كود ” سولي ”       

                                           

عندما يكون هناك تعايش جماعي مختلف، يجب ان يشرع قانون كي ينظمه، وهذا القانون يعتمد على سياق التعايش ونوعه، ومن اجل ان يكون كل شيء واضحا للفرد، يجب منذ البداية اعلامه بكل القوانين لضمان حياة هادئة ومنظمة لكل منهم كي يدركوا ان لكل فعل رد فعل قانوني، أما احترام القانون فهذا امر نسبي يعتمد على الشخص وعلى مدى وعيه وتربيته ..

ومن اهم الميادين التي يجب اعتماد القانون فيها، هومجال التربية والتعليم الذي يعتبر حجرالاساس في بناء المجتمع وتعليم الجيل الجديد كيفية التصرف في المرحلة الدراسية الاولى، من خلال التعامل اليومي مع المعلم او المدرس. وهذا الامر معقد جدا كون المعلم عليه التعامل مع الكثيرين من الاطفال القادمين من بيئات مختلفة ولهم خصائص تربوية متباينة، ويحملون طبائع وافكارا ووجهات نظر ابويه  والتي كبرو عليها، هنا يتحتم على القانون التدخل لحل كل الخلافات او التصرفات التي من شأنها ان تخل بالاتجاه الصحيح لمسارالتربية المثلى في المؤسسة التعليمية.

وبما ان المدرسة الابتدائية او الاساسية هي اول عتبة للطفل في دخوله الى عالم مغايرعن عالمه السابق، يقع على المعلم دوركبيرفي كيفية إيصال المعرفة في مجال التربية والتعليم  لتنشئة الجيل المراد، لذا يجب ان يلم  بالقوانين التي تحدد طبيعة عمله ويتبعه، وواجبه تجاه الطلاب، وان يتمتع بالحيادية ، والتواصل المستمر مع الاباء والامهات بشأنهم، وعلاقته مع زملاء العمل ومديره ، كل هذه الامور يجب تحديدها بدقة من خلال كراس تربوي تعليمي على المعلم ان يتبعه كي يستطيع ان يواجه أي موقف من خلال الرجوع الى الكراس .

  في فرنسا هناك كراس يسمى “كراس سولي” او “كود سولي”، تيمنا بسولي الذي اقترح كتابة الكراس في العام ” “1923 والذي كان يعمل في مجال القانون التعليمي في المؤسسات التربوية، ومن اجل إعطاء فكرة واضحة عن بعض البنود التي يحتويها رمز سولي والاطلاع على الاخلاق المهنية للمعلم والتدريسي، نأخذ بعضا من هذه البنود بنظرالاعتبارلأهميتها :-

  1. تهيئة الانسان :- اول بند من هذه البنود تنص على ان واجب المعلم هو ليس فقط تزويد الأطفال بالمعرفة الأساسية، وتعليمهم القراءة والكتابة والحساب. بل ان واجبه قبل كل شيء، هو تعليمهم وتربية روحهم وتوعيتهم نحو المثل العليا، وتتبع مسار التقدم، وتوسيع الآفاق وتعليم الطالب إتخاذ الإجراءات اللازمة في تنظيم حياته وإعطائه الشعور بالمسؤولية في بناء المجتمع في المستقبل وتطوير شخصيته لحب كل ماهو حقيقي، وحسن وجميل. والتغلب على التحيز، والايمان بالتقدم واطلاق    الحقوق للارتقاء وحب بلادهم و طرد كل الأفكارالتي تحمل الكراهية والتأكيد الدائم على حب الجمهورية.

  2. المدرسة مفتوحة لجميع الأطفال، من دون استثناء، بغض النظرعن الطبقة الاجتماعية، أو القناعات أو المعتقدات؛ ويجب ان تحترم آراء ومعتقدات الجميع، فلا يمكن أن تصبح أداة لمجموعة ما او حزب، أوعقيدة. وان لا تستند إلى أي عقيدة دينية، وبالتالي الالتزام بالحيادية. فتدريس أي عقيدة  بعيدا عن البرنامج إلالزامي يجب ان يكون خارج مبنى المدرسة وخارج ساعات الدوام المدرسي، المعلم يجب ان يتمتع بالحرية في الاعتقاء بالدين اوعدمه، ولكن في حدود الضمير كونه يجب ان يعلم الأخلاق العلمانية، التي من اجلها يجب ان يكونوا هم الدعاة والنشطاء، هذه العلمانية التي تستند على أركان العدل والحرية والتفكر والعلم والإخاء.

  3. المعلم أينما كان يعيش ويعمل فهو رسول التسامح والانفتاح والانسجام. فهو الذي يقيم الروابط الاجتماعية داخل وخارج المدرسة مع الاسر والزملاء والمدراء. فالعلاقة بين المعلم والابوين هي علاقة التعاون الحقيقية في خدمة التعليم ومتابعة الاطفال مع الحرص على علاقة جيدة مع مدير المدرسة لان ذلك امرمهم في منح الاخرين فكرة عن التعاون الحقيقي ضمن المدرسة الواحدة.

  4. المعلم يجب ان يراعي ان لا يكون موضعا للنقد في ملبسه ومظهره وطريقة تعامله مع الطلاب، فعليه ان يظهر لطلابه الشجاعة والكرامة، فالتعليم ليس فقط مهنة بل فن يتدخل فيه شخصية المعلم وطريقته والتواصل الحار، بل وانعكاس لروحية المعلم في الدرس. لذا على المعلم ان يكون صارما مع نفسه في هذه الامور، ويجب ان لاينسى ولو لحظة واحدة انه تحت انظار الجميع وعليه التصرف بكل مدنية.

  5. حب الاطفال:- الطلاب سوف ياتون الى المدرسة ان شعروا بحب المعلم لهم وهذا هو شعور نبيل يجب ان يشعر به المعلم تجاه طلابه ويمنحهم كل ما لديه من طاقة وحيوية لاسعادهم، فهو عندما يختار مهنته، عليه ان يعرف مسبقا ان تعامله سيكون حصريا مع الاطفال وانه قبل بهذه المهنة كونه يعرف ما هيتها، وعليه التعامل معهم دون اي فرق وتمييز لكي يصنع منهم جيلا رائعا للمستقبل.

والكثير الكثير من البنود التي ينص عليها هذا الكراس، في كل الاحوال فإن ذلك يدل على شيئا واحد ، وهو ان القيام بالواجبات على احسن وجه سهل جدا ان كان هناك ضمير حي عال وقيم رصينة بعيدة عن الانانية والسلوكية الفردية ضمن سياق يتطلب التعايش الجماعي .

بقلم   د. تارا إبراهيم – باريس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *