معضلة التنحي عن كرسي العرش وإنتظار الدخان الأسود أو الأبيض…

حينما تدلهم الخطوب ويقف الوطن على مفترق طرق في أن يكون أو لا يكون، تنجلي أصالة معدن القائد أو الرئيس وهو يرى أرضه تُستباح وشعبه يُقتل ووطنه يُمَزَق ويُباع في المزاد السري العالمي كقطع غيار لمن يشتري، فيستفز المشهد ضميره وغيرته ويوقظ وطنيته من سباتها العميق، فيتخذ قراره الأخلاقي الجرئ الذي يُطرَز في ذاكرة التاريخ، فيضحي ويتنازل عن منصبه لدرئ شر الفتنة التي لا تُبقي ولا تذر عن شعبه، ولكن هنالك من يضع مركزه فوق كل إعتبار فيلتحم بكرسي السلطة، وحوله عائلته الملكية ورفاقه وزملاؤه الذين يتقلدون مواقع بارزة فيدافعون عنه بكل الوسائل، وحينذاك يكون قد غامر بتاريخه السياسي وخسر رصيده الشعبي وفقد مصداقيته بين قومه وسبب كارثة لوطنه.

في الجانب الاخر يعمل المسؤول الغربي على خدمة بلده أولاً على سلَم الدرجات العشرة، وبعدها تأتي مصلحته، ثم الشريك والصديق، وأحيانا يضحي بهما إذا تقاطعت مع أمن وسلامة وطنه، وهذا ما جعل عجلة التطور والتقدم عندهم تتسارع بشكل إسطوري بينما الدول العربية وغيرها تسير في الإتجاه المعاكس، ولكن لا يُنكر وجود حالات إستثنائية، بينما في هذه الدول العكس هو الصحيح.

في أمريكا والغرب وحتى في بعض دول الشرق مثل اليابان هنالك رؤوساء دول وحكومات ووزراء ومسؤولون كبار يقومون بتقديم إستقالاتهم من كافة مناصبهم الرسمية والحزبية والإنسحاب من الحياة السياسية ويعتذرون من شعبهم حينما يُتهمون بتقصير في أداء واجبهم أو التسبب بضرر يصيب مجتمعهم أو إقتصادهم بقصد أو بدونه، أو بمجرد كشف علاقتهم بصفقة تجارية ربما قانونية أو إمتلاك أسهم في شركة معينة أو بعد فضيحة أخلاقية حقيقية أو مدبرة أو سلوك إجتماعي غير مقبول كما حدث للرئيس الأمريكي السابق كلينتون ورئيس المخابرات (سي أي أي) والفرنسي ميتران ورئيس الوزراء الإيطالي والياباني والجيكي وغيرهم.

بقلم : صباح دمّان

8/8/2014

أعلنت وكالة أنباء إمباير أن الرئيس الأمريكي السابق بوش الإبن أوقفته سيارة شرطة في ولاية دالاس بسبب إنحراف سيارته إلى جهة اليمين دون إعطاء الإشارة الجانبية، وعند إكتشافهم بأنه يجادلهم بشكل غير طبيعي، راودتهم شكوك حول وضعه، وعند تفتيش سيارته وجدوا أونسة واحدة من الكوكايين في قفازه وهي كمية مسموح بها رسمياً، ومع ذلك تم إلقاء القبض عليه رغم محاولاته اليائسة للتأثيرعليهم بشتى الوسائل، وتم توقيفه لمدة 6 ساعات وأطلق سراحه بكفالة قدرها 5000 دولار. هل يحدث هذا عندنا مع سائق سكرتير أحد المسؤولين؟

وفي العراق يلقى القبض على وزير مختلس لمئات ملايين الدولارات كرشاوي لصفقات تجارية لقوت الشعب وتثبت إدانته ويتم إحتجازه لمحاكمه، ولكن بقدرة قادر يخرج من السجن ويسافر إلى الخارج ومعه الاموال الطائلة المسروقة…! ووزراء يتقاضون عمولات خيالية لعقود مشبوهة وإستيراد أسلحة فاسدة وسرقات من الخزينة بأساليب ماكرة وإستلام ملايين الدولارات لتنفيذ مشاريع خدمية وهمية تبقى على الورق فوق الرفوف.

سُؤال سياسي ساخر عن الفرق بين الرئيس الغربي والعربي، فاجابهم بأنه نفس الفرق بين المرحاض الغربي والعربي (مع الإعتذار للتشبيه)، حيث أن الأول لا يحتاج لتبديله غير بضعة دقائق ومفك لفتح برغيين، بينما العربي يحتاج إلى إستخدام درل همر لتكسير المرحاض وما تحته من إسمنت وأنابيب، وحوله من بلاطات وحتى قسم من واجهة الجدران فوقه وأحياناً الحمام بكامله، ثم يُجلب طاقم بديل ومختصون ومواد إنشائية ضرورية لصب قاعدة إسمنتية مناسبة لتثبيت الأنابيب والمرحاض الشرقي الجديد وبعدها البلاطات.

متى نطور أنفسنا ونغير منهجنا في الحياة ونشيد حماماتنا الغربِية في وطننا عندما نختار قادتنا على أساس الكفاءة والأخلاص والنزاهة من ذوي الخبرة والماضي المشهود والذين يناهضون سياسة الإلتصاق بهرم السلطة وبعيدين عن تضخيم الذات وإستغلال المنصب لتحقيق طموحات غير مشروعة، ويؤمنون بالديمقراطية وعدم تهميش الأخرين،.

متى نمارس ثقافة النقد الهادف البناء في معالجة مشاكلنا ونحترم حقوق وحرية وخصوصية من يعيش معنا، ونغرس روح المواطنة الحقيقية في نفوس أجيالنا لخلق حالة تفاعل بين مبادئنا وأفكارنا وإنتزاع تقديرالعالم لنا.

والأهم متى يصل زعماؤنا إلى مرحلة تداول السلطة بسلوكية رفيعة وشفافية عالية والترجل عن قمة السلطة بطوعية وقناعة لنطوي إلى الأبد صفحات التمرد والإنقلاب وسفك الدماء؟

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *