سيرة الرسول بطرس

اسم عبري معناه صخرة أو حجر وكان يسمى أولاً سمعان واسم أبيه يونا ( فقال له يسوع هنيئا لك يا سمعان بن يونا ما كشف لك هذه الحقيقة أحد من البشر بل أبـي الذي في السماوات ) متى 16 : 17 أحد من البشر حرفياً اللحم والدم أي الانسان كله في ضعفه الطبيعي بطرس بوحي إلهي تعدّاه ولم يدرك عمقه في الحال ولكنه سيفهمه والرسل على ضوء القيامة واسم أخيه اندراوس واسم مدينته بيت صيدا فلما تبع يسوع سمي كيفا وهي كلمة آرامية معناها صخرة يقابلها في العربية صفا أي صخرة وقد سّماه المسيح بهذا الاسم والصخرة باليونانية بيتروس ومنها بطرس ( وجاء به إلى يسوع فنظر إليه يسوع وقال أنت سمعان بن يوحنا وسأدعوك كيفا أي صخرا ) يوحنا 1 : 42 كيفا في الارامية تعني بطرس أي الصخر صار بطرس عمودًا في الكنيسة الأولى بنعمة الله لا بصفاته البشريّة نظر إليه يسوع هكذا دلّ أنه أحبّه واختاره وكانت مهنة بطرس صيد السمك التي كان بواسطتها يحصل على ما يكفي عائلته المقيمة في كفرناحوم ( كان يسوع يمشي على شاطئ بحر الجليل فرأى أخوين هما سمعان الملقب ببطرس وأخوه أندراوس يلقيان الشبكة في البحر لأنهما كانا صيادين ) متى 4 : 18 يسوع رأى جعل نظره على هؤلاء الأربعة لكي يختارهم. سمعان أندراوس اول الرسل وسوف يتبعهما يعقوب ويوحنا سيكونون أربعة فيمثّلون العالم بأقطاره الأربعة كما يستدل من عيادة يسوع لحماته وشفائها من الحمّى ( ودخل يسوع إلى بيت بطرس فوجد حماة بطرس طريحة الفراش بالحمى فلمس يدها فتركتها الحمى فقامت وأخذت تخدمه ) متى 8 : 14-15 ودخل يسوع بيت بطرس وفي الحال شفى حماته والحمّى كانت تُنسب إلى عوامل غير طبيعية ولكن الصلاة تزيلها الحماة تخدم يسوع وحده وهي تمثّل الكنيسة هذه المعجزة تجعلنا أمام القيامة أنهض يسوع المريضة فكأنه أقامها ويرجح أن بطرس كان تلميذاً ليوحنا المعمدان قبل مجيئه إلى المسيح وقد جاء به إلى يسوع أخوه اندراوس واحد من تلميذي يوحنا المعمدان المقربين إليه وقد أشار يوحنا في حضورهما إلى يسوع بعد رجوعه من التجربة في البرية وقد دعا يسوع بطرس ثلاث مرات فأولاً دعاه ليكون تلميذاً ودعاه ثانية لكي يكون رفيقاً له ملازماً إياه باستمرار ثم دعاه ثالثة لكي يكون رسولاً له ( وهذه أسماء الرسل الاثني عشر أولهم سمعان الملقب ببطرس وأخوه أندراوس ويعقوب بن زبدي وأخوه يوحنا ) متى 10 : 2 وقد ساعد حماس بطرس ونشاطه وغيرته على أن يبرز كالمتقدم بين التلاميذ من البداية فيذكر اسمه دائماً أولاً عند ذكر أسماء الرسل وكذلك عند ذكر أسماء التلاميذ الثلاثة المقربين جداً إلى يسوع كان اسمه يذكر أولاً فمثلاً في التجلي وعند إقامة ابنه بايرس وفي بستان جثسيماني ولا يدل سقوطه السريع على شيء من الشك فإن ما أظهره من المحبة لسيدة بعد ذلك كفيل بالبرهنة على أن ما حصل من إنكار سيده كما تركه جميع التلاميذ في ليلة المحاكمة إنما كان ضعفاً بشرياً لم يستمر طويلاً بل أن نظرة العتاب من سيده الذي عرفه جيداً جعلته يخرج إلى خارج ويبكي بكاءً مرّاً وفي الكتاب المقدّس أمور تذكر مختصة بهذا الرسول تظهر صفاته الحسنة كقوله ليسوع اخرج من سفينتي يا رب لأني رجل خاطيء وسيرة هذا الرسول نرى أموراً تبرهن على سرعة إيمانه وثقته بابن الله منها مشية على الماء ( فأجابه يسوع تعال فنزل بطرس من القارب ومشى على الماء نحو يسوع ) متى 14 : 29 ومنها أنه أوّل من أدرك حقيقة شخصية يسوع فاقرّ جهاراً بأنه المسيح ابن الله كما يظهر من قوله ليسوع بعد ذلك حاشاك يا رب لا يكون لك هذا وذلك إذ سمعه يقول أنه ينبغي أن يذهب إلى أورشليم ويتألم الخ إلا انه مع كل ذلك كان متمسّكاً بكل ثبات بسده كما ظهر من قوله يا رب إلى من نذهب؟كلام الحياة الأبدية عندك وحينما أراد يسوع أن يغسل أرجل التلاميذ أبي عليه ذلك أولاً إلاّ أنه لم يلبث أن اقتنع بكلام سيده وصرخ قائلاً ليس رجليّ فقط بل يديّ وراسي وإذا قال يسوع لتلاميذه حيث اذهب أنا لا تقدرون انتم أن تأتوا قال له بطرس يا سيد لماذا لا اقدر أن اتبعك الآن؟إني أضع نفسي عنك وبعد القيامة يخبرنا الجزء الأول من سفر الأعمال أن بطرس حقق ما أنبأ المسيح عنه وعلى هذه الصخرة ابني كنيستي فسواء أكان المقصود بالصخرة الإيمان الذي صرّح به لبطرس إنه المسيح بن الله الحي وأن كل من يؤمن بأن المسيح هو ابن الله الحي ومخلص العالم يكوّن الكنيسة على كلا الحالين نشط بطرس لقيادة أعضاء الكنيسة الأولى فكان هو الذي قاد التلاميذ إلى سدّ الفراغ في عدد الرسل بانتخاب بديل ليهوذا وكان هو الذي أوضح معنى حلول الروح، وكيف انه من الآن يكون الخلاص بالإيمان بابن الله لمغفرة الخطايا فانضم عند ذاك للكنيسة أول ثلاثة ألاف عضو وكان الواسطة في شفاء الأعرج وكان الكليم المدافع والشارح للمسيحية وكان هو الذي وبّخ حنانياً وسفيرة لتطهير أغراض ودوافع العطاء وكان هو الفم الذي أعلن فتح باب الخلاص لليهود وللأمم في موضوع كرنيليوس وبعد ما وُضعت أساسات الكنيسة بدأ بطرس يختفي آخذاً مكاناً متواضعاً برضى وقبول ففي الكنيسة في أورشليم وكان الباب للأمم قد فتح على مصراعيه وتولىّ بولس الرسول القيادة في توصيل بشرى الخلاص لهم وأما بطرس كرسول انجيل الختان تاركاً أورشليم ليعقوب والأمم لبولس وينهي سفر الأعمال ذكر نشاط بطرس في عندما قوبل رأيه عن تبشير الأمم بالترحيب من الجميع وبعد ذلك نسمع أنه كان في أنطاكية وربما في كورنثوس وأنه واصل رحلاته التبشيرية وأخيراً استشهد كما سبق الرب بخلاف ذلك لايخبرنا الكتاب المقدس شيئاً عن حظ هذا الرسول وعن أتعابه وآلامه أو نجاحه وتوفيقه غير ما نستطيع استنتاجه من رسالتيه ففيهما يبرز بطرس أمامنا مثالاً للوداعة والثبات في الإيمان وقيل أن المسيحيين في رومية نصحوا له بأن يهرب غير أنه كما يقولون رأى السيد داخلاً ررومية وهو يحمل الصليب فقال له إلى أين يا سيد؟فأجابه إلى رومية حيث أصلب ثانية قيل فتوبخ بطرس ورجع واستشهد مصلوباً وطلب أن ينكس الرأس إمعاناً في تأديب نفسه وفي الشهادة لسيده وقد ذهب بعض الطوائف إلى جعل بطرس رئيساً على الكنيسة وجعلوا من أنفسهم خلفاء له والتصريح الذي نطق به السيد المسيح قائلاً على هذه الصخرة أبني كنيستي وتبعاً لذلك ينبغي أن تكون الكرسي الوحيد للرئاسة في الكنيسة ويكفي أن نقول أن الروح لايحصر في مكان أو كرسي وأنه حيث يحل الروح يكون كرسي المسيح ولو تعددت الكراسي وبطرس كتب رسالتين النبرة العظمى والفكرة الواضحة فيهما هي الرجاء الحي رسالة بطرس الأولى: وقد كتبت على الأرجح من رومية فإن بابل المشار إليها في وإن كان يمكن أن تكون بابل الكلدانية وكان فيها مسيحيون أو يمكن أن تكون بابل المصرية بابلون التي هي مصر القديمة الآن إلا أن المرجح هو الرمز لرومية ببابل لأنها كانت حينئذ نبع أشد الاضطهادات على المسيحية والمسيحيين وأرسل رسائل غلاطية وأفسس وكولوسي وكان غرضه تشديد إيمانهم وسط التجارب المحرقة وإنعاش روح الرجاء والانتظار فيهم وهي موجهة إلى المتغربين من شتات بنتس وغلاطية وكبدوكية وآسيا وبيثينية وتشير في الغالب إلى جميع المسيحيين الذين كانوا يقطنون هذا الإقليم الذي يشمل في العصور الحديثة إقليم آسيا الصغرى محتويات رسالة بطرس الأولى يمكن أن تقسم محتويات الرسالة كما يأتي مقدمة الرجاء المسيحي بقيامة المسيح من بين الأموات الأمن والإطمئنان بالرغم من الاضطهاد حثّ على أن يحيوا حياة تليق بالرجاء وطبيعة الكنيسة توجيهات بقصد الوصول إلى الخلق المسيحي السامي بالنسبة للدولة ببالنسبة للعلائق الإنسانية السلوك في البيت السلوك تحت الاضطهاد تعليمات بشأن الحاجات الراهنة الصبر والاحتمال في زمن الاضطهاد واجبات الشيوخ والشعب تحيات ختامية ورسالة بطرس الثانية هذه رسالة رعوية موجهة إلى المسيحي ينفي كل مكان لتحذرهم ضد التعاليم الزائفة ولتحثهم أن يتمسكوا بالإيمان ويثقوا فيها محتويات رسالة بطرس الثانية تحية وحث على النمو في النعمة والمعرفة والتثبت من الخلاص المسيحي ومن التعليم الرسولي من كلمة الوحي إدانة المعلمين الزائفين وبغض تعاليم التحقق من مجيء المسيح ثانية واجب المسيحيين أن يعيشوا حياة طاهرة أن يفسروا التعاليم تفسيراً صائباً أن يقاوموا المعلمين الزائفين أن ينموا في النعمة ومعرفة المسيح بطرس الرسوا اصبح المعترف به بين تلاميذ الرب يسوع أحد الثلاثة المقربين جداً للمسيح وكان أول صوت عظيم للمناداة بالإنجيل في يوم الخمسين وبعده يعهد المسيح بعد القيامة ثلاثاً إلى بطرس بالعناية بالقطيع كله حملاناً وخرافاً وأنه على ضوء مثل الراعي الصالح ( بعدما أكلوا قال يسوع لسمعان بطرس يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر مما يحبني هؤلاء؟فأجابه نعم يا رب أنت تعرف أني أحبك فقال له إرع خرافي وسأله مرة ثانية يا سمعان بن يونا أتحبني؟فأجابه نعم يا رب أنت تعرف أني أحبك)). فقال له إرع خرافي وسأله مرة ثالثة يا سمعان بن يونا أتحبني؟فحزن بطرس لأن يسوع سأله مرة ثالثة: أتحبني؟فقال يا رب أنت تعرف كل شيء وتعرف أني أحبك قال له يسوع إرع خرافي الحق الحق أقول لك كنت وأنت شاب تشد حزامك بـيديك وتذهب إلى حيث تريد فإذا صرت شيخا مددت يديك وشد غيرك لك حزامك وأخذك إلى حيث لا تريد بهذا الكلام أشار يسوع إلى الميتة التي سيموتها بطرس فيمجد بها الله ثم قال له إتبعني ) يوحنا 21 : 15-19 دعا يسوع بطرس إلى حبّه ثلاث مرات. حين أنكره دلّ على أنه فضّل نفسه على الرب. وهنا دلّ أنه يفضّل الرب على نفسه أنت تعرف أني أحبّك أكّد بطرس حبّه دون أن يحاول التفوّق على اخوته فالرب يعرف القلوب إرع خرافي مع أن يسوع هو الراعي الصالح إلّا أنه سلّم إلى بطرس عمل الرعاية فحبّ للرب لا حدود له ينبغي فهم هذه الرسالة يخلّص الراعي الصالح خرافه جامعاً إياها في قطيع واحد ويمنح لها الحياة بوفرة ومن أجلها يبذل حياته الخاصة لذلك فإن المسيح إذ ينبئ بطرس باستشهاده الوشيك يضيف قائلاً اتبعني فإن كان عليه أن يسير على خطى سيّده فلا يكون ذلك فقط ببذل حياته وإنما بتوصيل الحياة الأبدية لخرافه حتى لا تهلك أبداً وباتباعه المسيح الصخرة والحجر الحيّ وبصفته الراعي الذي له سلطة ضمّ المؤمنين إلى الكنيسة أي إنقاذهم من الموت وتوصيل الحياة الإلهية إليهم ينشئ بطرس وظيفة أساسية في الكنيسة ويصبح هكذا بكل حقّ نائب المسيح تلك هي رسالته وتلك هي عظمته امين

اعداد الشماس سمير كاكوز

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *