رائع غبطة الـﭙاطـريرك حين إلتقيتَ بكهنتك كلٌ على إنفراد


إنَّ المثـل الشعـبي “شادّ حـْـزامَه” بالعامية العـراقـية يلـيق بغـبطة الـﭙاطريـرك لـويس روفائيل الأول الـذي أظهـر الهـِمة منـذ إعـتلائه موقع القـمة في ﭙاطريركـية بابل الكاثـولـيكـية للكـلـدانيّـين تـؤهـله ـ أطالها الله ـ مرحـلة عـمره الـيقـظة، ورغـبته الـواضحة في تـرتيب الـدار، فـرفعَ شعارات بإخـتـصار دون تـفاصيل واضعاً إياها عـلى المدار، أما ماذا وراءها من أهـداف بعـيـدة المدى فلا تـزال في غـيهـب الغـسق تحـت مظـلة في مأمن من المطـر تـنـتـظـر الفجـر، ولكـن غـبطـته يعـرف أنَّ الـدفأ لا يـدوم بحـرق الأخـضر من أوراق الشجـر مثـلما الألـوان لا تـُـمتحَـن تحـت أضواء القـمر، ولسنا نـتـسرع لكـن الزمن عَـلـَّـمَـنا الحـذر لـنقـول:

إنَّ الكـمال لله وحـده، لن نـنـدهـش إنْ تعـرّض أي قائـد إلى خـطأ من صُـنع البشر أو خـطـرٍ من مفاجآت الـقـَـدَر، بل وحـتى في ميادين المَحـشَـر (ومَن يريـد أن لا يخـطأ، لا يعـمل) ولكـنـنا لسنا نخـسر شيئاً إذا قـلـنا لـغـبطـته أنَّ بـسطاء الـقـوم يمكـن أنْ يكـونـوا علامات، تـرشِـد إلى مسالك الطـرقات لا يألفها أصحاب المقامات ولا أساتـذة الجامعات، وأجـدادنا لم يعـرفـوا معاهـدَ ولا كـَمْبرج ولكـنهم تخـرَّجـوا من سوربون الحـياة بشهادة دكـتـوراه الخـبرات، وحـين نـذكـِّـره بأنَّ هـناك مَن يجـلس صامتاً في ظلال مَنسيّات قـد يكـون أكـثر صِدقاً وإخلاصاً من هاتف بحـياة فلان وعلان في المايكـروفـونات فـوق منابـرَ تحـت الإضاءات، وأثـناء جـولاته سيرى الكـثيرون منهم والكـثيرات.

سـيـدنا الموقـر: رائعة أمنياتك بل إصرارك عـلى بناء بـيت الكـلـدان ــ كـما صرَّحـتَ إذاعـياً في 18 آذار 2013 وقـبْـلها في تـقارير منشورة دون أن توضح أي بـيت هـذا *ــ مبتـدئاً من مركـز الـدار متجهاً إلى صومعاته ثم سـورِه عـنـدئـذ يمكـنك الإنـتـقال منه بحـذر إلى حـدائق الجـيران متجـنباً المثـل الشعـبي المعـروف … هـذا جانب أما الجانب الـثاني فإنَّ نـفـْـضَ غـبار الـسُـلــَّـم المنـتـصب يـبـدأ من درجـته ـ ﭙايته ـ الـعـلـيا وإلاّ فالجهـد ضائع إذا بـدَأ من أدناها فـيتـناثر ثانية عـليها. إنَّ أكـثر الـناس واجهـوا مواقـفَ وخاضوا تجاربَ وعاشـروا نماذجَ فإكـتـسبوا خـبرة أهـَّـلـتهم لإجـتياز طـرق وعـرة حـين مَـشوها، وصاروا مشاعـلَ إنارة لآخـرين سالكـيها.

في أحـد أيام حـياتـنا زارنا مفـتـش من قـيادة الجـيش إلى جـبهة الحـرب يرافـقه السيد آمر السرية وما أكـثر الســـــــــــــادة الـيوم، سألـَـنا عـن ظروفـنا وإقـتراحاتـنا، تكـلمتُ معه بـدماثة عـن طـول إجازة الجـنـدي كـل أربعة أسابـيع دورية في تلك الـظـروف الـقـلقة مقارنة بإجازة الضابط كـل ثلاثة أسابـيع، ولكـن فاتـني ــ أنا الغـشيم ــ أن الســـــــــــيـد الآمـــــــــــــــر واقـف يسمعـني وسيضمر شيئاً لي! أجابني المفـتـش بإحـترام قائلاً إنَّها نـظمٌ عـسكـرية معـمول بها منـذ الـقِـدَم (متمسكاً بالأصالة دون التجـدد)…. ولكي يترك عـندي إنـطـباعاً جـميلاً، أضاف: سأنقـل رأيك إلى الـقـيادة.

ولما غادرَتْ لجـنة الـتـفـتيش، إستـدعاني الســــــــــــــيد الآمــــــــــــــــــر وقال لي: شـنو حـضرتـك، تـريـد حالك مثـل حال الـضابط؟ ولكـني حافـظـتُ عـلى ريشي وفي ذات الـوقـت أطـلقـتُ سهمي وأنا حـمَام وديع وأفـعى حـكـيمة مثـلما أرادنا ربنا المسيح فـقـلتُ: “كلاّ، أردتُ أن أقـتـرح للمفـتـش إجازة للضابط كـل أسبوع! أما نحـن الجـنود فـكـل ثلاثة أسابـيع!”…. وسـواءاً صدَّقـَـني الســـــــــــــيد أم لا، إلاّ أنه إرتخى قـليلاً وفي العامية ((تخـتخَ عـلى كلامي وكأنه يقـول وين ذاك الـبَخـَـتْ)) وقال: بابا، ليش هـية ﮔـوتـرا!… وتـلك صارت لي عِـبـرة، أنْ لا أرمي جـواهـري إلى القائـد أمام الســــــــــــــيد بالمرة، لأنه يـدوس عـليها…… .

تـذكـَّـرتُ تلك الـقـصة الـقـصيرة من ماضي حـياتـنا وأنا أقـرأ تـقـريـراً

http://www.chaldeaneurope.org

عـن اللقاء السنوي للكهـنة الكـلـدان العاملين في أورﭙا بحـضور الـﭙاطريرك حـين لـفـتـتْ إنـتباهي عـبارة تـصِفـكم وهي :

((بعـد لـقائه الفـردي مع كـل كاهـن عـلى حـدة))!

أقـول، حـسناً فـعـلـتم بل هـكـذا يجـب أن يكـون لأنـنا “وِلـْـدِ الـﮔـرَيَّة واحـد يعـرف أخـَـيَّه” ونعـرف نـفـسيته مع عـقـلـيته، وأنـتم تعـلمون أنَّ ترقـية الموظـفـين تـقـررها جهات عـلـيا تعـتمـد عـلى مذكـِّـرة مدير الـدائـرة عـن كـل واحـد منهم…. مما يـضطـر أكـثرهم إلى المحاباة ضد إرادة الله والتملق الرخـيص والـتحـفـظ عـن الكلام وتحـمُّـل المـذلة والسكـوت عـن الحـق وكـبت الأنـفاس أمام الســــــــــــيد المدير ــ وإشتـراكات ثـنائية في أمور، لعـنة عـلى الزمن! ــ وكـل ذلك عـلى حـساب الـكـرامة الـذاتية…. وحـتى الموظـف الـكـفـوء والـواثـق من خـطـوِهِ والمعـتـز بقـدراته يـردد قـول الـمتـنبي:

لا يسـلم الـشرف الـرفـيع من الأذى حـتى يُـراق عـلى جـوانبه الـدم

بل وقـد يحـدث العـكـس تماماً وبالضبط حـين يُـرفع أعـرج فـوق سُـلـَّم لـيصبح عالـياً وعـنـدنا أمثـلة وأمثـلة! ولا أظـنكم بحاجة إلى شيء منا، فـجـولاتـكم كافـية.

نحـن نكـتب عـن تجارب شخـصية وإخـتبارات في حـياتـنا الوظـيفـية ممكـنة الحـدوث بل تحـدث عـنـد أرقى المؤسّسات العائلية، لـذا فإن لـقاء الـقائـد الأعـلى مع الضباط وحـتى الجـنود كـل عـلى إنـفـراد! هي ممارسة صائبة ومفـيـدة تـتيح الـفـرصة لكـل منهم كي يعَـبِّـر عـما يجـول في خاطـره من كلام أكـيـد، ويخـتلج في صدره من صـفاء نيةٍ وأمل جـديـد، ولـنعـتـبرها هـمساتٍ بـين إثـنين عـلى منبر الإعـتـراف العـتيـد، لـن تـثـيرَ ولا تــُـزعِـج أحـداً إلاّ ذلك الـذي يخاف تساقـط العِـقـد من الجـِـيْــد.

وفي الخـتام هـناك شيء يخـطـر عـلى بالـنا، إنَّ دستـور الكـرسي الأنـطاكي منشور عـلى الإنـتـرنيت أمام الناس عامة، فـلماذا لا تـنـشروا أمامنا نحـن رعـيتـكم القانون الكـنسي ــ مجـموعة القـوانين الشرقـية لـيكـون لـنا دلـيلاً ومقـياساً يمكـنـنا أن نسترشـد بنـوره ونساهم في تـقـويم المتعاجـزين عـن تـطـبـيقه والزائغـين عـن مساره بل وترشـدونـنا إلى الأخـذ به عـلـناً كي نساهم معـكم وعـنـدئـذ تـرَون كـيف تستـقـيم الأمور . فالـﭙاﭙا السابق أرسل بتأريخ 22 آب 2012

http://www.kaldaya.net/2012/Articles/08/40_Aug29_AnnKoryan.html

رسالة إلى المنتـدى العام للحـركة الكاثوليكـية في رومانيا يوضح فـيها أنَّ العـلمانيـين مسؤولون أيضاً عـن كـيان الكـنيسة وعـملها، ودعا إلى تغـيـير النظرة وخـصوصاً فـيما يخـصّ دَور العـلمانيـين والذين يجـب “إعـتبارهم أشخاصاً مسؤولين فـعـلياً عـن كـيان وعـمل الكـنيسة وليس مجـرّد معاونين للإكـليروس” هـذا من جهة، أما قـداسة الـﭙاﭙا الجـديـد فـرنسيس من جهة أخـرى فإنه بكـل تأكـيـد جاء بتـواضع من أجـل الـبناء لـيكـمل خـطـوات سابقه ونحـو الأمام إلى الهـدف المنـشـود، بل يـبـدو ذا إيمان بكـل فـرح، وإنـفـتاح بإنشراح.

 

بقلم: مايكل سيـﭙـي

سدني

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *