تهاني المسرة والمجد بعيد رأس السنة البابلية (أكيتو)

احتفى العراقيون الأوائل بأطياف شعوبهم التي شادت حضارة الإنسانية وتراثها المجيد بأعياد غنية الدلالات على مضامين منجزهم المدني وثمار منطقهم المعرفي المجتمعي. ولقد حفر هذا الاحتفال الإنساني بصمته عميقاً في مسيرة البشرية تأريخاً مخصوص الهوية.. وللعراقيين الأوائل بين جموع الشعوب مجد ذياك التراث الإنساني المضيء وسجل الحرف الأول ودولة المدينة الأولى.. وبالتأكيد كانت احتفالياتهم العديدة زاهية بالولادات المثمرة؛ وكان الاحتفال بولادة سنة جديدة مجسِّداً لـ ولادة الربيع والحياة، مكتحلة الأعين بهيجة بعيد أكيتو الذي بدأ بمدن سومر وبابل وآشور وحضارتها العريقة. وهكذا كان لآلاف السنوات والأعوام الاحتفال المقدس في “بيت أكيتو” الذي علا وسما بالاحتفال المجيد في رأس السنة البابلية الآشورية..

إنّهُ ليسرّنا في البرلمان الثقافي العراقي في المهجر، أنْ نشارك أطياف شعبنا العراقي كافة بإعادة مجد احتفالات أكيتو. مهنئين أطياف شعبنا من الكلدان الآشوريين السريان الذين شادوا مراحل مشرقة في مسيرة بناء تراث العراقيين وها هي اليوم تعيد الاحتفاء الذهبي بعيد أصيل لمجموع سكان الرافدين وبناة تاريخه ومجده، ليكون عيدهم المشترك جميعاً..

إنَّنا إذ نحتفل مع أخوة الوطن والإنسانية من مسيحيي العراق بهذه المناسبة المقدسة، لنعقد العزم والجهود الحثيثة من أجل استعادة مكانة السنة البابلية (الكلدانية الآشورية) وإعلانها رسمياً في قائمة المناسبات الوطنية العراقية وتبيتها في التقويم العراقي الحديث تعزيزا لوعي مؤمل بتاريخنا وإحياءً للسفر الحضاري وروحه التنويري ومنطقه العقلي التنويري المتفتح…

ونحن نعمل على إيجاد أسس مناسبة للدراسات العلمية الدقيقة لتجد فرصتها في تعميد هذا الاحتفال وما يتبعه مما هو أبعد من التهاني الموسمية، إذ ينتظرنا فضلا عن إعادة إحياء الأجندة التاريخية وطنياً عراقياً، ينتظرنا ترسيخ قيم احترام مبادئ التآخي والمساواة في الوطن بجوهر إنساني يساوي بين المواطنين جميعاً ولا يختلق التمييز بينهم ويحمي وجودهم جميعا فتسمو مبادئ العدل والإنصاف والإخاء والمساواة في وطن الجميع.

مباركة أعياد العراقيين برأس السنة البابلية، مباركة أعياد مسيحيي العراق في أكيتو المقدسة ولتعلو سنابل الأفراح والمسرات في تيجان رؤوس المحتفلين بتجدد الولادة وعودة الحيوية وبزوغ أكاليل قداح الشجر في ربيع ولود بعراق جديد… ولنُنشد سوياً في عامنا هذا لعراق ديموقراطي تعددي فديرالي موحد. ويداً بيد وكتفاً لكتف سنمضي سويا معمَّدين بأمواه الفراتين ولتقرع أجراس أكيتو آلاف سنواتنا التي سرنا فيها معاً مذ بدأت احتفالات سومر وبابل وأكد وآشور وحتى احتفالاتنا اليوم في بغداد ونينوى والبصرة وميسان والناصرية والأنبار..

كل عام وأنتم يا مسحيي العراق، يا بُناة حضارته ومجد تاريخه، يا عنوان خطاب التسامح والتعايش السلمي الأخوي في وطن المحبة، كل عام وأنتم أيها الكلدان الآشوريون السريان بسلام وخير وأمان…

ولنحتفي اليوم سويا ومعا برأس السنة البابلية أكيتو المقدسة.. وسنضع سويا أكاليل من أغصان الزيتون وتيجان من السنابل الخضر وسعف نخيلنا الذهبي ينمو في مرابع الوطن وبرعاية منكم أحبتنا وأخوتنا في وطن الرافدين؛ فالعراق بأكمله بيت أكيتو المقدس بيتنا المشترك أزلا وأبدا..

عشتم بالفرح والخير وكل عيد وولادة الربيع بشمسه الباسمة في عنان سمائه الصافية بهياً بوجودكم الشامخ كتخيلنا وجبالنا الشماء.

أ.د. تیسیر الآلوسي

رئیس البرلمان الثقافي العراقي في المھجر

رئیس لجنة الأكادیمیین العراقیین في المھجر

لاهاي هولندا الأول من نيسان أبريل 2014

 

You may also like...

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *