مسيحيو سورية والخوف من المصير العراقي

– ماريا ميلانة

2012-01-01 11:21:48

هل تشكل هذه المرحلة تهديداً لمسيحي سورية ؟

ارتسمت علامات الاستغراب على وجه احد المطارنة السوريين حين نقل له احد الديبلوماسييين الاوروبيين ما زعم انه الحديث الذي قاله الرئيس الفرنسي في حضرة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي :
« لماذا تخشون حكم الاخوان المسلمين ما دمتم متعايشين مع حزب الله ؟
ويقول الديبلوماسي ان الراعي قال :
حزب الله والاخوان ليسوا المشكلة ، المشكلة في التكفيريين الوهابيين الذين تدعمهم اوروبا في لبنان وسورية …فرد الرئيس الفرنسي ودوما بحسب الرواية المتداولة بكثرة في الشارع المسيحي الدمشق :
” مادام عدد المسيحيين في لبنان أصبح مليوناً وثلاثمائة ألف والمسيحيين في سورية مليوناً ونصف المليون، فلماذا لا يأتي المسيحيون إلى أوروبا ويعيشون فيها، مع العلم أنه تم استيعاب مليوني مسيحي عراقي».
وبحسب السيناريو الفرنسي، أنه في ظل صراع الحضارات خاصة المسيحي ـ الإسلامي لا مكان للمسيحيين في المشرق العربي والأفضل أن يأتوا إلى الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 دولة، فغداً يتسلم الإخوان المسلمون الحكم في سورية، ويتصالحون مع إسرائيل .
فهل فعلاً مسيحيو سورية في خطر وهل هم قلقون على مصيرهم وهل سيتم تهجيرهم ..؟
ما حصل في العراق من انكماش لعدد المسيحيين لا يطمئن، وفي مصر تزداد عمليات قتل المسيحيين وحرقٌ الكنائس ، فماذا سيحصل في سورية ؟
رداً على هذا أوضح المطران سمير نصار رئيس أساقفة دمشق للموارنة لـ عربي برس : أن مطرانية الموارنة بدمشق أقدم كرسي أسقفي كاثوليكي وتعود لما قبل وصول المسلمين ولما قبل خلافة معاوية في الشام . وجاء الفتح العربي والمماليك والعثمانيين وغيرهم وما زالت باقية، فالمسيحيين عاشوا منذ 2000 سنة وأكثر بسورية وهم باقين فيها، فلدينا إيمان أن سورية بلدنا ولنا قدرة على التعايش مع كل الأديان والطوائف، ونحن قادرون على أن نكمل حياتنا مع غيرنا، وسورية إذا كانت فعلاً بخطر فسيطال الجميع و ليس المسيحيين فقط بل مختلف الطوائف .
وتابع المطران نصار: إذا كنا في سورية نعيش كأقلية فنحن نعيش في كنف الإسلام وكلانا يفهم الآخر فهذا بلدَ تعددي ، وعلمانية النظام حافظت على الكنائس وجميع الأديان، أما ما يحدث في العراق ومصر فهو مؤلم لكن علينا النظر إلى الجانب المضيء فحين دمرت كنيسة في مصر قام الإسلام المنفتح بتعميرها وفي العراق لم تهاجر المسيحية فقط إنما أيضاً الإسلام .
وأضاف : علينا ألا نشخص الخطر قبل حدوثه ، لدينا ثقة وتفاؤل بالمستقبل ومهما حدث سنبقى متمسكين بالتعايش والحوار والمحبة وسنطالب بحقوقنا بأسلوب سلمي، ولن نترك أرضنا وبلدنا وتاريخنا ، ويجب ألا نعيش بالخوف كي لانضعف بل العيش بالرجاء والتأمل ونحن قادرين على خلق ديناميكية جديدة للحياة .
وختم المطران نصار حديثه : سورية لديها أخصام دوليين وما بعد هذا المخاض إلا الولادة وسنكون رسل سلام لتبقى سورية متماسكة ، وسنصلي دائماً ليحل السلام والمصالحة والغفران دون إلغاء الآخر، والله سيحمي سورية ولن يدعها تقع في الظلم والظلام .
الأب الياس سلوم من دير القديس جرمانوس في جرمانا قال:
هناك مخططات عالمية ترسمها الدول الكبرى ويتم تنفيذها كما حصل في العراق ومصر ولبنان، وأفكار هذه المخططات مادية محضة وميالة للشر المطلق، فهم يعتبرون الإنسان مجرد رقم، وإذا كانت سورية بخطر فالضرر سيلحق بالجميع بمعزل عن الانتماء والمعتقدات والإيمان، ولن يطال المسيحيين فقط فهم مواطنون مثلهم مثل غيرهم .
وتابع: المسيحية ليست مستهدفة بشكل خاص رغم ما سمعناه من بعض المسؤولين في الغرب عن حرب طائفية. فهذه تصريحات لا أساس لها من الصحة ، وأنا سمعت من سيادة الرئيس شخصياً أن فكرة الأقليات في سورية مرفوضة ، وهذا المبدأ ليس موجود عندنا فسورية للجميع، و نحن باقون ومتضامنون مع كل الناس وبالحوار الجديّ سيتم حل أي سوء تفاهم لبناء علاقاتٍ صحيحة .
وفي حال وصول الإخوان المسلمون للحكم في سورية أوضح الأب سلوم: أنا شخصياً لن أدخل في مغامرة تشكل خطر على وجودي فتاريخ الإخوان في سورية مرعب بكل ما للكلمة من معنى فهم يريدون إلغاء أي شخص لايكون مثلهم .
مكرراً : أرفض الدخول في تجربة ليست مضمونة ونسبة الشر فيها عالية جداً فالإخوان لا يعترفون بالديمقراطية أو الدولة المدنية، هم غير قادرون على تحقيق دولة تفيد الإنسان والوطن، بينما المفتي بدر الدين حسون يقول أن سورية دولة علمانية مؤمنة وهذه برأي الطريقة الصحيحة والمتطورة .
وطلب الأب سلوم من جميع المشايخ ورجال الدين أن يوضحوا فكرة عقيدتهم ويحددوا موقفهم من القتل لأن المشكلة برأيه هي إلصاق بعض التعاليم بالله وهو بريءٌ منها.
من جهته أكد الشيخ مصطفى علي العماوي أن هذه الفتنة والمؤامرة التي تتعرض لها سورية إلى زوال، والشعب السوري واعي لا يفرق بين مسيحي ومسلم مهما حاول البعض التجييش أو استخدام عبارات وشعارات مضحكة، فالانفجارت التي حدثت بدمشق لم تميز بين الطوائف بل إن الدماء اختلطت مع بعضها .
موضحاًً أنه إذا تم الاعتداء على المسيحية فسيكون 23 مليون سوري مسيحي .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *