كيف نخدم اللاجئين في إقليم كوردستان ؟     

 

 

عدد اللاجئين يزداد بإستمرارفي إقليم كوردستان الذي يتصف بأمانه بكونه الحضن الدافئ للجميع دون استثناء، بل أصبح عددهم يفوق المليون في إقليم صغير ذي إمكانيات محدودة من ناحية البنية التحتية التي قد لا تكون كافية في استقبال هذا العدد الهائل من اللاجئين الذين تدفقوا في غضون الأشهرالسابقة ، ولكن الامر مثير أيضا للاهتمام والدراسة وخصوصا في هذه الظروف العصيبة التي نحتاج فيها الى تخطيط محكم واياد مبدعة لاحتواء هذه المصاعب الطارئة بشكل مبرمج .

وكما يقال “مصائب قوم عند قوم فوائد”، فمنذ بدأ تدفق اللاجئين الى الإقليم، لاحظت ظاهرة غريبة على الشبكات الاجتماعية، وهي الصور التي يلتقطها البعض مع هؤلاء ، فبين فينة واخرى تذهب شخصية مشهورة او منظمة إنسانية او حتى أناس عاديون الى مخيماتهم ليلتقطوا صورا مع أطفال في أوضاع مزرية وملابس وسخة وشعر أشعث ويضعونها على الشبكات الاجتماعية. الامر في البداية كان مثيرا للاهتمام لجذب انتباه الرأي العام لما يحدث من مآس في هذه المنطقة، بل ودفع الناس وتشجيعهم على مد يد العون من خلال جمع التبرعات والمساعدات، ولكن الامر بات مزعجا الآن، إذ لا أجد أي معنى لهذه الصور، صور تنم فقط عن سطحية الأشخاص الذين يقومون بهذه الأعمال وكأنهم يرغبون في القول “نحن أكثرإنسانية من الاخرين “…

وفي الوقت نفسه فهم يهمشون مبادرات المواطنين الطيبين الذين قاموا تلقائيا بجمع المفروشات والكساء والغذاء لهؤلاء الناس، او جهود بعض الفنانين الذين قاموا بأعمال فنية ومسرحية لأطفال المخيمات من اجل إعادة الابتسامة إلى وجوههم، او بعض المنظمات التي تساهم فعليا في المساعدة لايواء النازحين وإستيعاب بعض من ازماتهم .

الامر ذكرني بطلابي الذين يسافرون في العطل الصيفية كل عام الى الدول الافريقية وعلى حسابهم الخاص من اجل إقامة مخيمات صغيرة للأطفال مجانا وتعليمهم كيفية استخدام الكومبيوتر بعيدا عن وسائل الاعلام ودون أي اثارة أو ضجة على الشبكات الاجتماعية، او الأساتذة الذين يرحلون الى الدول الفقيرة ويدرسون في جامعاتها تطوعا دون مقابل ..الخ           

 نحن بحاجة الى وحدة مركزية نزيهة لشؤون اللاجئين والمهجرين تكون كل المنظمات التي تعنى بشؤونهم تحت إشرافها ويجب ان تراجعها وتستشيرها قبل القيام باي عمل، فاللامركزية في إدارة هكذا أمور قد تدفع الى الفوضى كما حصل لدى هطول الامطار الغزيرة عليهم في مخيماتهم التي هوت مع اول قطرة مطر، فهل كانت هنالك منظمة او وحدة إغاثة تهيأت للامروتحوطت أو انذرتهم بان امطارا غزيرة ستهطل ؟، حيث يمكن التنبؤ بهذه الأشياء من خلال استشارة الأنواء الجوية لمعرفة توقعاتها بهذا الصدد .

 ترى كيف يتم التواصل بين هؤلاء اللاجئين والمنظمات الإنسانية لمعرفة مشكلاتهم ؟هل يتم ذلك من خلال زيارات منفردة من وقت الى آخر ؟وكيف يتم تشخيص المرضى جسديا ونفسيا، أمن قبل اطباء مختصين ينتدبون لهذا الغرض ؟وهل هنالك فرصة للأطفال للذهاب الى المدارس او حتى إقامة مدرسة في المخيم ؟ وما هي وسيلة الاتصال بين المنظمات الإنسانية واللاجئين ؟ وكيف تساهم المنظمات في  إيصال ما يهمهم من اخبار؟ وما هي ردود فعل المنظمات عند حدوث امر ما في المخيمات مثل ضياع طفل ؟ وهل بإمكانها التدخل سريعا في الامر ومعالجته ؟

أمور يمكن حلها من خلال تقنيات الاتصالات والشبكات اللاسلكية التي لا تتطلب جهودا كبيرة او أموالا طائلة، فيمكن انشاء شبكة لاسلكية داخلية في المخيمات مثل الواي فاي وهذه الشبكة المحلية تؤمن الاتصال ما بين اللاجئين انفسهم وبين المنظمات ان لزم الامر، اما كيفية الاتصال، فمن خلال أي جهاز” تلفون” متصل بالواي فاي أي ان يرسل رسالة..الامرلايحتاج ان يكون للفرد أي رصيد هاتفي. تستطيع المنظمات ان تبني تطبيقات بسيطة، هذه التطبيقات يمكن ان تكون عبارة عن لوحة فيها ازرار وكل زريرمز أويعبرعن شيء ما، فعلى   سبيل المثال هنالك زر الاتصال بالمنظمة، او زر للطوارىء ، او زريشير الى مستشفى. الخ من أمور لا تتطلب إلا كبسة زر بسيطة        ومن ثم نقل المعلومات الى المنظمة المركزية لتقوم بالتدخل..اما المنظمات المشار إليها فيمكنها ان ترسل رسالة جماعية الى الجميع، من خلال ارسال رسالة صوتية تنبههم بقدوم طبيب او اطباء أو وصول مساعدات ..الخ

الامر الثاني، هو في حالة عدم معرفة كيفية التواصل مع المنظمات من خلال شبكات الواي فاي هو ان يتم ادخال أجهزة استشعار في أي هاتف تلفوني، وعند وقوع أي حادثة ، تقوم أجهزة الاستشعار تلقائيا ومن دون تدخل المستخدم بالاتصال مع بعضها مستخدمة شبكة الواي فاي، ونقل المعلومة من هاتف الى آخر كي يتم ارسال إنذار الى مركزالمنظمة المعنية لإشعارها بمضمون الرسالة  ونوع الحدث، لذا يجب ان  تتم برمجة هذه الأجهزة للتعرف على طبيعة الحدث كي ترسل الرسالة المناسبة وبوضوح .

فالاتصالات ان استخدمت بشكل جيد يمكن ان تنقذ الأرواح والممتلكات، والمتطلبات ماهي الا الأجهزة المذكورة والتي تقاوم الحرارة والبرودة ونشرها في جميع انحاء المخيم كي يقوم اللاجؤون بإستعمالها ، ومن ثم نصب جهاز تلفوني لكل عائلة وواجب المنظمات السعي   إلى تطبيق هذا البرنامج عبرأجهزة يجب ان تكون سهلة الاستعمال لكي يتم استخدامها حتى من قبل الأطفال، هذه الأجهزة تكون متصلة تلقائيا بالأجهزة الآنف ذكرها كما اسلفنا اي من دون تدخل أي شخص فما على الجهات المعنية إلا شرح كيفية إستخدامها، وهذه الامور التي ذكرنا لا يمكن تحقيقها إلا من خلال المساعدات الدولية والمنظمات العالمية . مع تمنياتنا لاعزائنا النازحين واللاجئين بالعودة السريعة الى مناطقهم وممارسة حياتهم الاعتيادية والتخلص من هذا الكابوس المرعب ..      

 

 د. تارا إبراهيم – باريس                       

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *