ثلاثون يوماً أمام الخارجية البريطانية لكشف محادثة بوش وبلير قبل غزو العراق

قاضي المحكمة: يجب الكشف عن كلام بلير لأن خوض حرب مع دولة أخرى تصب في المصلحة العامة مثل النتائج المترتبة عليها.

ميدل ايست أونلاين
لندن – من كرم نعمة

تداعيات الخديعة

أٌمهلت وزارة الخارجية البريطانية 30 يوماً للكشف عن مضمون المحادثة الهاتفية بين الرئيس الاميركي السابق جورج بوش ورئيس الوزراء البريطاني الاسبق توني بلير قبل قرار غزو العراق من دون استحصال موافقة من مجلس الأمن.
وذكرت صحيفة “الغارديان” ان وزارة الخارجية البريطانية خسرت الاستئناف الذي رفعته لمنع الإفراج عن مقتطفات من نص مكالمة هاتفية بين بلير وبوش جرت قبل أيام من غزو العراق.
واضافت الصحيفة في تقرير كتبه “ريتشارد نورتون تايلور” في عددها الصادر الثلاثاء ان الوزارة خسرت الاستئناف ضد أمر من مفوض المعلومات كريستوفر غرايم بالكشف عن محاضر المحادثة الهاتفية بين بلير وبوش في 12 آذار/مارس 2003 جاء رداً على طلب بموجب قانون حرية المعلومات بالكشف عن السجل الكامل للمحادثات الهاتفية بين الزعيمين السابقين.
ودعمت محكمة المعلومات في لندن أمر مفوض المعلومات، واعتبرت أن شهود وزارة الخارجية البريطانية قللوا من أهمية قرار المشاركة في حرب العراق وبشكل يصعب قبوله.
وقال جون إينجل قاضي المحكمة لدى النطق بالحكم “إن الظروف المحيطة بقرار حكومة المملكة المتحدة خوض حرب مع دولة أخرى تصب في المصلحة العامة مثل النتائج المترتبة على هذه الحرب، ويجب أن يتم الكشف عن أجزاء من المكالمة الهاتفية وخاصة كلام بلير”.
وتناول بلير وبوش في المحادثة الهاتفية قرارات الأمم المتحدة حول العراق، ومقابلة تلفزيونية أجراها الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك في العاشر من آذار/مارس 2003 وعارض فيها القيام بعمل عسكري ضد بغداد.
وذكّرت الصحيفة باستقالة كلير شورت وزيرة التنمية الدولية من حكومة بلير، احتجاجاً على احتلال العراق، متهمة بلير خلال جلسة استماع في محكمة المعلومات بـ “تعمد تضليل الموقف الفرنسي”.
وسبق وان ادعى جاك سترو وزير الخارجية آنذاك، أمام لجنة التحقيق في حرب العراق أن شيراك أوضح ان فرنسا لن تدعم قرار الامم المتحدة الجديد حول حرب العراق “مهما كانت الظروف”.
وأضاف سترو “لا أعتقد أن هناك أي غموض”.
وسبق وان وجه التحقيق الرسمي البريطاني في حرب العراق انتقادات لاذعة للطريقة التي تعامل بها رئيس الوزراء الأسبق توني بلير مع الحرب التي اطاحت بنظام صدام حسين عام 2003.
واعلن التحقيق في اللجنة التي رأسها سير جون شيلكوت ان رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير تجاهل النصيحة القانونية للنائب العام في حكومته بأن غزو العراق سيكون غير قانوني من دون استصدار قرار بهذا الشأن من الأمم المتحدة، لأنها كانت مؤقتة.
وقال بلير أمام لجنه التحقيق في حرب العراق لدى مثوله أمامها لتقديم شهادته للمرة الثانية إنه “اعتقد أن النائب العام اللورد غولدسميث سيغير موقفه بشأن الحاجة إلى استصدار قرار ثان من الأمم المتحدة لتبرير غزو العراق حين يعرف التفاصيل الكاملة”.
وكان اللورد سميث ابلغ بلير في 14 كانون الثاني/يناير 2003 في اطار نصيحة قانونية من ست صفحات أن قرار مجلس الأمن 1441 والذي اعتبرأن العراق خرق مادياً التزاماته بنزع أسلحة الدمار الشامل “لم يكن كافياً في حد ذاته لتبرير استخدام القوة ضد العراق”.
وقال رئيس الوزراء البريطاني الأسبق “لم أكن أفهم كيف يمكن أن يصل النائب العام إلى استنتاج مفاده أن هناك حاجة إلى قرار آخر حين رفضنا بوضوح مثل هذه اللغة في القرار 1441”.
واضاف أنه “لم يصل وقتها إلى مرحلة تقديم طلب رسمي للحصول على المشورة من النائب العام لاعتقاده أن استصدار قرار آخر من الأمم المتحدة لم يكن ضرورياً، مع أنه كان يدرك مخاوفه حول مشروعية غزو العراق”.

صوت بلير عند غزو العراق

وكان غولدسميث اتهم بلير بتضليل البرلمان باقتراحه عام 2003 أن بريطانيا يمكن أن تشارك في غزو العراق دون استصدار قرار جديد بهذا الشأن من الأمم المتحدة، وقال في بيان مكتوب إلى لجنة التحقيق في حرب العراق إنه “قدّم نصيحة قانونية تناقض تماماً حجة بلير”، الذي يشغل حالياً منصب مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط.
وقال بلير عندما مثل للمرة الأولى أمام لجنة التحقيق في حرب العراق في كانون الثاني/يناير 2010 التي يراسها سير جون شيلكوت إنه “غير نادم على اشراك بريطانيا في غزو العراق، ويعتقد أن العالم أصبح أكثر أماناً بعد الإطاحة بصدام حسين”.
وفي شهادته الاولى التي اعتمد فيها لهجة تبريرية، دافع توني بلير بقوة عن “صوابية” قراره دخول الحرب الى جانب الاميركيين ضد “الوحش صدام حسين”.
وقد دحض الحجة التي تفيد ان الحرب كانت غير شرعية لأن مجلس الامن لم يتخذ قرارا صريحا في شأنها، وتبرأ من اي تلاعب سياسي على رغم عدم وجود اسلحة الدمار الشامل التي كانت الذريعة في تلك الفترة لاجتياح العراق.
ووبخت لجنة التحقيق المعروفة باسم “تحقيق تشيلكوت” بلير، لإبلاغه البرلمان البريطاني بأن المعلومات الإستخباراتية حول امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل كانت خارج نطاق الشك، والدور الذي لعبه في جر بريطانيا إلى واحدة من أكبر الاخفاقات بسياستها الخارجية.
واضافت أن لجنة التحقيق بحرب العراق حملت بلير مسؤولية الفشل بأربعة جوانب رئيسية هي “الإدعاءات المزيفة حول أسحة الدمار الشامل لدى صدام حسين، وعدم ابلاغ الرأي العام البريطاني بالتعهد السري الذي قطعه على الرئيس الأميركي السابق جورج بوش باشراك بريطانيا بالحرب، وعدم اطلاع حكومته على خطط غزو العراق، والفشل بالتخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في العراق”.

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *