مَن هم المتطرفون مِن أبناء شعبنا؟

 

 

يصفني دُعاة الآشورية المزوَّرون (وليس الآثوريون النجباء المعتدلون) وأتباعهم بعضُ الكلدان المتأشورين بأنني كلداني متطرف! وعندما أفكر بهذا الوصف وأتمعن فيه يتملكني الضحك والدهشة معاً، فيحضرني السؤال التالي : تُرى، هل هنالك كلدانيون متطرفون حقاً وأنا واحد منهم ؟ أليس هذا الإدعاء مدعاةً للإستغراب؟ وهل إن اعتزاز الكلدان بقوميتهم يعتبره هؤلاء تطرفاً ؟ فما أحلاه مِن تطرُّف ! أليس هذا الأمر محاولة بائسة منهم لتحويل ما يتصفون به من تطرف وتعصب عنصري ولصقه بنا نحو الكلدان أو على الأقل أننا نشاركهم به ؟ ولكن أليس الكُلُّ يعلم مَن الذي أدخل التعصب المقيت والتطرُّف غير المحدود الى المجتمع المسيحي؟ إنهم دُعاة الآشورية المزورة والمتعاطفون معهم بعض الكلدان الأتباع! فتلكما صفتان ذميمتان تجري في عروقهم، ويُنادون بها دوماً بالخفاء والعلن أما الكلدان الحقيقيون فينأون بأنفسهم عنهما.

 

إن العنف الإعلامي والتآمري يُمارسه الطرف الداعي نفسَه بالآشوري زوراً بالتعاون مع بعض الكلدان المغرَّر بهم الذين تمكن من خداعهم، ضِدَّ الطرف الكلداني الأصل المسالم بسبب، نتيجة التعصب الشوفيني الأعمى المتعشعش بقوة في أذهانهم. فهل من الإنصاف أن يُنظر الى الطرفين بمعيار واحد، عندما يستمر الطرف الآشوري بترديد مقولته الفارغة النابعة عن عقدة الشعور بالنقص المستحكمة عليه بأن”الكلدان طائفة وليسوا قومية”بينما العكس هو الصحيح 100%. علينا أن لا نحمِّل الذنبَ لأحفاد إخوتنا الكلدان النساطرة المعاصرين المتشبثين بانتمائهم الى آشوريي التاريخ القدماء الذين طالهم الفناء، فقد لُقنوا ذلك وترعرعواعليه فهم بحق ضحية للفكرالآشوري يا لشدة الأسف عليهم  فأضحوا ” خرافاً ضائعة ” وقد كان من السهل استعادتهم لولا بروز بعض المتطرفين من بينهم الذين تحولوا الى ” ذئابٍ جائعة وخاطفة معاً” تُنكر هويتها الكلدانية الحقيقية ” الهوية الجامعة لكُل الأطراف ” .

 

في الواقع، إن انفتاحنا نحن الكلدان وعدم تعصبنا هو العامل الأساس الذي أدّى الى ضعفنا الراهن اليوم، ولكن ما حيلتنا فإن الإنفتاح على الآخر هو إحدى قيمنا المثلى التي نتحلىَّ بها، وهذا ما ضرَّنا كثيراً وجعلنا في الآخر أن نُعيد النظر في موقفنا ونساير واقع الحال الموضوعي في عراق اليوم، فتحتم علينا أن نتعصب لقوميتنا ونطالب بحقوقنا على غرارالآخرين فهو مسعى مشروع ودستوري. فهل يجوز لدعاة الآشورية والمتأشورين إطلاق صفة الإنقساميين علينا في حالة مطالبتنا بحقوقنا أو تأسيسنا أحزاباً أو جمعيات كلدانية؟ولماذا يحق لهم تأسيس عددٍمن الأحزاب التي لا تتلأم مع ضآلة عددهم، ويعقدون مؤتمرات عديدة غوغائية ويؤلفون إتحادات وجمعيات انعزالية وفضائيات فوضوية، وكل فعالياتها موجهة ضد الكلدان! ولا يحق للكلدان حتى عقد مؤتمر واحد وهو ليس ضدَّهم؟

 

نحن لا نقبل الوصاية مِن أيِّ أحدٍ، لنا حريتنا الكاملة، نؤسس أحزاباً واتحادات ونعقد مؤتمرات، فإن ذلك مِن أبسط حقوقنا، ليس من حق الآخرين التدخل بشؤوننا الخاصة، كما نحن لا نتدخل بشؤونهم، سنعقد مؤتمرنا النهضوي العام رغم كُلِّ الإنتقادات العبثية الصادرة من الأطراف المعادية ولن نعبأ بتخرصاتهم قيد شعرة، سيكون مؤتمراً للتحاور والنقاش وعلى ضوء ما سيتبلور من تصورات ورؤى نصوغ لنا برنامجاً سياسياً وقومياً، لا ندعي كغيرنا بتفوقنا في العمل السياسي بل نعترف بأننا في أول الطريق، وسيكون مشوارنا حافلاً بالنجاحات والإخفاقات، ولكن طموحنا سيتركزعلى الإستفادة من تراكم التجارب التي مرَّ بها شعبنا لنكتسب منها خبرة في تصويب مسيرتنا حاضراً ومستقبلاً .

 

بماذا يُفسَّر هذا الهجوم الشرس على اللجنة التحضيرية للمؤتمر، ولماذا يُتَجنى على المؤتمر بأنه كنسي والداعي الى عقده مطران كلداني، بينما الداعي إليه هي عشر تنظيمات كلدانية وفي مقدمتها الإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان، وقد تبرع سيادة المطران سرهد جمو بقاعة انعقاده وتشريف المؤتمرين بحضوره، وهذا ما يحتاجه العلمانيون الكلدان من علاقة انسجام وتكامل مع رجال دينهم، ولا سيما في هذه المرحلة التي أخذ الهيجان مأخذه من دعاة الآشورية وأتباعهم المتأشورين، عند قيام أيِّ تحركٍ كلداني لإثبات وجودهم وتفعيل دورهم  في خدمة وطنهم العراق والمطالبة بحقوق شعبهم المهضومة . تباً للحاقدين والعملاء الذين يتمنون للمؤتمر الفشل ويرون في نجاحه تقسيماً لشعبنا، إنه منطق سفيه ومرفوض. ليس من المستغرب ان تكون النتائج والتوصيات التي سيتوصل إليها المؤتمر مزعجةً لهذا وذاك وهذا أمر بديهي، ولكن المؤتمر بعون الله وهمة المؤتمرين سيضع الكلدان في الطريق الصحيح بعد أن أفقده هذا الطريق بعض الذين تعمدوا جهلَه بسبب الغايات والمصالح.

 

 

الشماس د. كوركيس مردو

عضو الهيئة التنفيذية

للإتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان

في 28 /3 / 2011 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *