رسالة الكاردينال اول خطوة على الطريق الصحيح وليس النكبة وتحوير اعلامي لخبر لقاء أساقفة أربيل مع نائب البرلمان

   من العناوين التي تصدرت اخبار موقع الالكتروني لبرلمان إقليم كوردستان خبر جاء عنوانه الصحيح “نائب رئيس برلمان كوردستان يستقبل رئيس كنائس الكلدان والسريان والاشوريين” (الرابط ادناه). كتب مؤخراً السيد ” اوشانا نيسان” المستشار السابق مقالا عن الخبر، تحت عنوان “رسالة الكاردينال اول خطوة على طريق النكبة”. وكما يبدو من متابعتي وهو أحد المهتمين والمتابعين لشؤون القوميات الثلاث لسكان بلاد النهرين الأصليين من الكلدان والاشوريين والسريان، والقومية المركبة المستحدثة” قومية “المجلسيين”.
قرات المقال، وشخصت من خلال مقارنته بنص الخبر المنشور على موقع البرلمان، عدم نقل الخبر او تحليله بأمانة ونزاهة، مما جرى في اللقاء، او في تحوير المفاهيم والعبارات التي وردت في نص الخبر بدقة. واولها عنوان الخبر الذي جاء كما ذكرت أعلاه بدون فارزات ولا اقواس ولا التسمية المجلسية المركبة، اما هو ذكر في مقالته (وفد مشترك من كنائسنا الثلاث الكلدانية السريانية الاشورية) بالطبع بحسب التسمية المجلسية.
إضافة لتشويه عنوان الخبر لأجل اجندات سياسية معروفة، ما ذكره في كلمته من تعابير مغايرة لما جاءت في خبر البرلمان، حيث ان الدكتور (هيمن هورامي) نائب البرلمان استخدم مفهوم المكون المسيحي، وكل ما جاء ذكره هو عن المسيحية وليس بالتسميات القومية، وقد ذكر النائب (المسيحيون مكون اصيل ومهم من مكونات عاشوا منذ القدم على ارض كوردستان وشاركوا المسرات والمضرات).
كما جاء في خبر البرلمان على موقعه (وأبلغهم بوجود ممثلين عن جميع المكونات في اللجنة المختصة اثناء كتابة مسودة الدستور)، بينما حضرة السيد اوشانا يذكر في كلمته (وأبلغهم بوجود ممثل عن شعبنا الكلداني السرياني الاشوري).
ويؤكد خبر البرلمان (وطالبوا بمراعاة حقوق المكونات ومن بينها المكون المسيحي، وتباحث الجانبان عدداً من القضايا المتعلقة بالمسيحيين في مجالات مختلفة). الغريب ان مجلس الأساقفة لم يصدر بياناً، لربما لان الهدف كان لتقديم التهنئة لمجلس البرلمان بمناسبة تشكيله، مما أتاح للسيد اوشانا ان ينفرد بنشر الخبر وعلى مزاجه وتطلعاته.
لاحظ وقارن أيها القارئ الكريم والمتابع، كيف تم التحوير والتشويه لخبر لقاء وفد مسيحي من الكنائس الكلدانية والسريانية والاشورية مع نائب البرلمان الكوردستاني! ممكن ان نستنتج من خبر البرلمان على الرابط، ان ما دار من حديث بينهما يخص المسيحيين، كمكون مسيحي وليس قومي في الإقليم، وتمحور اللقاء على الحقوق لكل المكونات، والتأكيد على التعايش السلمي بين مكونات إقليم كوردستان وشؤون الاقليات، وعملية كتابة مسودة الدستور وضمان حقوق المكونات الاقلية. وليس هناك اية إشارة للتسمية في حوارهما، ولا شيء يوحي التطرق لها، الا في حالتين أنك كنت مرافقاً للوفد وهناك حديث سري في اللقاء، او هناك حديث سري وتسرب اليك من مصدر ما، والا تفقد المصداقية. علما لدي معلومات موثوقة لاتصالي بأحد الأساقفة الموقرين الحاضرين انهم لم يبحثوا موضوع التسمية ابداً، وتفاجئوا الأساقفة بوجود النواب معهم، فترتيب اللقاء هو لتقديم الأساقفة التهنئة وليس لغرض اخر.
فإذن لماذا حشر الاخ ” اوشانا نيسان” غبطة الكاردينال ساكو في كلمته لتحليل ما جاء في اللقاء، ويصف رسالة غبطته انها اول خطوة على طريق النكبة؟ فلا صلة بين العنوان ونص تحليله ونص الخبر بحسب اعلام البرلمان.  أ ليست هذه النكبة بمعناها الحقيقي في الاستمرار بالتشويه والتحوير وقلب الحقائق وتضليل الاحداث للراي العام؟ والغرابة ان الكاتب كان معتدلا في مقالاته ويشيد بمبادرات البطريرك ساكو وتحول الان الى ناشط اشوري متزمت!
يتهم الاخرين (انهم جعلوا السياسة حرفة، ولهذا تراجعت الثقة كثيراً بين المواطنين والفاعلين السياسيين)، وينسى حاله هنا، انه اول من جعل من السياسة حرفة لتحقيق اجندات سياسية ومنفعة شخصية وعشائرية. فمن الذي يقسم الشعب افقياً النخبة ام الأحزاب السياسية؟
لا يمكن تفسير هذا الحشر لرسالة غبطة البطريرك ساكو لتضع عنوان كلمتك هذه الا لغايتين أساسيتين أولهما لترسيخ الموقف المعارض من الاشوريين والمجلسيين تجاه غبطته والإساءة لسمعته ومكانته امام الراي العام، وثانياً لترسيخ الالغائية في تأكيدك لتوحي للقارئ ان الحوار جاء بصيغة الحديث القومي، بينما الحقيقة الجلية جاء بالصيغة المكون المسيحي، كأنما تحاول إيصال رسالة الى الراي العام، مفادها انظروا ولاحظوا كيف ان الكلدان والسريان والاشوريين قومية واحدة لان وفد جماعي منهم التقى بنائب البرلمان بمعية ممثليهم.
تأكيدي، ومعي الكثيرين، نطلب من رجال الدين لكنائسنا واحزابنا السياسية ان يعملوا بتكاتف وتضامن والسعي لتوحيد القرار والمواقف في تعاملهم مع الحكومات وفي كل المناسبات، وهذا ما يؤكد عليه غبطة البطريرك ساكو والأحزاب الكلدانية والمتابعين من الكلدان والسريان، وهكذا مبادرات تصب أهدافها في مصلحة اقوام العراق الأصليين، ويجنبوا الحديث او النقاش حول التسمية وترسيخ ثقافة الكره والالغاء، وليتركوا كل واحد يعتز بتسميته. فوجود الأساقفة الموقرين من كل مذهب ونواب في البرلمان سوية لمناقشة حقوقهم مع المسؤولين هو موضع اهتمام وتقدير، كما ذكر في مقدمة تعليقه ايضاً نيافة الاسقف مار عبديشوع اوراهم أسقف كنيسة المشرق الاشورية، بالرغم ان في متن تعليقه مغالطات في المفهومين، القومية والشعب واللغة قديماً وحديثاً، وعبر في حديثه بالتسمية المركبة الغريبة. نعم كلنا نريد هكذا لقاءات ودون ان يُسحب الحدث للتسمية وإلغاء الاخر.
لكن أنا واثق ومن مصدر مسؤول، ان السريان كنيسة وشعباً واحزاباً يؤكدون على التسمية المنفردة لأجل تثبيتها في الدستورين، مثلما يؤكد الكلدان كنيسة وشعباً واحزاباً، واولهما حزب المجلس القومي الكلداني الذي يرأسه النائب (جنان جبار) وهو ضمن الوفد المذكور في اللقاء. وجميعهم يرفضون السياسة الالغائية والتسمية المجلسية المركبة من الأحزاب والمتعصبين الاشوريين والمجلسيين.
رسالة البطريرك ساكو الرئيس الروحي للكلدان ليست خطوة على طريق النكبة، بل هي خطوة رائعة تاريخية موضوعية تعكس مطالب الكلدان للتصحيح عن الغبن الذي تلقوه من جراء تضليل وخُدع الأحزاب الاشورية والمجلس الشعبي لهم وللسريان. غبطته عندما يصرح ويقر بموضوع ما، لا يأتي اعتباطاً، بل مدروساً وواثقاً مما يقوله، لان كلمته بكل مناسبة هي انعكاس لما يمتلك من خبرة ميدانية عن مجريات الأمور المختلفة في المجتمع العراقي على كل الأصعدة، وخبرته النظرية المتراكمة عبر مسيرته الدراسية والعلمية والتأليفية والبحث. فغبطته يدرك تماماً ما يقدم اليه. فهو لا يتدخل بالسياسة كما يدعي البعض، بل يدافع عن المظلومين، ويرسخ ثقافة التعايش السلمي بين مكونات الشعب العراقي، كما يرسخ مفاهيم احترام الاخر المختلف ونبذ التعصب والعصبية.
لا يقبل أحد، ولا تقبل مجموعة بشرية ان يفرض عليها تسمية ما، فهذه مهزلة ولا يجوز انسانياً وحقوقياً وسياسياً وقانونياً، فكل جماعة تعرف ذاتها وهويتها لتُعرّف نفسها. وبالنسبة الى القوميات الثلاث لسكان بلاد النهرين التي عُرفت الحضارات قديماً بأسمائها، الكلدان والاراميين “السريان” والاشوريين، تواجدوا قديما وتزامناً على ارض بلاد النهرين، ولا تزال تسميتها معروفة ولكل منها خصوصيتها القومية، فأية مراجعة موضوعية بعيدة عن الشحنات العاطفية والأيديولوجية السياسية يمكنها التعرف بوجودها، علماً انها كانت في صراع دائم لأجل السيطرة على الأرض والغنائم. فالاختلاف في التسميات القومية لسكان العراق الأصليين ليس نتاج مذهبي كما يروجون لها، بل لها وجود تاريخي قديم منذ الاف السنين. (لا أفضل الخوض في الموضوع لتجنب التكرار ولكي لا اخرج عن موضوع الحدث الحالي).
بات واضحاً، من ردود الأفعال غير المسؤولة والانفعالية من قبل الاشوريين في وسائل التواصل الاجتماعي ومنها كلمة اوشانا، ماهي الا الشعور بفقدان الثقل الديمغرافي على جراء تثبيت التسميات المنفردة، وثم فقدان للمناصب والدور السياسي، فنلاحظ حالياً في الإقليم، نائب محافظ دهوك اشوري، مدير الثقافة السريانية اشوري، رئيس لجنة الاجتماعية وحقوق الانسان في البرلمان اشوري، ورئيسة دائرة حقوق الانسان اشورية، وغيرها من المناصب في حكومة الإقليم والحكومة المركزية، عجباً لو كنا قومية واحدة وشعب واحد، الا يستحق ان يكون من بينهم كلداني او سرياني؟ وهم الأكثرية الساحقة في الإقليم وعموم العراق. والكل يعرف كيف تم ترشيحهم واختيارهم ومن ساندهم، اسوة بالأخرين في البرلمان جراء الوضع الانتخابي والسياسي الشاذ في العراق. فالكلدان لا يقبلون بهم.  فحتما ستتغير المعادلة لو ثبتت التسميات المنفردة لصالح الأكثرية وينعدم الدور الرئيسي للأشوريين والمجلسيين. ولهذا تستمرون بالإصرار والتشبث، إما الكل اشوريين او التسمية المركبة المجلسية.
لم تأت هذه الكلمة من حضرة المستشار السابق الا إضافة خدعة على ما سبقها من خدع ارتكبوها سياسييكم، فالا تتعظ الأحزاب الاشورية ومؤازريهم ومنظريهم من دروس الماضي؟

رابط الخبر المنشور على موقع برلمان كوردستان العراق
رابط الخبر المنشور على موقع برلمان كوردستان العراق

رابط مقال اوشانا نيسان
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1020707.0

رابط تعليق نيافة المطران مار عبديشوع اوراهم
https://ankawa.com/forum/index.php?topic=1020724.0

د. عبدالله مرقس رابي

You may also like...

1 Response

  1. هرمز حبيب says:

    عزيزي الدكتور عبد الله مرقس رابي المحترم،
    حقاً موضوع شيق،. ومحير بالتعامل مع الاخوة الآشوريين. المشكلة مع الآشوريون، سماهم الانكليز هذا الاسم آنذاك زوراً لمصالح الانكليز الخاصة مع العلم والحقيقة ان الآشوريون الحاليون بتاتاً لا علاقة لهم ب الآشوريون القدامى الاصليين، الرابطين ادناه 3 و 4 ادناه للمرحوم الدكتور الباحث التاريخي بهنام ابو الصوف. كما نحن الكلدان الحاليون لا علاقة لنا بالكلدان القدامى الاصليون. نرجوا ان يشاهد مسيحيي العراق والمنطقة شيء جديد ومشجع نحو الوحدة المسيحية من البطريرك الآشوري المنتخب الجديد نيافة الاسقف، مار آوا روئيل، يبارك الرب كل من عمل جدياً في الوحدة المسيحية.
    مشكوراً سيدنا البطريرك ساكو بعمله الجهود من اجل وحدة ” او بالاحرى اعادة وحدة” مسيحيي العراق والشرق الاوسط الهلال الخصيب. مبتدأ بالغاء كلمة بابل، والعمل مع الباقين لوحدة التسمية رجوعاً الى الاصل،. مبينة في الرابط ادناه في “مقترح حول التسمية من غبطة البطريرك مار ساكو ” من هذه التسميات التي اقترحها؛ “الآراميون ” بدلاً التسمية القطارية ” كلدان سريان آشوريون” اوكما نلاحظ في الروابط ادناه كانت التسمية “الآراميين” هي المرجحة والتي ايدها الكثير من المتتبعين كما مبين في التعليق للرسالة. كذلك ذكرها عدة من بطاركتنا سبقوا البطريرك ساكو قائلين “نحن آراميون”

    ارجوا قراءة وسماع الروابط ادناه بالكامل.
    مقترح حول التسمية من غبطة البطريرك مار ساكو
    1-
    ‏http://saint-adday.com/?p=8321&fbclid=IwAR3XhM6qhFuZJdMhSiCXLsd94BKN0BEqTftw8OKdTXDQ5LuoF8Va1GiDC8E
    2-
    http://baretly.net/index.php?topic=80200.0
    3-
    https://youtu.be/6EJUGdfCpf0
    4-
    https://youtu.be/U0jd5VG2vTY

    والرب يحفظكم ويبارك جهودكم بالعمل الجاد لوحدة مسيحيي المنطقة.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *