للأنفال ماساتها و آلامها التي لا تنتهي / بقلم : شه مال عادل سليم

 

                                                              

                                                                                                                                                                                                                                                                        www.shamal.dk

 

هل فعلا جريمة الانفال طواها عالم النسيان ؟ :

بعيدا عن مجانية الكلام وعموميته , ادناه نموذج لرسالة  اخترتها من بين رسائل عديدة وصلتني مؤخرا مع حرصي على عدم ذكر اسم الكاتب واسماء اخرى طلب مني اصحابها الكف عن الكتابة عن الانفال وحلبجة والكيمياوي وماساة شعبي ..نعم هذا الشعب الذي لايزال يطارده شبح الموت البعثي…..! حيث يقول صاحب الرسالة  :

”  بصراحه وجدت فعلا انك تعاني من مشكله او عقده اسمها كيماوي وانفال وانت تعرف وكثيرين يعرفون ايضا حقيقة هذه القصه وهي عموما طواها عالم النسيان ومات فيها الضحايا ومات الجلادون وعلى هذا الاساس انا انصحك بأن تتوجه وتبحث عن موضوع جديد وجماليات جديده فأنت فنان والمفروض تكون رسالتك الفنيه ممتعه وغنيه بالفائده للناس فأنا اعيش في الغرب وفي احدى الدول الغربيه واعرف تماما كيف تفكر انت ، وكيف تعيش انت وبعض الاخوه الاكراد … تعيشون على عزف هذه السيمفونيه لتشحذون وتستجدون عواطف الغربيين الاغبياء الذين لايعرفون واقع الامر وستبقون الى الابد تتباكون وتتظاهرون بأنكم مظلومون وضحية للنظام السابق وعلي كيماوي وصدقني يا شمال ان لا احد يصدق بقصتكم هذه الاّ الناس الاغبياء والسذج ويعطفون عليكم ويمنحونكم الفرص للعيش وللوظائف ولكن الى متى الى متى ياشمال يافنان وياشاعر وأنت تعرف جيدا بأن لديكم في القيادات الكرديه من هو اتعس بكثير من علي كيماوي وهم يتربعون على عرش قيادتكم منذ عقود طويله ويمتصون دمائكم وخيراتكم … متى ستصحون من هذه الغفوه الطويله وتتخلصون من عقدكم الكرديه لتنالوا احترام الاخرين وليس عطفهم …..”

وهنا لابد ان اٌذكر صاحب الرسالة وكل من يدور في فلكه باني سوف اكتب …اكتب ثم اكتب والى اخر نَفَسٍ من نفسي كضحية من ضحايا الانفال ـ الابادة الجماعية  ـ وكشاهد  على اكبر جريمة عرفتها المنطقة برمتها والتي راح ضحيتها  الالاف من ابناء شعب كوردستان  وقتل عشرات الالاف من المواطنين العزل في حمامات دم بشعة بعد ان اعتقلوا في قراهم الامنة , ودمرت الالاف من القرى والقصبات والنواحي وحرقت  الالاف من البساتين والمزراع لمناطق تعتبر من اهم المناطق الزراعية في كوردستان و في عموم العراق, والتي  تعرت وتكشفت بعض  من هذه الحقائق المؤلمة للعالم اجمع بعد سقوط الصنم وتحديدا اثناء محاكمة  كبار ازلام النظام البائد من مرتكبي الجريمة البشعة . 

حتى يعرف الجميع ومنها الجيل الجديد بان المقابر الجماعية والانفال وحلبجة وتجفيف الاهوار في المنطقة العربية بل وتدمير كل العراق، كلها من مخلفات حزب البعث البائد .. هذا من صلب واجبي الاخلاقي والوطني كشاهد على كل تلك الجرائم التي لاتزال تاثيراتها مستمرة في حصد ارواح الابرياء ….

نعم اكتب كشاهد على كل ما رايته بام عيني من القتل والحرق وجزّ الرؤوس والقتل الجماعي بالاسلحة المحرمة دوليا …. وساسخر جزء من اعمالي الفنية لفضح و إدانة تلك الجرائم التي راح ضحيتها الالاف من الابرياء ليعرف القاصي والداني بشاعة ونهج البعث الدموي في العراق ….هذا من صلب واجبي وساعمل من اجله وبدون كلل .

 

لماذا الانفال مستمرة …..؟  :

1 ـ  ولادات ميتة ومشوهة , اسقاطات متكررة التي هي من مخلفات سموم الانفال :

 اقدم صدام حسين وباشراف مباشر من ابن عمه علي حسن المجيد ، على اجتياح اراضي كوردستان في الثامن والعشرين من شهر اب /اغسطس 1988 , مباشرة بعد وقف الحرب العراقية الايرانية , وحسب كل الوثائق الموجودة والتي صدرت من قبل النظام البائد، تثبت بان النظام ووفق خطة كيمياوية استهدف ليس فقط ابادة اكبر عدد من سكان كوردستان العراق بل ايضا حاول بكل الاساليب ان يدمر  البنية التحتية و ان يلوث  البيئة الجبلية النظيفة  بالسموم والمبيدات ويفكك العائلة الكوردستانية لتبقى اثارها الى امد طويل والى ابعد الحدود ….. وفعلا نجح الكيمياويون في تطبيق خطتهم الدموية تلك …. واليوم نرى بان اثار الدمار البعثي شاخصة على المجتمع الكوردستاني والبنية التحتية والمنشأت الخدمية وغيرها رغم مرور سنوات على تلك الجرائم ………….

واثبتت التقارير الطبية المحلية والدولية تفاقم معاناة الامومة الكوردستانية نتيجة تاثير السموم والمبيدات القاتلة عليها والتي استخدمت بشكل منهجي بعد ان صارت كوردستان العراق مسرحا كبيرا للجريمة من قبل النظام البعثي البائد …نعم السموم التي يفتك تاثيرها  الى اليوم وبعد 23 عام من استخدامها عليهم , حيث يبلغ اليوم  معدل الوفيات بين الحوامل اعلى مستوى له في تاريخ كوردسان الحديثة بالاضافة الى الإسقاطات المتكررة , العقم , ولادات مشوهة وميتة ومشاكل صحية كثيرة اخرى تفتك بالعائلة الكوردستانية ، كالسرطان وامراض الجلد والربو بالاضافة الى الامراض النفسية التي سببتها كارثة الانفال ـ الابادة الجماعية ـ  وماساتها  من الانتظار والترقب  والتي سمع العالم بعض من محاور احداثها البشعة عبر افادات الشهود والضحايا …(راجع  ملف المحكمة العراقية الجنائية العليا في قضية الابادة الجماعية ـ الانفال ـ راجع شهادة )تيمورالانفال( الناجي من مقبرة السماوة الجماعية   ) .

2 ـ التلوث البيئي في كوردستان :

بعد ان اصبحت كوردستان مسرحا للجريمة استخُدم في ابادة شعبها كل انواع الاسلحة المحرمة دوليا بما فيها السلاح الكيمياوي القاتل والمبيدات والقنابل الفسورية والعنقودية والنابالم بالاضافة الى الالغام ورغم كل الجهود التي تبذل من قبل المنظمات الدولية لازالتها الا انها تبقى عائقا كبيرا امام المواطن الكوردستاني في تحركه في  مناطقه التي سميت بالمناطق العسكرية المحرمة  ( راجع افادة المعدوم علي الكيمياوي ) ………ومن خلال دراسات محلية ودولية  اجريت في السنوات الاخيرة تبيّن بان الاطفال والنساء والشيوخ  هم الشريحة الاكثر تضررأ من الظروف البيئية والصحية الملوثة , حيث تتصاعد معدلات وفياتهم يوم بعد يوم ).  ( راجع الدراسات والتقارير الطبية من قبل وزراة الصحة ووزارة الشهداء والمؤنفلين وكل الجهات المعنية في الاقليم).

نعم رغم مرور اكثر من 23 عام على الانفال لاتزال طاحونتها المدمرة التي تعمل بدماء ودموع الابرياء  تدور وتدور وتدور لتسحق المزيد من الضحايا  وان اثارها الراهنة والمستقبلية ستبقى شاخصة وقوية على ارض الواقع رغم كل المحاولات لايقافها من اجل انقاذ ضحايا الابادة الجماعية ………

 

3 ـ الانفال فككت ودمرت العائلة الكوردستانية :

بعد ان عين الكيمياوي علي وبقرار من مجلس قيادة الثورة في 29 / 3 / 1978 لتمثيل القيادة القطرية للحزب البعث البائد ولمجلس قيادة الثورة المنحل في تنفيذ سياستها في عموم المنطقة الشمالية وبضمنها منطقة كوردستان ( راجع الكتاب الصادر من مجلس قيادة الثورة المرقم ( 160 ) والصادر في 29/ 3 / 1978  بتوقيع من صدام حسين ) قام الكيمياوي وبخطة مدروسة ومنهجية ، كُشف عنها بالتفصيل في جلسات المحكمة الجنائية العراقية العليا في قضية الانفال والتي تم تنفيذها بدقة  بهدف  …… تفكيك العائلة الكوردستانية وشلها نهائيا  ..

حيث تم تهجير العوائل في حملات عسكرية قسرية منظمة من مناطقهم التي سكنوا فيها منذ الاف السنين … و ضربت لاحقا  بالسلاح الكيمياوي  وقصفت بالمدفعية بشكل اجرامي لا مثيل له بين فينة واخرى ، و اصبحت في قاموس البعث من المناطق المحظورة و اعلن عن كونها ( مناطق عسكرية يمنع الوصول او الاقتراب منها ) …. وذالك ايضا للحد من تحرك قوات البيشمركة التي اتخذت من جبال و وديان كوردستان العراق معاقل لها نتيجة القمع والارهاب الصدامي  ( راجع الكتاب الصادرمن مكتب تنظيم الشمال في 20/6 /1978 / م/ التعامل مع القرى المحظورة امنيا )  , حيث تم تهجير العوائل الى  (مجمعات سكنية ) شبيهة  بمعسكرات اعتقال  النازيين … والتي تم بناءها في عموم مناطق العراق وتم حشر العوائل الفلاحية من النساء والاطفال  فقط فيها  بعد ان ارسل الرجال ( الذكور ) الى المسالخ  البشرية في نكرة السلمان وقلعة نزاركي في الدهوك , ومسلخ طوبزاوة  ومسالخ كثيرة اخرى ………

لقد افتقرت هذه المجمعات القسرية الى المراكز الصحية والمدارس كما افتقرت الى ابسط متطلبات الحياة من الكهرباء والماء الصالح للشرب , نعم فهذه المجمعات عطّلت فيها الحياة وشلّت فالبطالة المتفشية سببت المشاكل الاجتماعية والنفسية لتلك العوائل التي تعرضت للكثير من الامور التي اضافت تعقيدات كثيرة اخرى على وضعهم الماساوي  بشكل عام  وخاصة بعد ان تم القضاء على رب الاسرة ومعيلها الاول ,اما الاطفال فلجأوا الى العمل كباعة متجولين في الاسواق والشوارع العامة والكراجات بشكل سري وفي مجمعاتهم القسرية من خلال اكشاك مصنوعة من التنك والصفيح …..حيث ضاعت طفولتهم بين بساطيل الجنود  والسلاسل والأسلاك الشائكة لمجمعاتهم القسرية ………. ولحد الان تقف اثار تلك المجمعات المخيفة باقية في مكانها كشاهد على وحشية النظام البائد … اما النساء والشابات  اللواتي بقين على قيد الحياة  فمازلن ينتظرن ازواجهن وابنائهن واحبائهن الذين اعتقلتهم روبوتات النظام البائد وارسلوا الى المحرقة ليدفنوا هناك احياء بفرمان الكيمياويين في عام الانفال  ………

لقد عثرعلى وثيقة رسمية صدامية  في مدينة ( كركوك )  بعد سقوط الصنم صادرة من مخابرات المدينة نصّت على صدور اوامر من (القيادة السياسية ) بارسال 18 من الفتيات الكورديات  المحجوزات اللواتي   تتراوح اعمارهن بين( 14 – 29 )، الى الملاهي و النوادي  الليلية لجمهورية مصر العربية، اللواتي اختطفن اثناء عملية الانفال السيئة الصيت من قبل ازلام النظام البائد… (راجع الكتاب السري العدد/ 1609 ,  الصادر في عام 1989 والتي قدمت الى المحكمة العراقية الجنائية العليا في قضية الانفال ) .

 

4 ـ حقول الالغام الارضية في كوردستان ـ طاحونة الموت المستمرة  :

 أظهرت إحصاءات دولية أن أعداداً كبيرة من الألغام والمتفجرات توجد في المناطق الريفية في كوردستان العراق، حيث يقدر عدد الألغام المزروعة بأكثر من عشرة ملايين لغم حسب إحصائيات الأمم المتحدة.  وبالرغم من ان  مؤسسة شؤون الألغام في إقليم كردستان تابعة لمجلس وزراء الإقليم ،  و جرى تأسيسها عام 2005 للعمل على إزالة ملايين الألغام المزروعة و هي تعمل بمساعدة المنظمات الدولية ، ولاتزال تعاني من وجود الالاف من تلك الحقول المدمرة والتي تنتشر في عموم مناطق الاقليم الجبلية ,و حسب آخر مسح أجرته المؤسسة تبين وجود (2039 )حقل ألغام في إقليم كردستان العراق بينها حقول تغطي مساحة ألفي متر مربع. وان اهم المشاكل التي تواجه عمل المنظمات هي عدم وجود خرائط لتلك الحقول ومن المتوقع بان النظام البائد قد اتلف جميع الخرائط لتبقى هذه المناطق شبحا يطارد كل من يقدم اليها …..ويقدر المختصون في شؤون رفع الالغام بان مشروع تطهير الحقول من هذه الافة في اقليم كوردستان يحتاج الى اكثر من مئة عام .

لكشف الحقيقة ومعرفة مشكلة تلك الحقول المدمرة التي لاتزال تفتك بالمواطن الكوردستاني وتعيقه عن الرجوع الى قريته التي لايزال يهيمن عليها شبح الموت وتسيطر عليها طاحونة الموت ـ الالغام الارضية ـ ارجو الاطلاع على هذا الرابط لمعرفة المزيد من الحقائق المصورة ….
http://www.arabkurd.com/video.php?id=43

 الهولوكوست والانفال  وجهان لعملة واحدة  :

 الهولوكوست هو مصطلح استخدم لوصف الحملات المنظمة من قبل حكومة ألمانيا النازية وبعض من حلفائها لغرض الاضطهاد والتصفية العرقية لليهود في أوروبا أثناء الحرب العالمية الثانية وان كلمة هولوكوست هي كلمة مشتقة من الكلمة اليونانية holókauston،  والتي تعني “الحرق الكامل للقرابين المقدمة لخالق الكون”.

أول مرة استعملت فيها كلمة هولوكوست لوصف طريقة معاملة هتلر لليهود كانت في عام 1942 ولكن الكلمة لم تلق انتشاراً واسعا لحد الخمسينيات، ومع السبعينيات أصبحت كلمة هولوكوست تستعمل حصرياً لوصف حملات الإبادة الجماعية التي تعرض لها اليهود بالتحديد على يد السلطات الألمانية أثناء هيمنة الحزب النازي بقيادة أدولف هتلر.

اما الانفال  هو اسم لحملات  التصفية المنظمة من قبل الحزب البعث العربي الاشتراكي السابق ـ الذي يحاول العودة للحكم بواجهات متعددة كحزب العودة الحالي ـ …… لغرض ابادة وتصفية الكورد والتي استخدمت فيها جميع انواع الاسلحة بما فيها السلاح الكيمياوي لابادة اكبر عدد من سكان كوردستان المدنين في اغسطس 1988 بعد اسابيع من ارتكاب مجزرة ـ حلبجة ـ المدينة الكوردية ، التي ضربها النظام البعثي بالاسلحة الكيمياوية واباد فيها اكثر من خمسة الاف مواطن كوردي  ( راجع ملف حلبجة ـ وقرارات المحكمة العراقية الجنائية العليا ) , و كلمة الانفال تعني الغنائم وماخوذة من سورة الانفال ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) ,  حيث كان المسلمون بعد انتصارهم  يختلفون على  كيفية  توزع الغنائم عليهم والله تعالى اراد ان ينبههم إلى أن الغنائم هي من الدنيا والاختلاف عليها خلاف على الدنيا. سياق الآيات في السورة يعطي أنها نزلت بعد وقعة بدر، و هي تقص بعض أخبار بدر، و تذكر مسائل متفرقة تتعلق بالجهاد و الغنائم و الأنفال و نحوها، و أمورا أخرى تتعلق بالهجرة و بها تختتم السورة …… اختيرت كلمة الانفال من قبل صدام المعدوم شخصيا ……

وذكّر .. ان نفعت الذكرى :

نقرأ في كتب التاريخ  بان  الحرب العالمية الثانية بدأت عام 1939م. وفي التاسع من إبريل 1940م غزت القوات الألمانية الدنمارك، واستسلم الدنماركيون وسمح الألمان للحكومة بالاستمرار في الحكم مادامت تلبي مطالبهم. ولكن مع تطور المقاومة ضد الألمان ونسفها للمصانع ووسائل النقل، تولت ألمانيا حكم البلاد في أغسطس 1943م.

وفي سبتمبر عام 1943م نظم الدنماركيون مجلس الحرية السري لقيادة حركة المقاومة. وفي الخامس من مايو 1945م بعد سقوط ألمانيا دخلت جيوش الحلفاء إلى الدنمارك واستسلم الألمان الموجودون هناك , ولحد يومنا هذا يستذكر الدانماركيون وبكل فخر واعتزاز ضحاياهم  ممن سقطوا في مواجهة القوات الغازية الالمانية وكل الذين  سقطوا في المعسكرات النازية القسرية في الدانمارك وخارج الدانمارك وخاصة الاطفال والنساء والشيوخ …

ولا ننسى بان الهولوكوست وبشاعة النازيين قد ادخلت في المناهج الدراسية في عموم البلاد ……… ولحد يومنا هذا تقام سمينارات وكونفرنسات واجتماعات دولية وبمشاركة جميع الدول المتحضّرة حول مجازر النازيين بحق الشعب الدانماركي والشعوب الامنة الاخرى واخذ الدروس والعبر منها ولاعلان بشاعتها للاجيال الجديد….وهناك  اهتمام كبير من قبل   الحكومة الدانماركية بالمحاربين الدانماركيين القدامى الذين قاوموا النازية  حيث  تنظم زيارات من قبل المدارس من المراحل الاولية الى المراحل المتقدمة في يوم التحرير من النازية لزيارة متحف الحرية و تماثيل لابطال قاوموا النازية وتركوا بصماتهم في التاريخ ……. والجدير بالذكر  بان  الدستور الدنماركي والذي يسمى (Grundloven) يعاقب على أي تصرف عنصري باعتبار أن المواطنين متساوون أمام القانون …. كباقي دساتير الدول المتحضرة الاخرى على سبيل المثال فرنسا: حيث يمنع القانون الفرنسي أي كتابة أو حديث علني من شانه أن يؤدي إلى حقد أو كراهية لأسباب عرقية أو دينية ويمنع أيضا تكذيب جرائم الإبادة الجماعية ضد اليهود من قبل النازيين

اما في القانون الاساسي الالماني  والذي يسمى( Grundgesetz  ) فإنه يرسم حدوداً مماثلة للقانون الفرنسي و  يمنع خطابات الكراهية ضد العرق و الدين والميول الجنسية إضافة إلى منع استعمال الرموز النازية مثل الصليب المعقوف   …………

الدستور العراقي الجديد والمادة الحادية عشر  :

جاء في المادة الحادية عشر من الدستور العراقي الجديد والذي صوتت له اكثرية الشعب العراقي :  يحظر فكراً وممارسة تحت أي مسمى كان كل فكر يتبنى العنصرية والتكفير والإرهاب (أو يحرض أو يمجد أو يمهد أو يروج له) وبخاصة البعث الصدامي ولا يجوز أن يكون ذلك جزءاً من التعددية السياسية في الدولة.

والمضحك المبكي هو ان كثير من البعثيين والصداميين الذين شاركوا (ابطال)  الانفال وحلبجة والاهوار وقتل المدنيين العزل في عموم انحاء العراق ليسوا فقط احرارا بل يشاركون اليوم في الحكم ويهددون ويشددون الخناق على ابناء الشعب العراقي بشكل عام ولاداعي لذكر الاسماء لانها تحتاج الى كتاب !! ومنهم من تسلق الى اعلى سلطة في الحكومة العراقية الجديدة ومنهم من عين في المجلس الوطني ومنهم من استلم ملفات حقوق الانسان ومنهم اصبح عضوا في  مجلس النواب  ………..

 

اعتذار انجيلا ميركل :

وضعت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل لدى زيارتها اسرائيل اكليلا من الزهور على النصب التذكاري لضحايا المحرقة ـ الهولوكوست ـ التي ارتكبتها المانيا النازية ضد اليهود وقالت وهي واقفة بخشوع امام النصب  : اعرب عن خجلي الشديد  باسم الحكومة والشعب الالماني عن هذه الجريمة النكراء ……………

نعم فان ذكر هذا الموضوع يعنينا نحن ضحايا القمع والاضطهاد والقتل المجاني في العراق ـ بدءأ بالكورد الفيلية وانتهاء بالانفال ـ الابادة الجماعية ـ لانه فعلا نرى اليوم  في عراقنا الجديد ان الاقوال تخالف الافعال ـ فعلى صعيد الدولة العراقية وخاصة بعد اقرار الانفال بالابادة الجماعية من قبل المحكمة العراقية الجنائية اقر ايضا مجلس النواب العراقي مجازر الانفال بالابادة الجماعية وبالاجماع ولكن على ارض الواقع نرى العكس تماما حيث نرى اعفاء وبالاجماع للمشمولين بالاجتثاث ـ في المجلس الوطني العراقي المنتخب من قبل الشعب اي من قبل ممثلي الشعب ….!

نعم نرى وبكل اسف اعفاء مطلوبين للعدالة  العراقية وبالاجماع من ( ادعياء الديمقراطية الجدد )  ـ و كذلك غيرهم من اقطاب النظام البائد من الكيمياويين القتلة باعتبارهم مجرمي حرب ومرتكبي جرائم ضد الانسانية ……….في حين لايجوز لأحد او ليس لاحد حق منح العفو عن المجرمين …..نعم لايجوز لاحد وحسب كل القوانين والاعراف الدولية والشرائع السماوية طلب الصفح ونسيان الماضي الاليم وكما ليس لاحد الحق ان يتستر عن المعاناة الحقيقية للشعب ….

نعم لايجوز لاحد  ان يكفر عن ذنوب المجرمين والمطلوبين الذين شاركوا كبار  النظام البائد  في جرائمه التي لاتعد ولا تحصى …….. فما زال اهالي الضحايا ينتظرون ان يروا المجرمين  في قفص العدالة العراقية  نتيجة ما ارتكبوه من الجرائم البشعة بحق الشعب والوطن … ويطالبون ليس فقط بمنع  وحظر حزب البعث في الحياة السياسية بل أيضا بمعاقبة  تكذيب جرائم الإبادة الجماعية ضد القوميات و الأديان و الطوائف الثانية  العراقية  من قبل البعثيين .

لم يبقى لي الا ان اقول لكل من يهمه الامر بعد هذه السرد المتواضع والمختصر عن بعض  الحقائق وفي مقدمتهم كل الذين طلبوا مني ان اكف عن الكتابة عن الانفال وحلبجة  التي لاتزال تنزف السم ..نعم لكل الذين يطلبون مني الكف عن الكتابة عن جرائم ومخلفات البعث والبعثيين الذين دمروا العراق وقضوا على  القيم والاخلاق ولوثوا وطننا  الجميل بالسموم والمبيدات وقتلوا المدن وفجروا الينابيع وحرقوا  الاشجار وزرعوا القنابل والالغام حتى داخل القلوب  …

هل يمكن فعلا لمجزرة الانفال ان يطويها النسيان ؟ اليس البعث وازلام النظام البائد ممن ارتكبوا جريمة محاولة ابادة الشعب بكامله لايزالون يشددون الخناق على ابناء الشعب ؟ اليس هناك مجرمي الانفال الذين شاركوا كبار روبوتات البعث السابق و تلوّنوا بمختلف الألوان ـ من حزب العودة الحالي الى التخفي بشعارات الإسلام و الطوائف  ـ جاثمين على صدور ابناء الشعب بعد هذه السنوات المريرة من المعاناة الانسانية التي لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلا ؟  ماذا عن اكبر حقل الغام في العالم العربي ؟ اليس شبح الموت مخيم على قرى وبساتين ومزارع كوردستان ؟ كيف نستطيع ان نسكت عن ضحايا الذين لايزالون ينتظرون ان يروا رموز النظام البائد في محاكم الشعب لينالوا جزاء ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب والوطن ؟

اخيرا اقول …… رغم المي وتاثري  الشديد حول ما يجري في المنطقة العربية التي تعاني الآن من الأرهاب و العنف و الطائفية … الا ان الأنفال كجريمة ابادة جماعية لايمكن ان تنسى …….فللأنفال ماساتها والامها التي لا تنتهي ………………………..

نعم ….لااكتمكم سرا باني ترددت كثيرا قبل الشروع في كتابة هذه المقالة  بسبب قناعتي في عدم جدوى ما اكتبه من الحقائق كشاهد على جريمة العصر ( الانفال )لأناس فقدوا القدرة على التفكير بموضوعية و واقعية ..نعم اناس لايزالون  يتعاملون معنا نحن الضحايا بروحية الجلاد الذي لايزال  يشدد الخناق على الضحايا في عراق يقال انه ديمقراطي فيدرالي موحد !!!

ولكن كما يقول المثل ….نذكّر فلربما تنفع الذكرى .

 

*شاهد على جريمة الابادة الجماعية ـ الانفال ـ

         

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *