غـبطة الـﭘاطريرك الكـلـداني مار لـويس ساكـو المحـترم ونـداؤه إلى المهاجـرين

بتأريخ 13 تشرين الأول 2013 نشر موقع الـﭘاطريركـية الكـلـدانية الأغـر مقالاً بعـنـوان ــ يا مهاجـرين إرجعـوا ــ يمكـن الإطلاع عـليه عـنـد الرابـط http://www.saint-adday.com/index.php/permalink/5105.html ونودّ التعـقـيـب عـليه بما يلي :

أرأ بْـكــْـنـوشْـتا و بَـرناشا بْـلـْـوِشْـتا = الأرض بالسكان والإنسان بالملابس …. مَـثـلٌ من تراثـنا الشعـبي سهـل المعـنى فالأرض بساكـنيها ، إنْ فـرغـتْ صارت جـرداء كالإنسان بلا ملابس يصير عارياً . إن نـداء غـبطة الـﭘاطريرك هـو صراخ الراعي برعـيته المنـتـشرة في كـل بقاع الـدنيا ، صيحة مخـلص صادق تـنم عـن إعـتـزازه بأبناء الرعـية يريـد جـمعَـهم من أراضي الشتات إلى أرض الآباء والأجـداد ، نعـم إنها نـظـرة بعـيـدة المـدى وتـصـوُّرَه صحـيح لِما سـيؤول إليه الأمر بعـد 100 سنة .

نعـم نحـن هاجـرنا كما عـمل الكـثير من قـبلـنا ، فهجـرة الأفـراد من أبناء شعـبنا الكـلـداني كانت قـد بـدأتْ منـذ قـرون ، تـطـوَّرتْ إلى هـجـرة متـقـطعة لعـوائل منـفـردة ، إزدادت بعـض الشيء في سبعـينات القـرن الماضي ، وأسرعَـتْ بعـد 1990 ، ثم إشتـدّتْ بعـد 2003 ولا تـزال حـتى الـيوم . تـنـوَّعـتْ أسباب الهجـرة ولكـنها في العـقـود الأخـيرة صارت عـلى الأغـلب الأعـم تـنحـصر في الحـفاظ عـلى الحـياة والبحـث عـن الأمن والإستـقـرار ومعها الحـرية تاركـين ميراث الأجـداد وجـهـد العـمر ، أما الهجـرة من أجـل الـترفـيه الإقـتـصادي فـتأتي في الـدرجة الثانية .

وفي المهجـر شـيِّـد شعـبنا الكـلـداني والأرمني مع السرياني والآثـوري كـنائس أينما حـلـّـوا وأدّوا طقـوسهم في كـل مناسباتهم ولم يتركـوها ، كما أن تـنـقــُّـلهم بـين الـدول للحـصول عـلى موطىء قـدم للإستـقـرار لم يغـيّـر إيمانهم ( مأثرا لأثرا شنـّـيتون من مرخـون لا شنـّـيتون = تـنـقـلـتم من قـطـر إلى قـطـر ولم تـتـحـوَّلـوا عـن ربـكم ) وحافـَـظـوا عـلى تـقالـيدهم وعاداتهم قـدر الإمكان ، إلاّ البعـض القـليل إخـتار كـنائس أخـرى للصلاة فـكانت لهم أسبابهم يمكـن الـتـطـرّق إليها لو طُـلـِـبَ منا .

سـيـدنا العـزيز :

أوردتَ لـنا في نـدائك تعـبـيراً قـلتَ فـيه ــ حـتى لو غابت عـن السماء زرقـتها فلا تغـلقـنَّ النافـذة امام شعاع الامل ــ فـنحـن نـتساءل هل لا يزال هـناك أشعة من نـور الـتـفاؤل تـنـفـذ من الـنـوافـذ ، بل بالأحـرى هـل يوجـد أمل ، وأين ؟ من جانب آخـر إن الإنسان ليس بالخـبز وحـده يعـيش وإنَّما بما يضمن الحـياة نابضة فـما العـمل حـين ترى رجـل الأمن لا يأمن عـلى حـياته ؟ وما نفع اللون إذا السماء كـشـفـتْ عـن زرقـتها ؟

في عام 1999 سألتُ الأب الفاضل يوسف توما : أبونا إبراهـيم هاجـر بإتجاه الأردن ، والطفل يسوع هاجـر إلى مصر ، والرسول ﭘـولس هاجـر إلى بلاد العـرب ، فـماذا تـقـول عـن هـجـرتـنا ؟ … قـرأ الأب يوسف السؤالَ أمام الحـضور فإبتسم ولم يجـب عـليه البتة ، ربما كان له مبرر في ذلك الوقـت ! كـرّرتُ سـؤالي له في عام 2010 ومذكـراً إياه أنها المرة الثانية فـكان جـوابه أن ذلك يحـتاج إلى دراسة … ولما أعـدتُ نـفـس السؤال له في سفـرته الأخـيرة 2013 كان جـوابه ( أنـتم إنهـزمتم ) ….. طيب أنا قـبلتُ جـوابه ولكـن في ذات الجـلسة سأله أحـد الحـضور سؤالاً عـن الهجـرة أيضاً ، فـقال الأب : ( والـديَّ أو أجـدادي أيضاً هاجـروا من تركـيا بسبب الظروف !! ) لاحـظ الفـرق في الإجابات .

إن أبونا إبراهـيم هاجـر ولم يعـد ، والطفل يسوع هاجـر ولم يرجـع إلاّ بعـد أن إستـقـر الوضع وأمَّن عـلى حـياته ! وهـكـذا الرسول ﭘـولس ، فـبأية صورة تريـدنا أن نرجع يا سـيـدنا وتـتحـمـل مسؤوليتـنا ؟ هـل أمـَّـنتَ لنا الأمان أولاً ؟ أم تريـدنا أن نرجع وسط المفـخخات المفاجـئة في كـل مكان ، وإحـتمالات الإخـتـطاف أكـثر وقـوعاً للراجع من بـلـد الغـربة والظن الخاطىء بجـيوبه المنـتـفـخة ، أم نرجع أمام الإغـتـيالات العـشـوائـية ، أم تريـدنا أن نساهم في رفع نسبة البطالة غـير المعـلنة ، أم نأتي إلى خـضم الـفـساد المستـشري في كـل غـصَين من الشجـرة الإدارية ؟ ألستَ ( مشكـوراً ) أنت الـذي طـلبتَ من أعـلى سـلطة في الـدولة أن يعـمل عـلى معالجة موضوع إستحـواذ بعـض الأشخاص على بـيوت المسيحـيـين . وهـنا أود أن أذكـِّـرك لو أتاحـتْـك الفـرصة وإلتـقـيتَ رئيس الوزراء ثانية إطرح أمامه معـضلة المسيحي الصامد عـلى أرض العـراق والإجحاف الـذي يلحـق بحـقـوقه وحـضانة أولاده في قانون الأحـوال المدنية…… لقـد صار المسيحي يشتاق إلى الوطـن وهـو في عـقـر داره الوطـنية ، وهـذا موضوع مطـوَّل سـيـدنا .

نحـن الآباء لا نستـصعـب الرجـوع فـقـد سبق لـنا وأنْ عُـجـِنـّا في طينة العـراق وما فـيه ، ولكـن شـبابنا في المهجـر هم أولـئك الـذين هاجـروا في مراحـل الطـفـولة والـبعـض منهم ولِـدوا في هـذه البـلـدان قـد تبعـثـروا بـين بلجـيكا وأستراليا والـدانمارك وأميركا والنرويج وكـنـدا وألمانيا وفـرنسا وجـميع الـدول الأوروﭘـية وفي أقـطار أخـرى بعـيـدة وبَـنـوا شخـصيتهم فـيها ، وأكـثرهم لا يعـرف اللغة العـربـية تـكـلماً ولا كـتابة ، فـماذا سيعـمل هـؤلاء حـين تراهم ألمانياً وفـرنسياً وإسـﭘانياً وإنـﮔـلـيزياً ؟ ناهـيك عـن أنهم تـثـقـفـوا بثـقافة هـذه الشعـوب بما تعـنيه الكـلمة من معاني إجـتماعـية لا تجـد مثـلها في قاموس الـدولة العـراقـية الديمقـراطية من زاخـو وحـتى الفاو ، ولم يعـد بإمكانهم التعامل مع عـبارة ( روح تعال باﭼـر ) ولا يمكـنهم قـبول ضابط أو شيخ أو أي متسكع يتـقـدم عـنـد شباك أية دائرة مفضلاً نـفـسه عـلى طابور ينـتـظـر ، ولا أريـد أن أخـوض ساحة السلـبـيات الأخـرى .

سـيـدنا الموقـر

أنت تـدري بأن قادة عـراقـيّـين كـثيرين اليوم يحـملون جـنسية أجـنبـية إضافة إلى الجـنسية العـراقـية يحـتـفـظـون بها لـلـيوم الذي لا ينـفع فـيه مال ولا بنون ليضمنـوا الأمان ، فـما هـو ذلك اليوم ولماذا يأخـذونه في الحـسبان ؟ ناهـيك عـن أن عـوائل الـبعـض منهم لم تـلـتحـق بهم إلى العـراق .

آراء الـبعـض

أحـد الأصدقاء أراد أن يفائـلـني قائلاً أن عـرباً وأكـراداً رجـعـوا … فـقـلتُ له : إنَّ رجـوع الأكـراد والعـرب ( إنْ حـصلَ !) فـهـو واردٌ لأنهم يشعـرون بأن لهم دولة وحـكـومة وسـلطة تحـكم ، مثلما رجع اليهـود إلى إسرائيل ، فـكـيف تـقارنـنا بهم ؟ يا أخي هـناك في وطـنـنا مَن لا يقـبل إسم : الكـلـدان أو السريان أو الصابئة أو الآثـوريّـين ناهـيك عـن المصطلحات الأخـرى القـديمة منها والمبتـكـرة حـديثاً ، وإن الجار الحـميم والـودود سابقاً صار اليوم يسـطـو غازياً يطلب الجـزية ، إنه شيء غـريـب لا يُـصـدَّق . وكـتب زميل ثاني : الكـنيسة تطلب من المهاجـرين العـودة إلى الوطن…. ولكـن ما هـو تعـريف الوطن ؟ لا يمكـن تحـديده بالرقعة الجغـرافـية …. ولكـن بعـواملَ محـدّدة تجعل من الرقعة الجغـرافـية وطناً فـعـلياً ! وقال ثالـث : سنـصبح وقـوداً للسياسيّـين ورجال الدين ….لا يوجـد كـيان مسيحي حـر في البلدان الإسلامية ، وقال رابع : السيد المسيح قال إنْ أضطهدوكم في مدينة فإهـربوا إلى أخـرى وهذا هـو الثمن …. الهروب .

إن مقـولة : لا شعـب بلا أرض ولا أرض بـدون شعـب …. تبـدو منـطـقـية ولكـن التأريخ يقـول لـنا شيئاً آخـراً ، فـشعـوب كـثيرة صارت أسيرة أو لاجـئة في وطـنها الأصلي الـذي إحـتـلته أقـوام غـريـبة جعـلتْ من نـفـسها مالكة لهـذا الوطن بقـوة جـيوشها ووحـشية قـساوتها ، فـهـل يقـبل أحـد أن نـقـول اليوم أن شعـب مراكـش ليس عـربـياً ، وأنَّ مراكـش ليس وطـناً عـربـياً ودينه ليس إسلاماً ؟ .

سـيـدنا العـزيز

إن نـداءكم نابع عن حـب وإخلاص كما ذكـرتُ في بـداية المقال ، وهـو شيء جـميل قـد يمكـن تحـقـيقه حـين تـوفـر مستلزمات الرجـوع التي لا يمكـن لأهـل الـدار توفـيرها ، ولا السلطة المتـنـفـذة التي نرى الـيوم صورتها ، لأنها جُـرِّدَتْ من قابلياتها وإمكانياتها ، فالمسألة أكـبر من جـميعـنا . أما سؤالـنا الأخـير : هـل نسجـل أسماءنا في سفاراتـنا للمشاركة في إنـتخابات العـراق القادمة أم نوصي مَن يمـد يـد المساعـدة لـنا بعـد رجـوعـنا إلى العـراق ؟

 

بقـلم : مايكـل سـيـﭘـي / سـدني

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *