فيما الحكومة العراقية عاجزة عن اتخاذ قرار موحد تظاهرات على الحدود الكويتية ضد بناء ميناء مبارك


احتجاجات عراقية ضد بناء الكويت ميناء مبارك

أسامة مهدي / ايلاف

في وقت لم تستطع الحكومة العراقية إعلان موقف موحد من بناء ميناء مبارك نتيجة خلافات بين وزارتي الخارجية والنقل العراقيتين حوله فقد اعلن ناشطون ومنظمات شعبية عراقية عن البدء باعتصامات وتظاهرات على الحدود العراقية الكويتية.

أعلنت حركة 15 شباط لناشطي تظاهرات الاحتجاج الاسبوعية في ساحة التحرير في بغداد اليوم عن البدء باعتصام على الحدود العراقية الكويتية بدءا من الجمعة المقبل.

وأبلغ الناطق باسم حركة 15 شباط ناصر الياسري “ايلاف” في اتصال هاتفي من بغداد ان الحركة قررت البدء بحركات احتجاجية واعتصامات على الحدود العراقية الكويتية ردا على إصرار الحكومة الكويتية على بناء مشروع ميناء مبارك الذي سيلحق أضرارا فادحة بموانئ العراق الجنوبية ويلحق أضرارا فادحة بالاقتصاد العراقي، واشار الى ان الحركة تلقت الكثير من الطلبات للمشاركة في هذه الاحتجاجات والاعتصامات ومعظمها من منظمات وجمعيات ونقابات مهنية وأحزاب وحركات وطنية بالإضافة إلى مراجع دين عظام “ندين لهم بالولاء لمواقفهم الوطنية المعلنة” .. إضافة الى طلبات بجعل تلك الاعتصامات أسبوعية أسوة بتظاهرات ساحة التحرير في بغداد . واوضح ان مواطنين “خيرين” من أبناء محافظة البصرة الجنوبية قد تبرّعوا بتقديم واجب الضيافة للمحتجين والمعتصمين .

واضاف الياسري أن الحركة قررت وبعد التشاور مع باقي الحركات والمنظمات والشخصيات الوطنية أن يكون يوم الجمعة المقبل موعدا لبدء الاعتصام حيث سيكون التجمع في تمام الساعة الخامسة صباحا في ساحة التحرير وسط بغداد لتنطلق بعدها قوافل المعتصمين والمحتجين بحافلاتهم نحو مدينة البصرة ومنها إلى الحدود العراقية الكويتية . واوضح ان الحركة فتحت سجلا ووزّعت استمارات طلب للمشاركة في هذه الاحتجاجات يوقع فيها الراغب في المشاركة على طلبه الذي ينص على “أعلن انضمامي إلى الاعتصام الذي تقيمه حركة 15 شباط الإعلامية على الحدود العراقية الكويتية للمطالبة بإيقاف بناء ميناء مبارك وردع التجاوزات الكويتية على الأراضي العراقية ومياهه والتصدي لها ولأجله وقعت أدناه”.

كما عبر المرجع الشيعي آية الله قاسم الطائي اليوم عن استيائه من الموقف المتخاذل للمسؤولين العراقيين من بناء الكويت ميناء مبارك . وقال في بيان ” إن من هوان الدنيا على العراقيين ان تتحرك الكويت بشكل عدائي على العراق وأن يخنع سياسيوه لمثل هذا التصرف” .

ومن جانبه أعلن مجلس دعم العلاقات العراقية الكويتية أنه سينظم تظاهرة حاشدة الجمعة المقبل في منفذ سفوان الحدودي مع الكويت في محافظة البصرة احتجاجا على بناء ميناء مبارك الكبير. داعيا الجهات المنظمة للتظاهرة إلى عدم الخروج عن إطارها القانوني. وكان المنفذ شهد في التاسع عشر من آب (أغسطس) الماضي تظاهرة نظمها العشرات من أعضاء حركة شبابية داخل المنفذ للمطالبة بوقف ما أسمته بالتجاوزات الكويتية ما أدى إلى تعطيله بشكل موقت . كما هددت جماعة تطلق على نفسها “فرسان دولة القانون” في آب الماضي الحكومة الكويتية برد عسكري وتحشيد شعبي ما لم توقف بناء الميناء .

وقد فرضت السلطات الكويتية إجراءات أمنية وقائية مشددة حول موقع ميناء مبارك في جزيرة بوبيان بعد تعرضها لتهديدات من قبل جماعات عراقية مسلحة على خلفية تنفيذ المشروع أبرزها كتائب حزب الله في العراق التي أكد أنها تمتلك ثلاثة صواريخ مطورة بإمكانيات ذاتية قادرة على ضرب أهداف في العمق الكويتي.

عجز حكومي عراقي عن اتخاذ قرار موحد من الميناء

وتأتي هذه الاحتجاجات ضد الميناء فيما عجزت الحكومة العراقية لحد الان عن اتخاذ موقف رسمي موحد من بنائه نتيجة التباين الحاصل بين وزارتي الخارجية التي ترى ان الميناء لن يؤثر في الاقتصاد العراقي ووزارة النقل التي تؤكد انه سيخنق موانئ العراق الجنوبية . واليوم قال النائب عن التحالف الوطني حسن الساري إن مجلس النواب لم يتسلم لحد الآن الموقف الرسمي النهائي الخاص بملف ميناء مبارك من الحكومة مشيراً إلى أن هناك جهات داخلها مختلفة في رؤاها بشأن حجم الضرر الذي سيلحقه بالموانئ العراقية.

وقد ادى اعلان وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري بأن الميناء الكويتي لن يضرّ باقتصاد العراق او بموانئه الى اتهام نواب له بتلقي رشى من الكويت لاعلان موقفه هذا لكن الوزير وصف هذه الاتهامات مؤخرا بالملفقة والمسيئة للعراق حكومة ودولة مؤكدا البدء بإجراءات قضائية اليوم لمحاسبة مطلقي هذه التصريحات التي تخرب علاقات العراق الخارجية .

واشار الى ان هذه الاتهامات تدخل في باب المزايدات السياسية ولاتعبر عن الواقع بقدر ما تشكل عملية تخريب لعلاقات العراق الخارجية …وتساءل قائلا : لمصلحة من تأتي هذه التصريحات المسيئة التي تطلق من دون ضوابط وتعمل على عرقلة تسوية القضايا العالقة مع الكويت التي يدفع لها العراق مبلغ 120 مليون دولار شهريا كتعويضات عن الغزو.

وبدورها نفت الحكومة الكويتية تقديمها هدايا ومبالغ مالية لمسؤولين عراقيين للتغاضي عن بناء ميناء مبارك معربة عن “أسفها الشديد” لهذه التصريحات والتي من شأنها الإساءة البالغة للمسؤولين في الجانبين والإضرار بالعلاقات بين البلدين الشقيقين. وقال المتحدث باسم الحكومة الكويتية محمد البصيري في حديث صحافي إن الحكومة الكويتية “تنفي نفيا قاطعا الانباء التي تحدثت عن تقديم هدايا ومبالغ مالية لمسؤولين عراقيين للتغاضي عن بناء ميناء مبارك”. وأكد أن “السفير الكويتي في بغداد علي المؤمن نفى سابقا لعدد من وسائل الإعلام العراقية تلك الأنباء”.

ومن المنتظرأن يعكف البرلمان العراقي بعد عطلة عيد الاضحى منتصف الشهر المقبل على مناقشة تقرير للجنة الفنية العراقية التي ترأسها كبير مستشاري الحكومة العراقية ثامر الغضبان الذي زار الكويت مؤخرا واجرى مباحثات مع المسؤولين فيها حول ميناء مبارك والمراحل التي سيتم من خلالها تنفيذه ومدى تأثيره في موانئ العراق الجنوبية ومدى الأضرار التي يمكن ان تلحق بالاقتصاد العراقي نتيجة ذلك . وتهدف هذه المناقشات الى الخروج بموقف رسمي عراقي موحد من مسألة ميناء مبارك استناداً لما توصلت اليه اللجنة الفنية.

يذكر أن الكويت باشرت في السادس من نيسان (ابريل) الماضي بإنشاء ميناء مبارك الكبير في جزيرة بوبيان القريبة من السواحل العراقية وذلك بعد عام من وضع وزارة النقل العراقية حجر الأساس لمشروع إنشاء ميناء الفاو الكبير ما تسبب بنشوب أزمة بين البلدين . ويقول الكويتيون إن الميناء ستكون له نتائج اقتصادية وإستراتيجية مهمة لكن مسؤولين عراقيين يؤكدون من جهتهم ان الميناء سيقلل من أهمية الموانئ العراقية ويقيد الملاحة البحرية في قناة خور عبد الله المؤدية إلى ميناءي أم قصر وخور الزبير، ويجعل مشروع ميناء الفاو الكبير بلا قيمة.

وأهم نقاط التقرير الفني الذي سيناقشه مجلس النواب ينصب على نجاح الوفد العراقي بإقناع الكويت بالتخلي عن تنفيذ المرحلة الرابعة من ميناء مبارك والتي تتضمن بناء 60 رصيفا فضلا عن التخلي عن إنشاء كاسر الأمواج . لكن هذا الاتفاق مازال شفاهيا ولم يتضمن أي ضمانات مكتوبة للعراق بأن الكويت لن تنفذ المرحلة الرابعة فعلا.

يشار الى ان مشروع ميناء مبارك الذي أعلنت الكويت عن البدء بإنشائه في السادس من نيسان الماضي يأتي بعد عام من إعلان العراق عن بناء ميناء الفاو الكبير وسط تحذير اقتصاديين بأن الميناء الكويتي الجديد سوف يقطع الممر الملاحي الوحيد المؤدي إلى ميناءي أم قصر وخور الزبير العراقيين . وبدأت مؤخرا آليات ومعدات إنشائية ثقيلة تعمل حاليا على دق الركائز وإنشاء الطرق والسداد الترابية وتشييد المنشآت السطحية في جزيرة بوبيان غير الآهلة التي تقع في الجهة المقابلة لموقع ميناء الفاو الكبير.

وتقول مصادر عراقية إن بناء الكويت ميناء مبارك سيفقد ميناء البصرة الكبير أهميته ودوره ويقلل من قيمته الاقتصادية للعراق بنسبة 60% . وتشير الى ان العراق والكويت متفقان على إنشاء الموانئ لكن من دون التجاوز على الممر المائي خاصة وان المعلومات التي حصلت عليها الحكومة العراقية تؤكد تقدم الجانب الكويتي لنحو كيلومتر باتجاه الممر المائي العميق في خور عبد الله المشترك . ولكن الكويت تقول إن المشروع سينفذ على أربع مراحل تنتهي آخرها في عام 2016 ويشمل إنشاء أرصفة للحاويات بطول كيلومتر ونصف وعشرات المراسي ومنطقة حرة للتبادل التجاري ومجمع سكني متكامل وخط للسكك الحديدية يربط بين طرفي الجزيرة.

وطلبت الحكومة العراقية من نظيرتها الكويتية في تموز (يوليو) الماضي إيقاف العمل موقتاً بالمشروع لحين التأكد من أنه لا يؤثر في حقوق العراق الملاحية إلا أنها أكدت رفض الطلب معتبرة أنه لا يستند إلى أي أساس قانوني كما جددت تأكيدها أن المشروع يقع ضمن حدودها ولا يعيق الملاحة البحرية في المنطقة.

وكان العراق طلب رسميا في السابع والعشرين من تموز (يوليو) الماضي من الكويت وقف العمل موقتاً بمشروع ميناء مبارك لحين التأكد من عدم تأثر حقوق العراق الملاحية فيما أعلنت الحكومة الكويتية في اليوم نفسه عن رفضها الطلب معتبرة أنه لا يستند إلى أساس قانوني مؤكدا أن الميناء يقع ضمن الأراضي الكويتية ولا يعرقل مرور البواخر التجارية التي تسلك قناة خور عبد الله.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *