فن الخداع

                                        

عدم الخبرة في مواجهة الخداع أمرفي غاية الصعوبة والتعقيد في مجتمع يتيح ويسهل للجميع إنشاء شركات متعددة لتقديم خدماتها من اجل زيادة فرص العمل والمنافسة وتطويرحركة السوق وازدهاره وتلبية ما يحتاجه المواطن من المتطلبات الضرورية في حياته ، وهذا امر طبيعي يسعى إليه أي نظام في إعطاء الجميع فرص التحرك وفي مجالات متنوعة.

ولكن في خضم معمعة الزحام والتراكم في تقديم الخدمات فإن فن الخداع هو الذي يفرض نفسه لدرجة ان المرء لا يعرف كيفية الاختيار ولا يفرق بين الأمانة ونقيضها وفي هكذا حالة يجب ان يكون المواطن على دراية بالكثير من القوانين التي تمس جانبا من حياته، ويبحث   عن التفاصيل في دهاليزها المظلمة إن جاز لنا التعبير، لان القانون وكما يقال لا يحمي المغفلين إن حدث وتم خداع أحد ما. فكرة هذه المقالة وكتابتها خطرت على بالي بسبب الاحداث العديدة التي مرت بي بدءا من اليوم الاول ألذي وطأت قدماي فيه مدينة باريس والى يومنا هذا. في ألأسبوع ألاول بعد وصولي اضعت مفتاح شقتي وكان الوقت مساء لذا إتجهت الى الجيران طالبة العون والمساعدة ، فنصحوني بالإتصال بشركة مختصة بمعالجة ألابواب، فاتصلت بها وبعد مرور بعض الوقت وصلوا مع اجهزتهم المعقدة، ويبدوانهم كانوا غير محترفين فقد استعصى عليهم فتح الباب ، فأقدموا على كسره ومن ثم طلبوا مني مبلغا كبيرا في فاتورتهم وبعد احتجاجي على المبلغ المطلوب. قالوا لي ” اتصلي بشركة تأمين الشقة وقولي لهم ان لصوصا اقتحموا شقتي. وهم سيدفعون اضعاف المبلغ الذي نطلبه” فرضخت على مضض ودفعت لهم المبلغ صاغرة !! .

الامر يشمل جميع الشركات التي نتعامل معها في حياتنا اليومية ، فلدى تأمين المنزل يجب أن تدفع  الى هذه الشركة مبلغا شهريا وهذا بالطبع يعتمد على حجم المنزل وعدد غرفه، ويزداد المبلغ على ضوء ذلك ، ولكن الغريب اذا حدثت أضرارما في المنزل جراء كارثة طبيعية أولأي سبب اخر، تعتذرشركة ألتأمين وتقول بانها آسفة لان عقدها لايتضمن مسببات هذا النوع من الضرر ومهما قدمت من البراهين والادلة على مشروعية طلبك  للتعويض سوف  يتحججون بحجة ما لكي لايدفعوا لك شيئا..

 اما البنوك فهي من اكثر المؤسسات احتيالا على الناس فهي لاتنفك عن الاتصال بالزبائن لعرض خدماتها والتي تقول عنها بانها مجانية بغض النظر عن المبلغ الذي يجب دفعه شهريا للبنك لادارته للحساب الشخصي. ولكن هذه الخدعة تنطلي على الشخص ويكتشف بعد حين ان البنك قد استقطع من حسابه مبلغا من المال ، وعندما يسأل عن ماهيته يقول مسؤوله : هذه مقابل الخدمة التي نقدمها لك..الغريب ان الذي يوقع للحصول على هذه الخدمة مهما قرأ العقد ولمرات عديدة فلن يفهمه كون المصطلحات المالية والإدارية صعبة الفهم حتى على الفرنسيين لذا يقع الشخص في فخ البيروقراطية ، ويحاول الرئيس هولاند ان يصدر قانونا بتسهيل وفهم المصطلحات المستخدمة ولكن الحكومة لها أولويات تسبق هذا الموضوع.

اما شركات الغاز والكهرباء فهي أيضا تقوم بالاحتيال على المستهلكين، ومهما غيرنا من شركة إلى اخرى نقع في نفس المصيدة، مصيدة الخداع..  فشهريا يجب ان تدفع الى شركة الغاز والكهرباء مبلغا معينا تفرضه هي بحسب حجم المنزل وعدد الأجهزة الكهربائية،  وما ان تأتي نهاية السنة حتى يرسلوا فاتورة تسمى بفاتورة الفروقات وغالبا ما تحتوي مبلغا كبيرا ويطلب منك تسديده مع المبلغ الشهري لفاتورتي الغاز والكهرباء .. ومن الصعوبة جدا الاحتجاج على ذلك كوننا لانفهم كيف يتم احتساب الكمية المستخدمة في إستهلاكهما .

وتتعدد الأمثلة وتطول القائمة من أجهزة الهاتف والانترنت والتأمين الصحي ..الخ لذا فمن الضروري الالمام بالقانون او ان يكون لكل فرد محام يشرح له مضمون العقود التي يوقعها مع الجهات التي يتعامل معها ..ولاننسى ان المحامي هو أيضا يطلب مبلغا من المال كالاخرين بمجرد تقديم مشورة او نصيحة صغيرة ، وليس علينا إلا ان نقول بعد كل خداع : حسبنا الله ونعم الوكيل  ….

 

 د.تارا إبراهيم – باريس

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *