شعبنا بحاجة الى قوة مسلحة للدفاع عن النفس والوجود وأنا متطوع رقم واحد

مدننا وبلداتنا العامرة منها الكلدانية والأخرى السريانية تبدو موحشة خالية من سكانها وهي كالرجل المريض في غرفة الأنعاش، وتتوافد الوفود ورجال الدين ورجال السياسة والمنظمات الإنسانية ورجال الإعلام ومسؤولي الأحزاب السياسية ورجال الدولة وغيرهم بزيارة هذا المريض ويواسوه على محنته واعدين بتقديم المساعدات وتحسين الظروف المعيشية والسكنية، نعم شعبنا مريض ألمت به رياح مسمومة صفراء، جعلت ابنائه يتركون جنتهم التي شهدت ولادتهم وطفولتهم وشبابهم وافرحهم وأتراحهم، وبين ليلة وضحاها كان عليهم ترك ذلك الفردوس. حقاً انه قمة الظلم والإجحاف ان يسيطر غيرك امامك على ما تملك، وبهذا الصدد يذهب جون لوك ابو الفكر الليبرالي في اوروبا الى القول: أما الأنسان قد يكون في مقتل ابيه اكثر تسامحاً منه في مصادرة امواله.

لقد اخذت مختلف جوانب الحياة لشعبنا المسيحي بنظر الأعتبار، إن كانت سياسية او اجتماعية او اقتصادية، لكن لم يصار الى الأهتمام بناحية الدفاع عن النفس في حالة تردي الظروف الأمنية للمنطقة، ولا نحتاج الى دراية ومعرفة ببواطن الأمور في عراق مضطرب، وفي اية لحظة قد تنجم ظروف خطيرة كالتي وقعت في اجتياح مدننا السريانية والكلدانية والآشورية قبل اسابيع. لقد اعتمدنا كلياً على قوات البيشمركة، الذين كان لهم دور فعال في تحقيق الأمن بالمنطقة طيلة السنين الفائتة. لكن حين قدوم داعش فإن البيشمركة قد انسحبت بشكل فجائي مما افرز وضعاً مرتبكاً في خروج آلاف العوائل من بيوتها ونجم عن هذا النزوح الجماعي وضع إنساني مأسوي.

لقد كان لنا نواة تحمل السلاح في برطلة وبغديدا وكرملش تحت تسمية حراس المدينة، وهذه القوة كانت بمؤزارة قوات البيشمركة في المنطقة ويوم انسحبت قوات البيشمركة فقد جرى جمع هذا السلاح من قبل قوات البيشمركة حسب ما سمعت، وبعبارة اخرى ان تلك القوة المسلحة إن كانوا تحت تسمية الحراسة او الشرطة او اي اسم آخر، فلم يكن لهم اي قرار مستقل.

حينما اقترح تكوين نواة قوة مسلحة، بالتأكيد هذه القوة سوف لا تكون مؤهلة لمقاومة داعش ولا يكون هدفها مقاومة الجيش العراقي او مخاصمة البيشمركة، إنما هذه القوة ستكون قوة ذاتية تحافظ على امن البلدة او المدينة في حالة غياب السلطة على الأرض كما حدث يوم انسحبت قوات البيشمركة وقوات الحكومة في وقت واحد من مدننا وبلداتنا، كما ان مثل هذه القوة كانت ضرورية بعد انسحاب مسلحي داعش من بعض بلداتنا ربما تكون منظمة الحزب الشيوعي في القوش مثالاً ممتازاً حيث صمدت المنظمة مع مسلحين آخرين من القوش ورتبت خفارات ليلاً ونهاراً للمحافظة على ممتلكات الأهالي، ومثل هذه القوة شكلها الدسنايي (الإزيدية) الشباب ولكن ليس لي التفاصيل.

ثمة مثل عراقي دارج يقول: (لا يحكك ألا ظفرك)، انت المسؤول الأول للدفاع عن النفس وعن المال والعرض، وفي حالة انسحاب شعبك لأسباب قاهرة، تكون النواة المسلحة هي الضامن والمنظم لهذا الأنسحاب ، فلو كانت مثل هذه القوة موجودة بين الأزيدية في شنكال مثلاً، لأستطاعت هذه القوة من تنظيم الأنسحاب بحيث كان يؤدي الى اقل الخسائر الممكنة، وهذه ينطبق على مدن وبلدات شعبنا المسيحي، ولا اقول بلداتنا الكلدانية والسريانية، لكي لا تزعل الأحزاب الآشورية ويقولون انت تفرق بين ابناء شعبنا.

والشئ بالشئ يذكر إذ تصلني على بريدي الألكتروني اخبار عبر وكالة تطلق على نفسها وكالة الأنباء الآشورية مختصرها:AINA اي
Assyrian International News Agency

وهذه الوكالة التي يجدر بها ان تتميز بالحياد المطلوب، فتعمل من كل النازحين هم نازحين اشوريين ومن بلداتنا الكلدانية والسريانية والأزيدية والشبك تطلق عليها جميعاً بلدات أشورية وكنائسنا هي كنائس آشورية وحتى الأزيدية والشبك هم نازحين آشوريين، وكم طلبت من هذه الوكالة إزالة عنواني من رسائلهم التي تزور الحقائق لكن دون جدوى. لقد مللنا من هذا الخطاب الأقصائي العنصري طيلة هذه السنين، فالأهمال وسلة المهملات هي خير ما نواجه به هذا الخطاب العبثي الممل.

نعود الى الموضوع الذي بصدده، فمثل هذه القوة ستكون قوة عسكرية ضابطة للامن والأستقرار في حالة غياب السلطة فمثلاً في بلدتي تلسقف وباطنايا حيث غياب اي شكل من اشكال السلطة فإن هذه القوة ستقوم بالواجب وتلعب الدور المطلوب منها على اكمل وجه.

فنحن بخطوة تكوين تلك النواة ستؤدي الى تمكين شعبنا من اتخاذ القرارات المصيرية بمعاونة اصدقاء شعبنا في المنطقة من الأكراد وما اكثرهم ومن العرب وما اقلهم مع الأسف. إضافة الى احتساب ان هذه النواة ستكون بداية البداية لتكون منطقة آمنة بوجود قرار اممي.

بالعودة الى ستينات القرن الماضي وما بعدها، كان لنا قوة عسكرية من ابناء شعبنا تحت قيادة المرحومين توما توماس وهرمز ملك جكو، ولو ان هذه القوة كانت رمزية قياساً بقوة البيشمركة على طول جبال كوردستان، إلا ان هذه القوة كانت محل احترام وتقدير من لدن القيادة الكوردية المتمثلة بالمرحوم البارزاني مصطفى، نظراً لأن هذه القوة كانت تعمل بإخلاص وتفان، كما انها حصن امين لأبناء شعبنا حتى بالنسبة للقوات الحكومية فلا تقدر السلطات المحلية ان تعبث ببلداتنا كما تريد لأنها تعلم وراء العبث عقاب.

وفي شأن الثورة الكردية اذكر يوماً أحدى فصائل البيشمركة استولوا على قطيع غنم من القوش على اعتبار هذه ضريبة الثورة على القوش، وكاد ان يحدث بيننا نزاع مسلح، لكن المرحوم توما توماس امرنا بعدم اطلاق النار وقال سنحل المشكلة بطريق آخر، وفعلاً توجهنا الى مقر حسو ميرخان، وأعاد القطيع الى اصحابه دون نقصان مصرحأ، ان القوش تزودنا بالمقاتلين والعتاد والأدوية ولا تترتب على القوش اية ضريبة، بل الثورة تشكر موقف القوش والثورة مدينة لها. إن الذي فعلناه اواسط الستينات من القرن الماضي وما بعدها كان اثبات الوجود وإثبات الشخصية المسيحية إن كان من السريان او الكلدان او الآثوريين او الأرمن، وإن هذه الشخصية ليست مخلصة فحسب بل شجاعة ايضاً، وفعلاً كنا في جميع المعارك في جناح الهجوم.


ليت الشباب يوماً يعود

اليوم شعبنا اصبح مشرداً في مدن وقرى كوردستان وفي دول الجوار املاً في الهجرة وفي الحقيقة فإن الضروريات الملحة كالمأوى والمأكل والمشرب والعلاج وغيرها من ضروريات الحياة تأتي في المقام الأول، كما ان ضمان عودة املاكهم في الموصل، وعودتهم الى منازلهم وأملاكهم كل ذلك يجب ان يكون من اولويات المجتمع الدولي والحكومة العراقية وحكومة اقليم كوردستان. لكن هذا الجانب الذي تكلمنا عنه ليس هنالك إلا إشارات قليلة لأهميته لهذا الشعب يحاول ان يحافظ على وجوده وكيانه وهويته كبقية شعوب الأرض.

لقد كانت ثمة دعوة للتطوع تسعى اليها منظمة الزوعا وبنظري ان هذه دعوة حزبية لا ترقى الى المستوى المطلوب، وكانت هنالك دعوة مماثلة من قائمة الوركاء تدعو الشباب المسيحي الى التطوع للدفاع عن نينوى: حسب الرباط:

http://www.alqurtasnews.com/news/38940/AlQurtasNews

كما كانت ثمة دعوة من لفيف من ابناء شعبنا سمت نفسها اسم غريب وهو مجموعة 2/8/2014 وأطلقت الدعوة الى التطوع باسم نداء رقم واحد، ووردت في متنه هذه النقاط:

1. من خلال المباشرة بوضع خطة ومنهج متكامل لإقامة منطقة آمنة لحمايتهم على ان تشمل كافة مناطق سكناهم وحيثما هم على أراضيهم التاريخية في شمال العراق.

2. توفير الخدمات الأساسية اللازمة فورياً لانقاذهم من محنتهم الإنسانية.

3. فتح باب التطوع لتسجيل أفواج من شبابهم (ذكورًا وإناث) وتدريبهم عسكريًا وتهيئتهم نفسيًا ومعنوياً لكي يتمكّنوا من حماية محميتهم المرتقبة وبأشراف دولي.

راجع الرابط :

http://www.ankawa.com/index.php/ankawaforum/index.php?topic=750248.0

وفي نفس السياق وعلى ضوء لقاء الرئيس البارزاني مع وزير خارجية لبنان أعلن الرئيس مسعود البرزاني حين لقائه مع وزير خارجية لبنان جبران باسيل في اربيل، بأن حكومة الإقليم جاهزة لفتح الباب أمام المسيحيين الراغبين بالتطوع ضمن القوات المسلحة الكردية، وذلك من خلال إعطائهم الفرصة للدفاع عن أنفسهم وعن قراهم في وجه الميليشيات المسلحة المنضوية تحت تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام (داعش).

http://jordanianvoice.net/web/2012-05-16-11-52-23/34892.html

إن الكنيسة تنهض بالمهمة الأنسانية، لكن ليس من واجبها القيام بالمهمة العسكرية المطلوبة وهنا يأتي دور الشباب، خصوصاً الشباب المستقل ويجب ان يكون لهم دور بارز في هذه المحنة، وأنا شخصياً اعلن استعدادي للتطوع وأن اكون جندياً بسيطاً في مقدمة الشباب، او اي مهمة تناسب عمري أكلف بها ومن اجل ذلك سوف اصل الى العراق في الوقت مطلوب.

ينبغي ان يكون لنا وحدة الكلمة وأن نركن الخلافات العقائدية والسياسية وغيرها على جانب، ونعمل جميعاً بنكران ذات دون ان نفكر بالمصالح الحزبية والشخصية.
دمتم جميعاً بخير

د. حبيب تومي
اوسلو في 26/08/2014

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *