ثورة على التديّن



عندما بدأت بكتابة هذا المقال كان هناك الأمل …
عام الثورات ، بدأنا به ونأمل أن لاينتهي إلا بسقوط آخر دكتاتور ونظام قمعي في الشرق الأوسط والعالم … ثورة تلو الأخرى وأمل يسبق آخر والجميع ينتظر ماينتجه صنّاع الحرية …
معجزة تحققت في تونس وأكبر منها في مصر ولم نكتفِ ، فقد اعتادت أعيننا ومنذ مطلع العام الحالي على رؤية الاعتصامات والمظاهرات واسترطبت مسامعنا  صوت الهتافات ، ومايزال الوضع كما هو إلا أن الحكومات انتبهت لخطر وسائل الإعلام فحجّمتها  ، لذا فنحن لانعلم الكثير عما يجري في البلدان الأخرى …
ومع بريق الأمل هذا ورغم النجاح الذي حققه الأبطال إلا أن القلق بدأ يساورنا والغيوم السوداء تأتي مسرعة لتحجب نور الحرية …. إنهم سرّاق الثورات الذين تكالبوا ليقودوا البلاد إلى هاوية أخرى ألا وهي الهيمنة الدينية … إنها السيطرة الأخطر على الإطلاق ..
فإن كان الرئيس في بلداننا مدنياً أو عسكرياً لايقبل النقد ، فكيف الحال عندما يتقلّد مهمة قيادة الشعب فيدّعي بأنه حاكم بأمر الله ، وكل سلطته أنه رجل دين ، فيقدسه أتباعه ويتباركون به منحنين أمامه مقبّلين يديه ؟ أفلا يكفي شعوبنا من المرارة ماذاقته من حكام دكتاتوريين ليصبح لدينا أبشع منهم وبلباس ديني ؟
وهل هناك من يتصّور بأن السلطة الدينية تعترف بحرية الشعب وكرامته ؟ وهل هناك من يعتقد بأن الخضوع لرجال الدين والاعتماد على فتاويهم وآرائهم سيدعم الولاء للوطن ؟ إن كان هناك من يظن ذلك فهو غبي لامحال ، ولاحاجة لذكر البراهين على صحة ذلك إذ يكفي ماتشهده الساحة العربية من تفجيرات وقتل على الهوية واضطهاد للأقليات لنتأكد من إن رجل الدين بإمكانه أن يتسبب بكوارث تفوق الطبيعية من جراء سيطرته باسم المقدسات على الكثير من العقول المتحجرة والتي أصبح حاملوها أشبه بصاروخ موجه مسيطر من قبلهم .
وها هم اليوم وبكل صلافة ، يعملون المستحيل ليسرقوا الثورات ويعرقلوا نتائجها الإيجابية لتأتي  بالويل على الشعوب التي ما أن نهضت من سباتها لترى نفسها في هاوية وجحيم قد يفوق الفترة المظلمة في عهد حكام أذاقوهم الأمرين .
فماذا نقول ، هل نقف ضد الدين والممارسات الدينية ؟ وهل نطالب بإغلاق أماكن العبادة ؟ قد يكون هذا هو الحل المناسب ، لكن الأفضل أن تترك حرية العبادة على أن يتم توجيهها بما يخدم المجتمع والدولة لا أن يهدد أمنهم وسلامهم ..
لذا وقبل أن تبدأ الثورات التي تطالب بإسقاط الحكومات في الشوارع والساحات ، فالأجدى أن تبدأ من الحد من سيطرة رجل الدين على عقول الناس والتحكم بمصيرهم والتدخل في ادق تفاصيل حياتهم مما يجعلهم بالتأكيد دمية يلعبون بها كما يشاؤون .
فالعقلية الدينية أصبحت خطرة كونها لاتوجه نفسها ذاتياً ولاتخضع لمعايير العقل ، بل هي رهينة أشخاص يقال بأنهم قد استمدوا تعاليمهم من الله ! .
فهل الله سبب في كل تلك التفرقة ؟ وهل تنسب إليه الحروب الطائفية والقتل بإسم الدين ؟ وهل أصبح  مبدأ العقاب يطبق  في الحياة والممات ؟  ألم يحن الوقت لنتحرر ؟

You may also like...