غبطة البطريرك لويس ساكو والشيخ ريان الكلداني والعلاقة غير المتكافئة

 

أرجو أن لا يُفهم من مقالي هذا بأنني ضد طرف ومع طرف آخر، أو بأن هذا المقال هو تجاوز على شخصية أي إنسان، فإحترام الجميع موجود كما هي كرامتهم ومواقعهم، ولكنني أقول تتطلب منّا بعض الحالات أن نكون شجعان ونواجه الحقيقة ونضع النقاط على الحروف لنصل إلى النتيجة، فمسألة الصراحة لا يجب أن تُفهم على إنها إنتقاصاً من مكانة أحد بقدر ما هي تبصير وتوضيح للحقيقة وتنوير لمن فاتته بعض الحقائق.

غبطة البطريرك لويس ساكو غني عن التعريف فهو بطريرك بابل على الكلدان ومؤسس الرابطة الكلدانية، كان غبطته ضد كل ما هو كلداني حتى الأمس القريب، بالرغم من أنه يحمل لقب بطريرك بابل على الكلدان، قدم تنازلات كثيرة ومتعددة لم يكن هناك داعِ لتقديمها، كما تعصب ضد القوميين الكلدان ونعتهم بكلمات لا تليق بهم مثل القومچية وغيرها ومن بعده رددها الببغائيون والأذناب، ولكن نشكر الله اليوم أن غبطته استطاع أن يدير هذه الدفة بكل إقتدار ويعيد الأمور إلى نصابها فكانت ندوته في فرنسا قد أوضحت بما لا لبس فيه أن سيادته قد أتجه نحو الكلدان حيث أكد على الوعي القومي الكلداني والهوية الكلدانية، وينقص شيئ واحد فقط هو أن يتمسك بلغة آبائه وأجداده وهي اللغة الكلدانية وليست السريانية، وبهذا نقول ونعيد لغرض الفائدة وكما يقول المثل العراقي ( في الإعادة إفادة) ونكرر أن لا تعارض في الهويات لا بل تعدد الهويات هي حالة وعي ونضوج كامل، فالإنتماء القومي الكلداني (اي الهوية الكلدانية) لا يتعارض مطلقاً مع الهوية الوطنية والدينية والمناطقية والمذهبية وغير ذلك، مثلاً أين الخلل عندما أقول أنا عراقي كلداني ألقوشي مسيحي كاثوليكي؟ لنناقش ببساطة ونتساءل ما هو العراق وأين هو العراق ؟ أليس العراق هو حدود لعدة محافظات ؟ ثم نقول أين هي نينوى؟ أليست قضاء الموصل وتلكيف والقوش وتللسقف وووو الخ ؟ وأين هي ألقوش أليست المحلات المجتمعة والتي كوّنت ألقوش ؟ والمحلات من اين اتت ؟ أليست العشائر والبيوتات هي التي كوّنت تلك المحلات ؟ أين هو التعارض في ذلك ؟ ولماذا الخجل لإخفاء هويتي القومية ؟ أليس من العيب جداً أن نختفي وراء الهوية الدينية خجلاً من هويتنا القومية ( عندما يسألوننا وحتى الأمس القريب من أين أنت لا نجيب بأنني كلداني بل اقول مسيحي) لماذا هذا الخجل ؟ ولماذا هذا التهرب من الواقع الحقيقي المشرّف؟ لقد قامت الكنيسة بدور كبير في سبيل أن يطغي هذا المفهوم وهناك اليوم مطارنة ينادون بالهوية الدينية كما سماها أحد المطارنة الهوية المسيحانية ويريدها أن تطغي على الهوية القومية واراد أن يبث وعي خاطئ بين صفوف الجماهير حينما قال مسيحيين ونحن واحد في المسيح، هذا الكلام يصح عندما تكون في موعظة في الكنيسة ولا يصح عندما تتكلم عن وطن اسمه العراق أو عن تاريخ أمة اسمها الأمة الكلدانية، هذه مغالطات ويجب التمييز بين المصطلحين، لذا نشد على يد غبطته ونقول له حسناً فعلت يا مولانا عندما أبديت إهتماماً بالقومية الكلدانية وناديت بالوعي القومي الكلداني وتطالب ابناء شعبك من المسيحيين الكلدان التمسك بهويته ووطنه وتراثه وتاريخه ولغته الكلدانية.

الشيخ ريّان الكلداني،  شاب في مقتبل العمر ظهر فجأة على مسرح الأحداث بصفته الرسمية يحمل لقب الشيخ العام للكلدان، ومستشار المصالحة الوطنية، وتفاجأ الجميع بهذا الظهور بحيث أنهالت المكالمات الهاتفية مستفسرة عن هذا الرجل واصوله وهل هو كلداني وهل تم إنتخابه شيخاً على الكلدان وأين ومتى وكيف ومَن أنتخبه، ولما عرفوا أنه من ألقوش هدأت العاصفة قليلاً ومن ثم تم التعرف إليه عن قرب وتبينت المعلومات الكافية عنه، وبالمقابل بدأت الطبول الصفراء المملوءة حقداً على كل أسم كلداني لامع ويلمع تقرع قرعاً مخيفاً تنتقص من شخصية الرجل وتبحث في الدفاتر القديمة عسى ولعلها تستطيع العثور على شائبة يستطيعون النفوذ منها إلى شخصيته والتأثير على مواقفه، ولكن يبدو لي أن الرجل كان أصلب من تلك المحاولات الخبيثة، فها هو القامة الكلدانية الباسقة يشق طريقه بشجاعة الآلاقشة مستمد عزمه وقوته من إيمانه المسيحي الذي يجاهر به عَلَناً دون محاباة أو مجاملة ويستمد شجاعته من شجاعة أجداده الكلدان الألاقشة، مندفع وصل إلى موقع قيادي في الحشد الشعبي وتمكن هو الوحيد من كل رجال الكلدان أن يؤسس ميليشيا مسيحية بابلية مسلحة وشارك مع إخوته أبناء القوات المسلحة في مواقع القتال المتقدمة لتحرير أرض العراق من كل مَن يحاول تدنيسها، نعم نقول لم يتم إنتخابه شيخاً من قبل مجلس عشائر ألقوش أو غيرها، ولكن الرجل أوضح كيف حمل هذا اللقب في أكثر من مناسبة وعلى الهواء مباشرة، ولم يتقدم اي كلداني إليه ليقول له يا استاذ ريّان أنا أرفض أن تكون شيخاً، ثم ما المانع وما هو تأثيره على ذلك؟لا أريد الدخول في هذه التفاصيل ولكنها ضرورية لأنها أقلقت كرسي البطريركية والدليل أنها ما زالت مهتمة بذلك وتصدر بين الفينة والأخرى بيانات تقلل من قيمة هذا الرجل الشهم الشجاع، ما فعله ريّان لم تفعله أية شخصية كلدانية أخرى في هذا المجال، لا دينية ولا مدنية، السؤال هو أي من الشخصيات الكلدانية تمكنت من الوقوف على اقدامها والبروز كقوة فاعلة في العراق؟ ألم ينادي الشيخ ريان بالهوية القومية الكلدانية ؟ ألم يرفع العَلَم القومي الكلداني ؟ ألم يجاهر علناً بمسيحيته ؟ الرجل منذ البداية ولحد اليوم هو وطني حد النخاع وقومي ومسيحي وعراقي أصيل، أسس كتائب بابليون بينما لم يتمكن اي كلداني أن يفعل ذلك، تراه يجوب ساحات الإحتدام والمعارك ويتكلم باسم الكلداني والصليب إلى جانبه، يرفع راية الكلدان اينما تطلب الموقف ذلك،

مقارنة بسيطة / لقد وصل الاستاذ طارق عزيز إلى ما وصل إليه في ظل النظام السابق قبل 2003، وكان شخصية عراقية وعالمية، ولكن ماذا فعل للكلدان ؟ ماذا فعل للمسيحيين ؟ وهل أجار أحداً إذا أستجار به ؟ وكيف كانت علاقته مع كرسي البطريركية ومع المسيحيين عامة ؟ لم يقدم له التهنئة اياً من أعضاء القيادة في عيده الديني!!!! وهل يمكن أن نقارن بين هذا وذاك على الأقل في هذا المجال فقط ؟

كان السيد يونادم كنا من أحباب القائد بريمر حيث تم تعيينه كممثل للمسيحيين في مجلس الحكم ما هي إنجازات السيد يونادم كنا للمسيحيين ؟ نعم يفتخر بأنه بذل كل جهده في سبيل القضاء على كل ما هو كلداني، استطاع أن يمرر مخططات رهيبة ضد الكلدان وأعلنها على الهواء رفضه التام لكل ما هو كلداني، لا بل كان يحاول إهانة الكلدان في كل مناسبة وفي كل حديث والدليل على ذلك ظهوره على شاشة التلفزيون في برنامج سحور سياسي وهذيانه عن الكلدان، اين هو الوعي القومي والغيرة عند الكلدانيين المنتمين إلى الزوعا وهم يبلعون إهانات يونادم كنا ويتجرعون كأس السم من شفاه يونادم كنا ؟ وهل يمكننا أن نقارنهم بالشيخ ريّان الكلداني ألألقوشي ؟ كم قيادي كلداني موجود في الزوعا تنكّر لهويته القومية ومستعد أن ينكر مسيحيته غداً إذا أقتضى الأمر، الوزراء المسيحيون الذين تم تعيينهم على حساب الزوعا هم من عائلة القائد كنا ابن أخته وابن أخيه وغيرهم، زار الشيخ ريان بعض القرى الكلدانية ومن ضمنها ألقوش وقد تمكن من مساعدة مَن استجار به كما كان يزور المستشفيات ويستمع لبعض المنكوبات ويحاول المساعدة على قدر ما يتمكن منها، كما زار الأديرة والسادة المطارنة وحاول عدة مرات  أن يزور مقر البطريركية لكن الممانعة كانت من الطرف الثاني ولا أدري هل هي تكبّراً أم استعلاءاً وهل هذه الصفة تليق بالبطريركية ؟ ألم يكن من الواجب ومن صفات مَن يحمل سمة المسيحية أن يكون متواضعاً ورحوماً وغفوراً ومسامحاً؟ لماذا رفضت البطريركية مقابلة الشيخ ريان الكلداني؟ لا تقولوا لم يتم ذلك، فالجواب جاءني من فم المسؤول الأعلى إلى اذني مباشرة وفي مكالمة هاتفية ولم ينقل أحداً هذا الكلام ولم اسمعه من أحد، في جميع مواقف الشيخ ريان اراه يبدي كامل التقدير والإحترام لشخص البطريرك مار لويس ولم نسمع في اي يوم من الأيام كلمة سيئة وحاشاه أن يصدر كلام من هذا القبيل منه، بل بكل أدب وإحترام يذكر أسم البطريرك والسادة المطارنة والكهنة، شاهدنا والجميع شاهد فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الإجتماعي (الفيس بوك) أن الشيخ ريان الكلداني وبرفقة قادة الحشد الشعبي كيف استطاع إعادة دار لأحد المسيحيين أغتصبها شخص مسلم عنوة وتم إنذار ذلك المواطن بوجوب إخلاء الدار بعد ساعات وإعادتها إلى صاحبها الحقيقي وهذه رسالة لجميع من أستولى على دور المسيحيين عنوة أو بتزوير الأوراق والمستمسكات( وبهذه المناسبة أتمنى على الشيخ ريان أن يساعدنا في إعادة دار أهلي المغتصبة عنوة في بغداد وداري المغتصبة عنوة في كركوك ويساعدنا على إستعادتيهما)

ماذا نريد من الشيخ ريّان الكلداني أكثر من ذلك؟ هذه هي طاقته وهذه هي حدود إمكانياته، مرة أتصلتُ به من أجل مساعدة عائلة كلدانية كانت بحاجة إلى مساعدة فقام بمساعدتها فوراً، وفي موضوع آخر تم معالجته من قِبَلِهِ، مَن فَعَل ذلك من علمانيين ورجال دين كلدانيين ؟ وحتى مَن تبوء موقع المسؤولية من الكلدان وهل يمكننا أن نقارن بين المواقف الإنهزامية للسيد كنا ولغيره وبين المواقف البطولية للشيخ ريان ؟ فالبطولة لا تليق إلا بأهلها وبرجالها

أليس الشيخ ريان يقود بكل جرأة وجسارة كتائب بابليون ؟ متى كان للكلدان وللمسيحيين كتائب؟ وما علاقة هذه الكتائب ببيان البطريركية الذي صدر مؤخراً، وما علاقة البطريركية بها ؟ وهل هي مسؤولة عن الحركات المسلحة والتنظيمات القومية والسياسية الكلدانية والمسيحية في العراق ؟ يجب أن يعمل كل واحد ضمن حدوده وإختصاصه وطاقاته ، ها هم الكلدان بشخص الشيخ ريان يساهمون مع إخوتهم في بقية القوات المسلحة ومحاولة لإستعادة ما هُضم من حقوق وعلى قدر ما يتمكنون،

خلاصة القول / نتألم جداً عندما نرى الشيخ ريان الكلداني يتكلم بكل تقدير وإحترام حول غبطة البطريرك الكلداني مار لويس روفائيل ويؤدي له كل ما يستحقه كمسؤول ديني كبير لا بل على رأس الكنيسة الكلدانية الكاثوليكية بينما يقابل هذا التعامل بتعامل غير متكافئ وبجفاء، لماذا لا تثمّن البطريركية موقف الشيخ ريان، لا أعتقد بأن هناك عداء شخصي ولا أعتقد بأن هناك سحب بساط من تحت الأقدام بل هناك سوء فهم للمواقف وغيوم صيف نتمنى أن تتبدد سريعاً ويصبح الإثنان حالة واحدة ، ورحم الله مَن قال

كونوا جَميعاً يا بَني إذا أعترى ………….. خَطْبٌ ولا تتفرقوا آحادا

تأبى الرِّماحُ إذا أجْتَمَعْنَ تَكَسُّراً  ………… وإذا أفْتَرَقْنَ تَكَسَّرَتْ آحادا

صباح سبت النور 26/03/2016

نزار ملاخا

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *