رسالة القاعدة للمسيحيين والاسلام في عام 2011

بقلم يوحنا بيداويد
ملبورن/ استراليا
4 ك الاول 2011

“اذا كان عام 2010 مؤلم ، فإن عام 2011 كله سيكون نعيق الغراب”

قبل ثلاثة ايام وَلت سنة 2010 المشؤومة لشعبنا المسيحي في العراق والتي سُجِل في كل اسبوع منها حادثة  مروعة ضدهِ، فتكررت عليهم مجازر حلبجة وصبر وشاتيلا ببطىء امام انظار المسؤوليين العراقيين بكافة مستوياتهم وامام الرأي العربي والاسلامي والاوربي والامريكي بدون ايجاد حل للمشكلة الامنية لهم.

العالم كله دخل الحرب ضد القاعدة في السنيين الاخيرة ، لكن المسيحيين في العراق وفي الشرق الاوسط عموما اصبحوا هم الضحية ويدفعون الثمن. فلم يستطيع العالم (والبعض لم يشأ ان لم يقل ساعدهم!! ) ايجاد طريقة لايقاف هذه المجازر، على الاقل ادانتها بصورة رسمية واستخدام كافة الطرق المتوفرة لايقافها ، مثلاً تدخل رجال دين الاسلامي بكافة مذاهبهم في ادانة عمليات قتل الاقليات المسسيحية  وغيرهم من دون سبب. او على الاقل تحريم قتل الانسان المسلم وغير المسلم مهما كان السبب واستخدام مبدأ ” العين بالعين والسن بالسن الموجود في العراق منذ  شريعة حمورابي  اربعة الالاف سنة ” كعملية رادعة اوالافتاء بأنه فعل محرم كما فعلوا في مناسبات اخرى في التاريخ..

لنكن اكثر صريحيين في هذه المرة،  ان العالم الاسلامي منقسم على نفسه  بين مؤيدي والرافض للارهاب، فمؤيدو الارهاب والقتل الجماعي واقامت المذابح بالمسيحيين لانهم مشمولون بالفناء لانهم كفار وملحدين،  والقسم الاخرالاكبر  الذين هم الرافضين  لهذه الاعمال، يرون ان هؤلاء الارهابيين هم خرجوا من التعليم الصحيح للاسلام لان قتل نفس واحدة كأنهم قتلوا الانفس جميعها.
هؤلاء الذين تعاطفوا مع المسيحيين بكلمات حزينة وجميلة وفي مناسبات عديدة، لم يعملوا بجد لايقاف اولاً تشويه دينهم وتعاليمهم من تخريب الارهابيين ومن ثم حماية اخوتهم في الانسانية والذي قضوا معا سنين وقرون طويلة.

مع نهاية عام 2010 وبداية عام 2011 جاءت رسالة من المسلمين الارهابيين الذين ظلوا طريق في ديانتهم قبل ان ينحفروا عن قيم الانسانية تقول الرسالة : ”  اذا كانت عام 2010 شوم، فإن عام 2011  كلها ستكون نعيق الغراب”.  في اخر ايام السنة قام الارهابيين بعمليات اجرامية ارهابية جديدة في احياء المسيحية لا سيما في منطقة الغدير في بغداد الجديدة. وفي اليوم الاول من هذا العام قاموا تفجير كنيسة الشهيدين للاقباط في الاسكندرية في مصر. بما معناه نحن سنضرب المسيحية اينما كانت وبدون اي سبب ولا توجد شريعة او قانون او قوة توقفنا. نحن ابناء البربرية وسنظل هكذا ولن نؤمن يوماً ما بالقيم الانسانية من المساواة والعدالة والاخاء التي هي من انتاج الفكر الغربي، هكذا هو اسلامنا؟؟!!..

قلت لاحد اصدقائي المسلمين  قبل بضعة سنوات ” على الاسلام الان اختيار طريق جديد في تعامله معنا غير المسلمين في العراق وفي العالم، لان في السابق كان العالم الاسلامي منعزل عن العالم المسيحي بصورة عامة، ولكن مع نهاية الحرب العالمية الاولى اصبح العالم يقترب بعضه من بعض الاخر شيئا فشيئا، ها هو الان اصغر من قرية صغيرة. الاسلام بحاجة الان ان يغربل بعض من تعاليمهم المشوه والمستخدمة كسند ديني اليوم لدى القاعدة (وغيرها)في عملياتها الاجرامية ضد الابرياء، يجب ايقاف من يسيء للاسلام من داخل الامة الاسلامية من قبل المسلمين انفسهم وإلا سوف تحصل كوارث وجرائم بأسم الاسلام  وسيتم تشويه كثير للاسلام من قبل مسلمين انفسهم”.

حينما كان العراق تحت تهديد الاحتلال الامريكي قبل حوال ثمانية سنوات ، كانت حكومة جورج بوش تتحدث وكأنها  ستجعل من العراق تكون منبع للديمقراطية  في الشرق الاوسط وكأن العراقيين بمجرد ان يأكلون اول سندويج مكدونالد سوف يُلقحون بالقيم الديمقراطية والانسانية والوطنية وتحمل المسؤولية واحترام حق الاخر واعطاء خياره حسب ارادته في العيش بحسب القانون والنظام ودستور البلد ، وكأن السياسيين القادميين الى الحكم في العراق هم خريجوا جامعة كامبرج وهارفد وباريس ونيويورك،او كانوا زملاء لفرنسيس بيكون ويحملون نفس الافكار (قبل اربعة قرون) في تطبيق الحق الوضعي لاي انسان.

كل هذه الاحلام والصور الوردية التي كنا نحلمها بعد مرورنا  في نفق مظلم طويل طوله 35 عاما او اكثر تلاشت من فكرنا بعد ان شهدنا ما حدث في الاشهر الاولى من العمليلت الارهابية. واصبحت نظرتنا اكثر تشاؤومية حينما رأينا ثلاث حكومات متعاقبة لم تتحرك بصورة فعلية لايقاف هذه الجرائم ، لم تقدم اي من هؤلاء المجرمين الذين القت القبض عليهم  للمحاكم امام انظار العالم كي ينال عقابهم، لم تقم رجال الدين بحملة توعية من منابر المساجد على تحريم القتل لاي شخص مسلم وغير المسلم  باي شكل من اشكاله ولاي سبب كان، ولم يحصل توافق بين الكتل السياسية الامر الذي يفسر كانت ولا تزال هناك تصفيات في عالم الخفي بينهم. والبعض سعيد بما يحصل للمسسيحيين على يد الارهابيين جزاءً لروح الوطنية التي يمتلكونها منذ زمن الملكية الى عصر صدام حسين وخنادق المعارك تشهد على ذلك.

الروح الوطنية يوما بعد يوم تضمر والطائفية والانقسام ورغبة التقسيم تزداد بين القوميات والمذاهب الدينية، تدخل الصارخ للجيران لا سيما ايران كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير وقتل حبل السري بين العراقيين في سنين الاخيرة بحجة لها الفضل على المعارضة العراقية ( السياسين الذين يقودون البلد الان).  

قدر العراقيين في هذه العقد اصبحت بلادهم ساحة معركة بين جميع انواع القوى، القوى الخيرة والشريرة، اليسارية والرأسمالية، الارهابية والديمقراطية، الشرقية والغربية ، المدنية والدينية ، بين القوميات وبالطوائف والمذاهب ، بين القانونية والنظامية من جانب وبين المجرميين و قطاع الطرق واللصوص من جانب الاخر.  لم يبالي ايَّ منهم بِمن يعيش او يَتأثر في ساحة المعركة  سوى الانتصار على الاخر مهما كان الثمن الذي كان سفك دماء العراقيين الابرياء  بالمئات الالاف وهجرة الملايين وهدر قدرات العراق الفكرية وثرواته الوطنية.
عراقنا الذي كان تحت ظلم صدام حسين ثلاثة قرون ونيف اليوم يعاني من مشاكل اضافية الى مشاكله القديمة و
النتيجة كانت او ستكون  بلا شك كما يلي:
1- هزيمة امريكا في نظرنا العراقييين لكنها بلا شك انجزت مهتمها و ضمنت انتصارها بطرق لا نعرفها الان،  بل ربما لن نعرفها إلا بعد نصف قرن !
2-  تقسيم العراق على مبدأ الطائفي والقومي الذي جلب الدمار الموجود و سيجلب دماراُ اكثراً  للعراق اجلا او عاجلا، اذا لم تولد الروح الوطنية بين العراقيين ويتخلون عن ميزانهم او معيارهم (مَسطَرتُهُم) الطائفي اوالديني او المذهبي اوالقومي اوالقبلي في قياس الامور.
3-  زوال المفهوم الوطن الواحد ، ومفهوم الوطنية عند العراقيين اصبح منبوذ اً لان حزب البعث وصدام حسين استخدمه اكثر مما يجب، فحدث تشبع، فلم يعد ايمان لدى العراقيين بجدواه، اي تم تفريغه من معناه !، ولكن لا عرفون مشكلتنا الاساسية هي انعدام الروح الوطنية التي هي القاسم المشترك بين جميع العراقيين.
4-  انتصار القاعدة ومساعديها ( من العراقيين والجيران)  في قلع جذور اقدم تجمعات بشرية من القوميات وشعوب القديمة في العراق بسبب دياناتهم غير الاسلامية . والذين بلا شك غدا سوف يطالون التعويض بالبلايين الدولارات في المحاكم الدولية  بعد اجبارهم على الهجرة بصورة قسرية.
5- سينشا صراع مرير بين هذه الفئات او المجاميع الرئيسية الثلاثة،  مجموعة التابعة لايران من الشيعة والتابعة للسعودية والعرب من الاخوة السنة ومجموعة التابعة لاقليم كردستان من الاكراد واقلياتها. ولن يهدأ عراق بل سيصبح بلقان الشرق الاوسط.
ليكن الله في عون الفقراء والمهمشين والمسالمين والاقليات وغير المنتمين لاي من الاحزاب الكبيرة  في تلك الايام  من السلحفاة البرية وصراعها المرير القادم.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *