شباب عنكاوا والأبراج الأربعة والتراجع المخجل لما يسمى بتجمع احزاب شعبنا ..

ليس لي معلومات وافية عن الموقع الجغرافي للأبراج الأربعة ومدى تأثيرها على البنية الديموغرافية لمدينة عنكاوا الكلدانية ، لكن نعمل مع المثل الذي يقول :

اهل المدينة ادرى بشعابها . لهذا كان علينا ان نضم صوتنا الى صوت اهالي عنكاوا في الوقوف ضد تنفيذ المشروع . في البداية وقف مع طموحات الشباب منظمات المجتمع المدني والكنيسة الكلدانية المتمثلة في هذه المدينة بأبرشية اربيل والتي يرعاها المطران الجليل الشاب بشار وردة ، لكن اكثر الذين اثاروا عاصفة اعلامية كان ما يسمى بتجمع احزاب ومنظمات شعبنا الذين كانوا يطلقون على لسان المتحدث بأسمهم تصريحات نارية .

لقد اخبرني احد الأصدقاء في القوش بأن احدهم صرح لأحدى وسائل الأعلام في وقتها قائلاً : في حالة المباشرة في تنفيذ المشروع فإنه سوف يصحب عائلته الى الموقع ويمنع أي مباشرة في العمل ، وذلك الرجل منكفئ حالياً على نفسه يحاول ان يأخذ العصا من وسطها كما يقول الزميل زيد ميشو .

الذين استمروا على موقفهم المعارض لأي تغيير ديموغرافي إن كان في مسألة الأبراج الأربعة او غيرها هو استمرار نخبة مثقفة من اهالي عنكاوا الكرام وجمعية الثقافة الكلدانية والمطران الكاثوليكي الكلداني الذي يخشى تغيير هويه مدينته الكلدانية ، وانكفأت منظمات واحزاب في التجمع المذكور ، والذي يهمنا في هذا المقال هو موقف تجمع احزاب شعبنا الذين يدعون تمثيل شعبنا في الأعلام ،فهذا التجمع كان له موقف حماسي بل استعراضي متشدد ثم ما لبث ان خفت صوته وارتبك رنينه فقد صرح الناطق باسم التجمع بعد ان انتهت مرحلة الشعارات البراقة والتصريحات النارية ، إذ أدلى بتصريح مرتبك وأشار اليه الزميل زيد ميشو في مقاله الموسوم :

يداً بيد من اجل عنكاوا تناول تلك التصريحات المرتبكة وليس المربكة فيقول :

ان السيد ضياء بطرس الناطق بلسان تجمع احزاب ( شعبنا) يقول : بالنسبة لنا كأحزاب منضوية تحت خيمة التجمع سنقوم بدراسة الموضوع خلال اليومين القادمين ونعلن موقفنا من هذه التظاهرة المزمع إقامتها في عنكاوا ضد المشروع .

ويعلق الكاتب الجليل زيد ميشو على التصريح بقوله :

((ومازالت اليومين لم تنتهي كون زمانهم غير زماننا !.
ووعد بإجراء لقاءات حول الموضوع ويريد أن يتخذ طريق الحوار وختم حديثه بمسك العصا من النصف كالعادة إذ تابعبالنسبة لمشروع الابراج الاربعة فربما هناك حلا مناسبا لا يؤدي الى التغيير الديموغرافي علينا البحث عن ذلك فاننا لسنا ضد الشركة التي تقوم بتنفيذ المشروع لكن هواجسنا تصب بان لا يكون هذا المشروع يؤدي الى التغييرالديموغرافي ..
ومن له القدرة على التفسير فليفسر)) .

السياسي المحنك الذي يكلف بالتحدث باسم تلك المجموعة الطويلة من التنظمات السياسية التي تدعي تمثيل شعبنا من الكلدان والسريان والآشوريين وتمتد مساحتها الجغرافية الى سوريا والعراق وايران والعالم ، يجب ان تكون تلك التصريحات مدروسة وموزونة لا ان تتبدل بين ليلة وضحاها وفق درجات الحرارة.

لقد تبين في الأستبيان الذي يجريه موقع عنكاوا كوم حول الموضوع إذ يطرح سؤال

: لماذا برأيك تراجعت احزاب شعبنا ومعظم مسؤولي منظمات المجتمع المدني في عنكاوا عن دعمها للمظاهرة؟

وكان اكثر من ثمانين بالمئة من المشتركين بالأستفتاء بأن السبب يعود الى ضغوطات من السلطة وخوفاً على مصالحهم الشخصية والحزبية .

من خارج إطار هذا التجمع وأقصد الحزب الديموقراطي الكلداني الذي انسحب من التجمع المذكور فقد كان له موقف واضح وصريح بهذا الشأن ، فقد صرح السكرتير العام لهذا الحزب الأستاذ ابلحد افرام لموقع عنكاوا بقوله :

نعم، توسعت عنكاوا وتغيرت وهذا امر طبيعي ونتيجة التوسع الأفقي الهائل الذي حدث ويحدث في اربيل جعل من المنطقة حيا من أحياء اربيل رغم أن معظم سكانها كانوا يحبذون المحافظة على خصوصياتها التي فقدت“. وبشأن المظاهرة يقول :

لقد علمنا بأن سكان عنكاوا ينوون تنظيم مظاهرة تقودها منظمات المجتمع المدني ونحن في الحزب الديمقراطي الكلداني إتخذنا الإستعدادات اللازمة للمشاركة في المظاهرة ولكننا تفاجأنا بعدم حصول الموافقة على تنظيمها وهذا يتناقض مع مبادىء الديمقراطية إن لم يكن هناك مبرر آخر لا نعرفه“. ويختم حديثه بقوله :

عليه نحن نقولها علنا بأننا نؤيد مطالب أهالي عنكاوة وهذا واجبنا وفي الوقت نفسه نتمنى على حكومتنا الموقرة ونطلب من سيادة رئيس الوزراء الجزيل الإحترام حل هذا الإشكال لكي لا يستغل من قبل من يصيد في الماء العكر أو يصبح موضع طعن وإنتقاد“.

ولكي ابقى في دائرة المصداقية التي لا احيد عنها في ما اكتبه فإن الزوعا قد نأت بنفسها من هذا الموقف المخزي لتجمع احزاب شعبنا ، إذ صرح السيد عماد يوحنا وهو نائب في البرلمان العراقي عن قائمة الرافدين التابعة للحركة الديموقراطية الآشورية فيقول : نحن مع ابناء شعبنا في عنكاوا ومع مطالبهم في ايقاف التيار التغيير الديموغرافي مؤكداً انه إذا استمر الوضع فإننا سنضطر للذهاب الى المحكمة الأتحادية وإقامة دعوة قضائية ..

إن المواقف السليمة يجب ان نكتبها بأمانة كما هو حالنا حينما نشخص وننتقد الأخطاء . ونبقى مع تجمع احزاب شعبنا إذ اعتقدنا نحن البسطاء ان هؤلاء سيكونون في مقدمة المظاهرة مع الكنيسة الكلدانية ومع الشعب الكلداني وبقية مسيحيي العراق ليقوموا بمظاهرة ضد عمليات تغيير البنية السكانية في مدننا وبلداتنا ، لكن اسقط في ايدينا ، فهؤلاء حينما لمسوا ان الأقوال النارية سوف تتحول الى افعال سرعان ما نأوا بأنفسهم عن المسالة ( وسبحانة مغير الأحوال ( إذ سرعان ما بدأوا يفكرون بحلول التفاهم والتراضي لكي تتحول هذه الأبراج من ابراج متوحشة الى حملان وديعة وليس لها اي تأثير على التركيبة السكانية

إن مسألة إحداث تغيير في التركيبة السكانية ظاهرة غير مقبولة إن كان في عنكاوا او غيرها ، وفي شأن هذه المشكلة يتبادر الى الذهن لماذا اختارت شركة آشور بان هذه المدينة المسيحية الكلدانية بالذات ؟

إن كانت هذه الشركة ذات طابع استثماري فحسب فلماذا لم تختار بقعة أخرى في ارض العراق الواسعة ، لماذا حشرت نفسها في هذه المدينة الكلدانيـــــــــــــــــة؟

ولماذا الأصرار على تنفيذ المشروع بالرغم من مشاعر الرفض لهذا المشروع؟ الا يدفع هذا الأصرار المستميت لتنفيذ المشروع بأنه يحمل غايات غير ربحية ؟ وهي التأثير على التركيب الديموغرافي والقومي لهذه المدينة ، فالكلدان اليوم مستهدفين من ناحيتين ، الأولى التغيير الديموغرافي كما هو معلوم وما حدث في تلكيف هو مثال واقع على الأرض والمحاولة الأخرى هي مسالة التغيير القومي لهوية مدننا الكلدانية ، والقوش يعتبر مثالاً على هذه الحالة .

في التاريخ المعاصر حاول صدام حسين إحداث تغيير في البناء الديموغرافي في كوردستان حينما حاول إسكان العوائل الكوردية في الجنوب وأخرى عربية في المناطق الكوردية ولعل محاولات تغيير البنية الديموغرافية لمدينة كركوك وما نجم عنها من مشاكل هي قائمة لحد الساعة . وقرانا الكلدانية والسريانية وبعض القرى الأشورية هي ما تبقى من مكونات عراقية اصيلة كانت هي صاحبة القرار في عهود غابرة من الزمن العراقي ، واليوم بقيت هذه المكونات كنتوءات مجتمعية شبيهة بالجزر المرجانية الناتئة في بحر مترامي ، ومع ذلك هنالك محاولات دائبة تحاول القضاء على ما تبقى من الأطلال البشرية إن صح التعبير ، بالأمس كانت تلكيف كلدانية مسيحية اليوم لم تعد كذلك ومحاولات تغيير البنية الديموغرافية في برطلة وبغديدا وغيرها من مدننا ظلت قائمة .

وننتقل الى عنكاوا التي شعر سكانها الأصليين ( المسيحيين من الكلدان ) أن مركبهم يجنح نحو الغرق رويداً رويداً ، إن لم يعملوا على ايقاف هذا الجنوح ، وكما هو معلوم فإن الشباب دائماً يمثلون الطليعة والقلب النابض الذي يضخ الدم في جسم المجتمع . هكذا دأب هؤلاء الشباب الى السير قدماً نحو ايقاف هذا السيل الجارف ، ووقف مع هؤلاء الكنيسة الكلدانية المتمثلة في هذه المدينة بأبرشية عنكاوا التي يقف على إدارتها المطران الجليل الشاب بشار وردة المعروف بحرصه الشديد للوقوف الى جانب شعبنا الكلداني وبقية مسيحيي العراق ، وكان لهم خطاب واحد يقف ضد بناء الأبراج الأربعة بتصميم وحزم .وتجمع تنظيمات شعبنا لم يشأ ان يكون في ذيل الحدث فركب موجة الأحتجاج ثم ما لبث ان تنحى جانباً مقترحاً الحلول التوافقية التي ترضى كل الأطراف . إنه موقف يفضح هذا التجمع بأنه يسعى لدفن الهوية الكلدانية اولاً وأخيراً  ولا يهمه التغيير الديموغرافي بقدر ما يهم المصالح الحزبية للمنتمين لهذا التجمع .

حبيب تومي / القوش في 15 / 5 / 12

You may also like...