من ناحية اخرى، شكرا على التزوير ! بقلم عبدالاحد قلو

بما ان عنوان مقالتي فيه كلمة تزوير، وعليه يجب ان نعرّفها ونعرّف ماهو معاكس لها والتي كانت سببا لوجودها، وذلك بعد تغيير الفكرة التي كانت صادقة في موضع ما واصبحت كاذبة في موضع آخر. مستنجدين بأقوال الفيلسوف العظيم سبينوزا الذي عاش في القرن السابع عشر والمولود في هولندا والذي كان يشاطر ديكارت في معرفة الحقيقة التي قال عنها ( بأن الحقيقة هي طابع وعلامة نفسها، للذي عنده فكرة صادقة ولا يمكن الشك فيها، ان لم تكن كاذبة واقعا. ولمعرفة إذا كانت فكرة ما صادقة أو باطلة، يجب أن أرجعها إلى الشيء. إن الفكرة باطلة أو صادقة حسب ما إذا كانت موافقة أو غير موافقة لموضوعها الخارجي، بحيث أن الحقيقة هي دائما ثمرة اقتران.)انتهت

مقولة سبينوزا ودراستنا

وبالتكلم عن الفكرة ان كانت صادقة اوكاذبة، وهذا ما يذكّرني بفترة دراستي الاعدادية في العراق وتحديدا في بداية سبعينات القرن الماضي، عندما طبقت على صفوفنا ولأول مّرة، مادة الرياضيات المعاصرة والتي كانت تختلف بأسلوبها عن الرياضيات القديمة من هندسة وجبر ومثلثات وغيرها. فقد كانت تعتمد على ان تكون الفكرة المتمثلة بالعبارة ان كانت صادقة ام كاذبة، وبعدها اِتضحت بأن الرياضيات المعاصرة كانت تمهيدا، لمدخل فكرة الحاسوب((Computer الذي بدايته كانت أيضا باِستخدام بطاقات التثقيب وببرنامج ان كانت العبارة صادقة او كاذبة( YES or NO)الى أن تتطور الحاسوب في يومنا هذا، بتقنيته وبحجمه الذي سيصل الى حجم وضعه في جيوبنا بعد أن كان بحجم الغرفة في تلك الايام. وهذا ما جعلني ان أربط بقول الفيلسوف سبينوزا التي ذكرها في قرنه السابع عشر، عن الافكار المطروحة اِن كانت صادقة أو كاذبة ولا غير، بحيث لا يوجد حل وسط لها.

وعليه فأن التزوير التي هي صفة كاذبة بالتاكيد، والتي تعني أيضا بأنها مخالفة للحقيقة، والاخيرة ما هي الاّ ثمرة اقتران دائما والتي تأتي من المقارنةوالتي تكشف ايضا عن أفكار حامليها اِن كانت صادقة أو كاذبة بالمقارنة مع الواقع الفعلي لتلك الفكرة، وكما قالها سبينوزا.

لماذا يلجئون للتزوير؟

ان طبيعة الانسان وكما هو معروف، تختلف بين فرد وآخر. فمنهم من يحمل افكارا مبدئية صادقة في ظنّه، يحاول الدفاع عنها بالاساليب والطرق الصحيحة حتى واِن تتطلبت التضحية والمعاناة في سبيل الوصول اِليها بغية تحقيقها. وهنالك النوع الاخر الذي يلتزم بأتجاه معين لفكرة غير ثابتة لها فوائد نفعية خاصة يمكن من خلالها اللجوء الى أساليب كاذبة حتى واِن تتطلب ذلك، تحريف وتزوير لحقائق وبما ينسجم منفعته مستغلا الظروف التي تساعده في تحقيق ذلك.

وهذا ما نشاهده في ايامنا هذه، بعد أن اِتضحت الامور واِنكشف كل شيء للملأ، بأن الذين يدعون بالاشورية ما هم الاّ صنيعة التاريخ الحديث لمجموعة اصولها غير عراقية، ضللت بهذا المسمّى لتحقيق غاية ما في نفس يعقوب، والانكليز خير العارفين لذلك. وحسب ما تؤكده مصادرهم من الكتب التي ألّفوها والذين يوضّحون سبب تسمية الاشورية التي جائت لهم في سنة 1886ميلادية، بعد التقائهم بالمجموعة المبشرة من الانكليز بهذه المجموعة من كلدان النساطرة الذين أبوا الرجوع للكثلكة لأطماع سلالتهم البطريركية في تبوّء السلطة على حساب التابعين لهم. والذي زادهم اِصرارا ببقائهم على عزلتهم ، مغريات الانكليز لمنحهم اِقليما ذاتيا تحت التسمية الجديدة على ان يدفعوا ثمنا لذلك بمحاربتهم لحاميهم من الاكراد والاتراك، وايضا لغاية ما في نفس الانكليز هذه المرة وليس في نفس يعقوب .

والسادة المتأشورين الحاليين لايروق لهم أن يعترفوا بهذه الحقائق ولكن أين المفر من ذلك والكلدان الغيارى الاصلاء كاشفين حقيقتهم للقاصي والداني، بعد محاولات المتأشورين لتهميشهم بسبب السلطة الوقتية المنوطة لهم من قبل من هم على شاكلتهم في الحكومتين، غير اللجوء الى تحريف وتزوير الحقائق وبالاخص التي تتعلق بالكلدان التي كشفت الكتب والمناهج التي ارادوا تزويرها بعظمة وشأن الكلدان والتي زادتهم وجودا واِثباتا لتاريخهم العريق ولأمتهم الكلدانية الراسخة.

شكرا على التزوير !

من ناحية اخرى ، فقد زادتنا محاولات التحريف والتزوير للكتب والتصريحات الرنانة التي يطلقها أسياد المتأشورين، فقد زادتنا ايضا معرفة واطلاعا وكانت سببا لقرائتنا لهذه الكتب التي أرادوا تزويرها. وبصراحة فأنه لم تكن لي معلومة عن سيادة المطران ولم أكن بمطّلع على كتاب(ألقوش عبر التاريخ) لسيادة المطران المرحوم يوسف بابانا قبل هذه الضجّة التي اِفتعلها مزوروا الحقائق بعد استلامهم الضوء الاخضر من الذين سلّمت لهم الأمانة، وياريته لم يسلمها لهم(عذرا لسيادته). وكان الاجدر ان يسلمّها للأدارة البطريركية الكلدانية لتصون تلك الامانة . ومع ذلك فقد اِرتوينا من الحقائق الدامغة التي لمسناها والدالة على كلدانية ألقوش والمناطق المحيطة بها والتي من خلال ما كتبه سيادته، أستقي هذه العبارة الرائعة التي اعتبرها حقيقة واقعنا، والتي كانت موجودة في الطبعة الاولى والتي ألغِيت تماما من الطبعة الثانية المبتذلة :

( لم يعرف اِسمنا وتاريخنا الاّ بأسم الكلدان وهذا شرفنا وفخرنا ، صار غريبا علينا من جراء هذه التسمية نظرا لمرور خمسة عشر قرنا تقريبا بأسم السريان او السريان الشرقيين. وآباؤنا وتاريخنا ومؤلفونا مع مؤلفاتهم تعرف بأسم السريان والحق انهم كلدان ). هذا ماكتبه سيادة المطران مار يوسف بابانا(المثلث الرحمات) في كتابه عن تاريخ ألقوش.

متابعة المطبعة الآغاجانية

ان الألتفاتة الرائعة التي اضطلع بها اخينا العزيز فادي دندو بأكتشافه لهذه الحالة من التزوير(بالرغم من انه ليس بألقوشي) ولكن غيرته الكلدانية وحرصه على الأمانة المتعلقة بتراث وحضارتنا الكلدانية العريقة من الاطراف التي تحاول من النيل بها وعن وجهة غير حق ، قام بما يملي ضميره وبعد استشارته لزملائه من الكلدان المستقلين، انطلق ليعلن للملأ، حقيقة هذا التزوير وبمؤازرة وتشجيع الكتاب الكلدان الغيارى الاخرين. لذلك، أصبح لدينا الشك في هذه الجهة التي تحاول ان تحرّف وتزوّر الحقائق ومنها هذه المطبعة الاغاجانية (دار المشرق)التي اصبحت (دار المظلم) بعد خفوت نورها في نظرنا من الباحثين عن الحقيقة. والذي يتولى اِدارتها أحد عباقرتهم من الذين يعتبرون أنفسهم من المؤرخين والضالعين بالتاريخ المنسوخ من خلال محاضراته التي يلقيها في الأوكار الآغاجانية والزوعاوية على حد سواء، والتي تحمل بعض منها مسمّيات كلدانية ولكنها ذيليّة مع الاسف. وعليه، يتطلب من كل شريف غيور اِن كان كلداني او سرياني وحتى اثوري ميال لمعرفة الحقيقة، أن يواكبوا على متابعة كل ما يصدر من هذه المطبعة الاغاجانية المبتذلة والتي سمعنا بوجود اِصدارات أخرى حرّفت وزوّرت عن حقائقها . ومن المفضّل أن يتم تشكيل لجنة او جهة تحقيقية للكتب التي قامت بطبعها هذه المطبعة مع متابعة كل ما يصدر من المطابع الاخرى للكتب المتعلقة بالتاريخ والحضارة التي تعود لتراثنا، ليتم اِتخاذ الاجراءات القانونية بحق من يتولى هذه التخريفات.

تائها، يبحث عن حقيقة الكلدان

وهكذا ترى حتى الكتّاب المحسوبين عليهم والذين يجتهدون في المحاولة للولوج في أعماق الكلدان يخرجون منها من المولد بلا حمّص، ومنهم أحدهم الذي اِنبرى بالكتابة عن الكلدان وفي سلسلة حلقات لا تمت للحقيقة بصلة، بعد أن تاهت عليه والواضح ذلك من خلال مايكتبه، محاولا تشويه ما ذكر عن الكلدان في الكتاب المقدس والمصادر الاخرى التي تؤكد على قومية الكلدان . وكان الأجدر به ان يكتب عن تاريخ آشوريته التي يدعي بها باِثبات وجودها، لأكتشاف أي ذكر لآشوريته اِن وجد، من خلال الألف الاول الميلادي ولغاية مجيء البعثة المخابراتية الأنكليزية بغطاء التبشير، من الذين أطلقوا عليهم تسمية (الاشورية الحديثة) من كلدان النساطرة في تلك السنين وقبل نهاية القرن التاسع عشر، بعد ان لقّنوهم للأدعاء بأنهم أحفاد آشور التمثال الصنم . نطالبه اِن كان يعتبر نفسه فهيم..عليم، أن يثبت اِن كان هنالك اي اِرتباط ما بين الاشوريين القدامى والمتأشورين في زماننا، أفضل من ضياع وقته في بحث عقيم لا يمت لما يسرده للحقيقة بصلة وحسب توجيه أسياده، وذلك لفشله وعدم استطاعته للتفنيد بوجود الكلدان كقومية لها تاريخها وحضارتها العريقة وكما فشل الاخرون من قبله لتحقيق ذلك وعلى مر التاريخ. والكلدان شامخون.

عبدالاحد قلو

You may also like...