عيد العمال العالمي أمميأّ أنسانيأ

من خلال متابعتنا للوضع الأنساني العالمي ، يظهر وجوه الأختلافات المتعددة لأوضاع الشعوب في العالم أجمع ، ناهيك عن الاختلافات المتباينة ، في وضع الطبقة العاملة من بقع الكون العالمية عبر التاريخ ، وتم معالجة ذلك تفصيلياّ ، من خلال المادية التاريخية لتطور المجتمع العالمي عبر العصور الغابرة التي مرت بها البشرية عموماّ ، خصوصاّ ما رادف الأنسانية من تقلبات وتباينات معقدة ، بسبب الجشع والطمع الأنساني على حساب الفقراء تحديداّ ، والتي تشكل القوى العاملة الدرع الواقي لنهاية الفقر والمأساة الأنسانية ، من خلال قيادتها للصراع القائم والمستمر مع القوى الرأسمالية ، التي تسيطر وتهيمن بوقاحة وصلافة بلا خجل ولا وجل على مقاليد الأمور الحياتية ، ضاربة القيم الأنسانية والحياتية ، في أستعباد الشعوب وأستبدادها بكل الطرق والأساليب المخادعة والطفيلية ، للحفاظ على مصالحها وديمومة بقائها المنتفع المستغل للناس البسطاء الذين يبيعون قوة عملهم وجهدهم العضلي والفكري ، لقاء أستمراية بقائهم وعوائلهم على قيد الحياة للخلاص من الموت المحدق الذي يفتك بالبشرية جمعاء.

التطو التكنلوجي والثورة المعلوماتية:
بالتأكيد كلما تطور العلم وتقدمت تكنلوجيا في الكون ، كلما تعقدت الحياة البشرية وزادت متطلباتها وقلت قدراتها المالية لغالبية الناس ، وزاد الاستغلال والجشع وكثرت المشاكل الانسانية ، وضعف الامن الداخلي العالمي بزيادة الجريمة ، وتنوعت أبتكاراتها ، مما يزيد تجبن الرأسمال العالمي في التحرك الأسثماري ، مع زيادة البطالة وقلة الحاجة العضلية للطبقة العاملة ، وزاد الطلب الفكري المعلوماتي المتمكن في التفاعل مع التكنلوجيا الحديثة ومتطلباتها ، بالأضافة الى زيادة الكسل الانساني وضعف الاداء الطبقي للطبقة العاملة بتفريق تواجدها عددياّ في الموقع الأنتاجي الكمي والنوعي ، بسبب زيادة البطالة بأستمرار ، وهذه هي معضلة العصر الحديث.

العملية الانتاجية:
بالتأكيد هناك تراجع لدور الطبقة العاملة عددياّ من الناحية التقليدية ، في العملية الانتاجية المتفاعلة والمتصارعة بين قوى الرأسمال والطبقة العاملة ، ولكن في المقابل نقصان القوى العاملة عددياّ ، وظهور حاجة أساسية لا يمكن الأستغناء عن مجهودها الفكري وقدراتها العلمية الأساسية ، في ادارة العملية الانتاجية ونموها وتطورها الأقتصادي ، ومن الصعب للرأسمال الأستغناء عن هذه الطبقة الفكرية الواعية المنتجة لوسائل الانتاج ، وتحت أدارتها التامة ، تناسباّ طردياّ مع نمو وتطور الثورة المعلوماتية ، التي تشكل عنصر أساسي ورئيسي مهم جداّ ، في التواصل الأنتاجي للرأسمال مع تعاون القوى الفكرية العاملة في الأنتاج الكمي والنوعي ، والتطور الرأسمالي يكون على حساب الطبقة الوسطى في المجتمع ، ليبقى مقتصراّ على قوتين أساسيتين في الأنتاج ، الطبقة الرأسمالية بأمكانياتها الهائلة مالياّ في القدرات الثابتة والمتحركة ، ومعها القوى الفكرية والعضلية العاملة للأنتاج وتطوره اللاحق.

العالم العربي المتردي والحلول:

العالم العربي يعاني من وضع أقتصادي وأجتماعي متردي جداّ ،بسبب البطالة والبطالة المقنعة الغير المنتجة (المستهلكة لواردات الدولة) مع ظهور جهاز أداري ومالي فاسد في الوطن العربي ، وتفشي المحسوبية والمنسوبية والوجاهية والعلاقات العشائرية المتخلفة ، بعيداّ عن مؤسسات فاعلة ترشد الأقتصاد وتوجهه في بناء الدولة والمجتمع ، رغم القدرات والأمكانيات المالية الكبيرة ، لا زال المجتمع ريعي أستهلاكي غير منتج ، يعاني من الركود الأقتصادي والتدهور الحياتي ، من دون ضمان أجتماعي ورعاية الأنسان وحقوقه ، بسبب الأنظمة الفاسدة القائمة على الولاءات والاستبداد وممارسة الدكتاتورية في غالبية الدول العربية ، حتى المتحررة منها فهي خاضعة لأملاءات صندوق النقد والبنك الدولي ، لذا معالجة هذا وذاك يتطلب بناء مؤسسات فاعلة عاملة للاكتفاء الذاتي ، من الوجهة الانتاجية للقضاء على البطالة وتحفيز الانتاج وتطوره كماّ ونوعاّ.فلم تتحقق الثورات العربية أهدافها لصالح الشعب عامة واالشغيلة خاصة، بسبب التدخلال الدولية والأقليمية ، لصالح القوى الاسلامية الظلامية ، كي تبقى الشعوب العربية أسيرة وخاضعة للأجنبي ، وخصوصاّ امريكا وبريطانيا اللتان تتدخلان بكل صغيرة وكبيرة ، هدفها نهب وسلب البلدان العربية ، ومحاولة تفكيكهها وتقسيم المقسم ، للسيطرة عليها حباّ بأمن وأمان أسرائيل بالدرجة الأساس ، ورسمت مستقبل تلك الدول تحت حكم الجلاد الاسلام المسيس ، الخاضع لأملاءات الأجنبي الأنكلوأميركي ، الذي جاهد وعمل لسنين طوال في نمو وتغذية ورعاية الأجنبي ، ليكون البديل القومي الفاشل في أدارة دفة الحكم لقرن من الزمن الغابر ، منذ الحرب الباردة ولحد اللحظة ، لان الاسلام السياسي معزز ومكرم من قبل أسياده الأجانب ، كونهم يعلمون يقيناّ بان هؤلاء المسيسين ، ليس بأمكانهم أدارة الدولة وليس لهم برنامج عمل لذلك ، وعليه سيفشلون لا محالة ، أن عاجلاّ ام آجلاّ. وعلى قوى التحرر العاملة أن تعي مهامها ووجودها وآفاق مستقبلها المنشود ، لصالح بلدانها وشعوبها مهما طال الزمن ام قصر ، فالخلاص بيدها ولها ولصالحها ، وعليها تقع واجبات جمة ومسؤوليات تاريخية كبيرة لابد منه ، من أجل خلاصها وتحررها من جميع النواحي الأجتماعية والسياسية والأقتصادية.علينا ان نعي جانب مهم ، وهو الجهل المحدق بالمنطقة العربية ، للمطالبة بحقوق الطبقة العاملة ، من خلال ضعف الوعي الشعبي ،يعود الى ممارسة العنف المضاد للشغيلة العربية بأستمرار ، ناتج لحكومات دكتاتورية مرعبة وقاتلة للتحرر الوطني الأنساني ، منتهكة لجميع الأعراف والمواثيق الدولية ، لعقود غابرة ومؤلمة لكل ما هو حي ، وخصوصاّ الانسان في الوطن العربي المنتهكة حقوقه وطنياّ وفكرياّ وأنسانياّ.

الثورات العربية مطوقة دولياّ:
الكل يعلم بالثورات الوطنية العفوية التي أندلعت ، في بلدان المنطقة العربية المتعددة ، ومن ثم أستغلت من قبل الأسلام السياسي ، بدعم ومساندة القوى الرأسمالية المتنفذة ، والمنفردة بالقرار الدولي ، ليس حباّ بالأسلام المسيس ، بل كرهاّ بتقدم الشعوب الوطنية ، التي تهمها مصالح الشغيلة حباّ بالأنسانية ومراعاتاّ للوطنية ، فتم أحتوات الثورات لصالح الاسلام السياسي ، ابتداّ بحركة النهضة الاسلامية التونسية وأنتهاءاّ بالاسلام السياسي الليبي مروراّ باخوان المسلمين في مصر ، وسبقهم الأسلام الشيعي والسني في العراق ، كل هذا كان بمباركة الولايات المتحدة وبريطانيا ، وبهلاهل الأتحاد الأوروبي ، تنفيذا وتفاهماّ لمصالح الراسمال العالمي من خلال العولمة ، التي دمرت أقتصاد الدول ، للهيمنة على الشعوب في العالم أجمع. [اعتقادنا ان هذا المخطط ستفشله الجماهير العالمية بالتعاون والتآزر لأبناء المنطقة ، التي عانت الويلات والمآسي نتيجة السياسات الأستعمارية عبر أكثر من قرن من الزمن الغابر القاتل والمميت.

علاقة اليسار مع الطبقة العاملة:
العلاقة بين اليسار العالمي والطبقة العاملة ، لابد لها ان تستثمر لصالح الشعوب المغلوبة والمضطهدة ، ولنكن واقعيين هناك ضعف في أستثمار الجهود والتواصل ، بين قوى اليسار العالمي من جهة ، وهو يعاني الضعف المشخص الحالي ، بسبب الأخفاق الذي منيّ به في نهاية القرن العشرين ، بأنتكاس الثورة البلشفية العمالية في الأتحاد السوفييتي السابق والمعسكر الأشتراكي في اوربا الشرقية ، والذي أنفردت القوى الرأسمالية بالقرار الدولي ، مع فقدان لدور دول عدم الأنحياز ، وتأثيرها على مجرى الأحداث العاصفة ، لما كان يتمتع عدم الانحياز لدور كبير ومؤثر لا يستهان به ، في ضعف اليسار العالمي ، والذي أثر سلباّ على الطبقة العاملة وأستمرارية عطائها وديمومة نضالها ، لضعف الوعي الطبقي ، وشبه الاستسلام للأمر الواقع ، مما جعل تعثر كبير في ديمومة المعركة الطبقة بين قوى الانتاج الفاعلة ، للعملية الانتاجية في صراع قوى الراسمال والطبقة العاملة العالمية.
وللأسف الشديد كثير من الأحزاب اليسارية ، بدأت بفقدان توازنها وضعف أدائها وقلّ تمويلها ، فعانت من صداعها الساري ، حتى تدهورت صحتها ، فنهضت من كبوتها ثانية ، محدثة أنشقاقات وزيادة العدد في اليسار المتنوع الأتجاهات ، فخلق أستقطابات متعددة واجتهادات متنوعة على مستوى الأحزاب والأفراد ، مما أضعفها كثيراّ وقلل من دورها وأهميتها ، وقسم من اليسار أضّل طريقه ، حتى بات لا يصلح ان نسميه يساراّ ، متشبثاّ باليسار ودوره في مناصرة الطبقة العاملة ، ولكن من حيث الحقيقة أفضل من ان لا يكون موجوداّ ، كي تأخذ الطبقة العاملة وجودها وتكسب عافيتها ، حتى تخلق قيادتها الثورية الفاعلة الجديدة بتجدد وعطاء دائم ، فلا زال اليسار العربي يعاني الكثير ، وخصوصاّ ضعف الحوار والألتقاء وحتى التقاعس في العمل ، مركزاّ للتناقضات المختلفة بين الفريق الواحد ، او عدة فرق جامعة ، وضعف في البناء الذاتي للحزب الواحد ، او للاحزاب العربية والعالمية عموماّ ، من دون مرعاة للملتقيات على قواسم مشتركة ، حاملة التناقضات الجمة وتغذيتها دون وجه حق ، مما خلق الثغرات وزيادة الهوة بينها ، حتى بات ردمها صعباّ وعصياّ.

ناصر عجمايا
ملبورن \ استراليا1\5\12

You may also like...