حوار مفتوح مع الالقوشية المعمرة الخالة مكو يوسف اسمرو


   اعداد: عماد رمو/ هولندا 2016

مقدمة :

الخالة مكو يوسف بولا اسمرو زوجها المرحوم منصور عبو اسمرو لهما عشرة اولاد وبنات و 18 حفيد و 15 من اولاد الاحفاد .

  الخالة العزيزة مكو  غنية عن التعريف وبمناسبة عيد ميلادها التسعين اغنتنا بحوار مفتوح حول ذكرياتها التي تمتد عميقا في التاريخ الذي شهدته منطقتنا باكملها. الخالة مكو عاصرت احداثا مهمة منذ عقد الثلاثينات من القرن الماضي وخاصة انها من بيت يشهد له بالكفاءة في رسم تلك الاحداث وخاصة اذا تذكرنا بان المرحوم والدها يوسف اسمرو كان احد وجهاء بلدتنا العزيزة القوش واحد رؤسائها في زمن تشابكت الاحداث السياسية حينها. العزيزة مكو عاشت وعاصرت مدنا كثيرة منها القوش  وبغداد واوسلو وكذلك حكومات كثيرة منذ العهد الملكي ولحد اليوم، انها خزين وارشيف كامل من الذكريات التي لابد ان يتعرف عليها الجميع ونحن في اتم الحاجة الى هذه القصص التي لا تمحوها الذاكرة ابدا. مقدما اشكر خالتي العزيزة (ام الويس) لرحابة صدرها في تحمل عناء الاجابة على اسألتي الكثيرة والتي قسم منها عايشته حقا.

المحور الاول: الطفولة في القوش
خالتي العزيزة مكو: لقد ولدت في بيت الرئاسة، في بيت والدك المرحوم يوسف (ايسف) بولا اسمرو. بيت وعائلة مهمة ومؤثرة جدا في القوش. هل لديك ذكريات خاصة عن طفولتك؟

١. ما هي ذكرياتك عن المرحوم والدك والمرحومة والدتك ( ريجو )؟
اتذكر بان المرحوم والدي كان يذكرنا دائما بصلاة الوردية كل يوم وقبل النوم، وكان الوالدان يقدمان لنا الرعاية الابوية والاهتمام بكل حاجياتنا وكنا جميعا مرتاحون في فترة طفولتنا الجميلة.

٢. في اية محلة من محلات القوش ولدت وترعرعت؟
لقد ولدت وترعرت مع اخوتي واخواتي في محلة ختيثا القريبة من السوق.

انا اتذكر بيتكم القديم الذي كان في نهاية زقاق القصابين.

٣.هل ولدت هناك ام في بيت اخر؟
نعم وكما تقول حقا انا ولدت في نفس البيت التي تشير اليه والذي مازال قائما ولكن اقولها مع حزن شديد فانه الان شاغر من ساكنييه فالجميع قد ترك البلدة العزيزة القوش.

٤.كيف كانت طفولتك؟ هل بامكانك سرد بعض الاحداث عن تلك الايام؟
لقد كانت طفولة جيدة ومريحة وهانئة واتذكر فيها من الاحداث المؤلمة والمحزنة هو صدور قرار الفرمان ضد اخوتنا الاثوريين حيث صدر من ضمن القرار بعدم السماح لنا بايواء اية عائلة اثورية واتذكر بان الجميع كان متعاطفا مع الاثوريين حينها واتفق حينها المرحوم والدي مع وجهاء البلدة بارسال ممثل لهم الى الموصل لايقاف القرار وفعلا تم الغاء القرار بعد تدخل السلطات الدينية العليا وشرح المشكلة للسلطة المركزية حينها.

٥.جدتي المرحومة حبي يوسف بولا اسمرو كانت اختك الكبرى. هل بامكانك ان تذكري لنا اسماء اخوتك وبالتسلسل وكيف كانت الحياة حينها؟

حبي زوجة يوسف رمو ، مكو زوجة منصور عبو اسمرو، شكري زوجة جرجيس الياس جيقا، عبد زوج الماس بولص قوجا، فرج زوج انجيلا حببب تومي.


كانت الحياة بسيطة جدا وعندما اتممت العاشرة من عمري كنا نذهب لجلب المياه من عين ماء محلة قاشا ( اينا دايتا “عين ماء الكنيسة”) حينها لم تكن عين ماء محلة سينا قد بنيت ولكن كان هناك بئران في محلة سينا دمجا معا في بمشاركة اهالي البلدة والمحلة وتم اقامة عين ماء محلة سينا حينها وجعلها مصدر مياه شرب للبلدة حيث كانت المياء شحيحة جدا حينها ولكن لصغر عمري لست متأكدة فيما اذا حدث ذلك قبل او بعد هذا التاريخ.

المحور الثاني: عائلة اسمرو
خالتي العزيزة مكو: عائلة اسمرو هي من العوائل الكبيرة في القوش ومن وجهائها المرحوم ايسف بولا اسمرو والدك واعمامك ايضا. نريد منك ان توصفي لنا الخصال الانسانية الحميدة للمرحوم والدك؟

٦.لماذا تحمل مسئولية رئاسة القوش المتعبة؟
تحمل والدي مسئولية رئاسة بلدتنا العزيزة القوش لانه كان مخلصا ومحبا للجميع وخاصة ابناء بلدته وكان يسعى لبذل المزيد دائما وخاصة في خدمتهم.

٧. كيف ادار امور البلدة حينها؟ هناك الكثير من القصص حول ذكاءه السياسي رغم انه لم يترعرع في بيت سياسي. هل بامكانك ان تذكري لنا بعض تلك الاحداث؟
كان للمرحوم والدي ذكاء فطري وكان يبادر الى حل مشاكل الناس والبلدة بعد التفكير بها والتعمق في مصلحة البلدة والمصلحة العامة وكانت البلدة تستشار به في اصعب الظروف. لقد كانت جميع الاطراف متفقة على ما يقوله ولخبرته الانسانية الكبيرة من خلال طريقته في التعبير والاتصال مع اصحاب القرار كان يقوم بتدبير امور القوش في اصعب ظروفها. ولقد كانت معاملته جيدة للجميع ثم لنا ولهذا ولحد الان يتم استذكار اعماله الكثيرة في خدمة البلدة في احاديث وذكريات الكثيرين.

٨. ما هي خصاله الابوية الكريمة التي ما زالت عالقة في ذهنك؟
لقد كان ابا حنونا وعطوفا من جهة ولكن كان ايضا حازما ومحقا في تربيته لنا بحيث رسم لي ولجميع اخوتي واخواتي مستقبلا مزهرا جميلا. نحن مدانون له في جميع ما قدمه لنا.

٩. هل هناك اخرون من عائلة اسمرو الكبيرة والذين رسموا ملامح هذه العائلة العريقة؟
نعم اعمامي المرحومان حبيب اسمرو (بيبو) والمرحوم ساكي كان لهما تأثيرا كبيرا في رسم ملامح عائلة اسمرو وكما نعرفها الان. المرحوم بيبو كان قارئا جيدا للتاريخ وذكيا جيدا في معرفة ما هو جيد منه وكان يقرأ كثيرا وله مجالس طيبة في البلدة حيث كان اهالي البلدة يستمتعون باحاديثه وقد كتب الكثير ولكن لا اعرف فيما اذا تم تحقيق ما كتبه. اما المرحوم ساكي فقد كان ذكيا جدا في تجارة الاعمال وهذه تحتاج ايضا الى ذكاء في معاملة الناس والصدق في ذلك.

المحور الثالث: المدرسة والسنين الاولى قبل الزواج
خالتي العزيزة مكو: ولادتك كانت عام 1926 في القوش. لقد كان في القوش مدرسة المار ميخا النوهدري وقد درس الكثيرون فيها وخاصة الرجال.

١٠.هل كان هناك ايضا مدرسة للنساء؟ اعتقد بان الراهبات (الماسيرات)  كن نشيطات في تلك الفترة.
نعم لقد كانت هناك مدرسة للبنات في القوش وكانت من ضمن بناية القونغ ( قونغ الكنيسة ومقر المطرانية سابقا) والذي يقع بالقرب من كنيسة مار كيوركيس في البلدة القديمة. لقد كانت الماسيرات فعلا تدرس البنات وكان هناك ثلاثة صفوف للدراسة. صف للمبتدئات  وصف للواتي عمرهن بين الثامنة والعاشرة واخر للمتقدمات وكان يتم تزويج البنات وهن بعمر الاثني عشر سنة من قبل اهلهن والسبب في ذلك لان الحياة كانت بدائية وتعتمد على المجتمع الريفي والزراعي ولان المجتمع والعادات السائدة حينها كانت تختلف عما هي الان فقد تطور كل شيء واصبحت الحياة معقدة اكثر.

١١.هل تلقيت تعليما معينا في تلك الفترة؟
نعم لقد تلقيت التعليم على يد الماسيرات وقد شمل حينها التعليم الديني وتعليم لغة السورث والانجيل المقدس  والصلوات والالحان الكنسية وكذلك بعض الاعمال والمنزلية والتربية الاسرية حيث تهيأة البنات لتاسيس عوائل على اساس الزواج الكنسي وفي عام 1935 او1936   تم افتتاح مدرسة تابعة للدولة ولكن ظلت الماسيرات يمارسن عملهن التعليمي والتربوي

١٢.هل بامكانك ذكر اسماء بعض الراهبات او المعلمات؟
كانت الماسير الام اسمها الماسير كليلة وكن يساعدها الماسيرات: حني ومارتا ومارغريت. الرحمة الالهية لهم لقد قدمن خدمة جليلة لنا حيث من خلالهم تعلمنا ان نربي اجيالا محبة للعمل والعلم والاخلاص.

١٣.هل كان للكنيسة دور في التعليم حينها؟
نعم كان للكنيسة دورا اساسيا في التعليم حيث المشرف العام على التعليم المسيحي كان المرحوم القس فرنسيس حداد وقد بذل خدمة جليلة لنا حيث كانوا يعلمونا بجد وتفان.

١٤. من تتذكرين من اسماء صديقاتك او ربما بعض الرجال الذين درسوا في تلك الفترة ايضا؟
صديقاتي كن كثيرات ولكن اتذكر منهمن: انو صادق سورو، وودي الياس بولا (خالتك طبعا) وملّي حنا اسطيفانا، وصبيحة بيبو اسطيفانا (زوجة المرحوم ابن عمكم حنا ايوب رمو) واسيت ميخا كادو ومريم نونو.

١٥.اين تعلمت الصلوات الكنسية والاناشيد وقصص الانجيل والتراث؟
لقد تعلمتها عندما كنت تلميذة في المدرسة في صف المتقدمات.

١٦. ما هي ذكرياتك الاخرى عن اخوتك واخواتك حينها؟
حينها كن ثلاثة اخوات المرحومة حبي وانا واختي شكري ولم يكن لنا حينها اخوة حيث ولدوا في عقد الاربعينات عبد وفرج.

المحور الرابع: الزواج والعائلة
خالتي العزيزة مكو: الزواج سابقا كان يختلف عن الان كثيرا سواءا في تقاليده او في طريقة الزواج .

١٧.كم كان عمرك عندما تزوجت ابن عمتك المرحوم منصور اسمرو؟
لقد كان عمري حينها 16 سنة.

١٨.هل كان هناك فترة خطوبة معينة؟
اية خطوبة تقصد؟ حينها لم يكن اي شيء من هذا القبيل كل هذه الامور جائت بعد جيلي.

١٩.ما هي ذكرياتك حول تلك الايام؟
في تلك الايام كان يتم تزويج البنات من قبل اهلهن من دون علمهن وحتى من الطرفين. كان الاتفاق يتم بين الاباء وكان على الابناء الاطاعة لقرار ابائهم.

٢٠. كيف كانت مراسيم الزواج وخاصة تلك التقاليد التراثية الجميلة حينها؟
لقد كان يتم مباركة الزواج والصلوات في بيت العروس بحضور المقربين وكان هذا يتم مساءا اما في اليوم التالي كان يتم الاحتفال بالزواج وكانت الدعوة عامة للجميع وتستمر حفلات الرقص على انغام الداول والزرنة لمدة ثلاثة ايام وترافقها طبعا الشرب وغالبا ما كان الزواج يتم في نهاية الصيف والخريف بعد ان يتم الحصاد وجمع المحصول. اكثر حفلات الزواج كانت تحدث في فناءات البيوت الالقوشية وكذلك فوق السطوح للمدعويين للشرب. كانت ايام جميلة وذكرياتها باقية ولحد الان.

٢١.هل دفع لك مهر للزواج ايضا؟
كان المهر عبارة عن قطعة ذهبية صغيرة  وكان اهل العريس يهدون العروس بعض المال لشراء الملابس واحتياجات الزواج.

٢٢.كم كان المهر حينها؟
المهر قبل ان تحدده الكنيسة في بداية السبعينات كان يختلف من زيجة لاخرى وحسب امكانية العريس ومكانة العروسة واهلها اجتماعيا وماليا وقدرتهم الفلاحية او الزراعية وامتلاكهم للاراضي والمواشي ولكن في جميع الاحيان كان باتفاق الطرفين والذي كان ينوي الزواج كان عليه ان يدفع المهر طبعا. في بداية السبعينات وللمغالاة في طلب المهور حددت عندها كنيسة القوش المهر ب 150 دينار وكان ما يقارب راتب معلم له 20 سنة من الخدمة حيث كان للدينار قيمته عندما كان يساوي 3 دولار امريكي.

٢٣.ماذا كانت شروط الزواج وخاصة من ناحية الكنيسة؟
الزواج عندنا زواجا كنسيا وكان يستدعي ان يكون الزواج برضا الطرفين وان يكون هناك شاهدان على اقامة هذا الزواج. لقد كانت الكنيسة تسيطر على الزواج ايضا من ناحيته القانونية ولم يكن بالامكان الزواج خارج الكنيسة. طبعا كان هناك بعض الارشادات والنصح قبل الزواج من قبل رجال الدين وفي المدرسة ومن خلال دروس التعليم الاسري كنا نتلقى بعض الارشادات من الماسيرات وخاصة في قديبة الزواج المسيحي. زواجنا هو احد اسرار الكنيسة وهذا ما يجمعنا مع البعض.

٢٤.هل تتذكرين القس او القساوسة الذين شاركوا في قداس الزواج؟
نعم اتذكر بان المرحوم القس (الخوري) ابلحد عوديش هو الذي ادار مراسيم الزواج طبعا مع لعض الشمامسة ورجال الكنيسة والاهل.

٢٥. اين كان قداس الزواج؟
لقد جرت مراسيم قداس الزواج في بيتنا الابوي.

٢٦.في اية كنيسة؟
لقد تم الاعتراف قبل الزواج في كنيسة مار كيوركيس في القوش العزيزة.

جدتي كانت تحكي لنا عن تلك القصص الجميلة. المجتمع كان زراعيا وتقاليد الزواج كانت مهمة جدا وكانت تنظم اغلب الحفلات بعد موسم الحصاد اي في نهاية الصيف.

٢٧.هل كنت تذهبين الى الحقل ايضا؟
نعم، وبعد اول سنة من الزواج كنا نذهب للحقل من اجل اتمام الاعمال الزراعية من بداية موسم تهياة الارض والحراثة والى الحصاد وجمع المحصول وتنقيته في البيادر ثم نقله الى البيت. لقد كان الجميع يشارك في ذلك حيث كنا نعتمد على زراعة الاراضي في سهل القوش الخصب. اتذكر بان لوالدك اراضي زراعية كثيرة.

٢٨.هل لديك بعض الذكريات عن تلك الايام؟
من الذكريات الجميلة والتي لا انساها بانه كان يتم الاحتفال بعيد الجسد كل 25 سنة وان والدي كان ينظم هذا الاحتفال وجميع اهل البلدة العزيزة القوش كانوا يشاركون في هذا الاحتفال حيث كانت تمشي مسيرة من جموع البلدة من الكنيسة ومن خلال السوق الى محلة سينا وكان هذا قد حدث عام 1950. واتذكر ايضا تبليط الشارع الرئيسي الذي يربط القوش بمدينة الموصل بعد ثورة 14 تموز وتبديل النظام الملكي بالنظام الجمهوري وكان تبليط الشارع عام 1959 وجميع اهالي البلدة كانوا يهتمون بالعاملين في المشروع ويقدمون لهم الخدمات وكذلك اعمال عمل شعبي وعمت الفرحة في البلدة بعد هذا الانجاز الكبير.
الامر الاخر هو ان والدي كان مهتما بامر تزويد القوش بالمياه لذا فكرة حفر الابارالارتوازية وتزويد القوش بالمياه الصالحة للشرب كانت فكرته وقد خدمت هذه الابار وتخدم حاليا ايضا في زمن الكوارث وخاصة بعد الحروب الكثيرة والتي عمت العراق والمنطقة ولحد اليوم يستعملون اهل القوش مياه الابار.

المحور الخامس: بغداد
خالتي العزيزة مكو:

٢٩.متى سافرتم الى بغداد؟
لقد سافرنا الى بغداد عام 1965.

٣٠.ماذا كانت الاسباب الرئيسية للهجرة والرحيل من القوش؟
بسبب احداث الاعتقالات والقتل التي كانت تحدث في القوش بسبب الحركة اليسارية الشيوعية التي كان اغلب شباب القوش قد انخرط بها. الحريات كانت مقيدة، تفتيش البيوت كان يحدث باستمرار ومصادرة جميع انواع الاسلحة وحتى بندقية الصيد فتصور كيف كانت الحياة صعبة في ضعف الامان لذا هاجرنا وتركنا القوش العزيزة بحزن والم ولا تنسى بان استعمال المكننة في الزراعة قلل فرص العمل حينها.

في بداية السبعينات زرتكم في بغداد حيث كنتم تسكنون في منطقة (ام ربعة)، بيت بغدادي تراثي جميل وخاصة الباحة الوسطية الجميلة.

٣١.كيف كانت الحياة حينها؟
لقد كان فعلا بيتا تراثيا جميلا وموقعه في مركز بغداد كان له فائدة بقربه من الاسواق والمدارس والدوائر الحكومية.

٣٢.ما هي الاعمال التجارية التي زاولها المرحوم منصور اسمرو لاعالة عائلة كبيرة مثل عائلتك؟
الاعمال التي زاولها زوجي المرحوم منصور اسمرو كان له في البداية مخبز وعمل فيه جادا وكما تعلم نحن لا نستطيع ترك الحنطة بسرعة وخاصة ولدنا في وسط بلدة ترتبط مع الحنطة ارتباطا وثيقا. ثم استأجر فندقا لادارته وكانت له ادارة جيدة ولكن في الثمانينات وفي بداية الحرب الايرانية ترك اكثر العمال الاجانب بغداد بعد سقوط الصواريخ الايرانية عليها وخرجت اغلب الشركات من العراق لذا اضطر ان يغلق اخر فنادقه ويترك هذا العمل.

لقد انجبت العديد من الابناء والبنات وجميعهم درسوا في الجامعات العراقية وامتهنوا مهنا جيدة.

٣٣.من اين جاء كل هذا الاهتمام في تعليم الابناء وخاصة ان الوالدين لم يكن لهم اي تعليم عالي يذكر؟
من خلال التربية الصحيحة التي تلقيناها من ابائنا وامهاتنا ونحن بدورنا علمنا اولادنا وبناتنا الصدق والعمل والاخلاص وكذلك متابعة الابناء الكبار اخوتهم الصغار في مسيرتهم الحياتية والعلمية.

٣٤.هل لك بان تذكري لنا اسم كل من ابناءك والتعليم الذي حاز عليه وفي اية سنة تخرج؟
المرحوم الويس كان معلما ومفتشا ايضا للصحة النفسية حيث تلقى تعليما اضافيا ودرس علم التربية النفسية اضافة لمهنة التعليم.
المهندس فؤاد تخرج من الجامعة التكنولوجية عام 1981. المهندسان نجيب وظافر تخرجا من جامعة بغداد عامي 1985 وعام 1988 وكما تعلم نجيب هو زميلك مهندس معماري. حني وانجيلة تخرجتا من كلية طب الاسنان وطب بغداد ونجيبة تخرجت من المعهد الطب الفني ثم اخيرا اكملت دراستها الجامعية المهنية. كميلة تخرجت من الجامعة التكنولوجية عام 1980. هيلين تخرجت من علوم تربوية اما ولاء فقد اكملت دراسة الادارة والاقتصاد.

٣٥.هل كان لاخوتك (عبد وفرج) ايضا دور في ذلك وخاصة انهما قد تخرجا بمعدل عال اهلهم للدراسة في انكلترا والحصول على البعثات.
لقد كانا فعلا رمزا للحصول على اعلى العلوم وكانا مثالا يحتذى بهم دوما.

٣٦.ما هي ذكرياتك لتلك الايام؟
كنا نفرح كثيرا عندما كانوا يزورنا باجازاتهم الدراسية ويحدثونا عن اوروبا بفرح شديد وكانت العائلة تجتمع معهم وزيارة الاهل والاقارب.

٣٧.ما هي ذكرياتك المفرحة التي حفرتها بغداد في ذاكرتك وما هي الذكريات المحزنة؟
الذكريات المفرحة هي يا ابني عندما تحولنا الى شارع فلسطين واشترينا بيتا كبيرا وحديقة جميلة ومنطقة كانت تكتظ بالاقارب وكانت بيوتها جديدة وواسعة وقريبة من الكنيسة ايضا. حفلات التخرج والزواج هي من اجمل ذكرياتي وكذلك ولادة الاحفاد حينها كانت اجمل هدية قدمها لنا الله.
اما الذكريات المحزنة فهي سقوط الصواريخ على بغداد في الحرب الايرانية اللعينة وكذلك وفاة زوجي وابني في فترات مقاربة وكذلك اخبار الوفاة للاقارب والتعازي الكثيرة التي كانت تقام في كنيستنا. لقد كبرت يا ابني اليوم واكثر صديقاتي رحمهم الله.

في وسط السبعينات تحولتم الى منطقة شارع فلسطين حيث سكنها الكثير من المسيحين وخاصة من عائلة اسمرو واخرون من القوش.
٣٨.ما هي ذكرياتك الجميلة عن كنيسة شارع فلسطين؟ والدتك المرحومة ريجو كانت ايضا نشطة في الكنيسة نفسها وكانت تقول بانها كانت من نفس جيل البطريرك شيخو.
ذكرياتي الجميلة عن كنيسة شارع فلسطين هي مناسبات التناول والعماذ والزواج والاحتفالات الدينية وخاصة عندما كنت ارى الشباب يهتمون بالرعاية الروحية والدينية وخاصة ان للكنيسة رجال لهم الفخر بنشر الرسالة المسيحية.

٣٩. هل لك حكايات وذكريات جميلة بامكانك ان تذكريها لها ولك ولاخوتك مع الكنيسة وخاصة اجد بان الخال عبد يوسف يشارك جميع نشاطات الكنيسة  وكذلك المرحومة اختك (حبي) كانت ايضا من الناشطات في الكنيسة وخاصة في القوش والحلة حيث كانت ريئسة لاخوية النساء لدورات عديدة.
اختي المرحومة حبي كانت انسانة اشبه بالقديسة حيث كانت نشطة جدا في الكنيسة وتعملت قراءة اللغة السريانية واجادت الصلوات ونشرت وطبعت الكثير من الكتب لاخوية النساء في القوش ورغم انها ايضا سافرت الى الحلة في بداية السبعينات ولكنها هناك ايضا قامت بمحاولات لبناء كنيسة في الحلة وهي موجودة الان قرب ساحة نادر ولكن مقفلة.

٤٠. هل لديك ذكريات جميلة معها بامكانك سردها لنا الان؟
اختي المرحومة حبي كانت شخصيتها تشبه شخصية المرحوم والدي حيث كانت تحب الخير للجميع وتعمل على نشر المحبة بين الناس وخاصة عندما كانت تسمع بمشاكل اجتماعية او زواجية كانت تزور هؤلاء الناس وتقدم لها النصائح وتسمع لمشاكلهم وغالبا ما كانت تنجح في ذلك. لقد كانت انسانة خير للجميع رغم ما تحملته في حياتها المؤلمة بعد ان فقدت زوجها وولدها وهم في ريعان شبابهم ولكن الله عوضها عقلا راجحا وقلبا كبيرا تحملت معانتها وانتقلت الى الدنيا الاخرى راضية على كل ذلك. لقد افتقدناها يا ابني ولكن هذه هي مشيئة الحياة كلنا سنترك هذه الارض يوما.

المحور السادس: اوسلو
خالتي العزيزة مكو: لا تكتمل زيارتي لاوسلو بدون الاستمتاع بمقابلتك، انك ام حنونة جدا وخالة عزيزة علينا، لديك احساس رهيف وصوتك الهاديء يتسلسل الى قلوبنا جميعا. تهتمين بنا دائما وتسالين عن كل من تتذكريهم.

٤١. كيف هي الحياة الان في اوسلو؟
الحياة في اوسلو هادئة جدا وخاصة لي وقد فرحت كثيرا بوصولي الى اوسلو وخاصة لوجود ثلاثة من ابنائي واحفادي واخوتي هنا حيث نجتمع في حفلاتنا ومناسباتنا المفرحة والمحزنة. في اوسلو يتم تقديم الرعاية الصحية والاهتمام بالناس بصورة عامة.

٤٢. متى وصلت الى اوسلو؟
لقد وصلت اوسلو عام 2000 في دعوة من ابنتي لزيارة اوسلو.

لقد اصبحتم الان جالية كبيرة وخاصة بعد ان قام الخال فرج ايسف اسمرو بالاهتمام بكل من اراد القدوم الى اوسلو وخاصة من عائلة اسمرو والعوائل الاخرى.

٤٣.كيف كانت السنين الاولى وخاصة بعد ان اقعدك المرض وقلل من حركتك ولكنك دائما قنوعة وهادئة.
السنين الاولى كانت جيدة ولكن كما تعرف الفراق من الاخرين امر محزن ايضا ولكن علينا التحمل فالحياة ليست سهلة كي نعيشها.

٤٤.ما هو سر هدوئك وحنانك ورصانتك في الاستماع الى محدثيك؟
السر في كل هذا يا ابن اختي هو قوة الايمان بالله والرجاء منه.

٤٥.هل انت سعيدة الان في اوسلو؟
انني قنوعة وسعيدة في اوسلو وخاصة ان الكثير هم من حولي الان ورجائي بالله كبير جدا ان يساعدني في اتمام مسيرتي الحياتية.

٤٦.هل لديك بعض الذكريات الجميلة في اوسلو؟
ذكرياتي الجميلة هي في حفلاتنا ولقائاتنا وزيارة اهلي وابناء عشيرتنا اسمرو وكذلك زياراتنا الكنسية واخرى لتجمع الجالية اجدها جميلة جدا. نزور احيانا الاماكن الجميلة في النرويج وخاصة في الصيف فليس هناك اجمل من طبيعة النرويج في جباله ومياهه المفرحة.

٤٧.كيف هي العلاقات الاجتماعية بين افراد الجالية في اوسلو والنرويج.
العلاقات الاجتماعية هي جيدة جدا بيننا وخاصة اننا بحاجة الى التعاون مع بعضنا البعض وخاصة اننا جالية جديدة واخي العزيز فرج وزوجته انجيل لهم نشاط كبير في هذا الاتجاه فلهم محبة لجميع الناس ويقدمون الكثير الكثير وينظمون الحفلات واللقاءات.

قبل عدة اسابيع فقدنا جميعا وانتم معنا الاخ المرحوم حبيب تومي، لقد كان ناشطا كلدانيا كبيرا في اوسلو، غادر دنيتنا هذه قبل اوانه.

٤٨.ما هي ذكرياتك عن هذه الشخصية التي كانت قريبة عن عائلة اسمرو؟
لقد كان المرحوم حبيب تومي شخصية انسانية رائعة ولطيفة ومحبة للجميع وخاصة الصغار قبل الكبار وكان مولعا ببلدته القوش وكتب عنها الكثير وكان يستفسر عن الفلاحيين القدماء والشخصيات القديمة والكبيرة. كان شخصا مثقفا افتقدناه هنا في النرويج وسيظل مكانه شاغرا ليس بامكان احد ان يشغله. الرحمة الالهية له والصبر والسلوان لنا جميعا واهله معا.

٤٩.كيف هي الكنيسة في اوسلو وخاصة بانه قد وصل اخيرا القس روني اليكم؟
الكنيسة في اوسلو جديدة وخاصة لنا ولكنها جيدة نتأمل ان تزدهر دوما.  

٥٠. ما هي اخبار ارسالية مار يوسف للكلدان في النرويج؟
ليس لدي بصراحة اية معلومات عن هذه الارسالية ولكن اقامة الصلوات والقداديس تم بصورة جيدة.

٥١.هل هناك اهتمام روحي بالمعمرين مثلكم من قبل الجالية والارسالية والدولة؟
نعم هناك اهتمام روحي هنا ولكن ليس بامكاننا مقارنته ما كنا نتلقى سابقا. الايام تغيرت يا ابني والزمان الان هو زمان اخر.

المحور السابع: امنياتك
خالتي العزيزة مكو:

٥٢. وماذا بعد هذا العمر المديد والذي اتمنى لك بعد عشر سنوات ان نحتفل بعيد ميلادك المئوي؟
اني اشكر الله الذي وهبني الحياة ولغاية هذا اليوم واشكرك لامنياتك لي بالاحتفال بالعيد المئوي وهذا بامر الرب يا ابني.

٥٣.كيف تنظرين الى مسيرة حياتك وبعد كل هذه العقود الكثيرة المليئة بالذكريات المحزنة والمفرحة؟
انني مقتنعة جدا لما تحقق لي ولاولادي ولاحفادي ولكن فقط الحروب والماسي وجدتها مؤلمة جدا والفراق عن اعز الناس عن طريق الموت المحزن هو امر لابد منه وهذه هي الحياة الارضية.

٥٤. ما هو سر الوصول الى هذا العمر الذي لا يبلغنه الا القليلات مثلك؟
الصبر والصلوات والتحمل والرجاء من الله ان يسهل امور الناس ثم امري.

٥٥.ما هي امنياتك للسنوات القادمة؟
امنياتي للسنوات القادمة هو الامن والسلام ان يعم العالم.

٥٦.هل انت مقتنعة بما وصلت اليه وخاصة ان اكثر ابنائك واخوتك قد نالوا رضاكم؟
لست فقط مقتنعة فقط ولكن فرحة جدا ايضا بما وصل اليه الجميع واتمنى لهم الموفقية في الحياة وان يجنبهم الله اي مكروه.

٥٧.هل لديك كلمة خاصة لموقع نادي بابل الكلداني في هذه المناسبة؟
اطلب من الرب ان يديم هذا الموقع لكي يستمر في نشاطاته الثقافية وانه حلقة الوصل في سماع اخبارنا واخبار الجالية الكلدانية في اوسلو واشكر ادارة هذا الموقع لسماحهم الفرصة لي بنشر هذا الحوار وهو الحوار الاول الذي اقدمه لاهلي وناسي في المعمورة واشكرك يا ابني للوقت الذي قدمته انت ايضا لكتابة هذا الحوار وكذلك كل من ساهم فيه سواءا في فكرته او في تنفيذه.

تحية لك يا خالتنا العزيزة مكو ونطلب من الله ان يديم عليك الصحة والعافية ونحتفل بعد عشرة سنوات بميلادك المئوي وبحوار اخر جديد معك. انك كنز لنا اليوم واعتزازنا بك كبير جدا لما قدمتيه لنا جميعا. نودعك بالخير.

 


 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *