حوار مع الباحث الأكاديمي عامر حنا فتوحي

حوار مع الباحث الأكاديمي عامر حنا فتوحي

الكلدان سكان العراق الأصليين … في كتاب جديد باللغة الإنكليزية

حاوره: زيد ميشو

قبل أشهر ساهمنا بنشر حوار أجراه – قسم الإعلام والعلاقات العامة لشبكة الإعلام العراقي الأمريكي www.iamedianet.com مع الباحث الأكاديمي والفنان التشكيلي عامر حنا فتوحي حول طبعة كتابه الإنكليزية (The Untold Story of Native Iraqis ) أي القصة غير المروية عن سكان العراق الأصليين، الذي يتناول تاريخ الكلدان الرافديين 5300 ق.م – الوقت الحاضر.

هذا الأنجاز الجديد يتمثل في نشر الترجمة الأنكليزية المزيدة والمنقحة (550 صفحة) لبحثه التاريخي (الكلدان منذ بدء الزمان) المنشور في طبعته العربية من أربعمائة صفحة في الولايات المتحدة عام 2004م ثم في العراق عام 2008م .

وقد أثار الكتاب منذ صدوره جدلاً واسعاً لما فيه من حقائق تاريخية تدحض كل التزييفات التي لفقها ويلفقها البعض متجاوزين الأعراف الأكاديمية والحقائق العلمية والأدلة التاريخية التي أستخدمها مؤلف الكتاب لتفنيد حجج هؤلاء المحسوبين على الكتّاب والباحثين جزافاً.

قرأت الكتاب في طبعته العربية منذ سنوات ووضعته في مقدمة كتبي لأعود له كمرجع مهم جداً عند الحاجة لا بل من أهم المراجع التي تتكلم عن تاريخ الكلدان الصحيح والأمة الكلدانية الذي يعني تاريخ العراق، وياليت لغتي الإنكليزية تؤهلني لقراءة ترجمة الكتاب الجديد بإضافاته وفصوله الجديدة التي لا تقل أهمية عن تلك التي أحتواها كتاب (الكلدان منذ بدء الزمان) في طبعته العربية ليكون لنا كتاب أكاديمي بأكثر من لغة يتناول بجرأة أهم الحقبات في تاريخ العراق.

الكتاب الجديد طرح للمكتبات في السابع عشر من شهر آيار بمناسبة ذكرى (يوم العلم الكلداني)، ونظراً لأهمية هذا الكتاب إرتأيت أن ألتقي مع المؤلف للحوار حول آلية التعريف به وكيفية توفيره للقراء، وأيضاً لسؤاله عن ردود الأفعال السلبية منها والإيجابية على أمل أن يكون هذا الكتاب في متناول قرّاء اللغة الإنكليزية كلداناً كانوا أم غير ذلك، لكونه أهم مبحث علمي في التاريخ كتب بلغة علمية رصينة. أدناه ملخص معلومات تعريفية عن المؤلف:

عامر حنا فتوحي أكاديمي كلداني وباحث مختص في تاريخ وفنون وادي الرافدين ومستشار أعلى في مجال الأقليات والمجاميع العرقية-الدينية في العراق والشرق الأوسط.

درس الهندسة والفن التشكيلي وتاريخ وادي الرافدين للسنوات 1975-1983م. أختير عام 2009م بين (أهم عشر شخصيات عالمية مبدعة) تحدت الدكتاتوريات ودافعت عن حقوق الإنسان من خلال عملها الأبداعي ونشر ذلك (التكريم) في المجلة الأكاديمية (الآداب العالمية اليوم) عدد نوفمبر/ ديسمبر ضمن القسم الخاص الموسوم (أصوات ضد الظلام).

صدر للمؤلف ستة عشركتاباً ونشر مئات المقالات والدراسات القصيرة. للمزيد من المعلومات يرجى زيارة موقعه الإلكتروني :www.amerfatuhiart.com

تحية طيبة أستاذ عامر (أبو سومر) كما يحلو لأصدقاءك والمقربين منك أن ينادوك، بدايةً أشكرك من أعماق القلب لما تبذله من أجل خدمة شعبنا العراقي بشكل عام والكلداني تحديداً، وأيضاً لما تقوم به من عمل شاق كرّست نفسك له لتأتي بثمرة رائعة يستفاد منها جميع المهتمين في أي بقعة كانوا.

كل مؤلف له بعض الأشخاص يهدي لهم كتابه، من هم أهم خمسة أهديتهم كتابك الجديد؟

الحقيقة أن أهداء متن الكتاب موجه لأسلافنا الكلدان الأوائل مؤسسي حضارة وادي الرافدين تعبيراً عن التقدير والوفاء لمنجزاتهم العظيمة، لكنني أهديه أيضاً إلى (كل كلداني غيور) على تراثه وإنتمائه الرافدي مثلما أهديه لكل (أصدقاء الكلدان) الذين يقفون معنا اليوم من أجل الحفاظ على هذه الأمة العريقة من الفناء.

أما على الصعيد الشخصي فأنني أهديه لكل أساتذتي الذين نهلت من ينابيع معرفتهم وأخص بالذكر منهم عالم التاريخ والآثار الدكتور فوزي رشيد والفنان الرائد عيسى حنا دابش (رحمهما ألله) وكذلك الأستاذة الرائعة والعالمة المبجلة الدكتورة بهيجة خليل إسماعيل (أمد ألله في عمرها).

كما أشكر بهذه المناسبة الصديق المهندس وفنان الكرافيك جون رومي لمساعدته في تنفيذ تصميم الصفحات الداخلية للكتاب.

أخيراً أشكر رفيقة دربي زوجتي المحبة أستاذة اللغة الإنكليزية سابقاً في جامعتي بغداد والتكنولوجيا لدورها الكبير في المساهمة والإشراف ومراجعة ترجمة وتحرير الكتاب الذي لولا تفرغها ودأبها وتفانيها في العمل لمدة سنتين كاملتين لما خرج الكتاب بهذا المستوى اللغوي الرفيع الذي شهد له الكثير من الكتّاب والمثقفين الأمريكان.

كان لديك الكثير من التحديات أثناء ترجمة الكتاب وطباعته، فما هي التحديات التي تواجهك الآن فيما يخص آلية إيصاله للقراء؟

من البديهي أن نشر أي كتاب يتطلب تظافر جهود عدد كبير من المختصين ولاسيما عندما تكون الجهة الناشرة للكتاب واحدة من كبرى شركات النشر في الولايات المتحدة، وإن كانت أولى التحديات الميزانية التخمينية (لترجمة الكتاب) التي تجاوزت في غضون ثلاث سنوات العشرين ألف دولار، فأن الميزانية النهائية لنشره وتوزيعه قد تعدت الأربعين ألف دولار، ناهيك عن مصاريف أخرى غير مدفوعة حتى الآن، وبخاصة تلك التي تتعلق بآلية إيصال الكتاب إلى أكبر عدد من القراء والتي يطلق عليها باللغة الإنكليزية كلمة بروموتنك (Promoting) بمعنى الترويج أو التعريف بمنتج.

لقد وقفت أبرشية سيادة المطران سرهد يوسب جمو وبخاصة الأب الفاضل نوئيل كوركيس موقفاً مشرفاً من خلال أقتناء كمية من الكتاب والتعريف به عبر موقع www.kaldaya.net وكذلك حث رعاة الكنائس الأخرى التابعة لأبرشية (مار بطرس الرسول) لإقتناء الكتاب.

وفي ميشيغان وعد سيادة المطران إبراهيم إبراهيم بدعم الكتاب، علماً أن المونسنيور عمانوئيل شليطا ومساعده الأب باسل يلدو كانا أول من إقتنى كمية من الكتاب لتوفيره للقراء وضيوف كنيسة مار كوركيس من المسؤولين الأمريكان، تبعهما في ذلك الأبوين فرانك قلابات وأنثوني كثاوا.

كما أتصل بي عدد من الناشطين الكلدان من أستراليا وأوربا والعراق للسؤال عن كيفية أقتناء الكتاب ومنهم السادة منصور ياقو ونزار ملاخا وهيثم دخو.

أن أهم الأمور التي يمكن أن تساعد في التعريف برسالة الكتاب (التنويرية) هو الإعلام، لذلك فأنني بصدد إجراء لقاء مع إذاعة صوت الغد بطلب أخوي من مديرها السيد (ساهر المالح)، علماً أن (الإذاعة الكلدانية الوحيدة) التي قامت بالتعريف بالكتاب حتى الآن كانت إذاعة الأستاذ (أسعد كلشو) الرئيس العام لرابطة المسيحيين العراقيين الأمريكان ومالك مدارس أنفيست في الولايات المتحدة، وقد تم بمبادرة شخصية من لدن الأستاذ أسعد كلشو أثر إطلاعه على محتويات الكتاب وبدافع من غيرته الكلدانية.

وقد نشرت مجلة أخبار الكلدان (Chaldean News) مقالة باللغة الإنكليزية للكاتبة الروائية المعروفة وئام نعمو (Weam Namou) ونشرت جريدة الأوقات الكلدانية (Chaldean Times) بشخص رئيس تحريرها السيد أمير دنحا (Amer Denha) السبق الصحفي الخاص بصدور الكتاب باللغة الإنكليزية، كما تسعى الجريدة لنشر مقالة تحليلية للكتاب (Book Review) بمناسبة ذكرى (يوم بابل) في الأول من شهر أيلول 2012م.

آمل أن تحذو بقية الإذعات ووسائل الإعلام الكلدانية حذو مبادرة إذاعة الأستاذ أسعد كلشو، كما آمل أن تقوم الصحف والمواقع الكلدانية الأخرى ولا سيما التي تنشر باللغة (الإنكليزية) للتعريف بالكتاب ودوره المهم في الحفاظ على الأمة الكلدانية وحماية حقوق أهلنا في العراق.

هناك الكثير من المؤلفات التاريخية، ما الذي يجعل الكثيرون يقولون بأن هذا الكتاب هو من أهم الكتب التي تختص بالتاريخ الكلداني؟

ينبغي لأي مؤلف أن يأخذ بنظر الإعتبار حقيقة جوهرية وهيّ أن الهدف من نشر أي كتاب ليس إضافة رقم جديد لعدد كتب المؤلف، وإنما إضافة رؤية جديدة وسبر أغوار لم يسبق لمؤلف أو باحث آخر أن تناولها، وأيضاً من أجل إغناء المعرفة البشرية بمعلومات جديدة تدفعها لإرتقاء سُلّمة أخرى من سُلّم الحضارة، وهذه هيّ الصفة التي تسم كتاب (The Untold Story of Native Iraqis).

ذلك أن كتابي هذا لم يركن إلى النظريات الجاهزة والإستنتاجات التقليدية التي تتشابه في معظم الكتب التقليدية التي نشرت عن تاريخ العراق القديم، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فأن الكتاب برغم تأكيده على موضوعة البحث الرئيس (الكلدان)، فأنه يغطي جوانب مهمة أخرى وحلقات مفقودة من تاريخ العراق بشكل فريد، منها موضوعة سريان العراق وحقيقة إنحدارهم القومي الكلداني، وأيضاً حقيقة إنحدار العبرانيين (اليهود) الرافدي وتنقلهم ما بين مسقط رأسهم أور الكلدان والأراضي المقدسة وهجراتهم المتعاكسة على طول التاريخين القديم والحديث.

كما يغط الكتاب وبشكل فريد تاريخ العراق بطريقة شمولية، لاسيما (الثلاثة عشر قرناً المقتطعة) من مناهج التعليم العراقية، أي بين أنهيار الأمبراطورية البابلية الثانية عام 539 ق.م والغزو الحجازي الإسلامي للعراق في القرن السابع الميلادي، وهو تاريخ إزدهار وسيطرة الثقافة الكلدانية على الشرق الأوسط والعالم القديم حضارياً ونمو وأنتعاش المسيحية، رغم إنحسار دور الكلدان سياسياً، وهذا ما لم يتوفر في أي كتاب آخر نشر عن الكلدان.

الأهم من هذا وذاك أن أذكر حقيقة لا غبار عليها وهيّ أن هذا الكتاب منذ صدور طبعته العربية (الكلدان منذ بدء الزمان) عام 2004م فأنه يعد دونما جدال (أول كتاب علمي وشمولي عن الكلدان)، طرح وبجرأة عالية بحوثاً ومواضيع لم يجرؤ أي باحث للخوض فيها.

ما المثير في كتابك باللغة الإنكليزية وما أهميته للقراء؟

يتصف كتابي هذا بإعتماده لنسخة منقحة من طبعته العربية الصادرة عام 2004م مع فصول وملاحق جديدة، علماً أن طبعة 2004 قد أستندت أصلاً إلى عدد من كتبي التي نُشِرت عن الكلدان منذ عام 1988م.

إن هذا التواصل في البحث والإكتشاف في هذا الحقل بالذات لما يقرب من ربع قرن يجعله (الكتاب الوحيد) الذي لا يُعرّف بمزايا الشعوب التي سكنت العراق القديم حسب، وإنما يَخلُص بشكل علمي إلى أن الكلدان هم (سكان العراق الأصليين) وليس من أحد غيرهم، معتمداً كشف وتحليل الحلقات التي تربطهم بالكلدان الأوائل (بناة أريدو) بأسلوب علمي مادي وأكاديمي فريد لم يجسر أي من الأكاديميين المعروفين للأعتراض عليه.

الجدير بالذكر هنا، هو أن الطبعة العربية للكتاب (الكلدان منذ بدء الزمان) 2004م تعد بمثابة أول بحث متكامل يعرف بخصائص ومميزات الكلدان القومية ويعرف برموزهم الوطنية وعاصمة ملكهم الخالدة (بابل)، كما يتناول بالشرح أربعة عشر إدعاءً باطلاً توجهها الجهات التي تشكك بقومية وأصالة الكلدان وتجتزيء تاريخهم العريق، وذلك من خلال تفنيدها بأسلوب علمي ودلالات مادية، مما حدى بالمؤلفين والباحثين اللاحقين إلى الإقتداء بمنهج الكتاب وتقليده والإستعانة بمادته العلمية الغزيرة، وهيّ دلالات تؤكد نجاح الكتاب على الصعيدين الأكاديمي والجماهيري.

وكتحصيل حاصل، يعتبر هذا الكتاب (على المستوى الدولي والأكاديمي) قفزة نوعية، لا سيما للغالب الأعم من القراء الغربيين الذين يجهلون تماماً من هم الكلدان بسبب إنعدام البحوث الأكاديمية الشمولية عن الكلدان باللغة الإنكليزية.

كما أن هذا الكتاب هو (أول بحث رائد) يتناول أصالة المنجزات الرافدية ويعرف بأصولها الكلدانية بشكل علمي فريد معزز بالأسانيد المادية والآثارية وبمجموعة من الخرائط والصور والمرتسمات والرسوم التوضيحية النادرة التي أنجز معظمها خصيصاً لهذا الكتاب، ناهيك عن أن هذا الكتاب يغطي وبلغة سَلِسة وراقية تاريخ العراق بشكل واقعي وتفصيلي منذ مائة ألف عام قبل الميلاد حتى عام 2011م .

مما يضع هذا الكتاب في مصاف (الثروة الوطنية) على حد قول عدد من الأكاديميين البارزين، علاوة على كونه (أرث وثروة كلدانية) ينبغي لنا جميعاً الأعتزاز بها، ولتأكيد وجهة النظر هذه أذكر مثالين واقعيين يوضحان أهمية وفرادة هذا الكتاب، حيث أشار الدكتور عبد الهادي الخليلي الملحق الثقافي العراقي في واشنطن في كتاب شكر موجه إلى المؤلف بأن هذا الكتاب (لا ينبغي أن يكون في كل بيت كلداني ولكن في كل بيت عراقي)، كما ذكر المستشار الديني الأعلى في وزارة الدفاع الأمريكية الحاصل على شهادة الدكتوراه في الكتاب المقدس وشعوب الشرق الأوسط القديمة في رسالة أعقبها بمكالمة هاتفية (بأن هذا الكتاب ليس ثروة كلدانية حسب، وإنما ثروة إنسانية وعالمية).

هل يمكن للمهتمين الإستفادة منه وإن كانوا من بسطاء الناس، أم أنه موجه للأكاديميين فقط؟

الكتاب الجماهيري الناجح هو الكتاب الذي يكتب بلغة سلسة يتقبلها الجميع مهما كان موضوعه، لذلك حرصت رغم غزارة المادة العلمية أن أقدم كتاباً سهل القراءة، مشوق ومفيد. فالكتاب كما أشرت آنفاً يضم رؤية وأكتشافات جديدة لم يجرؤ الكثير من الباحثين الأكاديميين تناولها لصعوبتها وتشابك معلوماتها، كما يتميز الكتاب بنحته للعديد من المفردات والمصطلحات العلمية التي صارت قيد التداول منذ نشر طبعته العربية الأولى عام 2004م، بل أن تداولها قد بدأ على وجه الدقة منذ أواخر عقد التسعينات، وذلك من خلال إستخدامي المتكرر لها في المقالات والدراسات القصيرة التي نشرت في عدد من المجلات الثقافية التي كنت أصدرها وعدد من المواقع القومية.

وهذه الفرادة في نحت المفردة العلمية واللغة السلسة في تناول الموضوع هو ما أكدت عليه في الطبعة الإنكليزية، علماً أن هذا التأكيد على النوعية العالية للكتاب مادة ولغة أخذ مني ومن الكادر الذي عمل على أنجاز الترجمة والتحرير أربع سنوات من العمل المتواصل والمضني، وكدليل على نجاح هذا المسعى فقد وصلتني العديد من المكالمات والإيميلات من مثقفين أميريكان يشيدون بلغة الكتاب وأهمية إكتشافاته العلمية وغزارة معلوماته الموسوعية التي لم يتناولها أحد من قبل.

هذا الكتاب بإختصار هو (إحتفاء بمنجزات الأجداد) ووسيلة عملية للتعبير عن (أعتزازي بالأمة الكلدانية). أنه كتاب الجميع عن (الأمة الكلدانية) بوابة البشرية على الحضارة والمدنية، التي لولاها لما وصل العالم المتحضر إلى ما هو عليه اليوم من رقي وإزدهار.

ما يهمني هو أن يصل الكتاب إلى أكبر عدد ممكن نظراً لكونه مرجع تاريخي يتميز بمصداقيته وهذا قلّ مانراه، فكيف يمكن تحقيق ذلك؟

المسألة بسيطة ولا تحتاج إلى مجهودات جبارة، كل ما هو مطلوب من الكلدان هو الوعي بأهمية (نشر رسالة الكتاب التنويرية) ليس إلى الأجيال الجديدة حسب، لكن الأهم أن يصل الكتاب إلى (صناع القرار الدوليين والمحليين على حد سواء) لاسيما في هذه الظروف الصعبة والحرجة التي يمر بها الكلدان والمسيحيون عامة في بلدنا الأم.

لذلك أتمنى من كل كلدانية وكلداني، سواء كان يجيدان قراءة الكتاب باللغة الإنكليزية أو لا يجيداها على الأطلاق، فأن دورهم (العملي والبسيط) هو شراء نسخة أو أكثر من الكتاب وإهداء نسخة منه إلى محافظ أو (مختار المدينة) التي يتواجدون فيها أو إلى (مكتبة المدينة) أو (مكتبة جامعة) المدينة وحتى (مكتبة المدارس الثانوية) و(رؤساء الجمعيات والمنظمات) المعنية بتوفير منح للمقيمين الجدد أو المنظمات المانحة للمنح الدراسية الجامعية، ناهيكم عن إهداء نسخ (للمسؤولين الحكوميين) و(رؤساء الجامعات والمؤسسات الثقافية ومؤسسات حقوق الإنسان)، وذلك لتوعيتهم وكسب دعمهم المستقبلي فيما يخص حقوق الكلدان ومستقبلهم في الوطن الأم والمهجر.

أن شراء نسخة من الكتاب وإهدائها لمسؤول حكومي أو مكتبة عامة هو بمثابة (درع أو جدار صد) يساعد في حماية أمتنا من الإندثار، لا سيما أهلنا الذين يعيشون في وسط متخلف وبيئة عدوانية ومعادية وفي ظروف صعبة وقاسية، كما أن من شأن فعل إيجابي كهذا أن يقطع الطريق على الإنتهازيين الذين يستخدمون تاريخنا وقوتنا العددية في الوطن الأم لإبتزاز العالم المتحضر وحصد ملايين من الدولارات بأسمنا من أجل مصالحهم الشخصية ومنافع أحزابهم المعادية للتطلعات الكلدانية.

لذلك أقول: أن شراء نسخة من الكتاب هو بمثابة تقديمك (طوق نجاة) لكلداني أو مسيحي عراقي، وخطوة أولى في طريق توعية العالم المتحضر بأهمية حماية أهلنا في وطننا الأم من الأندثار.

المشكلة كما بينت آنفاً مرتبطة بمستوى الوعي القومي، لذلك فإن (هذه الدعوة لا معنى لها من غير الوعي) بأهمية نشر (رسالة الكتاب التنويرية) التي تسعى للحفاظ على هويتنا الكلدانية وحماية الكلدان من الأنصهار والأندثار.

وبديهي أيضاً، أنه في غياب الوعي لن تكون هنالك أية مساهمة فاعلة أو إندفاع حقيقي من أجل ضمان مستقبل أهلنا في الوطن الأم، وكما تقول الحكمة الإنكليزية (Everybody’s business is nobody’s business)، بمعنى (أن واجب الجميع ليس واجب أحد)، وبمعنى آخر (عندما يقل الوعي تقل الحميّة)، لذلك نرى أن أستجابة قياداتنا الروحية والعلمانية للإستفادة من الكتابة خجولة ولا تتناسب وحجم شعبنا أو التحديات التي نواجهها، كما أننا لن نسمع مستقبلاً (في غياب الوعي القومي) سوى عبارات من نوع: (وآني شعلية) أو (يمعود، منو أبو باجر)!

وإلا كيف تفسر عدم مساهمة أكثر من ثلثي رعاة الكنائس الكلدانية الكاثوليكية في الولايات المتحدة في أقتناء وتوفير الكتاب لرعيتهم حتى الآن، رغم أهميته البالغة في توعية الكلدان والحفاظ على الشعب الذي من دونه لن تكون هنالك مؤسسة كنسية كلدانية كاثوليكية، وبرغم أنهم يعيشون في بلد لغته الأساسية هيّ اللغة الإنكليزية ولا يخلو أسبوع من زيارة مسؤول أو موظف محلي كبير لتلك الكنائس.

المؤسف هنا، أنه رغم زيارتي الشخصية لكافة رعاة الكنائس في ولاية ميشيغان وإهدائهم نسخ من الكتاب و(وعدهم لي شخصياً) بإقتناء كمية من الكتاب، إلأ أن ردود أفعال بعض الرعاة جاءت (مخيبة) وبشكل يدعو إلى الدهشة والإستغراب، علماً أن أقتناء كمية من الكتاب سيعود بفائدة معنوية كبيرة، ناهيك عن فائدته المادية التي تعتبر وارداً إضافياً توفره مكتبة الكنيسة لتغطية بعض المصاريف التربوية؟!

وأيضاً كيف تفسر عدم كتابة معظم الكتّاب والمثقفين الكلدان عن أهمية إيصال (رسالة الكتاب التنويرية) للآخرين من أجل ضمان الحفاظ على الهوية القومية وإستعادة حقوق شعبنا المستلبة والمضيعة في الوطن الأم رغم مضي (ثلاثة أشهر) على صدور الكتاب وتوفره في المكتبات العالمية؟!

وبالتالي بماذا تفسر عدم إقتناء الكتاب من قبل المنظمات الكلدانية رئاسة وأعضاء من أجل إهدائه للمسؤولين الحكوميين والشخصيات التي ذكرتها آنفاً، مع أن إقتناء الكتاب هيّ مسألة بسيطة لا تستدعي إلا (تضحية صغيرة) من أجل (هدف كبير ونبيل)؟!

وعلى سبيل المثال قابل عدد من الشخصيات الكلدانية مؤخراً نائب رئيس الجمهورية السيد جوزيف بايدن (وهيّ فرصة لا تتكرر كل يوم) ولولا مداخلة الدكتور نوري منصور وتحدثه عن معاناة المسيحيين العراقيين ومعاناة الكلدان في العراق، لخرج السيد بايدن مثلما دخل (إيد من ورة وإيد من كدام)، ولكن كما تعرف فأن زيارة السيد بايدن هيّ جزء من (حملة أنتخابية) يمر بها على مئات المنظمات وعشرات المدن، فهل تتوقع منه أن يتذكر بعد أسبوع واحد إن لم أقل بعد 24 ساعة ما قيل في بضع دقائق عن الكلدان أثناء تلك المقابلة؟

كنت أتمنى لو كان المشرفون على ذلك اللقاء في مبنى (شانندوا) الذي يضم مركزاً ثقافياً كلدانياً متهيئين لمثل هذه المناسبة من خلال إهداء نسخة من الكتاب إلى السيد بايدن أو أي ضيف آخر مهم، من أجل تعريفهم بتاريخ الكلدان والظروف الصعبة التي يواجهونها اليوم بشكل واقعي مدعم بالوثائق والأسانيد، وأيضاً لأن محتويات الكتاب يمكن أن تقطع الطريق على هؤلاء المتأشورين الذين يعرفون (من أين تؤكل الكتف) ويجيدون مصادرة حقوقنا وإستلام الإعانات الحكومية الأمريكية بأسم المسيحيين العراقيين، التي تنتهي عادة في حساباتهم المصرفية الشخصية وحسابات أحزابهم المعادية للكلدان.

بالنسبة لي أنا مرتاح الضمير تماماً، لأنني أؤمن بصفتي كباحث أكاديمي مختص في حقل التاريخ الرافدي بأنني قد أنجزت دوري من خلال تأليفي للكتاب، مع ذلك فقد تجاوزت هذا الدور إلى التضحية بالوقت والجهد والمال للقيام بزيارة شخصيات كلدانية ورعاة كنائس عديدين من أجل إهدائهم نسخ مذيلة (Autographed Copies) أشتريتها شخصياً من الشركة الناشرة بقيمة تعادل 2500 دولار، وذلك من أجل التشجيع على إقتناء الكتاب من قبل الكنائس والمنظمات الكلدانية.

إلى هنا وينتهي دوري الخاص بهذا الموضوع ليبدأ دور الكلدان الغيارى، أفراد ومؤسسات، لا سيما رجال الكنيسة الأفاضل ورؤساء المنظمات والأندية الكلدانية، وذلك لنشر (رسالة الكتاب التنويرية) التي هيّ دونما جدال (الرسالة الأهم والأكثر تأثيراً في القراء ووسائل الإعلام العالمية ووصناع القرار الدوليين)، من أجل ضمان حماية حقوق شعبنا، ودعم مطاليبنا في الوطن الأم والمهجر.

وإذا لم يستوعب الكلدان لحد الآن هذا (الدور البسيط) المناط بهم، فأن أملنا في البقاء والحفاظ على أمتنا من الفناء هو من الضآلة بمكان، لأن التفاصيل الصغيرة هيّ التي تصنع الصورة وليس العكس!

أكرر ثانية بأن (أبسط فعل إيجابي وعملي) لنشر رسالة الكتاب عالمياً، وبمعنى أدق (المساعدة بشكل مباشر) في الدفاع عن حقوق أمتنا الكلدانية و(حمايتها من الفناء)، يكون في (إقتناء نسخة شخصية) وإهدائها إلى صديق أجنبي يجيد القراءة باللغة الأنكليزية، لأن هذا الشخص سيطلع عائلته وربما يهدي الكتاب لقريب أو صديق أو جهة عامة، وهكذا يمكن (نشر رسالة الكتاب عن الكلدان) ويؤدي إلى كسبنا لأصدقاء ومدافعين طوعيين عن قضيتنا وحقوقنا ومؤازرة شعبنا في الوطن الأم والمهجر.

مرة أخرى أقول أنها (مسألة وعي وغيرة كلدانية) لا أكثر ولا أقل، وكما قيل في الكتاب المقدس: من له أذنان للسمع فليسمع!

حول اللقاء الذي أجراه – قسم الإعلام والعلاقات العامة لشبكة الإعلام العراقي مع الأستاذ عامر حنا فتوحي أنظر الرابط التالي :

http://www.kaldaya.net/2012/News/04/Apr13_A4_AmirFatouhi.html

You may also like...