رؤية حول الموضوعات السياسية المقدمة الى المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي1

يسعى الشيوعيون العراقيون لأستعادة الدور التاريخي لحزبهم في الحياة السياسية في البلاد ,وبلا شك ان الشيوعيين يدركون جيداَ ان المدخل لأعادة الدور التاريخي للحزب , يبدأ من خلال التمسك بالخيط الاساسي وهو بناء التنظيم وتطويره وتوسعه ونمو جماهيريته وزيادة فاعليته ليكون اطاراَ صلباَ ولاعباَ اساسياَ في المجتمع , ومن ضمن مسعى الشيوعيين العراقيين على هذا الطريق هو استعداداتهم لعقد المؤتمر الوطني التاسع لحزبهم ,الذي يعد حدث هام لمواصلة العمل لتهيئة مستلزمات نهوض الحزب في المجال التنظيمي والفكري والجماهيري والاعلامي لكي يلعب دوره السياسي المطلوب . ويعرف الجميع ان دور الحزب الشيوعي العراقي قد تراجع في العقد الاخير بسبب ظروف وعوامل  منها موضوعية وذاتية .
لا بد من طرح سؤالين هنا الاول : هل الحزب الشيوعي العراقي قد انقطع عن الواقع ؟
السؤال الثاني :هل للحزب الشيوعي العراقي مرجعية فكرية ؟ للاجابه على هذين السؤالين فان الحقائق التاريخية تؤكد ان الحزب لم ينقطع عن الواقع , كما ان للحزب مرجعية فكرية هي الفكر الماركسي والتراث الاشتراكي . ومن هاتين الحقيقتين نجد ان ما يميز الحزب هو اولاَ التصاقه ومعرفته بالواقع العراقي وثانياَ تمسكه بالماركسية , ومن وجهة نظري ارى ان هاتين الحقيقتين يعدان من الاسباب الرئيسية لقوة الحزب , وما يؤكد صحة ذلك هو قدرته على تجديد فكره وتنظيمة وسياسته في كل منعطف وكل تطور يحصل على الصعيد الداخلي والعالمي  . والمؤشر الثاني هو صواب رؤيته في تفسيرة للواقع وعلى ضوء تفسيره الصحيح للواقع يضع مهامه وتوجهاته ويرسم سياسته , فالحزب ليس لديه خلل في رؤيتهه للواقع من هنا تأتي صحة توجهاته من خلال شحذ فكره المستند للماركسية في تطبيقها على الواقع وهذا يعد من اهم مرتكزات قدرة الحزب على التجديد والتطور .
هل الشيوعيون العراقيون قادرون على استعادة دورهم التاريخي :
كل من يقرأ الواقع العراقي الآن يخرج باستنتاج ان الشيوعيين العراقيين قادرين على اعادة دورهم التاريخي بعد ان انجزوا المهمة الاساسية هي اعادة بناء حزبهم وهم في الطريق الى تطويره ليكون بحق ليس فقط معترف به من قبل الجماهير ولكنه سيكون حزب الجماهير الشعبية . لانه ببساطة الدور التاريخي لاي حزب شيوعي يعني في الواقع اعتراف الجماهير بهذا الحزب , انه يشكل قوة في المجتمع هذا اولاَ وثانياَ ان هذه القوة تمثلهم , بهذا يسترجع الحزب الشيوعي دوره التاريخي . رغم صعوبة هذه المهمة ولكنها من وجهة نظري تحتاج الى عمل مضني كبيرومتواصل في تهيئة مستلزمات نهوضه , وهذا يساعد على حسم قضيتين اساسيتين الاولى هو هذا الاستعداد للنهوض يساعد على جذب اوسع فئات المجتمع الفاعله نحو الشيوعيين والقضية الثانية تمكن الشيوعيين من خوض الصراع الضاري الشرس الوحشي المعادي  للديمقراطية والذي أخذ بعد اعلامي واسع والذي  تقوم به كتل كبيرة في السلطة . من هذا ان الحياة تؤكد ان كل صراع هو بحاجة الى تهيئة مستلزمات لخلق تكافئ لاجل خوض معركة الصراع السلمية . وهذه تمكن الحزب وتساعده وتسهل عليه العودة للجماهير لاستعادة دوره التاريخي . كما ان للحزب الشيوعي العراقي تجربة غنية لا يضاهيه احد عليها وهي تشكل أرث مجيد للحزب الشيوعي العراقي يعتز به كل وطني اصيل . كما ان الخطاب السياسي الجديد للحزب الذي تم تبنيه منذ انتخابات عام 2010 الى الآن ليس فقط انه يتسم بالوضوح والجرأة والمرونه وممارسة النقد لا بل انه يتسم بالديناميكية , وهذا يساعد ويسهل على الجماهير تفهم مواقف وتوجهات هذا الحزب ويحفزهم على الالتحام به من اجل تحقيق اهدافهم من خلال النضال الجماهيري المطلبي والسياسي السلمي .
اين تكمن اهمية استعادة الدور التاريخي للحزب :
تكمن في قدرة الحزب من السير في طريقه بثقة راسخة نحو انجاز مهامه , مع قدرته في مواجهة المفاجئات والانعطافات في الوضع السياسي , لسبب بسيط ان استعادة الدور التاريخي السياسي يعني امتلاك عناصر القوة الجماهيرية التي تؤهله ليحتل موقعاَ مهماَ في الحياة السياسية للبلاد والتأثير فيها واهم ميزة سيتمتع بها الحزب عند البدأ بأستعادة دوره التاريخي , هي قدرته على خوض النضال على واحدة من اهم الجبهات وأصعبها والتي تفتح للحزب علاقات اوسع مع الجماهير وهي الجبهة الاجتماعية . التي ترتبط بحياة الناس والدفاع عن حقوق وحاجات جماهير الشعب , وسيمكنه هذا النضال من خوض نضالات جماهيرية سلمية لتحقيق مطاليب الناس ,ومن تحريك نقابات العمال حول مطاليبها , ان القدرة على خوض هذا الصراع سيخرج الحزب منها منتصراَ وحوله اوسع فئات المجتمع ومنظماته المهنية والاجتماعية , وبعد خوض النضال في هذه الجبهة تزداد فاعليته بزيادة امكانياتهه وقدراته والتي تساعده على ان يصبح اطاراَ قوياَ قادراَ على خوض النضال على الجبهة الثانية الاكثر صعوبة وهي الجبهة السياسية ليسهم كأحد اللاعبيين الاساسيين في عملية التغييربعد ان تتوفر لديه امكانيات وقدرة جماهيرية وتحالف واسع شعبي مع قوى اليسار والديمقراطية في تشكيل قطب ديمقراطي يكون له فعل ومبادرة نحو عملية التغيير الديمقراطي  .
التهيء لعقد المؤتمرالتاسع هو التوجه لاستعادة  الدورالتاريخي للحزب :
هذا ما تؤكده التجربة فالمؤتمر يعد خطوة هامة على طريق نهوض الحزب واستعادة دوره التاريخي في الحياة السياسية , ان استعادة الدور التاريخي منوط بالاعضاء من القاعدة الى القيادة . فعضو الحزب بفاعليته ومبادراته وقدراته المتنوعة ومعارفه التي يوظفها لحزبه ونشاطه المتنوع والمتفاني هذا اولاَ وثانياَ من جهد قيادته المتنوع والمحرك والموجه لكل مجالات العمل في الجوانب التنظيمية والفكرية والسياسية والجماهيرية والاعلامية . مع اعدادها للوثائق والمهام وطرحها للنقاش ليسهم الاعضاء وجمهور واصدقاء الحزب وكل من يهمه مستقبل الحزب الشيوعي العراقي في اغنائها وتدقيقها لاجل اعادة صياغتها من هذا فالمؤتمر يعتبر نقله نوعية هامة في حياة الحزب . والذي ستلتحم فيه آراء وافكار ووجهات نظر آلاف الشيوعيين العراقيين التي سيعبر عنها من يمثلهم في المؤتمر ليصيغوا من خلالها مهامهم و توجهاتم و يرسموا ويصوبوا سياستهم وتاكتيكاتهم . فبعد ان طرح الحزب وثيقتي البرنامج والنظام الداخلي للنقاش كما طرح آلية العمل التنظيمي مع وجود الورقة الفكرية وقد طرح اخيراَ وثيقة الموضوعات السياسية . فالمؤتمر سيقر برنامج عمل الحزب للفترة القادمة وعادتاَ سيكون برنامج مصاغ وفق رؤية ومعرفة وفهم الواقع العراقي وستحدد فيه المهام الوطنية الديمقراطية الاجتماعية والتي لا يمكن الفصل بينهما مع المهام الاقتصادية وغيرها من المهام, مع اقرار النظام الداخلي الذي يحدد فيه سياسة الحزب التنظيمية ومبادئ بناء الحزب وقواعد عمله واشاعة الديمقراطية في حياته الداخلية مع تحديد المرجعية الفكرية للحزب وتحديد هويته الطبقية , وصياغة الخط السياسي للحزب ووضع تاكتيكاته  فوثيقة الموضوعات السياسية التي تعد تقريراَ سياسياَ واسعاَ وشاملاَ هي الاخرى طرحت للنقاش وهذه ممارسة ديمقراطية لرسم خط سياسي ديمقراطي منفتح مرن , يتلائم مع الواقع ويتفاعل معه لاجل تغييره وفق رؤية سليمة تلبي مصالح الشعب والوطن لاجل مستقبل زاهر .
بعد ان درست وثيقة الموضوعات السياسية رأيت بلا شك ان وراء صياغتها عقول تمتلك معارف ورؤية واسعه وكأنها تعيش في كل لحظة في مدن العراق واريافه رغم الملاحظات عليها .ما قدمته الوثيقة من معطيات واحصائيات والتي صيغت بجهد جماعي تؤكد على حقيقه لا تقبل الجدل ان رأسمال الحزب الشيوعي العراقي هو مواقفه الوطنية النادرة واخلاصه للشعب والوطن . فهذا الراسمال يؤهله بان يكون قادر على ان يصبح أقوى من اي كتله تمتلك اكثر من نصف مواقع في البرلمان من حيث تاثيره في الشارع . رغم وجود حقيقه أخرى في البلد وهي نمو ظاهرة الاسلام السياسي وهذه الظاهرة قد تدفع بالبعض الى اليأس والأحباط ويستسلم ويحزم أمتعته , لكن من يعرف طبيعة المجتمع العراقي عن قرب ولديه رؤية مستقبلية ,يدرك تماماَ ان ظاهرة الاسلام السياسي هي غير اصيلة في مجتمعنا ,وانها مرتبطة بعوامل متغيرة وغير ثابته اقليمية وداخلية . الآن في العراق على ضوء ازمات البلد المتتالية من يجهد نفسه وبدون تطير ويتابع ما يعانيه شعبنا بفئاته المتنوعه عمال وفلاحين وكادحين وشغيلة الفكر وفئات واسعه من بؤس وحرمان وتهميش , واتساع ظاهرة البطالة وفقر وانعدام شبه تام للخدمات وانعدام السكن الصحي لملايين من الناس  , وهناك آلاف العوائل تعيش في بيوت من الصفيح مع جهل وتهميش ومرض وحرمان من ابسط مقومات العيش الكريم , واتساع ظاهرة النساء الارامل واليتامى وغياب الضمان الاجتماعي والصحي , عدا الخراب الاقتصادي وخراب البلد وغياب الامن وانتشار الفساد . هذا ما خلفه حكم الاسلام السياسي ونظام المحاصصة الطائفية والقومية سيجد ان الواقع بالعكس سيجد ان العراق بحاجة الى الحزب الشيوعي العراقي المتجدد تنظيمياَ وفكرياَ وسياسياَ ولقوى اليسار والديمقراطية . لان هذا الحزب وهذه القوى لا تمارس التصريحات الخطابية الكاذبه ولا الدعاية الانتخابية الزائفة ,  لديها برامج واقعية وتمتلك الفعل لا القول والقدرة لتحقيق العدالة الاجتماعية , ومن وجهة نظري ارى ان فئات اجتماعية واسعة من شعبنا ستدرك عاجلاَ ام آجلاَ سواء بالوعي او بالفطرة ان الحزب الشيوعي العراقي المتجدد هو المعبر عن مصالحها تاريخياَ  . وبالعودة لوثيقة الموضوعات السياسية التي اشارت بمعطيات حول اوضاع العراق السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ عام 2003 الى الآن كما اشارت الى الوضع العربي والدولي ووضعت رؤية للخلاص من أزمات البلد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتي اخطرها الازمة الحالية وهذه الرؤية هي ديمقراطية دستورية تضع العراق على طريق بناء دولة المواطنة .

( يتبع)

16-2-2012

You may also like...