شعراء المُذَهَبات الأصلاء و شعراء الهزة أو الصدفة الهزلاء .؟؟

 قيل لأبي تمام , لِما لا تقول ما يفهم ؟ فأجاب .. وأنتَ , لِمَ لا تفهم ما يقال .؟

 ..! نحتاج هنا لأمرين هما التعميم والتجريد

قالوا … الشعراء أربعة … فواحد يجري ولا تجري معه, وواحد يغوص وسط المعمعة.

وواحد لا تشتهي أن تسمعه, وواحد لا تستحي أن تصفعه .؟؟

الشاعر الحقيقي كما عبر عنه سقراط,ضوء شئ مجنح مقدس,وهو لايبدع مالم يلهم ويفقد وعيه,ويبطل فيه عمل العقل.؟ حتى وصفواالشعر قديماً وفق رؤية سقراط – خارج الواقع , خارج العقل –

أن أزدهار الشعر العربي  تمّ على ألسنة وأفكارالشعراء من أصحاب القصائد الطويلة ,الذين كتبت أشعارهم بماء الذهب وعلقت على أستار الكعبة والتي سميت -المذهبات -أو المعلقات . وكان الرواة قد صنفوا معلقة الشاعر الوجداني أمرؤ القيس من أول هذه القصائد التي نالت أعجاب المحكمين ,أما الشاعرطرفة بن العبد فقد أشتهر بالغزل والهجاء والشاعرالفحل زهير بن ابي سلمى الذي اكثر من الشعر العفيف وقول الحكمة ,وكذلك الشاعرلبيد بن ربيعة العامري الذي حظى بتكريمالنبي محمد -ص- بالمدح له, حيث قال الرسول الكريم – أصدق كلمة قالتها العرب , كلمة لبيد …

ألا كلّ شئ ما خلا الله باطل …. وكل نعيم لا محالة زائل

وما المال والأهلون اِلا ودائع …. ولابدّ يَوما أن تُرد الودائع

وما المرؤ اِلا كالشهاب وضوئة …. يحور رماداً بعد أذ هو ساطع

فأذا اعطينا افضل اقتراح لتعريف – العرب -وفق الناقد الروائي الشاعر جبرا ابراهيم جبرا- كل من يتكلم اللغة العربية بأعتبارها لغته الأصلية و يحس بأنه عربي-فأن البلاغة في اللغة العربية -بلوغ الشئ الى الكمال-, اي كل ما يبلغ به المعنى الى قلب السامع,في صورة مقبولة ,وشرط البلاغة اثنان هما بلوغ المعنى المراد الى قلب السامع في صورة مقبولة مع حسن الكلام ,ويستلزم الاثراء اللغوي بأن يكون مشبعا بالذوق واللحن والانسجام والبلاغة والترنيمة الموسيقية والهدف وتحليل ومعالجة المشاكل المجتمعية ونسج الشوق والحنين

أن الساحة الادبية الشعرية الحالية تأثرت بالوراثة والنقل بأسماء لامعة عملاقة من عصر صدر الاسلام او العصر الاموي او العصر العباسي او العصر الحديث او ممن  اتى من الشعراء الكباربعدهم , واستطاعت الساحة الفكرية الادبية  الثقافية ان تنهض وتؤسس أجيالاً صاعدة امتلكت أقلاماً وفكراً وثقافة ,فالساحة الان ليست سيئة ,لكن البعض من الكتاب او الشعراء يحاولون أحتكار الساحة وأبراز أنفسهم بأنانية مقلقة ,و يكمن اعتقادهم أن لهم الحق في تشكيل الأمورالادبية الشعرية يميناً ويساراً على هواهم .؟ شاعر كالمتنبي او زهير بن ابي سلمى او الجواهري اوالسياب أو أحمد الصافي النجفي يحق له أن يمدح نفسه ! لكن من يعتقد انه الوحيد والمغرور فليثبت نفسه في هذه الساحة كما فعل المتنبي او غيره من كبار الشعراء

فلا يمتزج الزيت بالماء.؟

كثير من  يسمون انفسهم -كتّاب او شعراء- في زماننا الردئ هذا, هم -شعراء مكياج – يعتمدون على الشكل أو على التكرار والكم بلا قيمة أو أبتكار, ويتفاخر هذا- ؟- بان لديه – كذا – قصيدة أو كتاب مطبوع- مع أنه لم يقدم للأدب أوالشعر أي قيمة مميزة -أضافية- تُذْكرْ ولم يصل الى أي شهرة , وأذا ما القى كتاباته الشعرية -قصيدته- سبب مللاً للجمهور وصداعاً ونفره , بمفردات الحشواللغوي الغريبة.؟

شعراء صدفة ركضوا في الساحة بطريقتهم المتعرجة المتعبة وأحلامهم المختلفة .؟ ومع أننا ضد الاحتكار – لكن علينا أن نقول لمن شوهوا بلاغةاللّغة العربية من هؤلاءالدخلاء على الشعر والنثر .؟ و معهم بعض كتّاب المقالات والاخبار أيضا – أن البقاء للأصلح ,وأن الأسماء المزيفة سرعان ما تنطفئ وتزول .؟

 كفى – قفوا عند حدودكم .؟ ولنا امثله  حية في داخل الوطن  و في الخارج البعيد؟

البعض من هؤلاء الشعراء رفضوا الواقع بحماقة وقلة وعي , لعلهم يحدثون هزة يستطيعون خلقها وارتباك للذهن  وهم من غير المختصين  .؟

 نراهم يميلون الى نشر الفوضى والفكاهة والفضيحة وعدم الجدية .؟  ونذكر مثالاً مشابهاً ؟ .!

أحد شعراء العهد العباسي – متعدد الكنى – أبي العباس – بحمدون الحامض – أبي العبر- حتى انه كان يزيد على هذه الكنية كل سنة حرفاً- حتى مات – كان هذا الرجل يميل الى العبث والحمق والشهرة..ترك الجد جانباً – فكان كثير الفضائح –

عندما رأى أن شعره  لايساوي شيئاً ,ضئيل أمام  عظمة شعر البحتري و أبي تمام, فاتخذ توجهاً معاكساً كسب من خلال الحمق أضعاف ماكسبه أي شاعر مجد نابغ .؟

صنف النقاد -أبي العباس- بحمدون الحامض – ليس جاهلاً .. بل يتجاهل.!!

حتى انه هجى والده وآذاه وأضحك الناس عليه .؟

وأستخدم الفاظ نابية كسبق في شعر الفكاهة , ينطبق عليه قول الشاعر المعري

ولما رأيت الجهل في الناس فاشياً – تجاهلت حتى ظن أني جاهل .؟

وهذا ما حَذّر منه الشاعر المتنبي

يهونُ علينا أن تُصاب جسومنا — وتسلم أعراض لنا وعقول .؟

القصائد الشعرية التكسبية الذليلة -السفسطائية ل -ابي العباس-بحمدون الحامض- قليلة جدا – قال أغلبها مستهزئاً هاجياً للآخرين, تخبرك وتنبهك عن أنحلال اللغة و تفككها, هدم الواقع ورفضة بشكل نهائي على نحو قمعي تعسفي , معبرا عن نفرة الناس وأبتعادهم عنه ووصفه – بالحمق – لسلوكه المشين -؟

ومن أمثلتها هذه الأبيات

ويأمربي الملك فيطرحني في البرك

— ويصطادني بالشبك كأني من السمك

–ويضحك كك  كك كك كك —

أننا بحاجة الى الفصل بين -الشعري-والقيمي- كالاخلاقي والديني والنفعي -كما عبر عنه -الشاعر المتنبي-    لولا المشقة ساد الناس كُلهَم — الجودُ يُفقر والأقدامُ قتالُ

 الكاتب جورج أوريل الذي أشتهر بكتابيه -؟-1984 و -مزرعة الحيوانات – الذين حظيا بشهرة واسعة , حاول بوعي معرفة الاهداف وأورد الدوافع لكتابة -النثر- الذي يسميه البعض -شعراً – حب الذات الصرف ,الرغبة في أن يبدو الشاعر-الكاتب -ذكياً- وأن يتم الحديث عنه .! أن ينتقم ممن يحقد عليهم سابقا أو من الكبار الذين وبخوه .؟ ويقول -أنه من الهراء التظاهر بأن هذا ليس بدافع , بل دافع قوي .؟

واذا عرفنا أن غالبية البشر -أنانيون – فأن الكتاب -الشعراء- بأنواعهم يتحلون بهذه الصفة .؟

فأذا فَكَّرَ الشاعر مليّاً بالنجاح فعليه -المزج بوعي بين الهدف السياسي والهدف الفني فأن الهدف السياسي يعني الرغبة في دفع الناس بأتجاه معين لتغيير أفكار الآخرين حول نوع المجتمع الذي ينبغي عليهم السعي نحوه -, وكلما كان الأنسان -الشاعر- واعياً بتحيزه السياسي ,كلما حظي بفرصة أكبر للتصرف دون التضحية بنزاهته الجمالية الفكرية-

وأن يدرك بحماس الجمال في العالم الخارجي – أو في الترتيب الصحيح للكلمات ليظهر تماسك النثر الجيد – لان هناك مشكلة مستديمة في أدراك الدافع الجمالي بشكل واضح – واهن جدا -عند الكثير من كتاب الشعر -النثر-  وعليه أن يجد الرغبة الواقعية في رؤية الأشياء كما هي لأكتشاف حقائق صحيحة وحفظها من أجل تطلعات الأجيال القادمة.

الهدف الأسمى جعل الكتابة -الشعرية- فن – يقول مارسي لوي شون – العمل الأبداعي يبرز في عصره و بعصره ,لكنه يصبح عملاً فنياً حين يتجاوز عصره -.؟

صادق الصافي

كاتب -أعلامي-ناشط مدني

النرويج

www.irakere.net

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *