لا تقتلوا ابناءنا لا تسلبوا اموالنا لا تنتهكوا اعراضنا هذه امنيات المسيحيين عام 2011

habeebtomi@yahoo.no

تسارع وتيرة الأحداث الأرهابية والدموية بحق شعبنا الكلداني وبقية المكونات المسيحية والدينية من اتباع الديانات غير المسلمة ، لم تترك لنا مجال للتفكير في الأمنيات الشخصية او الأجتماعية او السياسية لتحقيقها في العام الجديد ، ففي كل المجتمعات البشرية البدائية والمتقدمة ، الغنية والفقيرة ، المتعلمة والأمية ، المتدينة واللامتدينة .. كلها تتمنى في العام القادم الجديد ان تحقق بعض الأمنيات التي لم تتحقق في العام المنصرم .

 

 لكن نحن الكلدانيون وبقية المسيحيين في هذه البلاد التي نشكل السكان الأصليين ، نسعى اليوم الى تحقيق الحد الأدنى من حقوق الأنسان ، فالأنسان الكلداني وبقية المسيحيين في وطنهم يسعون الى الأعتراف لهم بحق الحياة وعدم تصفيتهم بالعمليات الأرهابية ، والى الأحتفاظ بممتلكاتهم بعيداً عن عمليات التزوير والنهب والسلب والأستيلاء والأبتزاز وعمليات قطع الأرزاق ، ومن ثم وهو الأهم عدم هتك الأعراض  بخطف النساء والأعتداء على الأعراض .

إنه خارج السياق الطبيعي ان يفكر الأنسان بالحقوق القومية واللغوية والسياسية وهو داخل غابة يسود فيها قانون الذئاب المفترسة .

في هذه الغابة يعيش اصحاب الديانات غير الأسلامية في الوطن العراقي الذي نسي فيه العرب المسلمون ، ان ليس جميع العراقيين عرباً وليس جميع العراقيين مسلمين . وهذا ما خلق أشكالية في الوطن العراقي بالنسبة للاقليات الدينية والعرقية ، وهي إضافة الى القوانين التي تستمد شريعتها من الديانة الأسلامية ، وفيها تهميش بشكل كبير لمعتقدات الآخرين ، وهذا التوجه الديني العام يلقي بضلاله بشكل كبير على المجتمعات الأسلامية ، فنلاحظ عنف مجتمعي بحق المكون اليهودي والمكون  المسيحي في هذه الأصقاع ، علماً ان المكونين  الدينيين اليهودي والمسيحي هما قبل نشوء الدين الأسلامي في هذه الديار  .

كانت الوصايا العشرة واضحة وصريحة ومختصرة  لا تحتاج الى تأويل وعلى اسسها بنيت اسس الأديان السماوية اللاحقة مفاهيمها الأخلاقية والأنسانية والأجتماعية ومن هذه الأديان  المسيحية والأسلامية وفي مقدمة تلك الوصايا :

لا تقتل . لا تسرق . لا تزن .  وكل الأديان السماوية والطبيعية تؤمن بحق الأنسان في الحياة وبحقه في ممتلكاته وبحقه في صيانة شرفه ، وفي  مشروعية الدفاع يحق للأنسان ان يضحي بحياته من اجل ماله او دينه او شرفه . وفق تلك الذهنية التي تعتبر تلك الوصايا مسائل جوهرية انسانية لا خلاف حولها ، كان هنالك مشروع عراقي مبني على مبدأ التعايش بين مكونات الشعب العراقي الدينية ، بين المسلم والمسيحي واليهودي والصابئي والأيزيدي مع هيمنة ذهنية للتفوق العنصر الأسلامي في المجتمع الذي يتقبله الأخرون ولو على مضض ، بحيث ان الشاعر جميل صدقي الزهاوي يكتب شعراً يقول فيه :

 عاش النصارى واليهود ببقعة                    والمسلمون جميعهم إخوانا

إن هذا الواقع رسخة الحكم الملكي الوطني بجهود الملك فيصل الأول الذي عمل من اجل الوطن العراقي بكل اخلاص ، لكن ينبغي ان لا ننسى وقع وتأثير الخطاب الديني المشحون بالكراهية وبالويل والثبور وعظائم الأمور وبحرق الزرع وبقطع النسل وخراب الديار للنصارى واليهود . هذا الخطاب اليومي منذ 1400 سنة يجعل من بعض المسلمين كخلايا نائمة تنهض حالما تحين الساعة  ، ففي الاول من حزيران من عام 1941 حينما كان غياب الحكومة الشرعية ( نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق ملحق مير بصري ص323 ) لبضعة ايام أغار الرعاع من الشعب وحتى من الجنود والشرطة على محلات اليهود وبيوتهم في بغداد فقتلوا ونهبوا خلال يومين فكان عدد القتلى 130 والجرحى 450 وجميعهم من اليهود .

اليهود كانوا اغنياء فوقفت الدول الأوروبية وامريكا وعصبة الأمم ومن ثم الأمم المتحدة الى جانبهم فشكلوا لهم دولة اسرائيل بجوار العرب وأصبح لهم ملاذ آمن ، بل اصبح لهم دولة قوية تتحدى اقوى الدول في المنطقة ، لكن ماذا عنا نحن الذين لا نملك شروى نقير ؟ ولا نحصل سوى تمنيات بالسلامة وكلمات الرأفة والرحمة ، ولا قوة دولية تقف الى جانبنا ، ولا حكومة تستطيع حمايتنا ( وربما تستطيع لكنها راضية عما يجري امامها ، والله اعلم ) ، ولم يتيسر امام هذا الشعب المسكين سوى الفرار نحو قارات الأرض وترى عائلة مقسمة الأوصال فالزوج والزوجة في امريكا والبنت في استراليا والأولاد في الدول الأروبية والأخ في العراق .. وهلم جراً .

اليوم وفي هذه الساعة التي تجتمع الأسر في انحاء الأرض على المحبة لكي تودع هذه السنة وتتهيأ لاستقبال عام جديد عام 2011 نقرأ على موقع عنكاوا خبراً خارجاً عن سياق جوهر الحياة والعلاقات الأنسانية والذي يفيد :

( افادت مصادر موقع “عنكاوا كوم” في بغداد ان احد العبوات الناسفة التي انفجرت امام منزل عائلة مسيحية في منطقة الغدير في العاصمة العراقية بغداد، ادت الى مقتل شخصين واصابة اخرين بجراح فيما لم يسفر انفجار العبوة الاخرى عن اصابات تذكر.
وقالت المصادر ان عبوة ناسفة انفجرت في احد احياء حي الغدير لكنها لم تسفر عن اصابات فيما اوقعت العبوة الثانية التي انفجرت في الحي المجاور الى مصرع شخصين مسيحيين واصابة اخرين بجراح ) .

هذه هي الغابة العراقية ، ففي كل المدن والقرى وحول العالم وعلى اختلاف اديانهم ومذاهبهم يحتفلون ويتعانقون ويشعلون الشموع والأنوار ، ويسكبون كؤوس المحبة ويزرعون شتلات التسامح والتعايش والوئام ، وفي الغابة العراقية ، التي يسرح فيها الذئاب المفترسة ، تزرع عبوات ناسفة في بيوت المسيحيين وتفجرها بمن فيها .

 وفي كل الكون يقولون : لا تقتل ، وفي الغابة العراقية يقولون اقتل لكي تربح الجنة .

 وفي كل الأديان يقولون الكنائس هي دور العبادة والصلاة والخشوع وفي الغابة العراقية يقولون ان الكنائس يجب ان تفجر بالمصلين وحتى الطفل الذي يستنجد وهو يبكي في كنيسة سيدة النجاة فيُسكت بكاؤه وصراخه بطلقة في قلبه ، ومع تلك الرصاصة يرتفع دعاء الله اكبر .

 لقد اختلطت الأمور بعد ان اصبح قتل الناس طريقاً لدخول الجنة .

 والحكومة المنتخبة تقف متفرجة على هذه المأساة ، وهذه هي المأساة بعينها .

 حبيب تومي / اوسلو في 31 / 12 / 2010

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *