“نهضتنا الكلدانية تنبع من المذبح”الأمة الكلدانية والهوية الكنسية -1-

من هم الكلدان اليوم

في موسمها السنوي الإيماني الثقافي لإبريشية مار بطرس الرسول الكلدانية الكاثوليكية بدأت يوم الأربعاء الموافق 6-11-2013 المحاضرة الأولى من دورة اللاهوتية تحت عنوان “نهضتنا الكلدانية تنبع من المذبح” في الساعة السابعة مساءاً على قاعة المركز التربوي التابع للإبريشية في سان دييكو، والقى سيادة المطران مار سرهد يوسب جمو الجزيل الإحترام محاضرة قيمة في التأريخ الكلداني وربطه بالإيمان الكنسي تحقيقاً لوعد الله لهذا الشعب الكلداني العظيم.

وقال سيادته:

في العقد الأول وبداية العقد الثاني من الألفية الثانية للميلاد هُجِرَ وهاجَر من أرض الوطن (بيث نهرين) نصف مليون كلداني تحت الضغط والتهديد الديني والأثني وقلعوا هؤلاء الكلدان من أرض آبائهم وأجدادهم وهم ورثة الأقوام (السومريون والأكديون والبابليون والآشوريون وهؤلاء هم الكلدان) الذي كانوا يحكمون بيث نهرين لغاية سنة 538 ق.م يوم سقط اخر الحكم الوطني الكلداني (العراقي)، ولغتهم التي يتكلمون بها هي اللغة الكلدانية الآرامية (لهجة بيث النهرين) التي وصلت الينا جيلٌ بعد جيل وحفظت في صدورنا وأفئدتنا وعقولنا منذ أكثر من 3000 سنة من سقوط الإمبراطورية الكلدانية وظلت حية الى يومنا هذا بدون أن تكون للكلدان حكومة أو قوة عسكرية أو سُلطة أو وزارة للمعارف أو للإعلام وبدون مدارس رسمية تُعنى بها، ورغم هذا إلا أن الكلدان هذا الشعب العظيم أبى إلا أن يحافظ على هذا الكنز والميراث اللغوي ويصونه لمئات من السنين بواسطة آولئك الرجال والنساء العظام آبائنا وأجدادنا الذين نقلوا الأمانة بصدق وتفانٍ غير مسبوق في تأريخ الأمم.

اليوم في أميركا مثلاً أكثر من ربع مليون كلداني وفي كندا بحدود خمسون الف وفي أوروبا مائة الف وفي استراليا عشرون الف وفي العراق أربعمائة الف وهكذا في بقية أقطار العالم، فكيف نحافظ ونصون هذا الإرث المبارك؟ وكيف نوصله الى أبنائنا؟ وكيف سنوصله الى أحفادنا؟.

إن اللغة الكلدانية الآرامية (لهجة بيث نهرين فقط) لم يُعلمها لنا لا الفرس ولا المغول ولا الترك ولا الكرد ولا العرب ولا غيرهم لأن هذه الأقوام لم تتكلم بها ولم تكن لغتهم لنتعلمها منهم ولكنها لغتنا ولهجتنا وتأريخنا وتراثنا ومع إحترامنا وتقديرنا للغات واللهجات الشقيقة الأخرى إلا أن لغتنا لها طابعها المميز كتابة وقراءة ولهجةً.

وإستطرد سيادته قائلاً:

من بيث نهرين من بلادنا بدء التأريخ ومن هناك نشأ مهد الحضارات

وبدأ الكلدان الأوائل في التفكير بالعالم من حولهم وبالخليقة وبالحياة والموت وما هي القوة العظمى الخفية التي تقف خلف هذا الكون العظيم وكيف الوصول اليها؟!، وهنا بدأت عبادة الألهة مردوخ وغيره وباشر البابليون بناء برجهم الشهير ليصلوا الى الساكن فوق وليروه إن أمكن! وتمكنوا من العلوم والفنون والشعر، وبعد أن وقف الإنسان الكلداني على قدميه، إختار الله احد ابناء الكلدان الأتقياء (إبراهيم من آور الكلدان) رجل سارة ليحمل مشعل ولواء الإيمان القويم وليمهد الأرض والخلق لمجيء المخلص، وهكذا إختار لولده إسحاق إبنة من الكلدان أيضاً (رفقة) من بيث نهرين الكلدان، وأختار إسحق لإبنه يعقوب (راحيل) ايضاً إبنة من الكلدان وهكذا تمسكت هذه العائلة المؤمنة بأصلها الكلداني العريق ليأتي من نسلها المبارك كافة أنبياء العهد القديم الذي توجته مريم العذراء إبنة أبراهيم بإبنها الإلهي المخلص، إذن الكلدان هم ورثة ذلك الكنز الروحي الإيماني التي تفخر به أمم الأرض كافة والذي أورثه لهم ابونا إبراهيم فأي فخر وأي عز هذا الذي يحمله الكلدان!. حيث يبقى إسم ((الكلدان)) هو المعبر والمفسر لهويتنا ولحياتنا.

إن بابل- باب ايل (باب الله) العظيمة كانت محور وقبلة العالم القديم فالأسكندر الكبير أبى إلا أن يقيم في قصر الإمبراطور الكلداني نبوخذنصر وتوفي فيه، وكسرى أقام في المدائن لتكون مجاورة من عظمة بابل، وحتى بغداد بناها أبو جعفر المنصور قريباً من بابل وكنيستنا كانت في قسطيفون وكوخي وسميّ الكرسي الباطريركي بإسم باطريركية بابل على الكلدان فخراً وتميزاً بذلك الإرث التأريخي الكبير.

وختم سيادته قائلاً، كان هنالك أميراً ورث ميراثاً نفيساً وكبيراً وأختال بما ورثه من جاه ومال وسلطة وشعب، ولكن بعد أن لعب القمار وأهمل شعبه وعاشر رفاق السوء، فقد ميراثه وجلس يبكي على الأطلال ويتحسر على ما فقده الى الأبد!، ومثله كالحاكم العربي الأندلسي الذي خسر ملكه بسبب مجونه وشهواته، وعندها جلس يبكي على ملكه فزجرته أمه بعتاب سجله التأريخ ليكون عبرة لمن يعتبر:

(أبكي كالنساء على مُلكٍ فقدته، لم تقدر أن تحفظه كالرجال)

وهكذا يوجد بيننا نحن الكلدان ومن البعض الذين بيدهم الحل والربط، أين هم من هذا الكنز العظيم وهذه الإرث الإسطوري الذي يحلم به أي شعب وهو بين أياديهم وطوع بنانهم ولكن قد يخسروه لاسمح الله إذا لم يعيدوا حساباتهم ويهتموا بإرثهم وشعبهم.

هذا وإستغرقت المحاضرة زهاء الساعتين وحضرها جمهور غفير من الشعب الكلداني مصغياً متفاعلاً ومَرَ الوقت سريعاً، وفي الختام تمنى سيادته للحاضرين ولشعبنا الكلداني التوفيق والتمسك بالجذور الأصيلة لأمتنا الكلدانية المباركة.

والى لقاء آخر قريب بعون رب المجد.

مؤيد هيلو

7-11-2011

 










 

 

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *