حوار مع الكاتبة الحقوقية سهى بطرس قوجا حاورها الأستاذ نجاح القس يونان


ضمن سلسلة الحوارات واللقاءات الثقافية التي أجريها منذ فترة ليست بالبعيدة مع السادة الكرام من أبناء بلدة القوش الحبيبة، بهدف تسليط الضوء عليهم وإبراز دورهم وفعاليتهم في المجتمع، كان لنا هذا الحوار مع الكاتبة الحقوقية سهى بطرس قوجا، وهي شخصية أدبية تتصف بطموح كبير وبعد نظر للأمور كما تتميز بقوة الفكر وقول الحق وسعة الاطلاع مع الثقافة والفهم الموضوعي لواقع الحياة والبشرية بدون تحيزّ أو تفضيل.

منذ أن قرأت لها للمرة الأولى ما تنشره في الصحف والمجلات داخل وخارج العراق وفي معظم البلدان العربية إضافة إلى المواقع الالكترونية العديدة، كنت في كل مرة أتأكد وأتيقن من شيءٍ واحد، وهو أنني أقف أمام أديبة وكاتبة ولدت من بطن بلدة عريقة وتبشر بالخير الكثير لبلدتها أولا ولنفسها، كاتبة لم تقف عند حدود موضوع ما، بل تنوعت واستفاضت وقدمت وحللت واستنتجت لتعطي بالنهاية النتيجة المرجوة التي لا بد أن تكون في الواقع معاشة.   

وكالعادة نرحب بضيفتنا أجمل ترحيب، ونبدأ حوارنا معها بسلسلة أسئلة، نبدأها بــ :

1 ـــ من هي سهى قوجا ، كيف تعرفين نفسك؟

أنا لا احتاج لتعريف نفسي، كتاباتي وأفكاري التي تمتلك حرية الرأي والفكر والتعبير بكل صراحة هي من تعرفني وتقيمني، ولكن لو أردت أن أعطي فكرة عن هذا القالب سهى قوجا، لن أقول غير أنني بنت القوش تربيت وترعرعت بين أحضان بلدتي الشامخة، فتاة تملك من الطموح زيادة عن الحدّ، ومن الحلم أكثر. فتاة تحلم بغدٍ مشرق ليس فقط لنفسها ولكن لجميع الناس، وما يهمني بالأول والأخير والذي أهدف إليه من خلال الكلمات التي انثرها بين السطور هو الإنسان وإنسانيتهِ. أحب الكتب كثيرًا ولا أملُ منها بتاتًا تمامًا كما كنت في دراستي متفوقة ومواظبة عليها حتى بعد أن درست القانون وحصلت على شهادة البكالوريوس فيه وبشهادة الأستاذة المشرفين. لدي فلسفتي ورؤيتي الخاصة للحياة والتي هي واضحة في كلماتي ..   

2 ـــ من خلال تعريفك بنفسك، ذكرتِ بأنهُ لديك فلسفتك الخاصة بالحياة، هل من الممكن أن توضحي أكثر ما تعنيه؟

الحياة برمتها فلسفة معقدة ومعها الإنسان الذي يجعلها أكثر تعقيدًا عندما يكون في داخلهِ مُصرًا على ذلك! لو كل إنسان حاول مُجرد المحاولة أن يرسم في داخلهِ صورة مبسطة للحياة تكون جميلة رغم بساطتها سيرى الحياة بنفس درجة ذلك الجمال وسيعكس على الآخرين، أليس كذلك؟! كذلك أن غير من نظرتهِ وتقييمهُ للأمور نحو كل ما هو إيجابي قبل السلبي، بالطبع ستكون هنالك ثقافة أخرى تزهر داخل هذا الإنسان.  

إذن فلسفتي الخاصة هي نابعة من داخلي أنا أريد حياة نقية وملونة بمختلف الألوان الجميلة، حياة تخدم وترممّ أكثر، وهذا في واقعنا صعب جدًا! كون الأفكار لا يمكن أن تتلاقى بنسبة كاملة وإن حدث وتلاقت فلابد من أن يعتريها البعض من التخبط والاصطدام والتنافر والذي سيؤدي في النهاية إلى قلب الموازيين! لو كل إنسان حاول أن يتنازل قليلا وينزل من برجه العاجي لكانت الدنيا بخير، ولكن إنسان اليوم (بدون تعميم) يقول على الدنيا السلام، أنا وين وأنتِ وين؟ ! بسبب الكثير والكثير مما يأخذه منها مُبتعدًا وباعدًا بخطواتهِ وقد يدرك أو لا يدرك ..   

3 ــ كيف كانت بدايتك مع الكتابة، وكيف صقلتِ هذه الموهبة ؟

قلمي لم يفارقني، دائمًا هو بيدي وكذلك الكتب، بالرغم من إنهاء دراستي ألا أنني كنت دائما أحاول مع نفسي أن اصقلها، اطلعت على الكثير من الكتب وتعلمت اللغة الانكليزية كنوع من التثقيف الذاتي،  ومن خلالها ترجمت البعض من المقالات لبعض الأصدقاء من اللغة العربية إلى الانكليزية، إضافة إلى أنني كنت أكتب بين أوراق متناثرة خاصتي قصص قصيرة من وحي خيالي، وتأملات وخواطر في شروق الشمس وغروبها الذي يلهمني منظرها للكثير من الأفكار، مع حبي للطبيعة الخلابة.

بمعنى كانت لدي القدرة ولكن كانت تنقصني الفرصة في أن أكون ما أنا عليه اليوم، ولكن أقول لا اعتراض على قدرة ومشيئة الربّ، فكل شيءٍ يتم برضاه وفي الوقت الذي يحدده لكل إنسان، وأقول لكل آذان وقتهِ ومكانهِ.    

4 ـــ هل أنتِ كاتبة جريئة؟ وما مفهوم الجرأة لديكِ على مستوى النص؟

كل إنسان في كيانهِ موجودة هذه الصفات ولكن بسبب الرياح إلهابهّ وبعض غيمّ السماء يجعل البعض منها يطويها الزمان! وفي مجتمع كالمجتمع الشرقي بالذات، معظم الأحيان يضعون لكل شيء عيون وحدود، عيون تراقب وحدود لتوقف الخطوات، بمعنى أقرب يضعونها في قالب وعلى ذلك الأساس يشكلونها بمختلف النقوش وحسب ما ترتئيه أنفسهم! والجرأة كما أجدها أنا هي قول الحق بصوت عالٍ مهما كانت ستصدع الآذان وحتى لو كانت على حساب نفسك! المهم أن تقولها بكل ثقة وأمانة وإن تدافع عن ذلك الحق مهما أختلف شكلهُ. وأنا من خلال ما أطرحهُ من قضايا اجتماعية وقانونية لابد أن أقول كل ما يخطر على بالي بكل صراحة وبدون مبالغة أو تضخيم أو تحجيم ومن خلال رؤيتي للواقع كما هو وكما يجب أن يكون مناسبًا لمكانه وزمانهِ ولشخص الإنسان ذاتهُ.

أذن الجرأة لدي هي أن أقول ما لدي وأصمم عليه إلى أن أصل إلى معرفتهِ وفهمه واستيعابه، بمعنى أظل وراء الفكرة حتى وإن تعددت طروحاتها وأختلفت مضامينها، المهم أن أصل بنتيجة من خلالها، وهذا ما يُعطي لنصوصي المطروحة الجرأة في الطرح والصراحة في الكلام والسلاسة في الفهم.   

5 ــ أين سهى قوجا من قضايا المرأة واستقلاليتها اقتصاديًا واجتماعيًا، وواقعها هل من تغيير ملموس فيه لما سبقه؟

الحياة هي الحياة والإنسان فيها هو من يتطور ويختلف ويُخالف ويتوافق! والمرأة هذا الكيان المهم والفعال في المجتمعات والحياة برمتها، دائمًا هي محور الحديث وحولها تدور الكثير من الأسئلة والاستفسارات بعضها منها وبعضها لها؟ المرأة أن صح وصفها هي الحياة، وهي من تمارس أغلب الأدوار على مسرح الحياة. لكن في مجتمعاتنا الشرقية تجدها حسب كل بلدًا أشلاء سواء أن كان بيد الرجل أو المجتمع! هنالك دائما ثقافة مغلوطة مأخوذة عنها ونظرات ترمق لها وكأنها متهم أو قاصر وبحاجة إلى مسؤول يتابعها. وهي على حسب تلك النظرة تجعل بنفسها لنفسها أفكار تسير عليها وتتقيد بها وتلقنْ من خلالها لغيرها!  

والمرأة برأيي الشخصي ليس لديها أية قضايا لأن بالنهاية هي الحياة وهي قادرة بنفسها أن تجعل من ذاتها كيان فعال بدون وصاية أو رقابة، حينما تقتنع من داخلها أنها قادرة على أن تكون إنسان حيٌّ وعضو فعال، وليس أن نقول هذا رجل وأنتِ امرأة، وكأنهما بهذه الثقافة يصنعون الحواجز ويفصلون الحياة إلى قطبين شمالي وجنوبي، ومع الوقت ومرور السنين تزداد تلك المطالب بالمساواة والحقوق وكأنها تشحت حقوقها من كائن مثلها! ( أرجو من جميع النساء أعذاري في تلك الكلمة) كوني هكذا أراها.  

امرأة اليوم غير ما كانت في السابق، كل زمن ولهُ ناسهُ ولهُ ثقافتهِ وتطوراتهِ، لا يبقى حال على حال! وهذه الحياة برمتها يعيشها هذين الكائنين، واحد مُكمل للثاني ومُتكامل به ومعهُ، وهذه المرأة التي تطالب بالحقوق  ممن تطلبها من: أخيها، أبيها، أبنها، زوجها، بلدها ؟! إن كان من بلدها فهي اليوم وصلت إلى مناصب عليها ومع مرور الوقت سوف تصل أكثر، أما إن كان من هؤلاء فهي تبقى متوقفة على ضميرهم وإنسانيتهم، ونعم نعلم ونسمع بالظلم الذي يمارس عليها في بعض البلدان بنسبة من قبلهم، ولكن ليس تعميمًا وخلط الأمور وحرق الأخضر باليابس وإظهار جميع النساء مظلومات، أيضًا هنالك البعض من الرجال مظلومين!

وبالرغم من كل تلك الدعوات عن حقوق المرأة وإعلانات حقوق الإنسان وبروتوكولاتها التي قد تكون قيد التطبيق و لم تطبق، ألا أن تلك النساء المظلومات في زوايا من هذا العالم يبقينْ على حالهنْ، كون تلك المطالب لا تصل متناول يديهم.

واستقلاليتها اقتصاديا واجتماعيا لا اعتقد تكون مجدية، لأن الحياة لن تستمر هكذا، لابد من التعاون وتبادل الحوار والمناقشات ووجهات النظر في كل ما من شأنهُ أن يجعل الحياة تبدو كما هي بطبيعتها جميلة. وتبقى في النهاية متوقفة على كل إنسان ونظرتهِ للآخر وكيف يريدهُ أن يكون به ومن خلالهِ، وأفضل الحلول أوسطها بدون مبالغة أو تقليل، واليد الواحدة لا تصفق بدون الأخرى.

6 ــ  ما مدى عمق علاقتك بالكتابة، وهل أنتِ كاتبة شاملة؟ أيضًا استوقفني عنوان كتابك الجديد الذي صدر وعنوانهُ (شذرات من الحياة) فماذا تقصدين بالعنوان؟لمحة عن الكتاب لتشويق القراء، وهل لديك إصدارات جديدة في المستقبل؟

كيف أصفها علاقتي بالكتابة؟! مثل النبتة التي لا تزهر ألا بالماء الذي يرويها، كذلك أنا مع الكتابة، علاقتي بها وطيدة وعميقة جدًا لدرجة أنها تغوص في أغوار النفس وتعيش فيها. وهي تغنيني عن العالم برمتهِ. ونعم أنا لا أقف عند موضوع وفكرة محددة، التنويع في موضوعاتي هو تفنني، أكتب مقالات  قانونية، اجتماعية وإنسانية، ودينية كذلك، وما بين وبين كل ذلك.    

أما بخصوص كتابي ( شذرات من الحياة) هو رفيق سنيني، ومعناه مقتطفات وخلجات وقصص ولقطات أخذت من واقع الحياة ومن واقع الإنسان، وهو ومضات مضيئة يسير عليها في الحياة كما أتمناه أن يكون لهُ! هو مجموعة أفكار هي خلاصة سلم بدأت صعوده درجة درجة وما زلت مستمرة فيه! وما أهدف من خلالها جميعها هو الإنسان والحياة، أريد أن أعرف هذا الوجود أكثر، أريد أن أكتشف غموضهِ أكثر، بمعنى أدق دائمًا أهدف من خلال كتاباتي إلى تشريح مكنون الإنسان بكل ما فيه.  

 ومن خلال جميع المواضيع المُتضمنة بين صفحاتهِ، والتي جميعها تتناول قضايا الإنسان سواء كان بحقهِ أو بحق غيره، أملي أن تساعد المرء لكي يشرق إنسانيًا، وأن تساعده أن يتخطى ما في الحياة بكل أمل وثقة وتفاؤل وأتكال على الربّ. وإنشاء الله ليّ النية في المستقبل بترجمة كتاب شذرات من الحياة إلى اللغة الانكليزية، إضافة إلى انه سأجمع بعض المواضيع الحياتية الأخرى في كتاب ثاني مع آخر والذي هو عبارة عن خواطر، إضافة إلى أنهُ لدي البعض من القصائد ستلحنّ على شكل معزوفات موسيقية، وفعلا قد أعطيت اثنين منها لمؤلف موسيقي عراقي مشهور في دبي لكي يؤلفها، عنوانهما (الاشتياق – قلوب حائرة).    

  

7 ــ لمحة سريعة في الجرائد والمجلات التي تنشرين فيها، ومدى تواصلك معها ؟

الجرائد والمجلات التي أنشر فيها بالإضافة إلى المواقع الالكترونية الكثيرة في مختلف دول العالم، لا حصرّ لها ولا تحضرني جميعها، بعضها ليّ عامود أسبوعي فيها، وما يحضرني منها هو:

جريدة العراقية/ سدني – استراليا |

جريدة أكد / كندا |

دار الوسط اليوم للأعلام والنشر / الأردن |

مجلة أي ثقافة / العراق |

جريدة السيمر الأخبارية / العراق |

مجلة الجرس / لبنان |

مجلة الموج / كندا |

مجلة السنبلة / أمريكا |  

الصومعة الأدبي / فلسطين

مجلة نون المصرية / مصر |  

مجلة نجمة البحر / نيوزيلندا |

مجلة معارج الفكر / برلين

نورسايت الإخباري / الأردن

مركز النور / السويد

جريدة البصرة الالكترونية / العراق  

تلفزيون ومجلة الغربة / استراليا

تلفزيون الجديدة / بيروت

صحيفة حديث العالم / مصر

دار القلادة العربية للنشر والتوزيع / مصر  

إضافة إلى جرائد ومجلات أبناء شعبنا والصادرة داخل العراق منها: مجلة موتوا عمايا / مجلة الإبداع السرياني / مجلة ديانا / مجلة شراغا / جريدة صوت القوش / مجلة أور / مجلة بيث نهرين / مجلة بيرموس / جريدة طريق السلام / جريدة سورا (الأمل) / مجلة شبابنا/ جريدة بهرا/ جريدة صوت بغديدا / جريدة صدى السريان/ جريدة بيت نهرين / جريدة بيثا كلدايا (سان دييكو) .

هذه بعض مما حضري، إضافة إلى أن مقالاتي تقرأ في إذاعة صوت الكلدان في ديترويت، وقد حصلت على شهادة تقديرية من مجلة معارج الفكر، تقديرًا للتواصل معهم، إضافة إلى كتاب شكر من رؤساء تحرير المجلات تقديرًا وثناءٍ على الأسلوب والتواصل.

  8 ـــ ما رأيك بمجلتنا (الإبداع السرياني) كونك من قرائها وما هي مقترحاتك لها إذا وجدت؟

الإبداع السرياني مجلة غراء ورائعة بكل المقاييس، شاملة، مشوقة، متجددة، تُمتع القارئ حين يتصفحها بمختلف المواضيع التي تتضمنها.

وبالنسبة للمقترحات لا توجد لأني أجدها متكاملة وليست كاملة بمعنى كل مجلة أو جريدة أيًا كانت هي دومًا بحاجة إلى التنويع وإلى التطوير لتبقى على صورتها ، وأتمنى للقائمين عليها مزيد من العطاء والإبداع والتألق، أنهم بحق مبدعين ويشكرون على جهودهم المبذولة في سبيل إبرازها بهذه الصورة المشرفة.  

9 ـــ كلمة أخيرة للقارئ الكريم، ولكل من يقرأ كتاب (شذرات من الحياة)؟

بلدنا بلد مزقتهُ الحروب وأنهكته الانتهاكات، وما زال جريحًا جراحهُ تنزف ولا سبيل لعلاجها أو لنقل وقفها وقتيًا! مستقبلهُ مثل ذلك الجنين الذي بدأ يتكون في رحم أمهِ، ما زال مجهول الملامح ورحلتنا فيه بكل ما فيها لا تزال مستمرة. مشاهد درامية جديدة وحيرة صامتة وعواصف صفراء تهب بين الحين والآخر وتشابك أفكار! والوقوف على شيءٍ واحدٍ مطولا والتمعن فيه لا يجدي ولا يفيد.

لذلك أقول الحياة مستمرة ولا بد من تخطي كل شيء فيها لمواكبتها خطوة بخطوة، لعيش أحداثها وحياة ناسها، لنتعرف عليهم أكثر وعلى أنفسنا ونعيش بسلام داخلي ونقاء النفوس والقلوب، والحياة لا تستحق منا غير ذلك، أن نكون كالزهور البهية في حديقتها ننمو فيها ولها. كما وأتمنى من القارئ الكريم والمطلع على مواضيع كتاب “شذرات من الحياة” أن يطالعوا تلك الشذرات المقطوفة من واقع الحياة والإنسان، أنها قضايا وقصص تدور جميعها من ضمن فنون الحياة الكثيرة، وأملي أن يلاقي الكتاب استحسانهم ويروق لهم. وشكرًا وتقديري العالي لكم

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *