نتائج انتخابية واختناقات مستقبلية / بقلم عصمت رجب

من المعلوم بان الانتخابات هي عملية رسمية لاختيار شخص لتولي منصب رسمي, أو قبول أو رفض إقتراح سياسي بواسطة التصويت، وتتبع الانتخابات في الديمقراطيات الحديثة لملء المقاعد في البرلمان (ممثلو السلطة التشريعية)، وأحيانا في السلطة التنفيذية (الرئاسة ورئاسة الحكومة والحكم المحلي) والسلطة القضائية. يعتبر نظام التمثيل النسبي من النظم الانتخابية الاكثر قدرة على تمثيل مختلف مكونات المجتمع، وهو بالتالي يحقق بشكل مباشر المعنى المراد من النظام الانتخابي. وقد تم اعتماد طريقة سانت ليغو في توزيع المقاعد البرلمانية على المشاركين في الانتخابات البرلمانية في العراق الاتحادي والمزمع اجرائها في الثلاثين من نيسان المقبل، ويعتمد نظام التمثيل النسبي على مبدأ مفاده حصول كل حزب على عدد من المقاعد يتناسب مع عدد الاصوات التي حصل عليها في الانتخابات ، وكلما كانت التناسبية اكبر كلما كان ذلك اقرب الى مبدأ العدالة الانتخابية ، والعكس بالعكس ، وهناك العديد من طرق توزيع المقاعد ضمن نظام التمثيل النسبي ، منها ما يقسم عملية التوزيع الى مرحلتين ، تعتمد المرحلة الاولى على القاسم الانتخابي وتعتمد المرحلة الثانية على واحدة من الطرق المعروفة لتوزيع المقاعد ( الباقي الاقوى ، المعدل الأقوى ، … ) .وهناك طرق يتم بواسطتها تقسيم المقاعد من خلال مرحلة واحدة فقط ، ومن هذه الطرق سانت ليغو المعدلة ،التي ابتكرت سنة 1910، وقد طبقت صورتها الأولى في النرويج والسويد سنة1951 ، وهي صورة معدّلة لطريقة سانت ليغو ، وتطبق بهدف جعل عملية توزيع المقاعد لصالح القوائم الكبيرة وفيها سيتم تعديل القواسم (حسب التعديل الذي اقره مجلس النواب يوم 4 / 11 / 2013) لتصبح (1.6 ، 3 ، 5 ، 7 ، 9 ، ….) وتطبق هذه الطريقة حالياً في نيوزيلندا والنرويج والسويد والبوسنة بالقواسم (1.4 ، 3 ، 5 ، 7 ، 9 ، ) واقرت ايضا للانتخابات المقبلة في العراق الاتحادي .

ان هذه الطريقة تحُسن من فرص الاحزاب الصغيرة في الحصول على احد المقاعد المتنافس عليها ، وتؤدي الى زيادة عدد الاحزاب الممثلة في المجلس المنتخب قياسا بطرق توزيع المقاعد الاخرى . الا ان الملاحظ على هذه الطريقة هو التفاوت الكبير في قيمة المقعد ( سعر المقعد ) ، أي عدد الاصوات اللازمة للحصول على مقعد كما حصل في انتخابات مجلس محافظة نينوى عندما حصل احد المرشحين في القوائم الصغيرة على اقل من 6000 صوت وفاز بمقعد في مجلس المحافظة، بينما حصل مرشح على 15 الف صوت ولم يفوز .ان هذا التباين في قيمة المقعد يمثل واحدا من اهم الانتقادات التي توجه لهذه الطريقة بالإضافة الى كونها تؤدي الى صعود عدد كبير من الاحزاب الى المجلس المنتخب مما قد يؤدي الى صعوبة اتخاذ القرارات داخل المجلس المنتخب، لذلك نتوقع ان يمر تشكيل الحكومة القادمة بعد الانتخابات بمراحل صعبة ، ويحتاج الى وقت طويل كون تحقيق الاغلبية في مثل هكذا نظام انتخابي امر صعب جدا وخصوصا بان العراق اعتبر عدة دوائر انتخابية وهذا ما يعقد الامور اكثر .

في الختام ان شكل الخارطة السياسية القادمة في العراق سوف يكون معقدا، وعلى القوائم والكتل السياسية ان تتحالف مع بعضها لتشكيل اغلبية داخل مجلس النواب لتحل العقد الكبيرة المرافقة لتشكيل الحكومة ، كون المطلوب حكومة شراكة وطنية تتآلف بها جميع المكونات والافكار الوطنية العراقية .

 

بقلم عصمت رجب

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *