قراءة في كتاب الكلدان والآشوريون والسريان المعاصرون وصراع التسمية  للدكتور عبدالله مرقس رابي (3).

3.الفصل الثالث\حصيلة التنوع الحضاري واللغوي في بلاد الرافدين \ مناقشة وتحليل:

في منتصف ص83 \الفقرة 3 أقتبس الكاتب من المصدر 
Ibid,pp. 29 – 34.84
الآتي:
وقد أنطلق كارل ماركس من العامل الأقتصادي في تفسير التغيير الاجتماعي الذي يقود الى الصراع الطبقي وثم حدوث التغير. بينما يؤكد ماكس فيبر على دور القيم والعقلانية في التغيير الاجتماعي، مثل طبيعة النظام السياسي والديني والبيروقراطية، وقد ربط بين الاخلاق البروتستانية المنتشرة في اوربا وتغير المجتمع الاوربي منطلقاً من القيم الدينية
وبمقارنتها في البلدان والعقائد الاخرى.84

ما يؤسف له حقاً الكاتب لم ينصف نفسه ولا تقييمه العلمي بأعتباره أستاذ العلوم الأجتماعية ، كونه درس الفلسفتين المثالية الميتافيزيقية والمادية العلمية ، ونظرية التطور الاجتماعي والتاريخي كما والأقتصاد السياسي لكارل ماركس ، ودّرَسَها في الجامعات بما فيها الكليات اللاهوتية كما ومزيد من المحاضرات في بغداد والموصل وفق معلوماتنا وهو أكد عليها ، كما ودّرسها لطلبته في المراحل المتعددة.
لكنه وللأسف أقتصر على سطر واحد وأقل من نصف السطر، على الفيلسوف المادي العلمي الأجتماعي ومناضل للقرن التاسع عشر (كارل ماركس) من أجل خير وتقدم الأنسانية جمعاء ، والأخير أعطى العلاج الوافي والشافي في معالجة الوضع الأنساني والأجتماعي والمالي الأقتصادي المتردي في العالم ، نتيجة الغبن والعوز بسبب الأستغلال القائم على شريحة واسعة من المجتمع العالمي وخصوصاً الفقراء من الكادحين والعمال الصناعيين والزراعيين منهم.
وفي بحث الكاتب أنه مهتم بمعالجة وضع قومي للمجتمع التاريخي ، من (الكلدان والآشوريين والسريان) وكأنهم معزولين عن الأمور الحياتية الأخرى ، بما فيها الأجتماعية والأقتصادية والسياسية والصحية والتعليمية وكل ما يتعلق بالحياة الأنسانية ، لذا .. بأعتقادنا كان يفترض بالكاتب الدكتور رابي معالجة جميع حالات المكونات المشار اليها بنواحيها المتعددة التي لا تقبل التجزأة ، بل هي متكاملة من حيث المعاناة المرادفة للمكونات بكل مسمياتها، في حين من جانب آخر يؤكد على المشتركات الكثيرة والعديدة المتعددة التي تجمعهم من الناحية القومية الأثنية ، من دون التطرق لمعاناة حياتهم السياسية والأجتماعية والأقتصادية …الخ كشعب أصيل تاريخي عاش ولا زال في بلاد النهرين ، بما فيه أستغلالهم الطبقي الواضح بزيادة فقر وعوز غالبيتهم العظمى.
كما لم يذكر الكاتب رابي أوجه المقارنة بين الفكر الماركسي من خلال ماركس وما بعده من المفكرين والمناضلين العمليين العلميين، وبين فكر ماكس فيبر وأوجه المقارنة بينهما ، لا بل زاد أكثر مما يتوجب بالنسبة للفكر المثالي الديني ليغير المجتمع الأوربي أنطلاقاً من القيم الدينية ، ولكن في الحقيقة والواقع العملي بشهادة التاريخ نفسه ، بأن تلك القيم أستغلت في زيادة فقر الأنسان الأوربي ومعاناته الجمة ، ولم يرتاح الشعب الأوربي أبداً ، الا من خلال الأبتعاد عن تدخل رجال الدين في أوربا بالأمور الدنيوية ، ولم يتنفس الصعداء الاّ ، بتبنيهم النظم العلمانية والمدنية الديمقراطية ، فتحولت تلك البلدان من الحكم الديني الدنيوي الدكتاتوري المزدوج ، الى النظام العلماني المدني الديمقراطي وتطوره الرأسمالي.
أما الناحية الأيجابية التي تطرق اليها الكاتب الأستاذ رابي فكانت في ص84 منتصف الفقرة1 نقتبس الآتي:
فالتغير الحضاري الذي توالى تحت عوامل سلطوية أو غيرها لم تنه الحضارة السابقة أو تفني الشعوب كما يدعي البعض أن الآشوريين انقرضوا أو الكلدان أنقرضوا فهذه تخمينات لا اساس لها تقُال تحت تأثيرات أيديولوجية سياسية.(أنتهى الأقتباس)
ويؤكد الكاتب في فقرات اخرى من نفس الفصل ، بأن الصراعات والحروب التي كانت قائمة في ذلك الوقت ، من اجل تمجيد الملوك والاباطرة ، وشعوبهم كانت وقود تحترق وتدمى من اجل نوايا ملوكهم فقط ، والملوك تنصب نفسها آلهة الكون لتعبد ، ولا احد من العامة له كلمته المحقة. وجميع المعارك تنسب للملوك وليس للشعب.
تطرق الكاتب بشكل جيد ومختصر لمآسي شعبنا المسيحي بكل مسمياته الأثنية في معركة غير متكافئة أبتدأت في 3 حزيران 1915 وسمي بعام السيف (سيفو)، وطال القتل الجماعي من قبل الجيش التركي بأمر من الحكومة التركية وبتعاون قسم من الكرد معهم ، في أبادة جماعية لشعبنا بجميع مسمياته الأثنية في جنوب تركيا الحالية ، ولكن الكاتب أغفل أو لربما تناسى ، ما أقدمت السلطة التركية بتجنيد شبابنا من الكلدان والآثوريين والسريان عنوة ، بحكم سيطرتهم كأمبراطورية عثمانية حكمت بلداننا بالحديد والنار لما يقارب أربعة قرون ، فزجوهم في حرب عالمية أولى خاسرة تماماً (من 1914 وحتى عام 1918) ، من دون أن ينجو منهم أحداً ولحد الآن لم يعرف مصيرهم ، حيث بقوا جميعهم في عداد المفقودين ، ومن دون أعلام ذويهم بذلك وهم بالآلاف.
في ص102 من نفس الفصل الثالث الفقرة الأخيرة يذكر الكاتب بداية الثورة الكوردية في شمال العراق عام 1962 ، ولكن الحقيقة هي بدأت في أيلول 1961 وليس اي 1962 كما ذكره الكاتب.
كما وللأسف الشديد مرّ الكاتب الى مجزرة صوريا مرور الكرام ، من دون ان يكلف نفسه ويتعمق بالحدث الجماعي الأبادي الدامي الذي عايشناه جميعا ، ذاكرا فقط بانها مجزرة بشعة حدثت عام 1969 في قرية صوريا محافظة دهوك ، كان الأولى به ان يذكر التاريخ بشكل واضح في 16 ايلول 1969
 ويوضح تفصيلياً مجزرة صورياالكلدانية ، التي هزت أركان النظام البعثي عالمياً عبر وسائل الأعلام في الخارج ، كون الضحايا هم أطفال ونساء وشباب حيث تم فتح النيران عليهم ، بدم بارد من قبل الملازم عبد الكريم الجحيشي في حينها دون ذنب أقترفوه ، ودون محاسبته من قبل السلطة البعثية الهمجية ، بل تم ترقيته فيما بعد حتى وصل الى رتبة لواء في الجيش العراقي.
في ص104 فقرة اخيرة ومع بداية ص105 منها نقتبس الآتي:
ومما هو جدير بالذكر، أن الارهابيين أضطهدوا كل من خالفهم في العقيدة من المسيحيين والايزيديين والشبك الشيعة، فقتلوا الايزيديين وسبوا نساءهم وتم بيعهن في الاسواق، وقد أستولوا على ممتلكات المسيحيين والكنائس ورفعوا الصلبان من فوق قببها ومحوا أي أثر للصليب في الكنائس، وصادروا المخطوطات التاريخية القديمة، ودمروا المعالم الحضارية الاثرية في نينوى ونمرود والمتحف الحضاري في الموصل. وكانت حصيلة التهجير التي حصلت لمسيحي العراق منذ سقوط النظام السياسي في عام 2003 ولحد كتابة هذه الاحداث أكثر من 400000 الف نسمة.(أنتهى الأقتباس)
نقول الآتي:أرهاب شعبنا من الكلدان والسريان والآثوريين والصابئة والأرمن والأزيديين كان مستمراً ومتواصلاً قبل التغيير 2003 وما بعده وحتى اللحظة ، حيث الأرهاب السلطوي البعثفاشي كان قائماً ومغيباً ، فارضاً العروبة واسلمة المجتمع لجميع المكونات الأصيلة للشعب العراقي  ، من خلال حملته الأيمانية الصدامية الرعناء ، وتقدر هجر وهجرة الشعب العراقي منذ عام 1991 ولغاية نظام حكم الطاغية ب(خمسة مليون نسمة ونصيب شعبنا كان كبيراً قياساً بنسبته العددية) ، وبعده كذلك عانت هذه المكونات الأصيلة الويلات والقتل والتهجير القسري ، أكثر من قبل أبتداءاً من البصرة وحتى بغداد وصولاً الى الموصل ، بفعل العمل الأرهابي المنظم للميليشيات السنية والشيعية على حد سواء، حيث كانت ضحايا شعبنا الأصيل لأكثر من 1500 شهيد وفقاً لأحصائيات دقيقة ، ولم يقتصر داعش على سبي الأزيديين بل شمل المسيحيين أيضاً ومنهم الأطفال والشيوخ الذين بقوا تحت رحمة داعش عنوة.
في منتصف ص108 يذكر الكاتب الأقوام بمسميات عديدة منها الأكديين والآشوريين والكلدان والعرب وأقوام اخرى مختلفة في اللغة والدين والعرق .. ولكنه وللأسف لم يسمي تلك الأقوام المختلفة من هي ومن أين أتت ومعقولة ليس لها أسماء معينة؟
ص119 فقرة أخيرة:
فالسومرية أستخدمت الكتابة الصورية وتلاشت، وبظهور الكتابة الاكدية تداخلت الالفاظ وتغيرت الكتابة الى المسمارية التي استعملها البابليون من مختلف الاثنيات بما فيهم الكلدان، وكما أستخدمها الآشوريون في شمال بلاد النهرين الى أن أجتاحت اللغة الآرامية  بلاد النهرين تدريجياً وتداخلت مع اللغة الأكدية بفرعيها البابلي والآشوري،(أنتهى الأقتباس).
وهنا نسأل الكاتب الدكتور رابي . هل لغة الكلدان هي الأكدية أم المسمارية أم الكلدانية ومعهم الآشوريون أن لغة الكلدان والآشور هي الآرامية؟ ثم من أين جائت الآرامية وكيف ومتى؟ والكاتب لم يتطرق الى اللغة السريانية في سرده للغات المذكورة أعلاه لا من قريب ولا من بعيد..فهل ليس لها وجود؟ هذا ما نتمنى سماعه من الكاتب المؤقر.

ملاحظة مهمة:قرائتنا وملاحظاتنا في مقالاتنا المتعددة سابقاً وحالياً ولاحقاً ، لكتاب الكاتب الأستاذ الدكتور عبدالله رابي ، هي حباً ومحبةً وأحتراماً له ولقلمه وهو أخ عزيز وسيبقى كذلك ، فهي وجهة نظرنا الخاصة نطرحها للفائدة الفكرية والثقافية وليس شيئاً آخر كما لربما يتصوره البعض .. أجمل التحيات للدكتور رابي وللقاريء الكريم.

(يتبع)

منصور عجمايا
30\حزيران\2017

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *