دروس مَحُو الأُمّية لمن يَجْهل تاريخ الكلدان في القومية ( الدرس السابع )/ بقلم د. عبدالمسيح بويا يلدا

ــ هذه سلسلة دروس تخص تاريخ الكلدان في بلاد بين النهرين دجلة والفُرات وأيضاً تاريخ الشعوب المُجاورة. إذن لا يحُق لأي أثوري (كلداني نسطوري) من الذين جَلَبَتْهم بريطانيا (في أحداث الحرب العالمية الأولى) من هكاري/تركيا وأورمية/إيران أن يُعَلّق على نصوص هذه الدروس بأي شكل لإنهم ليسوا عراقيين.

إقرأ الاخبار الصحيحة عن الكلدان باللغة العربية والانكليزية في إحدى المواقع التالية:

1. موقع المركز الكلداني للاعلام / سان دييكو أمريكا.

www.kaldaya.net

2. Chaldean Patriarch موقع البطريركية الكلدانية في بغداد:

http://saint-adday.com/

3. موقع كنيسة المشرق الكلدانية:

http://saint-adday.com/old_website/index.htm

وليس في موقع عنكاوة كوم الذي تديره الحركة الـ لا ديمقراطية والـ اشورية (الزوعة) المعادية للقومية الكلدانية ونصبت على إدارته كلدان مأسورين ومسلوبي الإرادة، أيادهم مُقّيدة ولسانهم مربوط بشروط الراتب الذي يقبضونه من الزوعة. من حيث الاسم يبدوا الموقع وكأنه واجهة كلدانية ولكن في داخله تعمل *ذئاب خاطفة* مُختصة بـ ألإساءة الى قومية عنكاوة الكلدانية واصبح الموقع يُرَوّج للكلدان عبارات اشور واشوريون التي كانت في التاريخ دائماً كلمات مرادفة لكلمة الخيانة. وفي نفس الوقت أصبح ممنوعاً نشر كلمة القومية الكلدانية في الموقع. ومن يشِك في حُكمي، فلِـيَـتَـفَـضّل ويرسل هذه النصوص للنشر في موقع عنكاوة كوم. من ثِمارهم تعرِفونَهم.

:الدرس السابع:

 

بلاد النهرين ساحة حرب في الصراع بين الاستعمار الفارسي الى الشرق من دجلة

 

والاستعمار الغربي الى الغرب من نهر دجلة

تاريخ الحضارة اليونانية او الاغريقية مرّ بثلاث عصور لكل منها ميزاته الخاصة.

 

1- الحضارة اليونانية/ الاغريقية القديمة أو الكلاسيكية:

تبدأ من العصر اليونانى المظلم 1100 قبل الميلاد وتنتهي بموت اسكندر المقدوني عام 323 قبل الميلاد. وهي تشمل الثقافة اليونانية الأصيلة التي تطورت داخل يونان ووضعت اُسُــساَ للحضارة الغربية الاوروبية. وبعد احتلال الروم لليونان حملت الإمبراطورية الرومانية الحضارة اليونانية شرقاً إلى منطقة البحر الأبيض المتوسط وغرباً نحو أوروبا وكانت اساسا لعصر النهضة في القرن 16 و 17 بأوروبا الغربية وثم بعدها في الأمريكتين في القرن ال 18 وال 19. ينتمي الى الحضارة الاغريقية القديمة الفلاسفة ارسطو وافلاطون وعالم الرياضيات فيثاغورس. ينتهي هذا العصر بموت اسكندر الكبير او اسكندر المقدوني.

2– الحضارة الهيلّـنِسْـتية:

تضم فترة انقسام امبراطورية اسكندر المقدوني (بعد وفاته) الى خمسة اجزاء الى سقوط اثينا واحتلالها من قبل الروم سنة 146 قبل الميلاد. تشمل هذه الفترة انتشار الثقافة اليونانية الى خارج يونان في اسيا الصغرى وسوريا وبلاد النهرين وبلاد فارس بحيث انخفضت أهمية اليونان (مصدر الثقافة الاغريقية) واصبحت المراكز الجديدة للثقافة الهيلينية هي الإسكندرية عاصمة مصر البطلمية وأنطاكية عاصمة سوريا السلوقية. في هذه الفترة نقل اليونانيون ملامح الحضارة اليونانية الى الشعوب التي احتلوها ولكن بالمقابل اكتسب اليونانيون بعض ملامح حضارات الشعوب المُـحْـتَـــلّـة. لذلك يُـنْـضر الى الحضارة الهلينية باعتبارها ليست حضارة يونانية صافية لانها اكتسبت ملامح حضارية من شعوب غير يونانية في اسيا الصغرى وسوريا وبلاد النهرين. بعد ان احتل الروم الاراضي التي كانت تشمل الامبراطوريات الخمسة التي تشكلت بعد وفات اسكندر المقدوني فقدت اللغة اليونانية دورها في دوائر الدولة في تلك الجزء الشرقي من امبراطورية الروم (يونان، وأسيا الصغرى، ميزوبوتامية وسوريا) لكنها (اللغة اليونانية) استمرت لتكون اللغة الرسمية الثانية لفئات النخبة لهؤلاء الشعوب. اللغة اليونانية استعادت مرةً اخرى دورها و بشكل اقوى في عهد الامبراطورية البيزنطية.

3– العصر البيزنطي:

يرمز الى الفترة التي أصبح فيها الجزء الشرقي من أمبراطورية الروم أكثر أهمية من الناحية الأقتصادية والدينية من الجزء الغربي بحيث أصبحت مدينة قسطنطينية وبسبب دورها الديني عاصمة يونانية أهم من أثينا واهم من روما.

تطور اللغة اليونانية.

الصيغة الأولى المحفوظة في المراجع التاريخية من اللغة اليونانية القديمة ترجع الى القرن الثامن قبل الميلاد. وكانت تلك الصيغة على شكل مقاطع صوتية (مقطع واحد هو أكثر من حرف واحد) مبنية على قواعد اللغة الفينيقية.

اللغة الإغريقية القديمة (الكلاسيكية وتسمى ايضاً الهلّـينية) المتبقية لحد الآن في اليونان تشكلت من إندماج لهجتين كبيرتين في الأقاليم اليونانية القديمة. لهجة أثينا كانت تسمى أتّيك ولهجة إقليم آيونيا (مدن الساحل الغربي لتركيا الحالية) التي كانت تسمى لهجة آيونية. اللغة الجديدة التي تكَـوّنت من إندماج اللهجتين سُـمّـيَت بـ لغة أتّيكآيونية، وتم تسميتها فيما بعد بـ اللغة اليونانية ألموحدة أو كُويْـنَـه الأغريقية (كويْـنَـه = اللغة عامة). بدأت قبل عهد أسكندر المقدوني في عصرالحضارة الهلّـينية وإستمرت بعد عهده في عصر الحضارة الهيلّـنِسْــتية.

Attic, Ionic, Attic-Ionic, hellenistic Koiné = common Greek

تلك كانت اللغة التي حملها أسكندر المقدوني خلال فتوحاته العسكرية شرقاً بحيث اصبحت لغة الحكومة ولغة التجارة في المنطقة وأصبحت أيضاً اللغة الرسمية الثانية لفئات النخبة في ميزوبوتامية وأسيا الصغرى. بعد موت أسكندر المقدوني نشأت حركة في أثينا قادها دُعات لهجة أثينا القديمية (أتِّـكْ) وطالبوا أن تكون لهجة أتِـك هي الوحيدة المقبولة في كتابة النصوص اللغوية الرسمية بأعتبارها تمثل النواة الصافية للغة اليونانية. هؤلاء كانوا ضد دمج لغة أثينة مع اللهجة الأيونية وأجبروا الكُـتّاب على الكتابة بلهجة أثينا. في نظر هؤلاء الحضارة الهيلّـنِسْــتية التي إنتشرت خارج حدود اليونان كانت صيغة هجينية غير صافية لانها لغوياً إكتسبت مفردات من لهجة أيونية وحضارياً اكتسبت ملامح حضارية من شعوب غير يونانية في اسيا الصغرى وسوريا وبلاد انهرين.

في بداية المسيحية كانت لغة الاستعمار الروماني لاتينية ولكن كانت اللغة اليونانية (ومنذ عصر اسكندر المقدوني ومن بعده العصر السلوقي) لغة رسمية ثانية للشعوب المحلية في الجزء الشرقي من الامبراطورية الرومانية (فلسطين، سوريا، ميزوبوتامية واسيا الصغرى). لذلك فصول العهد الجديد من الكتاب المقدس كتبت باللغة اليونانية لليونانيين وباللغة العبرية والارامية لشعب فلسطين. ولنفس السبب الباحثون في علم اللاهوت من المسيحيين اليونانيين عظّـموا شأن اللغة اليونانية وسَمّـوها لغة الأنجيل. وبعد أنقسام الأمبراطورية الرومانية رسمياً إلى شرقية بيزنطية يونانية وغربية لاتينية، كل الأنتاج الأدبي والفكري في بقاع الأمبراطورية البيزنطية منذ سنة 330 ميلادي في عصر الإمبراطور قسطنطين وإلى سقوط قسطنطينية (سُـمَّـيَـتْ فيما بعد أسسطنبول) سنة 1453 على يد العثمانيين كُـتِـبَ باللغة اليونانية الموحدة (كُويْـنَـه الأغريقية).

بعد سقوط القسطنطينية سيطر العثمانيون على معظم أقاليم الأمبراطورية البيزنطية وهكذا إنخفض بشكل حاد الأنتاج الأدبي بلغة كُـويْـنه الأغريغية وحل محلها الثقافة العثمانية التركية. جزيرة كْـرِيته في جنوب اليونان قاومت الإحتلال العثماني إلى عام 1669، لذلك قصائد الشعر التي كتبت في جزيرة كْـرِيته باللهجة المحلية والتي كانت مادةً للأغاني الشعبية ساهمت في تكوين الأدب الشعبي المحلي في كْـرِيته بعيداً عن الثقافة العثمانية لبعض الوقت.

كانت الإمبراطورية العثمانية فرضت سيطرتها على بلاد اليونان وجزء من أوروبا الشرقية بقوة السلاح منذ سقوط القسطنطينية عام 1453، وهكذا ضلت يونان جزأً من الإمبراطورية العثمانية الى أوائل القرن التاسع عشر عندما اندلعت ثورة شعبية يونانية ضد الأحتلال العثماني سنة 1820 وإنتهت بتحرير اليونان وإعلانها مملكة يونانية مستقلة سنة 1830 التي تشكلت في البدء من أثينا وشبه جزيرة پــیلوپونس (مدنها أخائية، أرگوس، قورنثوس وصبارته). بعد ذلك أصبحت اللهجات المِحَلّية في أثينا (لهجة أتِّـك) ولهجة إقليم پــیلوپونس هي النواة التي تشكلت منها اللغة اليونانية الحديثة والمستمرة لحد الآن.

 

الإمبراطورية الرومانية

روما في البدئ كانت مدينة زراعية صغيرة في شبه الجزيرة الإيطالية في بداية القرن العاشر قبل الميلاد. أُنشئت الجمهورية الرومانية عندما أسقط الشعب آخر ملوك روما تارلينيوس عام 509 ق.م. النظام الجمهوري استمر حوالي خمسمائة سنة امتدت بين 510 ق. م الى القرن الأول قبل الميلاد. سمي النظام السياسي الجديد بالجمهوري لأنه كان قائماً على أساس انتخاب الحُـكّام سنويا دون ان يكون هناك ملك أو أمبراطور يستمر في الحكم إلى وفاته.

ثم بدأت الجمهورية الثانية التي شهدت تحول الدولة الصاعدة من قوة لاتينية داخل شبه الجزيرة الإيطالية إلى قوة عسكرية تتوسع خارج ايطاليا، وبدأ الروم سلسلة حروبهم ضد القرطاجيين الذين كانوا يسيطرون على الساحل الأفريقي على البحر المتوسط. هاجم الروم جزيرة صقلية عام 264 ق.م وأخرجوا القرطاجيين منها عام 241 ق.م.

القرطاجيون كانوا فينيقيون جاؤوا من مدينة صور بلبنان وأسسوا مدينة قرطاجة سنة 814 ق.م على الساحل التونسي. بعدها أسس القرطاجيون إمبراطورية تجارية غرب البحر الأبيض المتوسط حيث خلفوا الفينيقيين وانتهت دولتهم بعد أن خسروا الحرب ضد الرومان سنة 146 ق.م. من القادة العسكريين الذي تصدى لتوسع الامبراطورية الرومانية في بلاد القرطاج في شمال افريقيا هو هانيبال الذي ولد في مدينة قرطاجة سنة 247 ق م.

بعد أن هزّمَت روما القرطاجيين عام 241 ق.م.، إتجهت أنظار الرومان شرقاً حيث إحتلوا كل البقاع التي كانت في السابق تُـشَكّـل إمبراطورية أسكندر المقدوني ومن بعده الدولة السلوقية. في عام 63 ق.م القائد العسكري الروماني پومپـِي إحتل عاصمة السلوقيين أنطاكية في سوريا وأنهى حكم المملكة السلوقية الذي دام نحو قرنين ونصف. من سوريا بدأت الأمبراطورية الرومانية تتوسع شرقاً نحو ميزوبوتامية. بعدها توسعت حدود دولة روما من إسبانيا غرباً إلى السواحل الغربية لآسيا الصغرى (تركيا) شرقاً، وضمّت أيضاً الساحل الشمالي للبحر المتوسط. وقسمت هذه الأراضي الشاسعة إلى سبع مقاطعات مرتبطة بالحكومة المركزية في روما. عندها أصبحت الدولة الرومانية دولة عظمى يصعب قهرها وتتحكم بمقدرات العالم القديم الغربي والشرقي، وبدأت عملية التوسع بالتوجه نحو فرض النظام الإمبراطوري المُطلق وتم ذلك على فترتين:

إمبراطورية الروم الأولى:

 

الصراع على السلطة بين أطراف الحكم الجمهوري في روما أدى الى سقوط النظام الجمهوري وبداية ألعصر الأمبراطوري عندما أستطاع يوليوس قيصر أن يُـهَـزِم منافسه وفائده العسكري بومبي ليصبح دكتاتوراً دائماً لروما سنة 44 ق.م. يوليوس قيصر اغتيل في نفس السنة (44 ق.م) وبعدها نشب صراع على السلطة بين إبن يوليوس قيصر بالتبني (أوكطافيان = أكتافيوس = اغسطس) وإبنه الشرعي ماركوس انطونيوس. استطاع أوكتافيان من اقصاء الابن الشرعي للقيصر بحيث صبح أوكتافيان إمبراطوراً على روما واستمر حكمه حوالي 40 عاماً وهو اغسطس قيصر المذكور في الانجيل في قصة ولادة يسوع المسيح. بعد تقسيم الامبراطورية الرومانية إلى شرقية وغربية، اصبح القسم الشرقي الذي يضم مصر من نصيب ماركوس انطونيوس التي ارتبط بعلاقة عاطفية مع كليوباترة (اخر ملكة مصر من سلالة البطالسة التي حكمت في مصر بعد موت اسكندر المقدوني). اوكتافيوس اراد احتلال مصر لكن ماركوس أنطونيوس كان ضد احتلال مصر وضد انهاء حكم كليوباترة.

كليوباترا/ ماركوس أنطونيوس/ اكتافيوس:

 

بعد أن هَـزّمَ أوكطافيان منافسه مارك أنطونيوس في معركة أكتيوم البحرية غربي اليونان عام 31 ق.م، توجه شرقاً نحو مصر ووصل إلى مشارف مدينة الإسكندرية في صيف عام 30 ق.م وهذا خسر ماركوس انطونيوس المعركة بشكل نهائي مع أوكطافيان. عندما سمعت كليوباترة بهزيمة ماركوس انتحرت كليوباترة عندما كمشت بشكل متعمد راس حية سامة واصبحت بعدها مصر ولاية رومانية.

بعدها منح مجلس الشيوخ في امبراطورية روما عبارات التعظيم لأوكتافيين وتم منحه لقب أغسطس العظيم في 16 يونيو 27 ق. م. ثم سيطر أوكطافيان على بلاد الغال (اراضي فرنسا وبلجيكا وجزءاً من جرمانيا/المانيا غرب نهر الراين). لكن جيش اوكافيان مُني بخسارة عندما حاول غزو جرمانيا الداخلية.

إمبراطورية الروم الثانية:

 

تاريخها يبدا مع انتشار المسيحية في الوقت الذي كان الروم في القسم الشرقي والغربي للامبراطورية وثنيين واضطهدوا المسيحين في القرون المسيحية الثلاثة الولى.

بدأ العد العكسي في حياة الدولة الرومانية بعد عام 235 م عندما تصاعدت هجمات القبائل الجرمانية في وسط أوروبا للاستقلال من سيطرة روما. ومن جهة الشرق إنتزع الفرس أرمينيا وبلاد بين النهرين وانطاكية وسوريا من يد الرومان. ثم جاء الإمبراطور ديوكلتيانوس (دقلديانوس 284 ـ 305) الذي اسساً نظاما جديدا للحكم يمكن اعتباره المرحلة الثالثة او الإمبراطورية الثالثة حيث وزع الحكم بين أربعة أشخاص يتقاسمون السلطة والذي عرف بـ الحكم الرباعي واستمر حتى عام 305 مـ.

الإمبراطور قسطنطين الاول 307 ــ 337 ب.م/ غير تاريخ العالم:

 

بعد عهد الإمبراطور ديوكلتيانوس (دقلديانوس 284 ـ 305) الذي انشأ نظام الحكم الرباعي، ارتفع عدد المطالبين بالحكم في الإمبراطورية الى سبعة رجال هم ماكسيميان وغاليريوس ومكسنتيوس ومكسيمينيوس دايا وليسينيوس وقسطنطين ودوميتيوس ألكسندر الذي أعلن نفسه حاكماً مستقلاً في أفريقيا. استمر صراع سبعة رجال على السلطة من 306 إلى 313 ب.م وفي النهاية إنحصر السباق على السلطة بين ليسينيوس الذي سيطر على المناطق الشرقية وقسطنطين الذي سيطر على المناطق الغربية، في عام 324 م وقعت معركة أدريانويل بين الرجلين إستطاع فيها قسطنطين من اعتقال خصمه ليسينيوس في آسيا الصغرى وإعدامه وأصبح قسطنطين هو الإمبراطور الوحيد في روما. قسطنطين الأول هو أول الأباطرة البيزنطيين الذي غير وجه التاريخ في غرب الكرة الارضية وشرقها. وهو الذي اصبح مسيحيا واصدر مرسوم ميلان الذي وفر للمسيحيين حرية العبادة وجعل بعدها المسيحية ديانة رسمية للامبراطورية. ثم نقل الإمبراطور قسطنطين الأول العاصمة الشرقية للامبراطورية سنة 324 م. من نيقوميديا في الأناضول إلى بيزنطية على مضيق البوسفور والتي سماها باسمه قسطنطينية وسميت احيانا روما الجديدة. اعتناق قسطنطين المسيحية وضع بقاء عرشه في روما على المحك بسبب الصراع الديني المحتمل مع سكان روما الذين كانوا وثنيين. السبب الأخر الذي أدى الى فك الإرتباط بين قسطنطينية وروما كان في اللغة. رغم ان لغة الام للإمبراطور قسطنطين الأول كانت لاتينية (لغة روما). لكن قسطنطين الأول أراد أن يجعل من لغة الإنجيل اليونانية لغة رسمية في الجزء الشرقي (المسيحي) من الامبراطورية الرومانية.

بعد الانقسام الديني واللغوي بين الجزء الشرقي والغربي للامبراطورية الرومانية جاء التقسيم الرسمي والثابت في عهد الامبراطور ثيودوسيوس الأول (379 ــ 395 ب.م) الذي قسم الإمبراطورية (بمثابة كونها مُـلْـكه الشخصي) وهو على فراش الموت بين ولديه آركاديوس الذي نصبه حاكما في الجزء الشرقي الذي عاصمته قسطنطينيه وإبنه الثاني هونوريوس نصبه حاكما في الجزء الغربي وعاصمته ميلانو.

بدا سقوط الامبراطورية الرومانية في جزءها الغربي عندما قضى البرابرة على الدولة الرومانية الغربية سنة 476 ميلادياً (حلت محلها دول ايطاليا، المانيا وفرنسا)، اما الدولة الرومانية الشرقية او دولة الروم البيزنطية فهي استمرت لمدة تقرب من الألف عام بعد سقوط الدولة الرومانية الغربية في روما. اول هزيمة للدولة البيزنطية كان على يد العرب المسلمين في معركة اليرموك 636 م حيث سيطر العرب على سوريا، فلسطين وميزوبوتامية. بعد ذلك السلاجقة احتلوا شرق اسيا الصغرى الى الشمال من ميزوبامية في بداية الالفية الثانية للميلاد سنة 1037 م. السقوط النهائي للدولة البيزنطية حصل عندما سقطت العاصمة القسطنطينية سنة 1453 على يد السلطان العثماني محمد الفاتح.

صراع امبراطورية الروم مع الفرس في عهد امبراطورية برثية: اقرأْه في الدرس السادس/ امبراطورية برثية.

خليفة اسكندر مقدوني في بلاد النهرين سلوقس بنى عاصمتِـِهِ عام 312 ق.م على الضفة الغربية لنهر دجلة وسماها باسمه سلوقية. بعد 60 سنة من ذلك بنى البرثيون ايضاً عاصمةً لهم على الضفة الشرقية لنهر دجلة سموها قطيسفون (نحو 30 كم شرق بغداد) بحيث فقط مياه نهر دجلة كانت الحدود الرسمية بين العاصمتين. بعد سقوط امبراطورية برثيا في شرق الفرات حكمت الدولة الساسانية التي كات ايضا عاصمتها قطيسفون. في غرب الفرات حكم على التوالي اسكندر المقدوني ثم امبراطورية سلوقيين ثم امبراطورية الروم الموحدة وبعدها امبراطورية الروم البيزنطيين. وكانت سلوقية دائماً عاصمة الامبراطورية الغربية على ارض بلاد النهرين.

 

صراع امبراطورية الروم مع الفرس في عهد الامبراطورية الساسانية:

الدولة الساسانية/ مارست مذابح ابادة جماعية ضد المسيحيين شبيهة بمذابح الارمن على يد الاتراك:

إنتهى عصر أمبراطورية پرثية سنة 224 ب.م عندما تمرّد أمير إقليم پرثية أردشير (سُمّيَ في ما بعد بـ أردشير الأول) وقتل أمبراطور پرثية أرْطبانوس (أردوان) الرابع وإحتل العاصمة قُطَيسَفون على نهر دجلة وأعلن سنة 226 بداية سلالة حكم جديدة بأسم الدولة الساسانية التي إستمرت 400 وسقطت أمام الفتوحات الإسلامية في معركة القادسية سنة 636 ميلادية. إسم الامبراطورية جاء من “ساسان” إسم جد مؤسسها اردشير. باللغة الانكليزية يُـكْـتَب اسم الامبراطورية بعدة اشكال:

Sasanid Empire, Sassanian Empire or Sasanian Empire

اختلفت الامبراطورية الساسانية عن سابقتها البرثية بان الحكم المركزي كان فيها قويا بيد الملك شاهنشاه (= ملك الملوك). لكن اجتماعيا كان الشعب مقسماً الى اربع فئات او طبقات هي:

ــ الكهنة (في الفارسية اسمهم آتروبان).

ــ الجنود المقاتلون (في الفارسية أرتشتاران).

ــ الأمناء (في الفارسية : دبيران).

ــ عامة الشعب (في الفارسية: هوتخشان – واستريوشان).

وكان الانتماء إلى واحدة من تلك الطبقات يتم على أساس الوراثة. فالذي كان يولد في عائلة الكاهن الزرادشتي ينتمي إلى طبقة الكهنة الحاكمة والذي كان يولد في عائلة تنتمي الى طبقة عامة الشعب او الفقراء كان يعيش كل حياته فقيراً.

لانه والد اردشير (بابك) كان كاهناً مجوسية، لم يكن بامكان اردشير تغير انتمائه من طبقة الكهنة والتحول الى ممارسة السياسة. لذالك ربط اردشير نسبه بالأسرة الإخمينية (امبراطورية قورش) وأعلن عن استمرار الزرادشتية ديناً رسمياً لدولته، ورتب درجات كهنة الزرادشت بنظام هرمي بحيث يكون في العاصمة رئيس الكهنة ( = موبدان موبد) وتكون له سلطان لا يفوقه سلطان الملك نفسه (ولاية الفقيه). ثم منحت امتيازات خاصة لكهنة المجوس ومُـنِـحَت لهم الأراضي وفُـرِضت على عامة الشعب ضريبة كات تُـجمَع وتُـمْـنَـح لكهنة المجوس بحيث اصبحت خزينة المعابد المجوسية اقوى من خزينة الامبراطور. واستعان الامبراطور برجال الدين المجوس لتقوية مركزه في الحكم بحيث اصبحت الديانة الزرادشتية جيشاً ثانياً تستعمله الدولة الساسانية لمحاربة الديانات والمذاهب الاخرى خاصة المانوية والمزدكية والمسيحية. وظلت المجوسية تسيطر على عقول الفرس مدى أربعة قرون.

بعدها توسعت الدولة الساسانية شرقاً إلى ما يسمى اليوم بـ أفغانستان ثم باكستان وشمال غرب الهند اللتان كانتا قبل ذلك تحت الإمبراطورية الكاشانية. غرباً احتلت الإمبراطوريةَ الساسانية العراق، وأجزاء من أرمينيا، وشرق اسيا الصغرى (تركيا الحالية). سمى الساسانيون إمبراطوريتهم “إيران شهر” أي حضارة الإيرانيين. قامت الإمبراطورية الساسانية بإقامة علاقات خارجية قوية مع الصين من خلال النشاطات التجارية البرية والبحرية. الملك الساساني الاول أردشير وقبل وفاته وضع التاج في عام 241 ب.م على رأس ابنه شابور الاول وأمره أن يلقي باليونان والرومان في البحر.

شابور الأول (241-272م)

قاد الملك شابور الأول (241-272) ابن الملك المؤسس أردشير الأول عِدّة حملات ضدّ الإمبراطورية الرومانية، واستطاع شرقاَ أن يحتل باكتريا وكوشان وغرباً سوريا. كان شابور الأول في بدء عهده متسامحًا تجاه الديانة المسيحية لحمايتها من الإضطهاد من قبل الفئة الزرادوشتية، لكنه لم يتردد في قتل زوجته اسطاسا لتنصرها، ونفى زوجته الأخرى شيراران (التي تنصرت تحت تأثير راهب حررها من نفوذ الشيطان) إلى منطقة “مرو” حيث تزوجت من شخص أخر من السلالة الساسانية اسمه “شيروان”. فاعتنقت الديانة المسيحية هناك وساعدت على نشرها في تلك المنطقة وأقامت كنيسة في مرو بمؤازرة الراهب “برشيا” الذي كان قد شفاها والذي أقيم مطراًنا لهذه المقاطعة.

استطاع الملك شابور الأول هزيمة الأباطرةَ الرومانَ جورديان الثّالث (238 -244)، وفيليب العربي (244 -249)، واستطاع أسر الإمبراطور الروماني فاليريون (253-260) في سنة 259 م ووضعه في السجنِ بعد معركةِ إيديسا. لكن شابور الأول خَسرَ بين عامي 260 م و263 م بعض أراضي امبراطوريته لصالح حاكم مملكة تدمر العربية الملك أودينثوس حليف للرومان، واستطاع ملك تدمر استعادة الشرق الروماني الذي احتله الفرس الساسانيين وإعادته للإمبراطورية الرومانية. الملك شابور الأول صادق أيضاً الحبر البابلي اليهودي صموئيل وهذه الصداقةِ اعطت للجالية اليهوديةِ مزيداً من الحرية في بلاد فارس.

الديانة المانوية:

سميت باسم مؤسسها ماني 216 ــ 276 م. وكانت مزيجاً من الزرادشتية والمسيحية والبوذية، مع غلبة العنصر الزرادشتي عليه. كان ماني يريد لدينه أن يصبح الدين العالمي الموحد والنهائي، وأن تحل المانوية محل الأديان الباقية (الزردشتية، البوذية والمسيحية). لذلك ادعى ماني أنه (الفارقليط) الذي بشر به السيد المسيح وأنه خاتم الأنبياء. وتركزت دعوته وتعاليمه على الدعوة إلى الزهد والتقشف والعفة ((بعدم الزواج))، والتفرغ للعبادة والابتعاد عن الأشياء المادية، فجاءت تعاليمه بعكس التعاليم الزرادشتية التي كانت تدعو إلى النشاط والعمل، والابتعاد عن الزهد والتصوف، والإسراع بالزواج لزيادة النسل، فشكلت المانوية بذلك خطراً على الديانة الزرادشتية وعلى الدولة الساسانية معاً. وبعد أن تخطت مواعظ ماني إلى الطعن صراحة وبشكل مباشر بالدين الزرادشتي، وبالطبقة الحاكمة، تم التضييق عليه وعلى اتباعه فسجن ثم صلب، وتم إثر ذلك مطاردة اتباعه ومحاربتهم بحدة وعنف، فاضطر أتباعه إلى التخفي والهرب.

وفي زمن هرمز الأول 272 ـــ 273 وبهرام الأول 273 ـــ 276 تجدد اضطهاد للمسيحيين والمانويين.

الملك بهرام الثاني (276-293) بتاثير زوجته الرومانية تعلم في البدء مباديء المسيحية، لكنه سرعان ما أنقلب بتحريض كهنة المجوس وبعدها حرر مرسوماً يقضي بملاحقة المسيحيين واهل المذاهب المناوئة للديانة الزرادشتية. وقد كَانَ حاكماً ضعيفاً حيث خسر بعض الاقاليم الغربية للإمبراطورِ الرومانيِ كاريوس (282-283) ثم خسر أرمينيا بعد نِصْفِ قرن مِنْ الحُكُمِ الفارسيِ للإمبراطور الروماني دياقلوس (284-305).

بهرام الثالث حَكمَ في سنة 293 م وتوفي في نفس السنة.

الملك نيرسيه (293-302) اعفى كاهن المجوس المتشدد ضد المسيحيين من مهام الرئاسة الدينية المجوسية وسمح بتعمير الكنائس المهدمة وإقامة الشعائر الدينية بحرية. هُزِمَ امام الروم في أرمينيا في 297م وعلى اثرها انسحبت الامبراطورية الساسانية من غرب دجلة الى شرقه ووافقتْ الإمبراطورية الساسانية ألا تَتدخّلَ في شؤونِ أرمينيا وجورجيا. بعدها استقالَ نرسيه في سنة 301 م وماتَ سَنَة 302.

هرمز الثاني (302-309) ابن الملك نيرسي، ترك المسحيين وانشغل باضطهاد المانويين كَان حاكماً ضعيفا وقتله البدو بينما هو في رحلة صيد في سنة 309 م.

بعد موت الملك هرمز الثاني قام النبلاء في الدولة بقتل ابن الملك هرمز الثاني، وأعدموا ابنه الثاني، وسجنوا ابنه الثالث الذي فر لاحقاً إلى الأراضي الرومانية، وحجز النبلاء عرش الدولة الساسانية للابن شابور الثاني الذي كان في بطن امه بحيث أن الملك شابور الثاني (309-379) تم تتويجه وهو في رحم أمه، وقد تم وضع تاج الملك على بطن أمه، و بعدها الطفل شابور وُلِدَ ملكاً.

وفي عهد الملك شابور الثاني بدأ العهد البيزنطي في الجزء الشرقي من الامبراطورية الرومانية وفيه كان اضطهاد المسيحيين شديد القسوة في الدولة الساسانية.

في الدرس الثامن سيكون الحديث عن امبراطورية الروم البيزنطيين على غرب الفرات ومقابلها الامبراطورية الساسانية الى شرق الفرات ابتداءاً من عهد شابور الثاني.

خاص كلدايا نت

د. عبدالمسيح بويا يلدا

 

 

 

 

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *