ذكرى رحيل المناضل الشيوعي توما توماس مختصر العلاقة وكيف تعرفت على ابا جوزيف

بقلم : د. عيسى بطرس
هناك امور كثيرة في حياة المناضل توما توماس أسرد شيئا بمعرفتي عنه . كان حنونا شفافا طيب القلب والمعشر , حارسا امينا على بلدة ابائه واجداده . بطلا وشجاعا لم يتراجع في ساحات القتال , لم يتنازل لاعدائه يوما حاملا راية الشهامة والبطولة في سماء الوطن , لقبوه بجيفارا العراق لأنه مثلما قارع البطل الثوري جيفارا الظلم في جبال بوليفيا هكذا قارع البطل توما توماس في جبال كردستان وكان امميا والمسيح ايضا كان امميا مثله مثل المسيح عليه السلام ايضا كان امميا حينما قال لتلاميذه اذهبوا الى جميع الامم وبشروا بتعاليمي ولكن لم يحدد الى اي امة اشورية ام كلدانية او ايطاليا او فرنسية والى ….الخ وانما الى جميع الامم , حيث بدأ حياته النضالية اكثر من خمسون عاما وتجاوز كل الصعوبات التي اقحمت حياته وادخل الرعب في قلوب خصومه , للأبدأ مشواري مع الصديق أبا جوزيف : كنت في واجب خفر بالعيادة الخارجية في مستشفى الناصرية . ! بالصدفة أن دخل الى غرفة الفحص محافظ ذي قار وكان ذلك عام 1970 دار بيننا حديث مطول عن حياتنا الى ان عرف انني من اهالي القوش . حيث فاجئني بالقول انت يا دكتور من نفس قرية توما توماس واردف سؤاله ؟ هل التقيت معه ؟ كان جوابي : انا لم اتعرف عليه لحد الآن فاستغرب من جوابي  وقال : كيف ! أنه شخصية وطنية يستحق كل الاحترام , رديته انك تمتلك صفاة جيدة وتعترف بذلك

عام 1972 صدر أمر نقلي الى مدينة الموصل , والتحقت بوظيفتي طبيب عام في مستشفى الموصل الجمهوري .. في أحد الايام زارني الشهيد أكرم المقدسي وهو من الاقرباء ودعاني مع العائلة الى دارهم فقبلت دعوته بفرح هناك استقبلتني والدته ورحبت بوصولنا وقادتني الى غرفة الضيوف باحترام وما أن ارى ثلاثة اشخاص مدعوين ايضا في نفس اليوم , يبدو انها أرادت ان تختبر معلوماتي بسبب غيابي عن الوطن والاهل لسنين الدراسة والعمل , فسألتني عن الاشخاص الثلاثة ؟؟ عرفت اثنان منهم وهم من اولاد الاعمام والثالث لم يحصل لي الشرف بمعرفته .. فقالت : بأبتسامة بريئة وشيئا من العتاب . بعبارة إنه توما توماس ابو جوزيف كيف لا تعرفه , اجابها المرحوم ابا جوزيف ام اكرم لماذا تحرجين الدكتور !! نعم إننا متعارفان ولكن بالقلوب والافكار , وكان هذا أول لقائي به وخلال ثلاثة ساعات دارت بيننا أحاديث عديدة سياسية وتراثية وامور اخرى منوعة حينها شعرت كأنني اعرفه من ثلاثين عاماً لشفافية كلامه والنقاش معه كان له ابعاد ثقافية وانسانية بحته لذلك صارحته بكل شئ دون تردد .

التقيته ثانية في نفس المكان , هذه المرة كان برفقته احد الرفاق يبدو انه كان قلقاً فاخبره بامور غاية الاهمية وتخص بمجموعة من الرفاق محاصرين في احدى القرى جنوب القوش  , ولكن المناضل توما كان يتلقى الخبر بكل هدوء وابتسامته المعتادة , وبدأ يشرح موقف الرفاق المحاصرين وأمكانياتهم العسكرية ولا خوفا عليهم , وبدورنا نحن سنتصرف الآن حالاً ولا نبقى مكتوفي الأيدي لذا يستوجب علينا تقديم المساعدة اللازمة لهم .

وكان لي لقاء آخر معه في عيادتي ودعاني لحضور حفلة زفاف احد الاصدقاء في القوش وقد اعتذرت منه لأنني لم استلم دعوة الحضور لكنه اجابني بالقول : هل ؟ اخوة العريس بحاجة الى دعوة رسمية , اغلقتُ العيادة بالحال والسيارة تنتظرنا امام العيادة فأتجهنا الى القوش الحبيبة مرضعة الابطال والسياسيين والمثقفين ورجال الدين , حضرنا الحفل وكانت رايات الفرح ترفرف فوق سماء القوش وشعرت حينها انني مع أقرب انسان في حياتي .

وفي لقاء آخر حضر المرحوم ابا جوزيف العيادة ودعاني مع العائلة الى حضور مناسبة عزيزة علينا نحن الالقوشيين وهي شيرا ربان هرمزد , وفي اليوم الثاني ذهبت بصحبة العائلة الى دير الربان هرمزد وفي ساحة دير السيدة التقيت بأبنه الشهيد منير ورحب بنا واستصحبنا الى خيمة يتواجد بها اباه توما وهو يستقبل ضيوفه من مختلف الجنسيات والقوميات والاعمار يدخلون الخيمة ويتبادلون الحديث معه ويلتقطون الصور التذكارية معه ويذكرني هذا الموقف وكأنه مزار من مزارات احد القديسين .

وكان لي آخر لقاء مع المرحوم ابا جوزيف في بغداد الغدير حيث حضرت مجلس عزاء على روح زوج شقيقته وفوجئت برؤيته وهو يستقبل المعزين , ولم اتوقع رؤيته في ذلك الوضع المتأزم سياسيا وهذا خطر على حياته , جائني ابن شقيقته يدعوني الى الداخل وابو جوزيف ينتظرني وبعد التحية الحارة , بادرني الاستفسار عن تصرفات احد الرفاق ولي معرفة بذلك ووضحت له امور مهمة متعلقة بالشخص فأقتنع .   أخذ يدي بيده بقوة كانما الوداع الطويل وقال : أعتقد هذه المرة  سيطول فراقنا دكتور .

أجل كان فراقا أبديا وكنت اتابع اخباره عن طريق الاهل والاصدقاء وبعدها انقطعت نهائياً بعد سفري الى ليبيا والعمل هناك .

هذه كانت ذكرياتي معه رغم صغر الوقت ولكن ستبقى حاضرةٌ هذه الذكريات في قلبي لا تنسى ورغم غيابه أنه حاضراً في قلوبنا جميعا ولك المجد والخلود يا شهيد الوطن والحزب وتبقى في ضمير كل المناضلين وكل من عرف توما توماس عهدا علينا نحيي ذكراك كل عام .

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *