مواطنون واختصاصيون يؤكدون على ضرورة تفعيل القطاع السياحي في بابل

ان إهمال السلطات أدى إلى تأخر هذا القطاع وتراجعه وتتميز محافظة بابل ببيئة سياحية متفردة فهي المحافظة الغنية بجمال طبيعتها التي ترتكز على البساتين والاراضي الزراعية والانهار المتشعبة فضلا عن الأماكن التي تصلح أن تكون منتجعات سياحية وترفيهية، والاهم من هذا احتضانها لأقدم مدينة وهي مدينة بابل الأثرية، ناهيك عن وجود أكثر من (400) موقع اثري محدد ومسجل، من بينها آثار كيش وآثار برس والكفل وغيرها، فيما تؤكد دائرة الآثار والسياحة من أن هناك (10000) عشرة آلاف موقع آثري مسجلة رسمياً، لم يتم تنقيب إلا (2%) منها فقط.

واجرت (وكالة الانباء العراقية المستقلة) حوارات مع المختصين بالقطاع السياحي بالاضافة الى المواطنين للوقوف على اسباب عدم الاهتمام بهدا القطاع الدي يعتبر من الموارد المالية الرئيسية للمحافظة ومن خلال التحقيق التالي.

اول من التقينا كان الخبير السياحي (صالح علوش ) الذي قال :لا يمكن عد القطاع السياحي في المحافظة هذه بحالته الحالية قطاعاً حقيقياً نظراً لسعة التخلف وتهتك منظومة التطور والأداء فيه، لاسيما في ظل التقاطعات الكثيرة ما بين التشريعات القانونية المراد منها تحفيز هذا القطاع ومابين العقبات التي تضعها الإجراءات الإدارية لدوائر الدولة والتي لا يمكن أن ترتقي في ظل ما تحمله من بيروقراطية وروتين عاليين. ناهيك عن أن جل الدوائر التي تتعامل وتتفاعل مع هذا القطاع و تتسابق البلدان فيما بينها لامتلاك ناصية هذه الصناعة والغور في تعقيداتها، لهذا كله نرى أن الوصول الى (صناعة سياحية شاملة) في محافظة بابل يعد أمراً ممكناً، لو توافرت أرادة بناء حقيقية.

اما الدكتور جواد البكري مدير مركز حمورابي للبحوث فقال: انه على الرغم من كل الممكنات السياحية المتوافرة في محافظة بابل إلا أن القطاع السياحي الخاص تغلب عليه عيوب كونه نشاطا غير منظم وفيه مساحة من العشوائية، نتيجة غياب رؤية متكاملة لقيام نشاط سياحي يعتد به. وهو قطاع بسيط جداً، يتسم بتخلفه في الكثير من مفاصله، ولذلك لا يعد قطاعاً حقيقياً من حيث الأداء والفاعلية. كما انه يتسم بضعف شديد للبنى التحتية سواء منها المادية أم البشرية، وصولاً الى الثقافة والمهنية للعاملين في هذا القطاع، بدءا من مالك المنشأة السياحية الى الأطر البشرية الإدارية والخدمية. فضلا عن عدم توافر ضوابط ومعايير وجهات تتولى الرقابة على الأداء السياحي.

واكد البكري على غياب قاعدة الخدمة السياحية من حيث الأطر والكوادر الخدمية والإدارية المتخصصة في السياحة. وعدم وجود مؤسسات تتولى توفير الكوادر السياحية في مجالات السياحة بدءا من الاستقبال مروراً بالخدمة الفندقية وانتهاء بالترويج السياحي. فما زالت المؤسسات السياحية الساندة (مطاعم- فنادق) بعيدة عن مواصفات المؤسسات السياحية المعتمدة دولياً.

الى ذلك يعاني المجتمع المحلي ضعف في الثقافة السياحية، مع عدم اهتمام من ذوي الشأن، بإشاعة هذه الثقافة وترويجها. كما ان اهتمام القطاع السياحي الخاص بمعيار الربح على حساب معيار الجودة المقدمة، إما للسلوك النفعي، أو لغياب المساحة المطلوبة من المنافسة الحقيقية التي من شأنها أن تزيح المستثمر السياحي غير الكفء.

وقال صادق الفيحان رئيس غرفة تجارة بابل: ان النهوض بقطاع السياحة في بابل يحتاج الى استثمارات تنفذها شركات عالمية فضلاً عن دعم الحكومة عبر تخصيص مبالغ مالية لبناء مرافق سياحية جديدة وان السياحة في بابل متأخرة جداً لافتقارها للبنى التحتية اللازمة ومن الضروري الاهتمام بمنظمات المجتمع المدني التي تعمل على نشرالثقافة السياحية في بابل وتساعد في اعداد الكوادر السياحية.

واشار مدير اعلام مجلس بابل والموظف في لجنة السياحة والآثار علي الدليمي الى ان المجلس جاد في توفير مقومات النهوض بالسياحة عبر ايجاد فرص الاستثمار والحصول على دعم الحكومة المركزية لوضع استراتيجية لتفعيل القطاع السياحي بمحافظة بابل وان المجلس لديه افكار لتطوير واقع السياحة والاثار بينها اقامة جزيرة المهناوية السياحية واقامة متنزهات في مناطق متفرقة من المحافظة.

واضاف الدليمي :ان من اهم المقومات التي تفتقر اليها المحافظة هو الفنادق السياحية ذات الخمس نجوم ومطاعم الدرجة الاولى ومحطات استراحة وغيرها من الخدمات التي تساعد على جعلها مناطق جذب سياحي لاسيما ان المحافظة لم يتم شمولها بمشروع ( البترودولار) الذي يخصص للمحافظة نسبة من إنتاج النفط وبالتالي لابد لها ان تبحث عن البدائل التي يمكن من خلالها ان تقوي الإيرادات المحلية حتى تتمكن من تحسين خدماتها ومنها استكمال مقومات المناطق السياحية فيها لهذا أتجهنا بالتفكير بالجانب السياحي وكيف يمكن ان نسوق هذا الجانب المهم بالشكل الذي يمكنا من جذب اكبر عدد من السائحين ومن بين المشاريع التي يعكف مجلس المحافظة على دراستها بالتعاون مع الوزارات المعنية انشاء فنادق سياحية ذات خمس نجوم وكذلك مطاعم سياحية ومحطات استراحة تحوي كافة الخدمات التي يحتاجها السائح.

اما المواطن علي النصراوي صاحب مطعم وفندق سياحي في بابل فقال: ان من يرغبون بالوقوف عند آثار تاريخ بابل وحضارتها من مختلف بقاع العالم يقدرون بالملايين ولكن واقع الخدمات في المحافظة ومواقعها الأثرية لا تجعل منها مدينة سياحية جاذبة وان الحال اذا ما بقي على ما هو عليه الآن ستخسر المحافظة موردا ماليا مهما لن تستطيع تعويضه وهو ما يعادل أضعاف ما تحصل المطلوب عمل جدي وتضامني هذه اذا بعض من الإجراءات الرسمية الحكومية التي أعلن عنها المعنيون بالشأن السياحي والاستثماري وكذلك المتطلعون الى رؤية بابل مدينة سياحية تحمل كل صفات المدن السياحية الموجودة في العالم والتي لا تضم الا النزر القليل مما تضمنه محافظة بابل من مواقع اثارية ودينية والتي نأمل ان تترجم توصيات الملتقى السياحي الأول الذي احتضنته ارض بابل مؤخرا الى واقع عملي ينهض بالقطاع السياحي بشكل فعلي ويختلق فيها صناعة سياحة حقيقية وهو ليس بالكثير على محافظة مثل بابل.

والجدير بالذكر ان محافظ بابل المهندس محمد المسعودي كان قد اكد في حوار سابق مع وكالتنا على ان الجميع هنا في بابل يتفقون علةى ان قطاع الاستثمار لم يأخذ دوره الحقيقي والكامل لعدة أسباب منها الروتين الذي يلازم عمل اغلب الدوائر الحكومية الساندة له. إضافة إلى العامل الأمني الذي يمنع اغلب الشركات الاستثمارية للعمل في المحافظة .ففي مشروع مثل جزيرة المهناوية التي تشبه إلى حد بعيد مدينة شرم الشيخ المصرية التي أصبحت مصدراً مالياً مهماً, مازال معرقلا رغم انه قد وصل إلى مراحل متطورة . كما أن مدينة الأحلام السياحية التي أعلن عن إنشائها على ضفاف نهر الفرات هي الأخرى تلاشت بعد أن أحيلت إلى إحدى الشركات غير المؤهلة ماليا حيث أسندت مؤخرا إلى شركة إماراتية ربما تباشر في انجازها.

واخيرا يمكن ان نقول ان القطاع السياحي بحاجة الى جهود كبيرة يشارك فيها جميع المعنيين بالشأن السياحي لاسيما وانه من بين تلك القطاعات المدرة للموارد المالية التي يمكن ان تسهم بدفع عجلة الاقتصاد العراقي الى الامام.

وكالة الانباء العراقية المستقلة

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *