مجلسنا القادم .. ما له وما عليه / بقلم عصمت رجب

من المؤكد بأن المجالس المحلية او مجالس المحافظات تمثل الوحدة الأساسية للرقابة والتشريع وتقديم الخدمات في اي بلد او مدينة، فإنها تشكل حلقة الوصل بين المواطن والإدارة التنفيذية ، خاصة إذا تعلق الأمر بالخدمات العمومية وتنفيذ السياسات العامة وحسب الثوابت المتفق عليها في القانون.

ان مجلس محافظة نينوى يعكس وعي وثقافة جماهير المحافظة ، لأن الطبيعة العامة لأي منطقة او بلد او مدينة في الغالب تراها في مجالسها وبرلماناتها المنتخبة، كونهم اشخاص منتقين من صلب المجتمع ، ” لذلك نقول ” أن مسافة الرقي والتطوّر في الوعي والسلوك المجتمعي داخل المجلس، ستكون مقاربة للبيئة التي يعيشها المنتخب او المرشح الفائز ، ومن خلالها ينقل عادات وتقاليد تلك البيئة التي عاشها ، ثقافيا وسياسيا واجتماعيا ، عليه نرى احيانا تتضارب الاراء في الجلسات الاولى التي يعقدها المجلس لحين تكيّف الاعضاء مع بعضهم البعض، كما تكيّفهم مع الواقع الجديد الذي يعيشونه، ويكونون بحاجة الى فترة ليست طويلة نسبيا للتأقلم مع واقعهم الجديد والعمل المتواصل والدؤوب لتفعيل مقررات برامجهم الانتخابية ، والتي اذا رجعنا الى تفاصيلها اثناء نشرها واعلانها في الدعاية الانتخابية تجدها متقاربة نوعا ما في الاهداف والغايات.

بالاضافة الى ان للمجتمع دورا كبيرا، فالمجتمع يجب ان يكون قادرا على محاسبة المقصرين من الذين انتخبهم ويضع نفسه كمراقب للاداء العام للمجلس والحكومة القادمة وهذا الاتجاه من العمل المجتمعي يعد بمثابة لبنة مكملة لتوطيد وتثبيت المسار العام لدى مجتمع سليم مؤمن محافظ يبعد المجلس عن جميع امور الفساد الاداري والمالي .

كما ان النظام الانتخابي الذي يحدد الالية الفنية لاختيار اشخاص لتمثيل الجماهير يجب ان يتميز بقدرته على تمثيل الشرائح والطبقات والاتجاهات السياسية الموجودة والعاملة في المجتمع المعني جميعها، وكلما كان النظام الانتخابي قادراً على تمثيل أكبر لهذه الفئات كان نظامًا انتخابيًا أكثر قوة وقدرة ، وان الأهداف الرئيسية من أي نظام انتخابي في اي منطقة من العالم هي ضمان القدرة على تمثيل شرائح وفئات وطبقات واتجاهات المجتمع المختلفة، وضمان عدم التلاعب في عملية التمثيل، وضمان سير العملية السياسية بشكل يتناسب مع الأنظمة والقوانين المعمول بها في المجتمع والدولة، و قبول المجتمع المحلي للنظام العام، ودقة نتائج الانتخابات.

والمعلوم ان من صميم ممارسة الحكومة ألمحليه لواجباتها ، سعيها لتحسين مستويات الامن والتعليم والصحة والاقتصاد والرفاهية عموماً للمواطنين كافة، على حد سواء، من خلال تفعيل الاستثمارات الخارجية والداخلية والاستفادة من التجارب المتطورة لدى الشعوب المجاورة الاكثر تقدما، والاهتمام بالطبقة العاملة وتنشيط زيادة نسبة الخبراء والفنيين والقوى العاملة وإعطاء الدور الريادي لمشاركة المرأة في مجالات الحياة العامة، وتعميم قيم حب المعرفة وإتقان العمل وتنمية الثقافة الوطنية،والعمل ضمن الصلاحيات المخولة ، وهذا ما يؤدى إلى تنشيط ممارسات الحكومات ألمحليه بشكل متفاعل مع صلاحياتها ، ما يمنح الاجهزة التنفيذية ومؤسساتها الاستقلال النسبي في صنع وتنفيذ السياسات في كافة المجالات ،وأن ذلك يحظى في نفس الوقت بالقبول من جانب أغلبية المواطنين.

في الختام ان المجلس القوي المتكاتف يتمتع أفراده وجماعاته بقدر واسع من الحرية للقيام بعملهم في إطار قواعد عامة عقلانية مقبولة وعلى نطاق واسع طبقا للنظام العام، فمن الناحية الخدمية يمكن القول بأن الاصلاح والتطوير والبناء والتنمية التي تقوم بها الجهة التنفيذية تعتمد اساسا على مدى الثقافة العامة والمهنية والاختصاص الاكاديمي والتفاهم والتكاتف بين اعضاء المجلس ليبعدوا الامور السياسية الخلافية ويهتموا بالمشتركات المتفق عليها ، وهكذا نريد مجلسنا القادم ومن الله التوفيق .

 

بقلم عصمت رجب

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *