قـصص من حـياتـنا العـراقـية

في الحـياة التـدريسية يطالِب المدرس المُجـِد طلابه الإجـتهادَ بمقـدار يتـناسب مع ما يـبذله لهم والمتمثـل في حـبه لعـمله وضوح محاضرته دقة تعابـيره عـدالة تعامله أمانـته في واجـبه وحِـرصه عـلى عـطائه وإيصال مادته إلى طلابه ، وبالمقابل عـلى الطالب أن يكـون راغـباً في دراسته مواصلاً حـضوره منـتبهاً إلى درسه مهـتماً بواجـبه شجاعاً عـند إستـفـساراته محِـقاً في طـلبه وراضياً بإستحـقاقه ، والمدرس من جانبه كأنه فلاح يقـول : أعـطني تربة رطبة ومناخاً جـيداً أعـطيك زرعاً مخـْـضراً وثـمراً مفـيداً ، والطالب يقـول : هاتـوا لي أستاذاً كـفـوءاً وجـوّاً دراسياً مناسباً خـذوني طالباً متميِّـزاً . ولكي يكـون الطرفان أمينـَـين في قـرارهما لا بد أن يـبذلا جهداً مرموقاً وعـناية مركـزة ليأتيا بنـتائج مرجـوّة وإنْ لم يحـصلا عـلى الثمار المنشودة فهناك خـلل في أحـد الأطراف الأستاذ أو الطالب أو المناخ التـدريسي . الـمدرس الناجح  يقـرأ موضوع محاضرته كـطالب قـبل الطلاب ، ويثير أسئلة محـتملة لنـفـسه فـيجـيب عـليها قـبل تـوقعها منهم فـيسبق إسـتـفـساراتهم ويحـفـزهم إلى تـفـكـير أعـمق وإثارة أسئلة أدق والتي من خلالها يمكـنه تـقـيـيم مدى وسِعة إستيعابهم لجـهـوده . إنّ مدرساً كهذا يحـترمه الطلاب الأذكـياء ويتشبَّـثون به لمنفعة مستـقـبلهم العـلمي ، ولكـنه من جانب آخـر يتـذمَّـر منه زملاؤهم الضعـفاء والكـسالى والمنشغـلين في نشاطات جانبـية خارجة عـن المناهـج الدراسية وينصبون له العـداء ، إنّ ذلك لاحـظـناه في حـياتـنا التـدريسية ( 1973 – 1992 ) في مدارسنا العـراقـية طيلة السنوات الخـمس والثلاثين من حـكم البعـث ذو النظرة المحـبطة لآمال الموظف العـراقي عامة بالإضافة إلى تـنظيم الطلاب السياسي المتمثـل في إتحادهم الوطـني التابع للحـزب الحاكم الذي لعـب دوراً سـلبـياً في تـوجـيه العـملية التربـوية عـن طريق مساندة الطلاب عـلى حـساب أخلاقهم تارة ، وعـلى حـقـوق المدرس بصورة غـيرها تارة أخـرى في غـير وجه حـق مما كان يعـطي لهم زخـماً خارج نـطاق القانون والمنطق ويسبِّـب بعـض التراجع في أداء بعـض التـدريسـيّـين ، وكم من مدرس قال لي عـلناً ( آني أدرّس عـلى ﮔــَـد فـلوسي ! ) معـبِّـراً ضمنياً عـن تـذمُّـره من السلطة والطلاب دون الإشارة إليهما فـكـنـتُ أقـول له : وما ذنب الطالب ! ومع ذلك فإن مدرسين كـثيرين فـرضـوا وجـودَهم في مدارسهم معـتمِدين عـلى نـقـطـتين أساسـيَّـتين : الكـفاءة والإخـلاص بشرط أن لا يُعـطـوا مستمسك ضـُـعـف عـن أنـفـسهم عـند الإدارة أو الطلاب ، أما المدرس غـير الملتـزم بتلك المعايـير المهـنية فغالباً ما كان يتساهل مع طلابه متجـنـِّـباً إثارتهم ضدّه لتغـطية تسـيُّـبه أو تـقاعـسه أو محـدودية كـفاءته . وقـد مررنا بمواقـف حـلوة ومُـرّة ، مضحـكة ومُـحـبطة سواءاً في المدرسة أو خارجها سببها سياسة السلطة التي جعـلتْ كل فـرد يخاف من الآخـر وحـتى أفـراد الأسرة الواحـدة :

 ( 1 ) في الكـوت – عـند بدء تـطبـيق نظام عـبور السابلة من الخـطوط البـيضاء في الشارع العـراقي وفـرض غـرامة عـلى المخالفـين ( حـوالي عام 1974 ) سـخـَّـرَتْ الدولة وسائل الإعلام لتوعـية الناس كـما عُـمِّـمَ كـتاب إلى المدارس كي تــُخـصَّص عـشر دقائق أولى من الحـصة الأولى لأسبوع واحـد يؤدي المدرس واجـبه التوجـيهي بهذا الشأن ، فأدّيتُ دَوري قائلاً للطلاب : عـلينا جـميعاً أن نطيع قـوانين الدولة ( ولم أقـل الحـكـومة ) عـن قـناعة ذاتية وليس عـن خـوف من السلطة حـيث سُـنـَّـتْ لفائدة المواطـنين ، فالعـبور من الخـطوط البـيضاء هـو إلتزام أخلاقي بالنظام سلامة لنا وأماناً لسواق المركـبات ( وأضفـتُ من عـندي : ومَن يخالف ستـضـطـر شرطة المرور إلى معاقـبته بغـرامة مالية فالأفـضل تجـنـُّـبها ! ) وقـبل إنـتهاء الأسبوع جاءني رفـيق وقال لي : نـُـقِـلَ إليّ أنك تـطرقـتَ داخـل الصف إلى مواضيع تـتعـلق بالحـكـومة والسياسة وهـو غـير مسموح به ، فـقـلتُ له : لا أعـتـقـد ذلك ، لا بل إن بعـض الطلاب حـين عـرفـوا بأني من أهـل الشمال والحـركة الكـردية نشطة عـندنا ولكـوني حـديث العـهد بالتـدريس ومنفـتح أمامهم يحاولون جـرّي إلى السياسة بأسئلتهم ولكـني لا أفـسح لهم أيّ مجال بهـذا الخـصوص ، فـما الذي نـقـلوه إليك عـني ؟ قال : لقـد قـلتَ أن الحـكـومة تـفـرض ضرائب عـلى الشعـب لزيادة ميزانيتها !! قـلتُ : هـذا أمر مستحـيل ، ولكـني أدّيتُ واجـبي بشأن موضوع الخـطوط البـيضاء فـقـط …… مضيفاً لهم أن يتجـنبوا المخالفات وقاية من الغـرامات ، قال : ومع ذلك لا تـتدخـل في السياسة مرة أخـرى ( رفـيق ولم يفهم كلامي ) قـلتُ له : أنا لستُ سياسياً ولا أتـدخـل بالسياسة تجـنـُّـباً لموقـف كهذا أمامك .

( 2 ) في الكـوت – بناءاً عـلى طلبات الطلاب جاء إلى مدرستـنا يوماً مسؤول حـزبي فـجـمعهم في القاعة الكـبـيرة عـند إنـتهاء الدوام أما أعـضاء الهـيئة التدريسية فـقـد غادرنا المدرسة . وُزِّعَـتْ القـصاصات الورقـية لكـتابة الأسئلة ثم بدء بفـرزها فـكانـت نسبة عالية منها تشكـو من مدرس الفـيزياء مايكل سـيـﭙـي مما إستـرعى إنـتباهه فـقال لهم : هـل تكـلم ضد السلطة ، ضد الحـزب ، ضد السيد الرئيس والسيد النائب ، هـل يضيِّع وقـت الدرس ، هـل ظلم أحـدكم ، هـل يفاجـئكم بمواعـيد إمتحاناتـكم ، هـل أن أسئلته الإمتحانية خارجة عـن المنهج ، هـل يستخـدم ألفاظاً نابـية معـكم … كان الجـواب كلاّ ! ثم سألهم هـل هـو منفـتح معـكم ، هـل هـو كـفـوء بمادته ، هـل أن أسئلته واضحة ، هـل يَحـضر الدرس بإنـتـظام ، هـل يفـسح المجال لإستـفساراتكم ، فـكان الجـواب نعـم ! فـقال إذن أين مشكـلتكم معه ؟ قالوا : إنه يعـصر الدرجات !! قال لهم : هـذه مسألة شخـصية لا يمكـنـنا التـدخـل فـيها . وفي يوم ما 1980 قال لي أحـد الطلاب : إن تعاملك الجـدّي المبالغ به مع الطلاب سوف لن يجـعـلك تجمع أصواتاً كـثيرة لصالحـك ! فـقـلتُ له : أنا لستُ مرشـحاً نـفـسي لإنـتخابات المجـلس الوطـني ، فـسكـتَ .

( 3 ) في بغـداد – كان مدير مدرستي يعـتـز بي كـثيراً وأنا أحـترمه غاية الإحـترام ، فـقال لي يوماً : كـن حـذراً من الأستاذ الفلاني فإنه يوشي بك عـند الحـزب حـيث في أحـد الإجـتماعات قال ( إن المدرس مايكل يشدّد مع طلابه لغايته كي يضطرّوا إلى تلـَـقـّي دروساً خـصوصية منه ) فـردّيت عـليه والكلام للمدير قائلاً لذلك الأستاذ : مايكل ليست لديه سيارة وأنت عـندك ولكـنه يصل إلى المدرسة قـبلك ؟ مايكل يسألني عـن دروس شاغـرة كي يشغـلها في أوقات فـراغه أما أنت حـين أطلب منك تعـتـذر وترفـض ، إن طلاب السادس العـلمي يفـضلون مايكل عـلى غـيره رغم تـشدّده معهم ، رأي مايكل في التدريس الخـصوصي يتلخـص بـ : ( إن لم يستـفـد الطالب من محاضرة أستاذه في الصف لا يمكـن أن يستـفـيد منه في البـيت ) لذلك لا يدرّس طلابه بل طلاباً من خارج مدرستـنا ، فـمن هـو أكـثر إخلاصاً أنت أم هـو ؟ وفي الوقـت ذاته حـذرني المدير من النطق بهذا الخـبر لأنه سيدفع رقـبته ثمنه بإعـتباره أفـشى أسرار الإجـتماعات الحـزبـية .  

( 4 ) في عام 1981 سمعـتُ خـطاباً لصدام موجهاً إلى الشعـب ، ذكـر فـيه : لا تـقـولوا للمراجعـين في دوائر الدولة (( تعالوا باﭽـر )) لأن غـداً عـنده أمر آخـر يتابعه … ولما عـطل تلفـون دارنا في الحـبـيـبـية قـدمنا شكـوى رسمياً ونشرناها بالصحـف ولكـن دون فائدة ، فـذهـبتُ إلى المديرية العامة في شارع الخـيام ( الرشيد ) وطـلبتُ مقابلة المدير العام وعـرضتُ له الموضوع ومعي الجـريدة فـقال أن المشاكـل كـثيرة نـنجـزها بالتسلسل فـقـلتُ إنّ المدة طالت وفي كـل مرة أتـصل بالدوائر المعـنية فـيكـون ردّهم : باﭽـر ! أو بعـد يومين ! ألم تسمع ماذا قال السيد الرئيس بشأن المراجـعـين ؟ قال : والله هاي خـوش حجة صارت بإيديكم ، إستريح أخي فـجـلستُ في ديوانه ، وإتصل لاسلكـياً من مكـتبه بالمفارز وتم إصلاح الخـلل في تلفـون دارنا خلال عـشر دقائق وهـو خائف مني ولا يدري بأنـني أنا الذي يراودني الخـوف . 

 ( 5 ) في عام 1983 وأنا جـندي في الجـبهة – قاطع الشرهاني رصدتُ حالة جـندي في فـصيلي حـصل عـلى 37 يوم إجازة مسجـلة في دفـتر عـريف الفـصيل في فـترة محـصورة بـ 52 يوماً ، لم أهـتم للأمر عـلى إعـتبار المثل العـراقي ( هـنياله اللي يجـيب نـقـش ) فـسجَّـلتها في ورقة بدون إسم وإحـتـفـظـتُ بها في جـيـبي . إحـتجـتُ في تلك الأيام نـفـسها إجازة خاصة وقـدّمتُ طلباً إلى السيد آمـر السرية فـقال لي عـند المقابلة : إن أوضاع الجـبهة لا تسمح بذلك ! فأخـرجـتُ الورقة من جـيـبي ، سلـَّـمتها إيّاه وفـسّرتها له وقـلتُ هـل تسمح الظروف بهذا ؟ فـقال : مَن هـو هـذا الجـندي ؟ قـلتُ : لا يمكـنـني أن أذكـر إسمه إلاّ أمام السيد آمـر اللواء ، فـردّ عـليّ : يا مايكل لو كـل الجـنود مثلك ﭽان عـزّلنا من زمان .

( 6 ) حـفـرتُ أساسات داري في حي آسيا / الدورة / بغـداد عام 1985 وإكـتمل في 1988 وإحـتجـتُ إلى 48 فـلورسنت – شمعة ويئستُ من حـصولها عـند الوكلاء قاطبة حـيث يـبـيعـونها قـبل وصولها إلى السوق فإتـصلتُ بمعـمل النور في التاجي وكـلمتُ سكـرتيرة المدير بهـذا الشأن مُعَـرفاً إياها بهـويتي البسيطة كـمواطن فـلم أحـصل منها عـلى حاجـتي ولما طـلبتُ منها أن أكـلم المدير لم تستجـب لي بحجة غـيابه في تلك الساعة ، كـرّرتُ مخابرتها في اليوم التالي مذكـراً إياها بالبارحة فـلم أستـفـد . وبعـد عـدة أيام خابرتـُها بنبرة أخـرى طالباً المدير مباشرة ولما طـلبتْ مني هـويتي كـرّرتُ وقـلتُ لها : أنـطيني المدير ! فـكان صوت المدير معي مباشرة قائلاً تـفـضل أخي ، فـقـلتُ : حـضرتك شايف مواطـن يعـيش بالظلام في عـهد صدام ؟ قال : أخي ليش تـتـكـلم بالتلفـون تـفـضل عـدنا وكـل شيء يصير لك ! قـلتُ : ليش السكـرتية مالتك ! تخـلينا نشوفـك ؟ قال : إسمك بالخـير والباب مفـتوح أمامك كل وقـت بدون موعـد ، بس ذكـِّـرْها بإسمك ، ولما وصلتُ المعـمل وعـرّفـتـُها بإسمي الذي كان مسجّلاً عـندها إتـصلـَـتْ بالمدير تلفـونياً وبعـدها مباشرة قامت من كـرسيّها ووجّهـتـني إلى باب غـرفـته فـدخـلتُ وعـنده ضيوف مراجعـين فـغـمزني وكأنه يَعـرفـني من زمان موحـياً لي بأن ينجـز طلبات ضيوفه أولاً وهـكـذا كان حـين خـرجـوا قام وأغـلق الباب عـلى إعـتـبار أنّ بـينـنا حـديث خاص ومهم ! فـقال : تـفـضل أخي ، فأخـبرتـُه بحاجـتي فـقال : عـندنا صناديق ذات 25 مصباح فـلورسنت وأخـرى من مصابيح النوع العادي فـكم تريد من هـذا وكم من ذاك ؟ قـلتُ صندوقـَـين فـلورسنت تـكـفـيني ، قال أطـلب أكـثر وخـليها إحـتـياط بالبـيت فـقـلتُ شكـراً هـذه هي حاجـتي فـسلـّـمني أمراً بذلك … ولكـن كـل ذلك الحـوار والطـلب (( في نـظره )) هـو شيء مُـمَـوّه وخـدعة ، أما الحـقـيقة (( في ضنه )) فـهي شيء آخـر ، فـربما أكـون مفـتشاً من وزارة الإقـتـصاد أو من جهة أمنية مجهولة أتيتُ متخـفـياً بصفة مواطن عادي لتـفـقـد وضع المعـمل ، فـقال لي : هـل تـقـبل أن أكـلـّـفـك لتساعـدنا بعـمل خاص ؟ قـلتُ : تـفـضل إذا أمكـنـني فـعـلى الرحـب والسعة ، فـقال : أريـد أن أبعـث بـ لوري كـبـير من صناديق المصابـيح هـذه إلى سوق الدورة ونبـيعـها للمواطـنين مباشرة بدون وكـلاء ولكـن تحـت إشرافـك ! قـلتُ له : مع كـل الأسف فأنا لستُ متـفـرّغاً لهكـذا مهمة ، وخـرجـتُ منه وهـو لا يزال خائـفاً ويجهـل مَن أنا .  

 ( 7 ) حـين إكـتمل بناء داري قـدّمت طلباً لربط كـيبل الطاقة الكـهربائية من عـمود في الشارع إلى الميزانية في مدخـل البـيت والمنصوبة حـسب الأصول ودفعـتُ الرسوم المستوجـبة وقـيل لي بأن الربط سيتم خلال أحـد أيام الأسبوع حـسب الجـدول المهـيّأ جـغـرافـياً للمناطق . إنـتـظرتُ أسبوعَـين ولم يأتِ أحـد فـقال لي الجـيران : هـذولة ما يجـون إلاّ تـنطيلهم رشوة ! فـفي الأسبوع الثالث ذهـبتُ إلى مديرية الكـهرباء / الدورة صباحاً ودخـلتُ عـند المدير وقـلتُ له : أستاذ إلمَن أنطي رشوة حـتى يربطون إلنا كهرباء ؟ فـقال : أخي شـنو هل كلام ، أنت تريد تخـلينا بالسجـن ؟ قـلتُ : لا ، ولكـن آني دفعـتُ الرسوم وصار لي ثلاثة أسابـيع وﮔـَـلـّـولي ما تجـون إلاّ بالرشوة فآني إجـيتْ حـتى أدفع ، إلمَن أدفع ! قال : أخي لا تـكـرّرها أنت تريد توَدّينا بْـداهـية ؟ قـلتُ : إذن شـنو الحـل ؟ ولما فـتح السجـل قال : إي صدﮒ أنت صارلك مدة ، كان المفـروض يجـون من زمان ، باﭽـر راح يجـون ويربطون إلكم الكـهـرباء وتـدَلـّـل ، وفي اليوم التالي جاؤوا فعلاً فـقالوا لي : هاي أنت ﮔـلتْ ما نجي إلاّ بالرشـوة ؟ قـلتُ : نعـم ، ومع ذلك حـينما إنـتهى عـملهم أكـرمتهم . 

( 8 ) بعـد تحـرير الفاو في 1988 خـطب صدام وقال : عـلى كـل عـراقي أن يساهم في بناء الفاو بتبـرّعه المالي أو بجـهـده العـضلي وصارت حـملة بهـذا الشأن فـجاءنا رفـيق من حي آسيا إلى دارنا وبـيده سجـل وقـلم وبعـد السلام سألني كم أتبرع لبناء الفاو ؟ قـلتُ سجـل ( نيابة عـني وعـن أفـراد أسرتي أتبرع بجـهدي العـضلي لبناء الفاو ! ) وأضفـتُ له : حـين يتهيأ فـريق العـمل للسفـر سأكـون جاهـزاً ، فـقال : شنو جهدك العـضلي ؟ قـلتُ : ألم تسمع خـطاب السيد الرئيس ماذا قال ؟ ولما فـسرتُ له ذلك قال : إي والله حـقـك فـذهـب ولم يرجع .

( 9 ) إحـتجـتُ كـتابَ تأيـيد الراتب ولما ذهـبتُ إلى الذاتية في ( مديرية تربـية مدينة الثورة 1990 أو 1991 ) قالوا أن المدير ليس موجـوداً والمعاون ليس له حـق التـوقـيع ! وهـذا روتين ، فـقـلتُ ألم يقـل السيد الرئيس ( تجاوزا الروتين ؟ إنكم تؤخـرون معاملات الناس ) فـردّ عـليَّ مدير الذاتية : إنك بهذا الكلام تـتجاوز عـلى حـقـوقـنا أثـناء الدوام الرسمي ، فـتركـته وذهـبتُ إلى المعاون لشؤون المالية وقـلتُ له : أستاذ أنت لا تراني ولا تعـرفـني فـكـيف تـصرفـون لي راتبي كل شهر ؟ قال : إسمك عـندنا يكـفـينا ، فـقـلتُ إذن هل هـناك مانع أن تـقـول في كـتاب أن هـذا المدرس يستلم راتباً كـذا دينار شهـرياً ؟ فإقـتـنع وفي الأخـير وضعـتُ الكـتاب في جـيـبي بعـد أن وقعه ذلك المعاون ، فـرجعـتُ إلى مدير الذاتية وقـلتُ له : إنْ كـنـتُ قـد تجاوزتُ عـليكم ، أكـتب تـقـريراً بهـذا الشأن وإبعـثه إلى مَن يهمّه الأمر بالبريد العادي أو عـن طريق الحـزب وخـرجـتُ موحـياً له بأني زعلان . وفي المساء كانت له محاضرات في إحـدى المتوسطات المسائية وإلتـقى هـناك مع مدير مدرستي فـقال له : يا مْـعَـوَّد بلكـتْ تخـلـّـصنا من مدرّسكم اللي بمدرستكم أخاف يسوّيلنا مشكـلة … ترى إحـنا ما بـينا حـيل ! فـضحك مدير مدرستي وفي الأخـير قال للأستاذ الموقـر : إطمئن ، إن الأستاذ مايكل هـو الذي يخاف وليس أنتَ .

 

 

 

 

 

 

You may also like...