شـكـراً لسيادة المطران سعـد سيروب والأخ نامق ناظم والأب ألـبـير هـشام والأب أوﮔـن الموقـرين

 

القـصة : كان أحـد الإخـوة المسلمين ــ وهـو موظف في المستـشفى ــ ماراً في شارع بـبغـداد مساء 23 آيار بتوقـيت بغـداد ، فـشاهـد رجلاً في مطلع الخـمسينات من عـمره واقعاً عـلى الأرض فـحـمله بسيارته إلى مستـشفى الكـنـدي وهـو في حالة ميؤوس منها ، ولما فـتـشوه وجـدوه مسيحـياً وعـنـده رقـم تـلفـون لأقـربائه في أميركا فأبلغـوهم بالموضوع ….

ونظراً لأني قـريب إليهم إتـصلوا بي إلى أستراليا لأتـدبر وأتابع الأمر وأوصي به الخـيـرين في بغـداد لإجـراء اللازم إلى أسـوأ الإحـتمالات ، وهـنا بـدَوري إتـصلتُ بعـد منـتـصف الليل بالأخ نامق ناظم جـرجـيس القـريـب من الكـنيسة والـﭘـطريركـية فـسألته أولاً : بإعـتـبارك في بغـداد ، لو أن أحـداً من المسيحـيّـين ـ عـلى إفـتـراض ــ  مات في المستـشفى وليس له أحـد في العـراق ، ما هـو مصيره من حـيث الـدفـن ؟ فـردَّ مباشرة وقال :

الجـمعـية الخـيرية الكـلـدانية تـتـكـفل بذلك بغـض النـظر عـن إنـتمائه الكـنسي وذلك عن طريق كـتاب من الخـورنة التي هو تابع لها وأستطيع أن أساعـد في هـذا المجال ……… قـلتُ : هـناك رجـل إسمه جـيمس نمرود ميخائيل في مستـشفى الكـنـدي في حالة خـطـيرة ، فهل يمكـن متابعـته ؟ فـقال : إن الطرق مقـطوعة ولكـن غـدا صباحا سأتصل بالجـمعـية الخـيرية الكـلـدانية ………………..

سألني الأخ نامق عـن مسكـنه وأقاربه وكـنيسته ــ كي لا يزعـل الـبعـض من ناحـية الطقـوس ــ ، فأجـبته : في الحـقـيقة لا أعـرف مسكـنه ، وأنه وُجـد في الشارع ملقـياً حـياً وأخـذه أهـل الخـير إلى المستـشفى … أمه كـلـدانية وأبوه ميت آثـوري من كـنيسة التـقـويم الحـديث وليس له أقارب في العـراق  ………….. وفي صباح اليوم التالي 24 آيار قال الأخ نامق : إتصلتُ بسيدنا المطران سعـد سيروب وأرسل الأب ألبـير إلى مستـشفى الكـنـدي وتبـين أنه لا وجـود لهـذا الإسم في المستـشفى ولا في الثلاجات ، لذا تعـذر عـمل اي شيء .

ولما أكـدتُ للأخ نامق أن الرجـل موجـود في المستـشفى ، إتـصلَ فـوراً بالأخ المسلم فأكــد وجـوده هـو أيضاً وكانت الساعة متأخـرة ، وبعـد مكالمات داخـلية كـتب لي الأخ نامق : إتـصل بي الأب ألبـير الآن وقال عـنـدما تـنـفـتح الطرق غـدا سأذهـب مرة أخـرى إلى مستـشفى الكـنـدي وأبحـث عـنه وأعـطيه القربان ومسحة المرضى ، وهـكـذا كان ……… وبعـدها إستـلمتُ مكالمة مفادها أن الرجـل توفي في ساعة متأخـرة من مساء 25 آيار ، فأعـلمتُ الأخ نامق وسألته : ما هي الإجـراءات الكـنسية الممكـنة من حـيث الصلاة أو الـدفـنة ؟ .

أجابني قائلاً : اليوم 26 آيار ذهـبتُ إلى مستـشفى الكـنـدي ومعي كـتاب من كـنيسة مار يوسف بتوقـيع الأب ألبـير ومعـنا سيارة وصندوق لـنـقل المرحـوم إلى الكـنيسة للصلاة عـليه ومن ثم دفـنه . رفـضتْ إدارة المستـشفى في بـداية الأمر تسليمه إلينا بالرغم من وجـود الكـتاب ، لأنهم طالبونا بهـوية الأحـوال المدنية والبطاقة التموينية وهـذه ليست موجـودة لـدينا ، سنبحـث عـن حل آخـر وهـو الذهاب إلى الطب العـدلي والمحكمة لإصدار اذن قـضائي بتسليمه إلينا وسنحاول عـمله يوم غـد إذا وفـقـنا الله ولم تـظهر عـوارض في الطريق .

فـكـتـبتُ له : أخي العـزيز نامق ، جهـودكم مشكـورة … أنا أصبحـتُ حـلقة وصل بـينكم وبين أهـل المرحـوم ، قـبل قـليل إتـصلوا بي وقالـوا أن سـيدة كانت تـزوره وقالت أنها سـلـمـَـتْ هـوية المرحـوم للكاهـن …… هـذه آخـر معـلوماتي … مع الشكـر ثانية

فأجاب : نعم وصلني الخـبر وسأذهـب لأنها جـلبت شهادة الجـنسية وبطاقة السكن ولم يجـلبوا هـوية الأحـوال المدنية التي هي المطلوبة ، وسألـنا السيدة إنْ كانت ترغـب في المجيء معـنا فـوافـقـتْ ، نحـن سنـقـوم بما يمليه عـلينا ضميرنا وإيمانـنا المسيحي بدون جـزاء ولا شكـور . قـلتُ : شكـراً جـزيلا …في ظروف كهـذه التي عـنـدكم ، فأنـتـم تـعـملون أكـثر من اللازم .

ثم كـتب لي : اليوم 27 آيار 2014 تم إستلام المرحوم جـيمس وأقـيمتْ مراسيم الصلاة والجـناز له في كـنيسة مار يوسف للكـلـدان / خـربـنـدة ، وأقام الصلاة عـليه الأب ألبـير راعي كـنيسة مار يوسف ، والأب أوﮔـن من كـنيسة الآثوريّـين وبعـد الصلاة عـليه أخِـذ الجـثمان بسيارة الجـمعـية الخـيرية الكـلـدانية ليدفـن في مدافـن الكـلـدان في بعـقـوبة .

إن تلك التـضحـيات والإجـراءات لا تـثـمَّـن برقـم من الـنـقـود ، وقـد تـطـلبتْ بعـض الكـلفة النـقـدية من حـساب الكـنيسة ومن الأخ نامق دون أن يطـلبـوا تعـويضاً عـلى الإطلاق ، ولكـني لم أقـبل بـذلك أبـداً وأوعـزتُ إلى أهـل المرحـوم أن يتـبرّعـوا تبرّعاً مقابل تلك الخـدمات ونحـن شاكـرين هـمة وحـماس ، بل والغـيرة الملتـهـبة لـدى الخـيرين من أبناء شعـبنا وقـت الضرورة .

شـكـراً مرة أخـرى لسيادة المطران سعـد سيروب والآباء الأفاضل ألـبـير والأب أوﮔـن والأخ نامق ناظم جـرجـيس ، وشـكـرنا الخاص أيضاً للأخ كـفاح سائق الجـمعـية لتـجـشمه عـناء التـنـقـل لثلاثة أيام في متابعة جـهـود الإخـوة جـميعاً من المستـشفى إلى الكـنيسة وإلى المقابر الكـلـدانية  متمنين لكم دوام الصحة والخـير .

ملاحـظة :

إستأذنـتُ من الأخ نامق أن أنـشر هـذا المقال ، فإعـتـرض قائلاً : شكـراً لك ، ولكن سيـذهـب الأجـر منا ، وأضاف : لأنه يجـب أنْ لا تعلم يمنيك ما فعـلتْ شمالك ! .

قـلتُ له : الغاية هي إعلان الجـهـود للتـشجـيع لا أكـثر ، فالمخالف نراه عـلى شاشة التـلفـزيون بالأخـبار وهـو يغـطي وجهه أمام الكاميرا ونحـن حـين نعـمل خـيراً ما المانع أن نـظهـر وجـهـنا ؟؟

فـقال : بكـيفـك ، الله أعـلم ما في القلوب .

 

 تـقـرير : مايكـل سيـﭘـي / سـدني

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *