شكراً وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين لكن لا نقبل بتهميش شعبنا الكلداني في اقليم كوردستان

 

 

كانت التفاتة كريمة تلك التي توجهت بها وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان لفتح المقبرة الجماعية في قرية صوريا الكلدانيــــــة ، وفي وقت سابق كان الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان قد سلط الأضواء الى هذه المذبحة بعد ان طواها غبار النسيان في غياهب الزمن والسنين الأربعين الماضية ، وبعد مبادرة الأتحاد تلك كان لهذه القضية الأنسانية صداها الطيب في مختلف الأوساط ، وبادرت جهات عدة لتسليط الأضواء عليها ، وفي المقدمة كانت مبادرة وزراة شؤون الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان وذلك لفتح المقبرة الجماعية في قرية صوريا الكلدانية وفحص رفات الشهداء ودفنهم بمراسيم مهيبة تليق بمكانتهم .
أجل كانت وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين السباقة في مضمار هذه الرعاية في اقليم عموم اقليم كوردستان عموماً . لقد بلغ عدد الشهداء في مذبحة صوريا الكلدانية تسعة وأربعون شهيداً معظمهم ( اسماء معظمهم منشورة في ذيل هذا المقال ) من النساء والأطفال والشيوخ ، ومنهم 39 من ابناء الشعب الكلداني وعشرة من ابناء الشعب الكردي . ومثل هذا العدد كان من المجروحين بذلك الحادث المروع .
لقد أشار ألأستاذ مسعود البارزاني في كتابه الموسوم البارزاني والحركة التحررية الكردية في الجزء الثالث الى تلك المجزرة التي ارتكبت بحق اناس ابرياء في 16/ 09 / 1969 م .
إن الأتحاد العالمي للكتاب والأدباء الكلدان يقترح ان يغدو هذا اليوم هو يوم الشهيد الكلداني ، فشعبنا الكلداني قد روى تربة العراق بدماء قوافل الشهداء في مختلف مراحل الأنظمة في العراق ، إن كان عبر النضال ومقارعة الأنظمة الفاسدة في نضاله وانخراطه بالأحزاب الوطنية ، او من خلال الهجمة الأرهابية التي توالت فصولها وطالت شعبنا الكلداني الى جانب المكونات الأخرى بعد نيسان 2003 م . او عبر نضال شعبنا الكلداني في كوردستان ووقوفه ودعمه كفاح الشعب الكوردي وثورته عبر عقود من القرن المنصرم ، وذلك بمشاركته الفعالة بالمعارك بشجاعة وهمة الى جانب المقاتل الكوردي وسقوط كوكبة من الشهداء في تلك المعارك وأسماؤهم محفوظة لدينا ، او عبر تقديم الدعم المعنوي والمادي من المؤن والأرزاق والأعتدة والأدوية الى فصائل الثورة ، وإن كان لابد من ذكر مثال على ذلك فإن موقف القوش ومقاتليها الشجعان وغيرها من المدن والقرى الكلدانية التي كانت مثالاً حياً لتلك المشاركة . وقوائم الشهداء وما طال شعبنا من الملاحقات وعمليات وتشريد عوائل الملتحقين بالثورة الكردية والأسماء لا زالت مسجلة في ذاكرة جيلنا والأجيال التي اعقبت جيلنا .
إن الثورة الكردية وقيادتها من عهد المرحوم ملا مصطفى البارزاني القائد التاريخي للثورة الكردية ، والى القيادة الحالية يحفظون بآيات الشكر والأمتنان لشعبنا الكلداني .
إن الأستاذ مسعود البارزاني كان دائماً الى جانب حق الشعب الكلداني لتحقيق حقوقه القومية إن كان في اقليم كوردستان او عبر الحكم المركزي في بغداد حينما جرى تثبيت القومية الكلدانية في دستور العراق الأتحادي ومسودة دستور اقليم كوردستان حيث كان للاستاذ مسعود البارزاني دور مشرف بذلك ليس الى نسيانه سبيل .
إن مبادرة الألتفاتة الى مقبرة صوريا هو استمرارية لذلك النهج المنصف ، فأقليم كوردستان هو واحة التعايش والتسامح للمكونات الكوردستانية على اختلافها وتنوعها منهم العرب والكلدانيون والأرمن والتركمان والسريان والاشوريون والصابئة المندائيون والأيزيدية والتركمان والكاكائيين والشبك .. هذا النسيج المجتمعي استطاع ان يتعايش في اقليم كوردستان بوئام واستقرار لجهة استخدام الأقليم لغة الديمقراطية والليبرالية التي توفر الحرية للجميع وتقف على مسافة واحدة من الجميع .
لكن مع الأسف هذا لم نلمسه في تصريح الدكتور مجيد حمه امين وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان لموقع PUKmedia حسب الرابط :
http://www.pukmedia.com/2009-10-23-12-00-41/6335–70-
حيث ورد فيه :
(( إن حكومة إقليم كوردستان، قد اتخذت الأستعدادات اللازمة لفتح المقبرة الجماعية التي تم العثور عليها في قرية (سورياي) في قضاء زاخو التابعة لمحافظة دهوك، مشيراً في تصريحه : ان جميع الاستعدادات قد انتهت وتم تخصيص ميزانية لهذه العملية، حيث من المقرر البدء بفتح هذه المقبرة الجماعية في الاسبوع المقبل، وسنقوم بإرسال فريق محلي مختص في مجال البحث عن المقابر الجماعية لهذه القرية.
وأضاف وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين: ان هذه المقبرة الجماعية قد عثر عليها من قبل فريق تابع لوزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين وتضم رفاة (49) شخصاً أكثرهم من المواطنين الآشوريين، ويعود تأريخ دفنهم الى العام 1969، وهذا يشير الى ان النظام البائد كان يمارس سياساته القمعية ضد أبناء الشعب دون تمييز بين كوردي أو عربي أو تركماني أو آشوري )) . انتهى الأقتاس
إن هذا التصريح للأستاذ الدكتور مجيد حمه امين وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين ، يبعث على الأستغراب والأسف والتساؤل في عين الوقت . فلماذا وصف الكلدانيين بالآشوريين ؟ نعم نحن جميعاً مسيحيين لكن هل نستطيع ان نقول عن الشهداء العشرة الأكراد في تلك المجزرة وغيرها بأنهم شهداء عرب او تركمان ؟ مع العلم ان الأقوام الثلاثة هم مسلمين جميعاً ، ألا ينبغي تسمية الأشياء باسمائها ؟ فلماذا تحجب التسمية الكلدانية الصحيحة عن الشهداء الكلدان في صوريا الكلدانية ويطلق عليهم تسمية الآشوريين . إن اللغة الديمقراطية والتعامل الندي يقتضي إنصاف شعبنا الكلداني بما يستحقه في اقليم كوردستان ، وإن غير ذلك سيكون إجحاف بحق هذا الشعب والشعب الكوردي وقيادته وحكومته لا يقبلون بهذا الإجحاف .
إن تصريح السيد وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان يهمش شعبنا الكلداني ويأتي على دفن كل تضحياته ويطويها في رفوف النسيان ، ويهمش شراكته التاريخية للشعب الكوردي إن كان في العصر الحديث او تلك التي تمتد الى اقدم العصور التاريخية حينما ابرم تحالفاً بين الميديين ( أكراد اليوم ) والكلدانيين في اوائل القرن السابع قبل الميلاد في عهد نبوبلاصر وابنه نبوخذنصر الذي تزوح امرأة ميدية كوردية .
إننا نناشد الدكتور مجيد حمه امينوزير الشهداء والمؤنفلين في اقليم كوردستان بالوقوف على مسافة واحدة من كل المكونات الكردستانية والأعتراف بحقوقها بشكل واضح وجلي وفي المقدمة شعبنا الكلداني وقوميته الكلدانية ، وهذا النهج نلمسه في سياسة الأقليم وموقفه من كل المكونات بشكل ديمقراطي وشفاف دون ان يكون اية عملية لتهميش اي مكون في اقليم كوردستان .
بهذه المناسبة يحدونا الأمل في القيادة الكوردية للمبادرة لتثبيت اسم القومية الكلدانيـــــة في كل مخاطبات وأدبيات اقليم كوردستان ومنها مسودة الدستور الكوردستاني ، فالقومية الكلدانية هي ثالث قومية عراقية بعد القوميتين العربية والكردية وليس معقولاً ان يقبل السيد الوزير بتهميش هذا المكون العراقي الأصيل .
حبيب تومي / اوسلو في 24 /07 / 2010

habeebtomi@yahoo.no

———————————————

الأسماء والمعلومات مستمدة من كتاب هرمز يونان الموسوم ايامي في ثورة كردستان ، وكتابي الموسوم :ملا مصطفى البازاني قاتد من هذا الزمان وهو معد للطبع : حيث ورد :
صرعت راحيل زوجة منصور يوسف وهي تحمي رضيعها بجسدها ، وصرع القس حنا يعقوب قاشا راعي كنيسة أفزورك (وقدم الى هذه القرية ضيفاً ليقيم القداس فحسب وبعد ذلك يعود الى كنيسته ، لكن الحدث الدامي كان ينتظره ـ الكاتب )، والشماس اوراها وابنه جوزيف وبنته وارينة وصرع المختار خمو وزوجته كترينا وابنته ليلى ، ويضيف الكاتب قوله : صرع عمي موسى وهو كادر الحزبي في القرية وكذلك اخي الأصغر الصبي نجيب ، وكذلك اخي الشاب كوريال الذي وصل لتوه من زاخو لمتابعة معاملته لدخول الجامعة في بغداد ، كما صرعت ( يونو ) مع طفليها الصغيرين وصرعت شوني زوجة شابو وابنها امجد مع ابنتها جميلة ، وكذلك صرع الطفلان ياقو بن ايليا وناجي بن كوركيس والشاب يلدا وابنته الصغيرة باسمة وصرع كليانا مرقس الرجل الشغول الدؤوب .
ودائما نبقى مع الكاتب يونان هرمز وهو ابن القرية فيضيف : صرعت زوجة اوسماني فيرو مع ابنتيها صبيحة وفيروز ودفنت هذه الأخيرة في القبر الجماعي لشهداء صوريا .. وصرعت ايضاً قمري وابنتها نادرة وشيرو زوجة علي ايسف خجا وابنتها ، وكذلك اثنتان من بنات محو باتيلي ، وسقط ضعف هذا العدد من الجرحى ، لقد سربت الحكومة خبراً مفاده ان القس حنا قاشا توفي نتيجه نوبة قلبية مدعية ان الخبر نشرته بطريركية بابل للكلدان . ويقول شاهد عيان وهو اخو الكاتب بطرس الذي اصيب بإطلاقات في جسمه يقول بطرس :
كنا على اهبة الأستعداد للهرب لكننا وثقنا في كلام القس من انه سيشرح للضابط ان اهالي القرية فلاحون بسطاء لا يعرفون شيئاً عن الألغام ، وهم اناس مسالمون لا شأن لهم بما يجري .. ويقول بطرس كنا نعتقد ان الضابط سيسألنا عما إذا كنا نعلم من وضع اللغم .. كان يتقدم الجميع القس حنا والعم خمو فباتوا اولى الضحايا وقتلت ليلى لأنها حاولت ايقاف الضابط من الرمي وقتل معها اخي كوريال .. وبعد ان سقط الجميع بين قتيل وجريح احرق الجنود سياج البستان لكي لا ينج احد من المصابين فأخذوا يقتلون من يصادفوه وبقروا بطون بعض النساء وقتلوا الأطفال الرضع في المهد بالحراب . وعن مادلين اخته التي تبلغ من العمر يومئذٍ عشر سنوات والتي افادت بنفس المعلومات وأضافت : تهاوى الجميع على الأرض بين قتيل وجريح وقد حاول بعضنا التخلص لكن الجنود منعونا من الهرب وتعالت الصراخات وتعالى الأنين من كل جهة ، تكدس بعضنا فوق بعض مثل حزم الحصاد كباراً وصغاراً . شعرت بإصابتي بعد لحظات وعلمت ان امي قد صرعت وهي تحمل اخي الصغير نجيب الذي اخترقته الرصاصات .. وتمضي الصبية التي تبلغ من العمر عشر سنوات : ورأيت راحيل زوجة منصور يوسف تخترقها عدة رصاصات وهي تحاول ان تحمي طفلها الرضيع فقتلت ونجا الطفل بأعجوبة وسط صراخه وعويله ( ما زال حياً يعيش في كندا ) وشعرت بعطش غريب وبانهيار قواي .. تسللت من بين الجرحى والدماء تلطخ ثيابي وتنزف مني بغزارة حاولت الزحف الى الساقية القريبة وألقيت نفسي فيها لأطفئ عطشي ومكثت فيها حيناً حتى جاءني اخي الأكبر فحملني على ظهره بمساعدة اخي الجريح ايضاً الى اقرب قرية . وبينما نحن ماضون وجدنا بعض الأطفال ومعظمهم دون العاشرة وقد تيتموا وتشردوا ينوحون ويبكون .. ( لمزيد من التفاصيل راجع يونان هرمز : ايامي في ثورة كردستان ص 75 ـ 91 وكذلك كتاب الأستاذ مسعود البارزاني الجزء الثالث ص 215 ـ 216) .

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *