رسالة من قيثارة اور السومرية الى الحكومة العراقية الجديدة

رسالة من قيثارة اور السومرية الى الحكومة العراقية الجديدة
يوحنا بيداويد

 

 

 

بقلم يوحنا بيداويد
ملبورن استراليا
23 كانون الاول 2010

سيدي الرئيس الوزراء واعضاء الحكومة الجديدة وجميع ابناء الرافدين  الكرام
تحية لكم من جدتكم قيثارة السومرية الاثرية القابعة في متحف العراقي
في عصر تتبارى الامم والدول في اقامة ذكريات ولادة عباقرتها وعظمائها بعد مرور مئة سنة او ربع قرن او غيرها ، وفي وقت تتفاخر الدول بإبداعات ابنائها الفكرية من ادبائها وكتابها وموسيقيها ورساميها وفلاسفتها وعلمائها وشعَرائها وفناني التمثيل والمسرح والرياضيين وغيرهم ، احفادنا في بلاد ما بين النهرين يقرون منع انتشار نورالمعرفة والتذوق الجمالي في الرسومات بيكاسو  والشعور بالنشوة في سماع قصيدة الشعرية من قصائد المتنبي او ابو نؤاس اواغنية من اغاني فيروز الصباحية او الافتخار في حل معضلة فكرية او طرح نظرية فلسفية جديدة او اكتشاف مضاد حيوي مثل اكتشاف انسولين جديد يقضي على مرض سرطان او قصة رائعة مثل قصة الجريمة والعقاب او الاخوة الاعداء للكاتب الخالد دوستويفسكي، او ايجاد علاج جديد للامراض  النفسية غير معتمد على اقوال عبقرية  فرويد  او تلميذه يونغ في تحليل النفسي.

في عصر تتصارع فيه الامم والحضارات في تكبير شأنها بتاريخ معركة صغيرة او حادثة بسيطة مرت في بلدانها لاجل تضخيم احقيتها ( الانسان الثلجي) او مكانتها بين الامم الاخرى. نرى ان السياسيين من ابنائنا يفضلون مسح كل ما انجزناه في التاريخ وتركناه لكم ارثاً حينما كانت الامم الحديثة تعيش في عصر البربرية وقانون الغابة سائداُ. فما اقبح ان ينسلخ الانسان من جنسه او عرقه و ينكر الابن فضل اجداده او ينكر او ينبذ اثارهم وانجازاتهم العظيمة.
 

 هل تعلمون يا اولادي قسم منكم يجهلون الكثير عن انفسهم من هم ،اصلهم ،تاريخهم ، حتى تاريخ حضارة وادي الرافدين الذي هو اكثرة ثروة من نفطكم الذي يسرقوه السياسيين الانتهازيين  والعملاء والجيران والمحتلين. لم أعـُد افهم اساس قراراتكم بالسير عكس عقارب زمن التاريخ، فالتاريخ لا يجري وفق ظواهر الطبيعة وتأثيراتها فقط وانما تحت تاثير المنطق العقلي وانجازاته المتجسدة عمليا في التطبيقات العلمية، انظروا فقط الى تطبيقات العملية لاختراعات مكتشف المصباح الكهربائي توماس اديسن.

اولادي الصغار هل تعلمون جدكم كلكامش كتب اخصب قصة في تاريخ الانسانية كله ودون فيها فكرة السموات والالهة وقوة الخير والشر قبل كل الامم ، هل تعلمون جدكم حمورابي وَحد بلاد الرافدين كله تحت سلطته وكَتب الشريعة الانسانية في التاريخ مكتوبة تعالج جميع مشاكل الاجتماعية في ذلك العصر وهي لا زالت احد المصادر الرئيسية في شرائعكم. هل تعلمون في هذه الايام الجامعات الغربية وبالاخص الامريكية تتبارى في تقديم براهين اجدادكم في علم الهندسة حتى نظرية فيتاغورس المسجلة بإسم العالم الاغريقي (؟؟)  والتي تعد احدى البديهيات في عصركم هي من انجازات الفكرية لاجدادكم .

اولادي لا ان اريد اطيل عليك بسرد انجازات اجدادكم ،خلال سبعة  الالاف سنة وحضارتهم العريقة والتي استقت منها كل الامم والشعوب، ولست حزينة على اي شيء سوى على قراركم بدفن الحان واشجان التي عزفتها اوتاري التي لا زال صداها يأتي  في فضاء بلاد ما بين النهرين، ولست حزينة الا على النكبة المشينة التي يشنها البعض منكم على كل من يعيد اصوات الحاني في المقاهي والاذاعات والتلفزيون وبالاخص في المهرجانات.

اولادي انكم بنبذكم للعلوم والفنون والموسيقي تختارون الموت والقبر والاندثار، هذه ليست مشيئة الهكم الذي كان الهنا وان كنا لا نعرفه، لانه الخالق واحد مهما تغير الزمن والعصر والمكان. منعكم لتصدح صوت اوتاري في قاعة مهرجان مدينتي العظيمة بابل كانت جريمة اكبر من قتل انسان نفسها لانها تعني قتل حضارة وفكر وفن ، هي عملية قطع الماضي عن الحاضر، وانتم تعلمون جيدا اي حاضر فاسدا تعيشونه واي ظلم جور تقومون به على الضعفاء والمسالمين بينكم.

القيثارة السومرية

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *