شيء من التاريخ

ربما تنحدر جميع الشعوب من اصول واحدة عبر زماننا الطويل وتتغير مع التغيرات الديمغرافية  التي تحصل لها ، من المناخ والتضاريس الارضية او الحروب والازمات التي تنطوي داخل طياتها افكارا ربما  تقنع الغالبية ممن توجه لهم الرسالة من الحلقات الاضعف مِن مَن في السلطة  ، ودائما يكون هذا التغيير ايجابي تجاه من له القوة والسلطة بمنطقة التغيير ، ولا نريد ان ندخل لهذا المعترك المعقد بعيدا جدا ، لكننا سوف نكتب عراقيا مع التحول من الملكية الى الجمهورية ، واستلام السلطة في العراق من قبل القومي المرحوم عبد الكريم قاسم الذي كان يعمل بصبغة اممية ماركسية ، دفاعا مستميتا للقومية العربية ، حيث اصبح في عهده دورا بارزا للحزب الشيوعي ، الذي كان يدعم ثورة عبد الكريم قاسم عام 1958 وبحلول 1959 أصبح للحزب الشيوعي العراقي قاعدة جماهيرية كبيرة جدا ،  مما اوجس خيفة في قلب الزعيم القومي عبد الكريم قاسم ، عندما قامت جحافل محسوبة على الشيوعيين بارتكاب المجازر المعروفة في العراق باسم (مجازر كركوك والموصل) إثر محاولة ضباط في الجيش كان منهم ” عبد الوهاب الشواف ” بمحاولة انقلاب فشلت  بسبب شعبية عبد الكريم قاسم ومساندة جموع الشيوعيين له، ولكن عبد الكريم توجس خيفة من نفوذ الشيوعيين المتزايد مما حدى به إلى الانتفاض ضدهم وادخال الكثير منهم في السجون وهكذا تناقص عدد اتباع الحزب الشيوعي حينها ، الى اقل من النصف ، وعند سقوط عبد الكريم قاسم 1963 على يد القوميين العرب البعثيين جاء العارفين ، وكاول رئيس لجمهورية العراق جاء عبد السلام عارف حيث لم يعرف انتمائه السياسي ، إلا أن ميوله السياسية كانت مع التيار العروبي الوحدوي ومع الفكر الإسلامي  المتشدد ، وكان لسياسته الاثر الكبير في هجرة المسيحيين من العراق بداية من الموصل وخصوصا قضاء تلكيف ومن ثم المناطق العراقية الاخرى ، كما هروب الكثير من النخب السياسية الشيعية الى ايران وتركيا خصوصا الموالين للتيار الماركسي .

وبعد عبد السلام وشقيقه عبد الرحمن عارف المدعوم من عبد الناصر وفي الوقت الذي كانت فيه الحركة التحررية المسلحة الكوردية بقيادة البارزاني الخالد في اوجها،  حيث استلم التيار العفلقي البعثي السلطة في العراق مخونا كل ما قبله مستميتا بالدفاع عن الوحدة العربية تاركا العراق غارقا في الظلمات متوجها نحو فلسطين بكل امكانيات الدولة، وما كانت الحلول الترقيعية مع الحركة التحررية الكوردية في اذار 1970 الا خدمة لأهدافه من اجل الوحدة العربية وقضية فلسطين وجعل امكنيات البلد ضمن جبهة واحدة مؤجلا القضية الكوردية وجميع المكونات العراقية الاخرى الى بعد حين، مستخدما حينها عمليات غسل الادمغة للشعب العراقي من خلال نشاطات طلابية وشبابية ومظاهرات يمينية مؤيدة للسلطة يقوم بها اتباع ميشيل عفلق بانشاء مخيمات عسكراتية باسماء الطلائع والفتوة بشعارات عربية عروبية تلغي الاخر وتجعل من العراق بلدا عربيا خاليا من أي مكون ، (سائرا بحسب ادعاء سلطته انذاك ) باتجاه تحرير فلسطين من اهلها الذين قاموا بشراء الاراضي من اصحابها الاصليين وبموافقتهم ، كتدخل بشؤون ذلك البلد الذي كان شعبه يرفض تدخل العراق بشؤونه الداخلية ، الا البعض من التنظيمات المسلحة المستفيدة فئويا من ذلك التدخل، وفي نفس الوقت يعلن العراق طرد جميع الشركات النفطية الاستثمارية العاملة في العراق بقرار سمي ( تاميم النفط ) وتحت شعار ( نفط العرب للعرب ) ما ادى الى افراغ الخزينة العراقية وامتعاض اصحاب رؤوس الاموال الاجنبية من الدولة العراقية واتهامها بالخيانة وسرقة ممتلكات تلك الشركات  وقد كانت خطوة غبية من الحكومة العراقية حينها، وفي الخفاء او خلف الكواليس ((بحسب ما حدثني احد المقربين من طارق عزيز المقرب من الحكومة العراقية حينها)) بان مستحقات تلك الشركات دفعت باضعاف بصفقة بين الحكومة العراقية وحكومات تلك الشركات التي كانت بريطانيا العظمى تقودهم .

ومع هدوء الوضع العام للعراق باستقرار نسبي للحكومة العراقية وتحسن وضعها المادي تم اعلان اتفاقية الجزائر المشؤومة ، وضمت الاتفاقية المشؤومة منح مساحات واسعة من الاراضي العراقية وشط العرب الى الجارة ايران مقابل العمل ضد الحركة التحررية الكوردية،  وهكذا تبين بان اتفاقية اذار 1971 ما كانت الا خدعة من الحكومة العراقية لحين ثبات اقدامها ، مع انها كانت بالنسبة للحركة التحررية وللكورد وكوردستان باجزائها الاربعة خطوة جبارة ، كرست الوعي لدى الجماهير الكوردية للعمل ضد الانظمة الفاشية .

بعدها مرحلة الحرب العراقية الايرانية وتكريس جميع جهود الدولة العراقية ضد الجارة ايران واحتراق النسل والمال وبعد انتهائها تبدأ صفحة جديدة من الظلم واجتياح الكويت (الدولة العربية الشقيقة ) وتم التنصل فيها من جميع شعارات السبعينيات عن الوحدة العربية حيث تم ضرب هذه الوحدة بالصميم وقد خسر العراق منها صداقات جميع الدول العربية للشعب العراقي كما معادات الدول الغربية للحكومة العراقية والنظام العراقي بعد ان كان قد رمم العلاقات بعد السبعينيات والثمانينيات، وبعدها مرحلة الحملة الايمانية والحصار الاقتصادي لعشر سنوات اخرى الى ان جاء ما سمي عند البعض محرر واخرون اطلقوا عليه محتل في نيسان 2003  لندخل مرحلة جديدة من الحكم ونوع سلطوي جديد مغطى بغطاء ديمقراطي  .

للمقال بقية 

بقلم لؤي فرنسيس

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *