قائمة بابليون وزحمة القوائم في الكوتا المسيحية للانتخابات القادمة

العملية السياسية في العراق تمر بمرحلة عصيبة بجهة عدم استقرار الأوضاع الأمنية والأقتصادية للمواطن رغم مرور عشرة أعوام على سقوط النظام وبدء العملية الديمقراطية ، فالواقع الداخلي مهشم ومتأثر بتفاعلات اقليمية ، وهذا ما خلق مساحة كبيرة من اللامبالاة من قبل المواطن العراقي وعدم اهتمامه بأمر الأنتخابات ، ولم تعد تنطلي عليه الوعود والأوهام بتصليح الأوضاع العامة نحو الأحسن ، هكذا انعكست هذه الحالة من القنوط واليأس الى حد كبير على مجمل عملية الأنتخابات البرلمانية في العراق الأتحادي ، على خلفية وعود الأحزاب والكيانات وحتى الأشخاص الذين فازوا في الأنتخابات وفشلوا في تحقيق وعودهم ، بل انهم اداروا ظهورهم لمن اوصلوهم الى قبة البرلمان ، فكانت برامجهم وعوداً هوائية لم نلمس شيئاً من تلك الوعود على ارض الواقع . ولهذا السبب نجد الناخب اليوم ينأى بنفسه عن عملية الأنتخابات المهمة ، التي يمكن من خلالها قلب الموازين السياسية . لكن كما قلنا فإن التجربة المريرة قد ابعدت الناخب نفسياً من هذه العملية الديمقراطية المهمة .

رغم هذه الحالة من اليأس وخيبة الأمل ، لكن شخصياً ارى في ركن من الوجدان يكمن الأمل الذي نرى من خلاله بصيص من النور مرسوم على ملامح متجددة لمستقبل عراقي افضل ، إذ لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف .

إن انعدام الثقة بأعضاء البرلمان قد انعكس بشكل كبير على الناخب المسيحي من الكلدان والسريان والآشوريين وحتى الأرمن ، فنواب الكوتا المسيحية قد خيبوأ الآمال ايضاً .

إن الذين كانوا يدعون للوحدة بين ابناء الشعب المسيحي ، إنهم انفسهم كانوا منقسمين داخل قبة البرلمان ، ولم يمثلوا كتلة واحدة كما ينظر اليهم من الآخر المختلف عنهم دينياً وقومياً ، بعد ذلك فإن اعضاء البرلمان من الكوتا المسيحية لم يقدموا شيئاً ملموساً للمسيحيين من الكلدان والسريان والآشوريين ، اما برامجهم الأنتخابية فكانت حبراً على ورق لا اكثر .

من هذا كله نستنتج سبب عدم حماس الناخب العراقي عموماً والمسيحي خصوصاً من الأشتراك في هذه العملية الديمقراطية المهمة .

وفي نطاق الأنتخابات القادمة المزمع إجراؤها نهاية نيسان 2014 نلاحظ زحمة في القوائم المسيحية المتنافسة والمتكونة من 13 قائمة وهي :-

1 ـ قائمة بابليون ( ريان سالم صادق ) 25

2- مجلس اعيان قرقوش ( اسطيفو حبش ) 36

3- حزب الاتحاد الديمقراطي الكلداني ( ابلحد افرام ) 70

4- تحالف سورايي الوطني ( وليم خمو وردا ) 139

5- قائمة الرافدين التابعة للحركة الديمقراطية الاشورية ( يونادم كنا ) 176

6- قائمة بابل واشور ( عماد سالم ججو ميخا ) 183

7- قائمة الوركاء الوطنية ( شميران مروكل ) 195

8- الحزب الوطني الاشوري ( عمانوئيل خوشابا ) 199

9- حزب بيت نهرين الديمقراطي ( روميو هكاري ) 238

10- المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ( فهمي يوسف )253

11- ابناء النهرين ( كلاويز شابا ) 257

12- شلاما ( انو جوهر ) 258

13- قائمة السالم والمحبة لمسيحيي العراق ( فادية سيده الياس دنحا )276

إن هذه القوائم هي من اصل 277 قائمة لكيانات سجلوا اسمائهم للتنافس على 328 مقعد في البرلمان العراقي ، ومن هذه المقاعد ثمة ستة مقاعد للمسيحيين ، احد هذه المقاعد مخصص للارمن ، وخمسة مقاعد مخصصة للمكون المسيحي على اعتبارات دينية وليس قومية .

اكثر من نصف القوائم المسيحية المدرجة اعلاه تخوض المنافسة للمرة الأولى ، ولكن من بينها قوائم سبق لها خوض الأنتخابات منها من فاز في الأنتخابات ولأكثر من دورة ، وأخرى جربت حظها لكنها اخفقت في الحصول على مقعد . ويمكن تشخيص بعض الملاحظات على هذه الكيانات .

اولاً : ـ

ثمة رغبة اكيدة من الكيانات الكبيرة بكسب ود اطراف في الكوتا المسيحية لتكون مع خطابها في مبنى البرلمان ، وقد رأينا اطراف الكوتا المسيحية في انتخابات برلمان اقليم كوردستان وبشكل خاص المجلس الشعبي والحركة الديمقراطية الآشورية ، إذ كانت إشارات واضحة لمنح الأصوات لهذين الكيانين من قبل قوى سياسية كوردية .

اليوم في انتخابات البرلمان العراقي الأتحادي تتراءى جلياً نفس الحالة ، فالحصول على مقعد في العراق برلمان من قبل الكيانات المتنافسة يكلفها عشرات الآلاف من الأصوات بينما الحصول على مقعد عبر الكوتا المسيحية يكون عبر اصوات متواضعة إذا ما قورن العدد الكبير مع القوائم العامة ، هكذا كل كيان كبير يضع في الحسبان دعم هذه القائمة او تلك من القوائم المتنافسة في الكوتا المسيحية ليضمن اشخاص او كيان مؤيد لرؤيته من خارج كيانه السياسي .

ثانياً : ـ

ثمة بوادر للقيام بدعاية انتخابية من قبل الكتل الكبيرة ، كما ان قوائم الكوتا المسيحية ليست بمنأى عن تلك البوادر للقيام بدعاية انتخابية مبكرة وبشكل غير مباشر ، وعلى سبيل المثال فقد رأينا في توقيت عقد مؤتمر اصدقاء برطلة من قبل المجلس الشعبي .. في هذا الظرف بالذات والتحشيد الإعلامي والدعم المالي الذي رصده المجلس الشعبي … كان بمثابة الدعاية الأنتخابية ، فمن المعلوم إن مسألة التغير الديموغرافي ليست مسألة خاصة بحزب معين ، وليست وليدة اليوم ، هكذا توخى المجلس الشعبي إصابة اكثر من عصفور بحجر واحد حين عقد مؤتمر اصدقاء برطلة ، فكان تجيير المسألة القومية الكبيرة لحسابه ، وبنفس الوقت تعمد على إبعاد كل الأصوات السريانية والكلدانية الأصيلة عن المؤتمر ، كما عمل بشكل ما على إبعاد الحركة الديمقراطية الآشورية عن الحدث .

ثالثاً : ـ

هنالك إشارات انتخابية اخرى في بعض المواضيع الى درجة غير معقولة ، فكما هو معروف هنالك حالة غير مقبولة في عنكاوا ، وهي انتشار البارات ومحلات اللهو بشكل غير معقول ، وهذه الحالة مدانة من قبل اهل عنكاوا وأصدقائهم وكل طرف يعبر عن هذه الإدانة بصورة ما ، لكن مع جزيل احترامي للاخوة في كيان ابناء النهرين حين تحركهم حول المسألة كان مطلبهم غير معقول وذلك بتحويل المطاعم الكبيرة في عنكاوا والتي تقدم الغناء والطرب.. إلى كنائس

ان نطلب بغلقها ونقلها الى مكان آخر معد خصيصاً لذلك كأن يخصص قرية او موضع سياحي امر معقول . اما تحويل اماكنها الى كنائس فهذا مجافي للحقيقة والواقع . ماذا نعمل بهذا القدر من الكنائس ؟

ومن الذي يؤمها ؟

وأين الكهنة للصلاة وإدارة تلك الكنائس ؟

وهل لنا مشكلة نقص الكنائس ؟

ام لنا مشكلة نقص البشر ؟

ولهذا انا اعتبر المطلب كان يندرج في الدعاية الأنتخابية لكنه غير موفق .

وأعتقد نفس الكيان طلب حصر الأقتراع للكوتا بالمسيحيين فحسب ، وهذا ايضاً مطلب غير معقول ، فنحن نزاول لعبة سياسية بحتة ، فمن يمنع إنسان متعاطف مع المسيحيين ان يمنح صوته لقائمة كلدانية مثلاً ، ومن يمنع المسيحي لأدلاء بصوته لحزب كوردي او الحزب الشيوعي مثلاً ، إنه مطلب بعيد عن الموضوعية لا نقول اكثر .

رابعاً : ـ

كان المؤمل ان تكون هنالك قائمة كلدانية واحدة على خلفية الأخفاق الذي منيت به القائمتين الكلدانيتين في الأنتخابات السابقة بل كان هذا واحداً من القرارات المهمة للمؤتمر القومي الكلداني المنعقد في ديترويت برعاية المنبر الديمقراطي الكلداني الموحد ، إذ ان وجود قائمتين كلدانيتين في الأنتخابات السابقة ، سبب غياب نواب الشعب الكلداني عن البرلمان العراقي ، واليوم رغم تلك الرغبة في الخروج بقائمة كلدانية واحدة ، لكن في السياسة في الغالب لا تطابق حسابات البيدر مع حسابات الحقل ، هكذا خرج الكلدانيون بقائمتين ، الأولى وهي البابليون ورقمها 25 ويترأسها الشاب الكلداني ريان سالم صادق وسوف نتكلم بالتفصيل عن هذه القائمة في قادم كتاباتنا ، والثانية هي قائمة الحزب الديمقراطي الكلداني ويترأسها الأخ ابلحد افرام . ويرى المهتمون بالشأن القومي الكلداني ان تمنح الأصوات للشخصيات الكلدانية التي يقتنعون بها بغض النظر عن وجودهم في هذه القائمة الكلدانية او تلك .

الجدير بالذكر نحن في الساحة السياسية قد يتمخض الوضع في اية لحظة عن ولادة تحالفات جديدة ناجمة عن اتفاق او دمج قوائم .

يمكن إضافة ملاحظة اخرى وهي العمل في الأنتخابات القادمة بموجب نظام سانت ليغو المعدل ، حيث ان الشعب الكلداني خسر مقعداً لتكسبه الحركة الديمقراطية الآشورية بسبب تطبيق نفس النظام لكنه لم يكن معدل ، وفي القانون الجديد ستتوفر فرصة اكبر للكيانات الصغيرة للحصول على مقعد او اكثر .

في العموم انا شخصياً انظر الى الأنتخابات بمنظور الروح الرياضية ، ونتمنى ان لا تسود الضغائن والأحقاد بين ابناء الشعب الواحد المظلوم ، فالأنتخابات لعبة ديمقراطية جميلة ينبغي ان نمارسها بروح رياضية ، فلسنا على حلبة مصارعة . والشعب يدلي بصوته بمنتهى الحرية ، ولهذا نستهجن اسلوب شراء الذمم وشراء الأصوات ، لتكن عملية الأنتخابات عملية نقية لا سيما ما هو متعلق بالكوتا المسيحية ، رغم اعتراضنا على صيغتها الدينية . ، ولهذا المهم هو المساهمة في الأنتخابات عبر الإدلاء بصوت حسب قناعة الناخب ، وهو الطريق الأصوب للتأثير على العملية السياسية ووضعها في مسارها الطبيعي السليم .

 

د. حبيب تومي : اوسلو في 05 / 12 / 2013

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *