قـداسة ﭘاﭘا الـﭬاتيكان فـرانسيس يـؤيـد إعادة صياغة نصوص الكـتاب المقـدس / الحـلـقة الـرابعة  

منـذ أنْ عـلـّـمَـنا يسوع الصلاة الربـية : أبانا الـذي في السماوات ، تعَـوّد المؤمنـون عـلـيها حـتى الـيـوم ولم يتجـرّأ أحـد عـلى المساس بها ، وفي هـذا المقال يهـمنا منها المقـطع : ( ولا تـُـدخِـلـنا في التجـربة ) … تـرجـمة إيطالية ومنها إلى اللغات الأخـرى .

في الصلاة الربـية نـقـول عـبارة ( لا تـُـدخِـلـنا !!! ) ونـفهم منها أن الله يُـدخِـلـنا في التجـربة (( طبعاً تجـربة شـر وليست خـيـراً )) وكأنه يريـد أنْ يجـرّبنا شخـصياً كإخـتبار … وحـين نـناجـيه بأنْ ( لا يُـدخِـلـنا .. ) فـمعـنى ذلك نـطلب منه أنْ لا يُجـرّبنا ! ولا يضعـنا في جُـرم الخـطيئة وتـبعاته ! .

ومن شـدة إيمانـنا وإعـتـزازنا بالمسيح ، حـفـظناها بسرعة ولم يخـطر بـبالـنا يـوماً أن نـستـفـسر عـن أية كـلمة في هـذا المقـطع لأنها كلمات الرب ، واللاهـوتيـون يقـرأونه ويفـسرونه دون أن يلـفـت نظـرهم إلى أي شك فـيه … والـواعـظون أقامـوا الـدنيا عـلينا وأقـعـدوها أثـناء كـرازاتهم ، يسهـبـون في شـرحه قائلين إن الله يضعـنا تحـت التجـربة كإمتحان يفحـص إيمانـنا وقـوة إرادتـنا ومدى صبرنا أمام المحـن وتحَـمّـلـنا الآلام ، أي ــ إن الله يُجـربنا ــ ……. فـنـتـضرع إلـيه كي لا يُـدخِـلـنا في التجـربة آملـين منه أنْ ينجّـيـنا من الشـريـر .

إنّ العـلمانيـيـن مع رجال الـدين المسيحـيـيـن فاتـتهم مقارنة بـين عـبارة ( ولا تـُـدخِـلـنا في التجـربة ) في الصلاة الربـية ، مع نـص وردَ في رسالة يعـقـوب يقـول فـيه (( الله لا يجـرّب أحـداً بالشرور )) !!!! .

نلاحـظ في هـذين التعـبـيـرَين تـناقـضاً (( الله يجـرّب … والله لا يجـرّب )) ؟ إذن يوجـد خـلل يجعـلـنا نسأل : أين يكـمن الجـلل ؟ …

الجـواب : بعـد أن تـطـوّرت خـبرة المتـرجـمين اللاهـوتيـيـن وثـقافـتهم ــ كما أكـدنا في الحـلـقات الماضية ــ ! تأتي ضرورة الرجـوع إلى الـنص الأصلي لـقـراءته وإعادة تـرجـمته (( التي لم يقـبل بها الـبعـض ليس لسبب ، إلاّ لأنّهم يستـكـثـرون أن يأتي التـصحـيح من غـيرهم .. وإذا حاجـجـتهم فلا يمتـنعـون عـن الـقـول : هاي هـية إحـنا بكـيفـنا ! كما قالها البطرك فـضيلة لـويس حـفـظه الله في ألمانيا .)) .

ملاحـظة : قـبل أنْ نعـلم بجهـود مفـسّري الكـتاب المقـدس وبمجـمع العـبادة الإلهـية وتـنظيم الأسرار في روما ! كـنا قـد بادرنا بصورة محـدودة ــ كلما دعانا الواجـب ــ إلى إعادة صياغة الـنـص الغامض من الرسالة أو الـقـريانا مستـنـدين إلى المصادر الكاثـولـيكـية ، من منـطـلـق الحِـرص ! ولم تكـن غايتـنا إعلاء الـذات طمعاً في تـرقـية (( فـقـد تجاوزناها ولم نـتـلـهّـف لها )) ، ولا تـكـبّـراً وأبّهة أمام الآخـرين (( فـقـد تجـنــّـبناها ولم نبحـث عـنها )) … ولكـن حَـميّة إيمانـنا مع محـبتـنا الإنسانية هي التي دفعـتـنا إليها ، حاسبـين أنـنا لسنا جـميعـنا أنبـياء ولا عـلماء ولا فـنانين ولا مفـسرين ، بل وكما يقـول مار ﭘـولس :  (( لكـل واحـد منا أعـطِـيتْ الـنعـمة حـسب قـياس هـبة المسيح )) . 

إنّ عـملـنا كان جهـداً مبـذولاً ، إخلاصاً في الـواجـب الـذي نكـرّس له نـفـوسنا ، شهـِدَ له كل شـريف يـرى الساحة واسعة للجـميع …. فـكان الأولى أنْ يُـفحـصَ لـتـقـيـيمه قـبل معاداته ومنعه عـشوائياً دون تـفـكـير ! … لكـن السبب هـو عـنـد مَن يعـطي أذناً صاغـية لكـل حـسود غـيور ذي عـقـل عـصفـور ــ أياً كان ــ عاجـز مشلـول ، لا يمكـنه سَـبر الغـَـور ، يهـوى تهـريج الأمور ! ونـراه ينـزل إلى مستـوى الـواشي كمخـبر قـذر مبهـور … أقـول ، كان الأفـضل لهـكـذا رخـيص فـطير أن يواجـهَـنا مباشرة إنْ كان مؤمناً صادقاً ، ويحاورَنا في عـملـنا ــ إنْ كان حـريصاً قـديـراً ــ فإنْ لم يقـتـنع بَعـد الحـوار ، عـنـدئـذ يمكـنه الـتـصرّف بما يملأ فـراغه عـنـد غـيـره . ولكـن لا أسـفَ عـلى الخـبـيث الجـبان…….

ماذا حـدث في الكـنيسة الكاثـولـيكـية ؟

بتأريخ 5 كانـون الأول 2017 قـرأتُ العـنـوان الآتي تعـديل في صلاة الـ  أبانا !! في موقع (  ZENIT  ) المعـتمـد لـدى الكـنيسة الكاثـوليكـية .

وأكـدها الـﭘاﭘا فـرانـسيس في مقابلة معه قائلاً : إنّ الـترجـمة الإيطالية  ( لا تـدخِـلنا في التجـربة ) ليست صحـيحة لأن الله لا يُـدخـلنا في التجـربة بل هـذا عـمل الشيطان !. والفـرنـسيـون غـيّـروا الـنـص فـصار (( لا تـدعـنا نـدخـل في التجـربة )) … إذن الـفـكـرة تغـيّـرتْ ! وصارت تعـني أنـنا نحـن الـذين نـدخـل في التجـربة وليس الله يُـدخِـلـنا ، فـنـطلب منه أن يُـبعِـدَنا عـنها ولا يسمح لـنا بها ….. وبهـذه الصياغة الجـديـدة تـصل الـفـكـرة المرجـوّة والصحـيحة إلى المؤمن … فـهـل يضرّ الـتـصحـيح ؟؟؟

إنّ الترجـمة الـسابقة المألـوفة ــ الركـيكة ــ لم تكـن مخـطئة الـنية بل مشوّهة الصياغة ) فـصارت مُربكة المعـنى ، ولهـذا شعـر مفسّروالكـتاب المقـدس بضرورة تبديل الأفعال للتوضيح ، وقـد تم تأكـيد الترجمة الجـديدة على يد مجـمع العـبادة الإلهـية وتـنظيم الأسرار في روما12 حـزيران 2013 وطبّـق الأساقـفة الفرنسيون هـذه الترجمة إبتـداءاً من كانون الأول 2017 في الأحـد الأول من زمن المجيء بحسبالطقس اللاتيني .

تـرى هـل يـبقى المعـرقـلـون يكـبحـون جـماح أصحاب الـنيات السليمة التي تخـدم المؤمنين ، أم ينجـرفـون وراء الخـبثاء ؟؟؟؟؟

تجـربتي الشخـصية في ألـقـوش :

شاركـت لأول مرة في طقـوس درب الصليب عام 1959 بصوتي الـطفـولي وإنـفـرادي عـن ظهـر قـلـب …. وبعـدها كخادم صغـير مع الشماس في الـقـداس … وفي مطلع مرحـلة الـدراسة المتـوسطة كـتـبتُ كامل نـَص الـقـداس عـلى صفحات دفـتـر الجـيب ــ لـلمحـفـوظات ــ بحـروف عـربـية ( ﮔـرشـوني ! ) وباشرتُ بخـدمة الـقـداس دون قـراءة الرسالة ! فكـنتُ أطلب من أي شماس موجـود أن يقـرأها عـوضاً عـني . وفي الصف الثالث المتـوسط أثـناء درس شاغـر طلبتُ من زميلي الشماس يوسف شكـوانا أن يـدوّن لي حـروف لغـتـنا الكـلـدانية ولفـظها بالعـربي فـتعـلمتها خلال ذلك الـدرس ، فهـو معـلمي الأول لـلـغـتـنا الكـلـدانية .

وفي الدورات الصيفـية لـتعـلّـم قـراءة وكـتابة اللغة الكـلـدانية ( الـفـصحى ) تـقـيمها الكـنيسة ، جـلستُ مع المبتـدئين أطفال المرحـلة الإبتـدائية ومعـلمنا المرحـوم القس يوحـنان ﭼـولاغ ، وكان ينـقـلـني تـدريجـياً إلى صفـوف الأكـبر عـمراً ، ثم مع المتـقـدمين ومعـلمنا السعـيـد الـذكـر الأخ ( أبلحـد عـيسى غازي والـد الـقـس هاني ) كان يَـدرُس آنـذاك في المعهـد الكهـنـوتي / الموصل ، حـتى أصبحـتُ قادراً فـقـط عـلى الـقـراءة والكـتابة لا غـير ، أما قـراءة الرسالة في الـقـداس وأنا لا أجـيـد الـتـرجـمة ( ﭘـوشاقا )! فكعادتي أطلب من أحـد الشمامسة أن يقـرأها عـني ، ولكـن إلى متى أستعـين بشماس وأنا أصبحـتُ شاباً في الصف الخامس العـلمي ؟ . 

كـنتُ أستغـل بعـض أيام الجُـمع ، أذهـب عـنـد شماس بصير مُـقـعَـد متمكـن جـداً من لغـتـنا (( كان يعـمل سابقاً في مطرانية الحـلـب الكلـدانية )) المرحـوم سـليمان مقـدسي إبن أخ المطران المرحـوم  طيماثـيـوُس مقـدسي ، وكـتاب الرسائل أو الـقـراءات بـيـدي ، أقـرأ أمامه كل جـملة ( ﭘـثغاما ) بالـفـصحى فـيفـسرها لي باللهجة المحـكـية وإلى نهاية الرسالة ، ثم أكـرر قـراءة ما تعـلمته منه فـيصحّـح أخـطائي حـتى أصبحُ متمكـناً منها وكل ذلك شـفـوياً بلا تـدوين ، فأكـون جاهـزاً لقـراءتها في قـداس الأحـد المقـبل بتـرجمة آنـية من الكـتاب المتـوفـر بالفـصحى كـباقي الشمامسة المقـتـدرين ….. ولكـن مع الأسف فإن متـطلبات الـدراسة الجامعـية حالت دون مواصلة ذلك الـنـشاط ولهـذا لستُ متمكـنا من الـتـرجـمة ــ ﭘـوشاقا ــ إلاّ بنسبة أقـدّرها بأقـل من  20% .  

قـد تـتـبع الحـلـقة الخامسة ..

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *