للتاريخ لسان ح5 : لجنة بغداد للتعليم المسيحي ومؤتمر1995

كما هو معروف عن المرحوم د.يوسف حبي كان شعلة من الخلق، يفكر بالتجدد دائماً، لا يبقى اسير الماضي بل يحاول تطور ماهو بين يديه، ومحاولة للابداع في مجال اختصاصه دائماً، وهذا لم يأتي اعتباطاً لرجل قصير القامة، صغير الرأس، يحك صلعته على طول الخط، ولكن داخل هذا الرأس الصغير هناك دماغ بكبر آلاف المؤلفات من كتب وبحوث ودراسات ومقالات ابداعية في شتى المواضيع والتي اصبحت مصدر الهام للمتابعين والباحثين والطلبة وستبقى افكاره خالدة لانها حية في مفهومها ومضمونها، ومن ضمن ابداعاته متابعته التثقيف والتعليم المسيحي في العراق وتشكيل لجنة بغداد للتعليم والتثقيف المسيحي، انها ذكرى رحيله ( 15/تشرين1/ 2000) وفي نفس الوقت ذكرى انعقاد مؤتمر 1995! 16 – 20 /تشرين!  انها مصادفة غريبة، حيث استدعاني لاكون من ضمن اللجنة تحت اشرافه وسكرتارية الاخت هناء! وكانوا ممثلي كافة طوائف شعبنا الاصيل اعضاء فيها منهم (القس المتزوج الذي كان يسكن في كنيسة/الكرادة – داخل – مع زوجته واطفاله قرب كنيسة مار يوسف) الكنيسة الذي يشرف عليها ولا زال الاب منصور المخلصي! وكانت مقراً لمعهد الاباء التابع لكلية بابل للفلسفة واللاهوت الذي كنا مع اول دفعة تخرجت منه

نكتة في اجتماع اللجنة

كنا مجتمعين في الغرفة الخاصة المنفردة في الطابق الثاني لكنيسة ماركوركيس قبل البناء والتطوير الاخير لها، وجاء القس (نسيتُ اسمه) المتزوج متأخراً نصف ساعة عن موعد الاجتماع، وبعد الترحيب به قال له المرحوم الأب حَبي: ابونا انتَ تعرف انكَ متأخر! فرد عليه القس بقوله: كنتُ مع زوجتي في المستشفى! ابتسمنا حينها وعلّقتُ على الحالة : ان وقت الكاهن المتزوج وانتاجه يكون 50% لزوجته واولاده ان لم يكن اكثر والباقي للشعب! اعتقد (لستُ متأكداً) ان الأب العزيز يوسف توما كان حاضراً فرد بقوله: ماذا عن الامور الاخرى،،،،،، فضحكنا جميعاً

في هذا الاجتماع تم تقسيم كنائس بغداد الى كرخ ورصافة، وبما ان كاتب هذه السطور يعيش في جانب الكرخ عليه انيطت مسؤولية الاشراف على التعليم المسيحي لكنائس الكرخ به وهي 5 كنائس، وذلك لتقييم واقع التعليم المسيحي في بغداد واهم المعوقات والحلول، ونفس الشيئ انيطت مهمة كنائس الرصافة بثلاثة من زملائنا (هم يتكلمون عن الموضوع الخاص بهم) عليه تم اصدار كتاب رسمي باسم لجنة بغداد للتعليم المسيحي حول الموضوع وتحديد موعد مع الزائر للاطلاع على واقع التعليم في الكنائس

الأب ماهر كوريال / كنيسة يوحنا المعمذان – الدورة / الاولى على كنائس الكرخ

زرنا كنائس الكرخ خلال شهرين من العمل! وكانت هناك مفارقة مع راعي كنيسة المنصور فعند زيارتنا للكنيسة في يوم كان هناك تعليم أردنا ان نملأ الاستمارة الخاصة المهيأة من قبل اللجنة لهذا الغرض، فاعترض بشدة وقال: هذا اسلوب مخابراتي عليه لا يجاوب احد على الاسئلة!! ولا اعترف بالمؤتمر الكلداني ولا بمقرراته! يقصد مؤتمر 1995! وبطلعان الروح تمكّنا من انهاء المهمة بنجاح بعد تعاون بعض معلمي ومعلمات التعليم المسيحي معنا

وكان اللقاء مع كنيسة يوحنا المعمذان/الدورة باشراف راعيها انذاك الأب ماهر كوريال، لقد رحب بنا اجمل ترحيب وكان تعاونه التام مفرحاً لنا وللجنة، وكان معلمي ومعلمات التعليم المسيحي في ارقى حالاتهم ومن جميع النواحي، وفي حقل ملاحظاتنا كانت هذه الكنيسة براعيها ومشرفيها وشمامستها الاحسن على كنائس الكرخ، شكرا للأب ماهر اينما كان اليوم، والف شكر لمعلمات ومعلمي وشمامسة الكنيسة وفقهم الرب اينما هم الان

طُرِدْنا من قبل الأب بطرس حداد /كنيسة البلديات

بعد انتهاء مهمتنا اجتمعنا لتقييم عملنا، فقدمنا الاستمارات الخاصة بالتقييم وتمت مناقشتها واعتمادها من قبل اللجنة، وكذلك نفس الشيئ بالنسبة لكنائس الرصافة عدا واحدة (كنيسة البلديات – راعيها الاب بطرس حداد) وبعد مناقشات طويلة حول الموضوع اقترحتُ ان اذهب بكتاب رسمي من اللجنة لتقييم مستوى التعليم في الكنيسة حسب مقررات مؤتمر 1995، بعد ان تم طرد زملائي الذين سبق وان كلفوا بهذه المهمة، وافقوا على الاقتراح جميعاً عدا المرحوم الأب يوسف حبي حيث قال لي: اترك الموضوع لانكَ سوفَ تترزلْ! فجاوبته امام الجميع: لأترزل من اجل المسيح! فضحك ورد بقوله: انتم القوشية رأسكم اقوى من (المصمط) اشارة الى حجر الصوان، ولكني احبكم!

كان يوم الجمعة هو يوم التعليم المسيحي وكنتُ هناك في التاسعة صباحاً، والتقيتُ مع عدد من معلمي ومعلمات التعليم المسيحي الذين اعرفهم سابقاً حيث حذروني من مقابلة الاب الراعي، ولكن لا يكتمل العمل الا بمقابلته ليأذن لنا بذلك، بصراحة صليتُ حينها لكي اقوم بواجبي خدمة للكنيسة ، وصعدتُ الى غرفته ودقيت على بابه وسمعتُ صوته: تفضلُ! دخلتُ الغرفة وسلمتُ عليه بتواضع تام، فعرفته بنفسي والغرض من الزيارة، وبعد نقاش شبه حاد قال: لا اعترف بكَ وخمسين مثل حَبي، إن هو – اي الأب حَبي – يقبل ان يكون العلماني مشرفاً عليه وعلى كنيسته فأنا (اي هو) لا اقبل مطلقاً، وبعد التهديد خرجتُ مكسور الخاطر فرأيتُ خارج الغرفة جميع زملائي معلمي ومعلمات التعليم المسيحي حيث ودعوني الى خارج الكنيسة بعد ان اكدوا : لقد حذرناك وهذه كانت النتيجة

في الاجتماع الاسبوعي شرحتُ ما جرى لي! وقال حَبي: أَلَمْ أَقُلْ لكَ لا تذهبْ؟؟ وبعد تقييم جميع كنائس بغداد الـ 17 وقبل الاعلان وتعميم النتائج اتصلَ بنا زملائنا معلمي ومعلمات كنيسة البلديات بضرورة زيارة الكنيسة في الاسبوع التالي بعد موافقة الراعي بالاسم لهذه الزيارة، فانتقلنا في يوم التعليم/الجمعة فرحب بنا وقال: هذه لخاطر انسانيتكم ونيتكم الطيبة وليس لخاطر مسؤولكم

المهم كان درس بليغ لنا جميعاً وخبرة مضافة مع تطبيق القول: لا فرح بدون ألم وليس العكس

انها ضريبة البناء

shabasamir@yahoo.com

www.icrim1.com

You may also like...