رسالة عيد القيامة “ان نسير معا الى السلام”

أخواتي إخوتي

أجواؤنا مَشحونةٌ، وبلُدنا مُجزأ، وبعضُه لايزالُ تنظيمُ الدولة الإسلاميّة يحتله، والمؤسف ايضًا ان كلَّ تحالفٍ منقسمٌ على نفسه بسبب صراع المصالح وطموحِ الزعامة، فغاب “الوطن فوق الجميع “و ” كرامة الانسان في المقدمة”. وأود ان أذكر هنا بقولِ المسيح: ” كُلُّ مَملَكةٍ تَنقَسِمُ على نَفْسِها تَخْرَب، وكُلُّ مَدينةٍ أَو بَيتٍ يَنقَسِمُ على نَفْسِه لا يَثبُت” (متى 12/25).

صراحة واقع مُحزن ومؤلم ومُحبط، لكنه لا يزالُ هناك أَمل. نحتاج الى خطوات عمليّة للخروج من هذا الوضع القاسي ومنع من ان تؤدي هذه الصراعات الى مزيدٍ من الفُرقة والاقتتال والموتى والتهجير والخراب والضغوطات النفسية والقلق والخوف. لننظر نحن المؤمنين مسيحيين ومسلمين وصابئة وايزيديين، نظرة ايمانية هادفة الى مأساتنا ولنستقد منها في جعلها فرصة خصبة وقُوّة دافعة لاستعادة الثقة والتسامح والتلاقي عبر الحوار الجاد والمصارحة من اجل تحقيق المصالحة الوطنيّة والوحدة والشراكة والسلام، وتفويتِ الفرصةِ أمام من يَسعون لاستثمار مشاكلنا   لمصالحهم (قوى داخلية وخارجية)!

لنُبرهنْ أننا قادرون على الانفتاح على بعضِنا البعض، والتعايُّش مع الاختلاف في الآراء، ولنتسارع كفريقٍ واحدٍ رجالاً ونساءً لفعلِ شيءٍ من أجل خلاصِ بلدِنا وأنفسِنا! فالسياسةُ ليست لعبةَ مصالح، بل إحساسٌ بالمسؤوليّة وفكرٌ وثقافةٌ ومواقفٌ شجاعةٌ لتنفيذ ما يَتطلعُ اليه شعبُنا من إصلاحات.

نحن المسيحيين في هذه الأيام الصعبة، بالأمسِ ختمنا الصوم الاربعينيِّ وبدأنا الاسبوعَ المقدّسَ للاحتفال بعيد الفصح-القيامة (الأحد 27 اذار) أجمل اعيادِنا وأكثرُها بهجةً ورجاءً، ولكيلا نبقى ننظر الى جراحاتِنا الظاهرة، ونفقد الرجاء المسيحي لهذا الألم-الصليب، أدعوكم الى الحكمة والتروي والبقاء معًا متحدينَ على الأرض التي ولدنا فيها وعشنا عليها مع اخوتنا الاخرين نحو 1400 سنة وبنينا معًا حضارةً مشتركة.  وحذار من التخبّط وفسح المجال امام أشخاص وجمعيات ودول ليستغلوا معاناتنا لمصالحهم ويشتتوننا في أربع اقطار المعمورة (50 هنا و100 هناك).

أدعوكم لتكونوا قامة إنسانية ومسيحية ووطنية كما يريدُ المسيح، ونموذجاً معتدلاً ومُحبّاً، حاضراً وفاعلاً، نموذج ” نورٍ ورجاء” في الولاء للوطن “بيتنا” وللعراقيين “أهلنا”، والتواصل مع الجميع والتكامل والتعاون في بناء حاضرنا المناسب ومستقبلنا وعندها حضورُنا لن يكونَ مهدداً!

وأود ان اختم بهذه العبارة من العهد الجديد في مواجهة معاناتنا والتمسك بالثبات في ايماننا ومحبتنا ورجائنا ورسالتنا شهادة للمسيح رسول السلام: ” كُونوا في الرَّجاءِ فَرِحين وفي الشِّدَّةِ صابِرين وعلى الصَّلاةِ مُواظِبين. واغلِبوا الشَّرَّ بِالخير (رومية 12/10 و21)

 عيد مبارك وقيامة حقيقية لكل واحد منا ولعائلاتنا وعودة سريعا المهجرين الى

بيوتهم، وسلام لكنائسنا ولبلدنا والعالم.

لويس روفائيل ساكو

بطريرك الكلدان في العالم

27 آذار 2016

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *