مقابلة مع سياسي كلداني مضطهد بويا كوركيس \ عنكاوا (12)

أستمرت مآسي الشعب العراقي ودمار البلد من جميع النواحي الفكرية والأجتماعية والثقافية والسياسية والأقتصادية والأدبية والعلمية ، ففقد العراق خيرة كوادره العلمية والمهنية والفنية والأدبية والثقافية والأقتصادية من مختلف الأختصاصات ، التي تعتبر عملة نادرة للبلد من حيث تقدمه وتطوره ، من جراء حروبه المتواصلة داخلياً وخارجياً تارة ، وتارة أخرى من خلال ملاحقتهم المتواصلة لفرض أنتمائهم القسري لحزب السلطة بطريقة وأخرى مستخدماً أسلوبين معاً الترغيب والترهيب ، بعيداً عن روح المواطنة والوطنية وحب الوطن والشعب ، فمارس النظام الأرعن كل وسائل القمع والتعذيب والتغييب والأعدامات الكيفية والممارساة القاتلة بالضد من بنات وأبناء شعبه ، ولمختلف الأحزاب والتيارات والحركات الوطنية لأنهاء كل ما هو وطني حريص على هذا البلد والشعب ، مستخدماً جميع الأسلحة التقليدية  وحتى المحرمة دولياً بما فيها السلاح الكيمياوي الرخيص من حيث الكلفة والسوق العالمي أمام مرأى ومسمع العالم ، في منطقة زيوة الحدودية الكوردستانية العراقية المحاذية لأيران وتركيا بتاريخ 4\حزيران\1987 ، وليكرر فعله المشين في منطقة حلبجة في ربيع من عام 1988 ، تلك الأعمال البربرية الوحشية تراجع الحس الوطني وضعف الأداء الشعبي فكرياً وعملياً ، ليصبح الخوف يرادفه من سلطة فاشية همجية قذرة لا تعي الرحمة ولا الشفقة بعيدة عن روح العصر والأنسانية ..

س57:هل تواصلت مع الجوانب الأجتماعية والسياسية والدينية خلال تواجدك في سدني؟

ج: في الجانب الأجتماعي أكيد تواصلت كوني من مؤسسي جمعية الحضارة الكلدانية في سدني ، أقدم خدماتي الأنسانية للقادمين الجدد من خلال الجمعية وخارجها بشكل فردي وشخصي ، كما في الجانب الديني كنت أؤدي واجباتي كل يوم أحد من كل أسبوع أزور الكنيسة وأتفاعل مع الصلاة كواجب ديني مفروض على كل أنسان مسيحي ، لنصلي من أجل الأنسان وأنهاء معاناته في العالم أجمع..أما العمل السياسي أبتعدت عنه كلياً ولم أمارسه بعد وصولي الى سدني \أستراليا ولحد الآن مستقل تماماً.

س58:علمت أنت تحولت والعائلة من سدني الى ملبورن بالرغم من بقائكم لفترة طويلة في سدني ، وبالتأكيد تأقلمتم مع الوضع هناك . كيف ولماذا وما هي الأسبالب؟

ج: صراحة كانت أمورنا ماشية وجيدة في سدني وأندمجنا مع أهلنا وأقاربنا هناك ، ولكننا قدمنا الى ملبورن (العائلة) لزيارة الأقارب والأصدقاء لاحظت الأمور أكثر أجتماعية بالنسبة لنا ، والغالبية من العنكاويين متواجدون في ملبورن ، مع تقارب كبير من حيث مناخ ملبورن مع عنكاوا ، بالأضافة الى أمور أخرى أرخص كثيراً من سدني (السكن من حيث الأمتلاك والأيجار) كما ضرائب أقل من حيث سنوية السيارات وفحصها السنوي في سدني ، وفي ملبورن فقط عند تسجيل السيارة بأسم المالك ، بالأضافة الى حرارة الصيف الملتهبة في سدني ، مما تتطلب كلفة عالية من الكهرباء ونظافة مدينة ملبورن وأمنها أفضل بكثير من سدني.

وعليه تحولنا الى ملبورن ونحن في كامل السعادة منذ وصولنا ولحد الآن ، حيث نتواجد كل يوم أحد في الكنيسة ، وحال وصولنا الى ملبورن قام بزيارتنا الخوري عمانوئيل خوشابا مشكوراً.

س59: سمعت بأنك عملت مع الكنيسة في ملبورن ولخدمتها والناس ، كيف كانت علاقتك مع القس عمانوئيل خوشابا راعي الكنيسة وعموم الشعب هنا؟

ج: حقيقة تربطني مع القس عمانوئيل خوشابا علاقات طيبة منذ أن تواجدنا في سدني ، حيث تعرفنا عليه خلال زياراته المتكررة الى سدني بحكم أرتباط كنيسة ملبورن بسدني ، كانت تجمعنا المحبة والأحترام المتبادل فيما بيننا ، وبعد وصولنا الى ملبورن تعمقت أكثر من قبل ، حيث أقترح عملي مع الكنيسة في ملبورن كممثل لها في الدوائر الحكومية في ملبورن ، فتعمقت العلاقة بين الكنيسة ورجال الدولة في أستراليا ، كما وزادني فخراً أن أقدم خدماتي المجانية لشعبي ومدينتي الثانية ملبورن.

س60: بعد توضيحكم بنشاطاتكم الكنسية ؟هل يمكنكم التحدث عن نشاطاتكم الأجتماعية ؟

ج: بعد لقاءاتنا من خلال جوالاتنا مع بنات وأبناء جاليتنا الكلدانية وخصوصاً العنكاويين منهم ، حيث ساد الأحترام المتبادل معهم لتتطور العلاقة أكثر من قبل يوماً بعد يوم وكأننا عائلة واحدة ، حتى تمكنا من تأسيس نادي عنكاوا الأسترالي وهو قائم لحد الآن ، حيث كنت أول عضو مؤسس ورئيس منتخب للنادي ، خدمنا الجالية وفق قدراتنا وأمكانياتنا معتبرين ذلك واجب أنساني يفرض علينا جميعاً ، وساعدوني أخوتي وأخواتي من الكلدان في تعزيز العلاقة بين أبناء الشعب المفترب في أستراليا.

س61: بعد تغربك من بلدك الأصلي قادماً ومستقراً في أستراليا ، ماذا عن عملك وأتجاهك السياسي ؟

ج: كأي أنسان عراقي عانى الضيم والتعب والسجن والأعتقال والتشرد والتعذيب الجائر والمميت وهلم جرا ، لم يفقد الروح الوطنية المستأصلة في داخله فكرياً وسياسياً فهي تسري في دمي وكياني ..فلا يمكن أستأصالها بسهولة.. ولكن من حيث التنظيم فقدت كل أرتباطاتي السابقة منذ وصولي الى أستراليا ولحد الآن ، ليس لي أرتباط مع أية جهة سياسية حيث بقيت ولا زلت مستقلاً تنظيمياً كما ذكرت ذلك في حلقة سابقة.

س62: هل يعقل وأنتم أحد المعتقلين السياسيين القدامى ومن المحكومين بالأعدام ومن ثم المؤبد ، لم يتصلوا معكم رفاقكم فيما بعد؟

ج: حقيقة لا يمكنني أن أخفي عليكم وعلى التاريخ ، حيث أتصل معي رفاق من الجبهة الكوردستانية للمشاركة في أنتفاضة آذار الخالدة عام 1991 ، لكنني رفضت طلبهم بالرغم من أغرائي بأمتيازات كثيرة كوني معتقل وسجين سياسي قديم ، لأمنح موقع أداري مرموق في حكومة كوردستان التي شكلت فيما بعد أنتفاضة آذار عام 1991.. أكيد بعد أستقرار الأمور في كوردستان وأعتبار المنطقة محمية دولياً خاج حكم البعث العراقي.

س63: هل لديكم معلومات لما حدث مباشرة بعد أنتفاضة آذار عام 1991؟؟

ج: سمعت وأطلعت وشاهدت أعلامياً ، الوضع المأساوي الكارثي لما حل بشعب كوردستان بكافة مكوناته القومية والأثنية ، حيث غادرها أكثر من أربعة مليون نسمة الى الحدود الدولية لتركيا وايران ، بعد الأخفاق الحاصل ما بعد الأنتفاضة وسيطرة الحكومة البعثية عسكرياً في المنطقة ثانية ، كما وفي باقي مناطق وسط وجنوب العراق.

س64: أزاء الوضع المأساوي الجديد في العراق عموماً وكوردستان خصوصاً ، ماذا كان دوركم ؟وهل تمكنتم من تقديم الدعم والأستاد لهذا الشعب؟

ج:فعلاً كانت كارثة أنسانية عمت العراق بكامله ، وحال سماعي وأطلاعي على الوضع هذا ، توجهت الى تركيا قاصداً كمبات اللاجئين هناك ، ووفقاً للأمكانيات الذاتية والشخصية حيث جلبت معي فورمات هجرة أنسانية تجاوزت المائة والخمسون معاملة ، أكملت الفورمات للراغبين للهجرة الى أستراليا ، حيث وصلوا جميعهم الى أستراليا مع عوائلهم وهم في غاية السعادة بغض النظر عن خلفياتهم الأثنية والقومية والمذهبية الدينية ، وللعلم كان ضمن المعاملات 15 عائلة آثورية دخلوا أستراليا جميعهم مع بطاقات السفر المجانية ، وعند وصولهم كنت مع مجموعتي نقدم الدعم والمساندة لتلك العوائل بصورة شخصية وعن طريق الكنيسة كذلك.

حكمتنا: (العمل الأنساني واجب أخلاقي وضميري ، ومطلوب من الجميع تقديمه لكل الناس دون منّة)

(مع الحلقة الأخيرة.. 13 .. تابعونا)

منصور عجمايا

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *