؟ الله أعلم .. وبمبلغ تافه جدا ً فقط خمسون مليون دولار لا أكثر ! حقا ً شر البلية ما يضحك ..

برلمان عجيب غريب .. تصريحات لا مسؤولة من البعض .. ونفاق مفضوح للبعض الآخر .. وأكاذيب ملفقة لا تمت للواقع بأي صلة , وخلافات وأختلافات .. فضلا عن الأستهتار بالمال العام وتنكرهم للفقراء والبسطاء الذين أنتخبوهم وجاؤوا بهم الى ما كانوا لا يرونه حتى في الأحلام ! لينهبوا أموالهم ويبددوا ثرواتهم ضاربين عرض الحائط كرامتهم .. غير مبالين بأرواحهم التي تزهق كل يوم نتيجة خصوماتهم وعداواتهم التي لا تنتهي , متجاهلين ومتناسين الدماء البريئة للمواطنين والتي باتت ثمنا ً ووقودا ً لنزاعاتهم وتقاتلهم من أجل السلطة والكراسي وسلوكياتهم التي باتت هي الأزمة وكأننا ناقصين أزمات ليصنعونها لنا ! نواب وأي نواب ؟؟ أقسم أنهم في كل الأحوال نُهّاب !!

1 / 3 / 2012 / كندا

You may also like...